كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

السبت، 19 ديسمبر 2009

سيرة المقامات العربية: مقام راحة الأرواح

العتبة الدائمة:
المقام في الموسيقى كما اللون في الرسم، و قد اعتاد الناس سماع هذا الاسم خصوصا في الموسيقى العربية التي هي موسيقى مقامية بامتياز، على عكس الغربية التي هي موسيقى هارمونية، لكن أغلب العرب لا يعرف معنى الكلمة ولا دلالتها، فيما سيتقدم سنعمل في كل مرة على تناول مقام من المقامات، و من وجهة نظر ذاتية محض،لأن المسألة متعلقة بالأحاسيس و ليس بالعلم، و سنسعى الوسع أن يكون التعريف مبتعدا عما هو تقني،لهذا سيصطبغ العرض بالانطباعي و الإحساسي المحض،و غايتنا من هذا الجهد أن نرفع ،قدر الإمكان ،بذلك العجمة و نخلق بعض الألفة عمليا مع هذه "الكائنات الحية" القديمة، قدم الإنسان و الوجدان العربيين

المقام الأول: راحة الأرواح

ليس هذا المقام أبدا أهم مقامات الموسيقى العربية،لكني اخترت أن أبدأ به لأني بكل بساطة أحبه.و العلة في هذا الاسم المعبر هي الإحساس الذي يعطيك، "استراحة الروح "، لكنه إن كان مقام الروح أكيد فهو ليس مقام راحة في نظري، صحيح أنه تأملي يفعّل في المستمع ملكة التأمّل، و لكنه تأمل حركي و ليس ساكنا مستريحا كما في الكرد، و لهذا فهو مقام فعل.
.
في هذا المقام فخامة و جزالة، أصلها بناؤه على العراق، أي السي ربع مقام، لكنه ابتداء من الدرجة الثالثة يتحول إلى الحجاز،لهذا فهو مقام التناقضات، يدخل ربع المقام على الحجاز مع أن الحجاز خال من ربع المقام في الأصل الحجاز. و راحة الأرواح ليس حزينا، لكنه مقام شجي، و الشجن ليس هو الحزن، فأنت تحس معه بمادة الشرق و سعته،لهذا فهو في الصورة مقام مقدمة الصحراء، إن كان الحجاز هو صورة قلب الصحراء، في نبض راحة الأرواح وقف ما يمنع الامتداد، لا يمكن أن تضحك في راحة الأرواح، و لعلي أغالي فأزعم أنه يمنع الفرح، لكنه لا يمنع الطرب.
.
هو مقام التناجي أيضا في نظري، فيه مناجاة، لكن عفيفة، مناجاة باحتشام، مناجاة العربي الذي ألف ضراوة الصحراء و تمرس بقساوتها فما يرضى بالبوح الصريح، لهذا فهي مناجاة لا ترتفع إلى درجة الشكوى كما في الناهوند، و لا لدرجة النواح كما في الصبا، هو حنين شفيف بأثر من حضور الحجاز، لكنه حنين مع بعض الامتناع، و لعل هذا ما يفسر اختيار الموجي له لتلحين "للصبر حدود" ،مع الانتباه لما في العنوان من دلالة على الامتناع .
.
و راحة الأرواح رغم أنه مقام مشتق إلا أنه من أكثر المقامات شرقية، لهذا فما يتذوقه غير العربي، و العربي الأصيل أو الشرقي الأصيل، تماما كما في المقامات العربية الكبرى.و ليس فيه مع ذلك شيء من الأثر الهندي، و لو أن فيه حضورا تركيا واضحا. و قد يتلون راحة الأرواح ، فيكون خطابيا جزلا كما في "حديث الروح" ، في ما يشبه الديني، و قد يكون مفتوحا يبوح كما في "سيرة الحب"، لكني ازعم، و هذا رأيي الخاص جدا أنه في القصيد أقوى ،و لا يمكن أن يلحن فيه للدارج إلا المتمرس القوي.
أقوى من لحن في راحة الأرواح هو السنباطي ، و هناك تفصيل حول السنباطي و هذا المقام، زعم بعض العارفين بالمقامات أن السنباطي بلغ بهذا المقام ذروته في الأطلال، لأن الأطلال على "راحة الأرواح"، و أنه لا يمكن أن يفعل أكثر مما فعل في هذه المعلمة الفنية، لكن السنباطي أجاب ب"حديث الروح" بعدها ليخرس الألسن و يبرهن لمن يشك أن طاقته في تطويع المقامات هي فعلا لا تضاهى.

هناك تفصيل آخر هو أن كثيرا من الناس يخلطون راحة الأرواح ب "السيكا" الذي سنعود له فيما بعد، و "السيكا" هو فعلا من نفس أسرة راحة الأرواح و لكنه ليس المقام نفسه،لأن السيكا يبنى على مي ربع مقام، و راحة الأرواح يبنى على سي ربع مقام، و راحة الأرواح يضيف "فا" المرفوعة التي تعطيه نغمة الحجاز الشجية، في حين يبقى السيكا في فضاء الراست، لكن الناس، و منهم موسيقيون، اعتادوا الخلط بينهما.
أي مثال سنقدم على هذا المقام الجزل الواسع ؟
كل الأغاني التي قلنا و على رأسها مقدمة الأطلال، و لآلة العود نقدم هذا التقسيم للعازف المصري الكبير" محمود الجبالي" مع المحبة
*

هناك 9 تعليقات:

  1. بين روعة المقام وروعة المقال أسرتنا بأسلوبك وتعبيرك وهذه اللقطة لعود الجبالى أراحت الأرواح وأكملت الأفراح بوجودك معنا
    فى انتظار المزيد من المقامات بكل شوق .. تحياتى لك أستاذ عادل

    ردحذف
  2. عادل حدجامي24 ديسمبر, 2009

    أخي اسامة، شكرا لكلماتك الطيبات، الفضل لك كل الفضل، محبتي يا عزيزي.

    ردحذف
  3. فعلا مقام راحة الأواح هو من فصيلة السيكاوهو المرتكزعلى درجة العراق أي السي نصف ،فعائلة السيكاه كلها متشابهة في الاحساس مع اختلاف محدود في مستوى الأجناس و العقودو الاختلاف يكون عادة في مستوى الجنس الثاني من المقام فيكون حجازا على الدوكاه في راحة الأراح نفسه و راست نوا في مقام السيكاه و بياتي في مقام العراق و حجازا مصورا على النوا اذا كان هزاما علماأن مقام الهزام المرتكز على المي نصف هو نفسه اذا ركزناه على العراق فيصبح اسمه راحة الأرواح بحجاز على الدوكاه
    و بالنسبة لتأثير أي مقام على السامع فأعتقد أنها مسألة نسبية اذ لا يمكن الجزم بأن راحة الأرواح مثلا يعبر عن احاس محدد دن غيره فيمكن أن تعبر عن الألم كاللتي في سيرة الحب و البعد و الحرمان و الوحدة كاللتي في سهران لوحدي لأم كلثوم أما عبد الوهاب فقد خرج بنا الى احساس آخر مختلفا تماما كاللتي في نشيده الوطني أخي وهو من فصيلة السكاه كما يمكن لعائلة السيكاه بشكل عام أن تعبر عن الخشوع اذ نجد الكثسر من الأعمال لدينية الملحنة فيه و اذا تمعننا في موشحاتنا فسنجد الكثير منها ملة في هذا المقام و في مواىضيع أخرى بعيدة كل البع عن اللتي ذكرناها مثل موشحالعيون الكاحل سبوني و غيرها فخلاصة القول أن مقاماتنا العربية ثريةجدا بالأحاسيس اللتي لا نجدها في الموسيقى الغربية . كنت أتمنى لو بالامكان تحميل ملف صوتي ليوضح للقارئ أكثر هذا الموضوع لأنه في رأيي الحديث عن المقامات بالكتابة فقط عديمة الجدوى
    علما نه لي الكثير من الملفات الصوتية أقدم فيها تحليلات موسيقية للكثير من الأعال الموسيقية من التراث العربي مدعومة بأمثلة توضيحية لكل الأعمال
    و لست أدري الطريقة المتبعة في هذا المنتدى لتحميل مثل هذه لملفات. مع تحيات أخوكم: سمير الجنحاني

    ردحذف
  4. عزيزى الأستاذ الفنان سمير الجنحانى
    شرفنا بك فى هذا الموقع وفى انتظار الكثير من مساهماتك القيمة ، تم إرسال دعوة رسمية إليك بواسطة "جوجل" على عنوان بريدك لتتمكن من تحرير المقالات وإرقاق الملفات الصوتية ، ستصلك رسالة أخرى بها شرح كيفية إرفاق الملفات ، أرجو متابعة بريدك مع شكرى واحترامى

    ردحذف
  5. العزف اللذي استمعنا اليه من الفنان العازف محمود الجبالي هو من قالب السماعي أحد القوالب الموسيقية الآلية و لم يكن تقسيما كما جاء في المقال اذ أن هناك فرق بينهما و لو حللنا موسيقيا ما أمتعنا به العازف في هذا السماعي للاحظنا أن ملحنه ركز مقام راحة الأرواح بصفة أساسية في الخانة الأولى و التسليم أما بقية الخانات ففيها أغلب فروع مقام السيكاه مثل مقام العراق اللذي يمتاز بجنس بياتي في فرعه الثاني و مقام البستنكار اللذي يمتاز بجنس صبا على الدوكاه و مقام السيكاه نفسه اللذي استمعنا فيه الى جنس راست مصور على الدوكاه بدون أن ننسى فرع المستعار اللذي يمتاز بجنس نهاوند جاء مصورا على الدوكاه،فالسماعي كان بحق درسا حول أغلب فروع مقام السيكاه اللذي ذكرتها في هذا التحليل. مع تحيات أخوكم سمير الجنحاني

    ردحذف
  6. تعليقا على شرح وتحليل أستاذنا سمير الجنحانى ، نعم .. العزف الذى استمعنا إليه من قالب السماعى فعلا وليس تقسيما ، والفرق بينهما أن

    التقسيم هو:
    1- عزف مرتجل وليد اللحظة من ابتكار العازف
    2- لا يمكن بالتالى تكرار نفس العزف فى مناسبة أخرى حتى لو أداه نفس العازف
    3- التقاسيم لا تكتب ولا تدون

    بينما السماعى قالب معروف الأركان سلفا وبعكس التقاسيم فالسماعى:

    1- ليس مرتجلا
    2- يعزف بنفس تركيبه المؤلف مسبقا
    3- يكتب ويدون ويلتزم جميع العازفون بأدائه كما هو كل مرة

    ولكن يجوز تسمية السماعى باسم أول مقام فيه ، وهذه قاعدة تنطبق على جميع السماعيات ، وسماعى راحة الأرواح هذا ليس استثناء ، وعموما لا يقتصر السماعى على مقام واحد

    تحيــاتى للجميع

    ردحذف
  7. حدجامي عادل16 مايو, 2010

    الأخوين عفيفي و الجنحاني، أشكركما كثيرا على التنبيه، فعلا وقع خطأ فقلت تقسيم من حيث أردت أن أقول سماعي سهوا، ولم أنتبه لما كتبتم إلا الآن، أضيف شيئا وهو أن التقاسيم موجودة أيضا في الموسيقى الغربية الهندية، وعلى عكس ما قد يظن فإن التقسيم و مقابله الغربي (inprovisation)يحتاج براعة و إتقانا في العزف أكثر أحيانا من السماعيات و اللونغات و البشارف، لأنه يستدعي السياحة في المقامات و المرور فيها بسلاسة ، وهذا صعب عمليا.
    مع المحبة

    ردحذف
  8. أود أن أشكر الأستاذين الكريمين سمير الجنحاني و أسامة عفيفي على ما تداركاه من سهوي، فعلا المقطوعة هي سماعي لكني قلت تقاسيم سهوا، و كما جاء في تعليقاتكم القيمة فالسماعيات هي واحدة من القوالب الموسيقية الشرقية الأساسية إضافة إلى البشارف و اللونغات. أود فقط أن أقول بأن التقاسيم موجودة في كل الثقافات الموسيقية لكنها موجودة خصوصا في الموسيقى التي لم تعرف الضبط و التقعيد الأكاديمي المبكر، تماما كما الموسيقى الهندية و الجاز و موسيقى المانوش حيث الارتجالات تلعب دورا أساسيا، مع فارق أساسي وهو أن التقاسيم أو الارتجالات في هذه الأنواع الموسيقية تكون خاضعة للوزن و مرفوقة بعازفين آخرين، في حين أنها تكون حرة و مفتوحة تماما في الموسيقى العربية. أود أن أشير أيضا إلى أن الموسيقى العربية لم تهتم بالتقاسيم كقالب مستقل إلا مؤخرا، ومع مدرسة العود العراقية خصوصا، لأن التقسيم كان فيما قبل يؤدى كتمهيد للغناء أو بين الوصلات الغنائية، فالموسيقى العربية هي موسيقى غنائية أساسا كما هو معروف.و فعلا التقاسيم لا تدون، لكن بعض الأساتذة الباحثين اجتهدوا في تدوين بعض أشهرها مثل تقاسيم الأستاذ رياض السنباطي المشهورة على مقامات "الكرد" و "النهوند" و العراق" و "الدشت"، و ذلك لأن لها سمات و صفات خاصة جدا، و أعتقد أنها تدرس في المعهد المسمى "دار العود بالقاهرة" كتقاسيم، وهذا شيء عجيب و جميل، أن تدرس التقاسيم.
    تحياتي لكم.

    ردحذف
  9. عزيزى الأستاذ عادل .. جل من لا يسهو .. شكرا جزيلا لمراجعة المقال والتعليقات ، طبعا الكلمة المكتوبة تظل تحتفظ بتأثيرها ومدلولها ولذلك ، وبما أنك انشغلت قليلا فقد قمنا بالنيابة عنك بهذا التنويه حتى لا يختلط الأمر على القارئ ، وإلا فإنى متأكد من أنه كان مجرد سهو ..

    شكرا أيضا للتنوير بهذه المعلومات عن الارتجالات فى الموسيقات المختلفة وكيف أنها ارتبطت كما تفضلت بالموسيقى التى لم تتعرض لكثير من الضفط والتشكيل الأكاديمى المعقد ، فالارتجال أساسا موسيقى بسيطة يبتكرها عازف واحد

    وأنا معك فى أن التقاسيم قد بدأت كتمهبد للغناء ثم بدأت تطلب وتقدم لذاتها واشتهرت منها تقاسيم معينة مثل تقاسيم راحة الأرواح "موضوع المقال" لرياض السنباطى وأرجو أن أتمكن من تقديمه قريبا
    تحياتى ..

    ردحذف