كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الجمعة، 31 يوليو 2015

مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - وفاء

موسيقى وفاء
محمد عبد الوهاب
مقام نهاوند 1935
ما زلنا نتابع معا مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية بترتيب زمني حسب وقت تأليفها حتى يتسنى لنا متابعة التطور التدريجي في تأليف المقطوعات الموسيقية وهو الشكل الذي ابتكره عبد الوهاب دون سابقة في الموسيقى العربية 
ولأن بعض المقطوعات غير معروفة للجمهور يحتمل أن تنسب مقطوعات عبد الوهاب إلى غيره. لذلك نقول إنه من الصعب إثارة الجدل حول مؤلف موسيقى من نوع المقطوعات أنتجت في ذلك الوقت (ثلاثينات القرن العشرين) وما إذا كان عبد الوهاب مثلا هو مؤلفها أم شخص آخر .. حيث أن الإجابة القاطعة ستكون لصالح عبد الوهاب، ببساطة لأنه لم يكن لأحد غيره وقتها مقطوعات موسيقية في غير القوالب القديمة المتعارف عليها كالسماعيات والبشارف وما إليها 
أما تحديد وقت إنتاج موسيقى بعينها فقد يكون عن طريق توثيق الاسطوانات أو الأفلام السينمائية التي ظهر بها كثير من مقطوعات عبد الوهاب، فإن لم يكن فباستطاعة الموسيقيين الخبراء تحديد وقت الإنتاج بالتعرف على أداء الفرقة ونوع الآلات وأسلوب التأليف بمجرد الاستماع 

تتكون موسيقى "وفاء" من مقدمة وتسليم وثلاث خانات (حركات)
1. مقدمة حرة هادئة يظهر فيها أداء الشللو كآلة أساسية من مقام نهاوند
2. جملة لحنية مميزة من نفس المقام على إيقاع رباعي بكامل الفرقة تستخدم كتسليم بين المقاطع
3. خانة أولى بلحن جديد من نفس المقام والإيقاع بكامل الفرقة تعود بعدها الموسيقى للتسليم
4. خانة ثانية من نفس المقام وعلى نفس الإيقاع يستخدم فيها هارموني ثلاثي الأبعاد بين العود القانون والفرقة، تتكون من 4 جمل في تدريج سلمي متتابع من أعلى المقام. هذه المرة لا تنتهي الخانة بالتسليم وإنما بالدخول في الخانة الثالثة
5. خانة ثالثة مقام ماجير على ركوز النهاوند بإيقاع ثنائي سريع للختام دون العودة للتسليم أو المقام الأصلي
خصائص
1. هناك بناء واضح المعالم لشكل المقطوعة من حيث أنها تنقسم إلى أجزاء مميزة، لكنها لا تنتمي إلى شكل معين من الأشكال التقليدية. رغم ذلك فالبناء الدرامي ليس بنفس الوضوح، فقد بدأ بموسيقى حرة تستخدم آلة حديثة الدخول على التخت الشرقي نسبيا، أو على الأقل ندر أن تفرد لها مقاطع خاصة بها في ذلك الوقت، ثم استكملت الموسيقى بمزيج من الجمل اللحنية بما فيها التسليم، ثم إهمال التسليم بين الخانتين الأخيرتين وإنهاء المقطوعة بموسيقى من خارج السياق
2. استخدام جملة لحنية أساسية تعود إليها الموسيقى بين المقاطع 
3. لا يمكن إغفال تجربة التوزيع الهارموني (الخانة الثانية) كقيمة مضافة إلى هذا العمل، ولو أنها تجربة بسيطة ومحدودة، إذ أن هذا النوع من التأليف يعتبر جديدا تماما في وقته على الموسيقى العربية وغير مألوف بالمرة للأذن العربية المعتادة على الطرب والميلودي الأحادي  
4. تشكيل ختام خاص للموسيقى بشكل يوحي بأنه مقطع ختامي بتسريع الإيقاع  
5. الانتهاء بمقام غير المقام الأساسي، د.أسامة عفيفي، مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية، موسيقى وفاء

الخميس، 30 يوليو 2015

مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - شَغَل

موسيقى شَغَل
محمد عبد الوهاب
مقام بياتي النوا 1935

ربما من المناسب أن نبدأ وصف هذه الموسيقى باسمها المحيّر، قراءة وكتابة وتفسيرا.. 
فالاسم يقرأ "شَغَل" بفتح الشين والغين وسكون اللام .. 

تتكون موسيقى شغل من مقدمة و3 خانات أو حركات 
  • تحمل المقدمة كثيرا من سمات الألحان الغنائية فهي ذات صبغة لحنية مميزة بالإضافة إلى هدوء إيقاعها الرباعي مما يوحي بأنها تمهيد للغناء
  • الخانة الأولى فيما يشبه قالب التحميلة يدخل صوت القانون المنفرد على نفس الإيقاع في حوار بسيط مع التخت من نفس المقام ينتهي إلى التسليم بالعودة إلى لحن المقدمة
  • الخانة الثانية تخلو من الإيقاع وتتكون من مقطعين؛ الأول سولو ناي حر قصير يبدو هو الآخر كتمهيد للغناء، يتبعه مقطع مفاجئ للآلات الوترية، في جو آخر مخالف تماما، يتنقل سريعا متصاعدا بين 3 مقامات أخرى في أقل من 20 ثانية، بعد دقيقتين كاملتين على مقام واحد وإيقاع منتظم (حجاز مصور، حجازكار، كورد مصور، وعودة للحجاز)، بدلا من الشروع في الغناء، ثم يعود اللحن إلى المقام الأساسي والتسليم لنفس المقدمة التي بدأ بها
  • الخانة الثالثة مفاجأة أخرى بلحن ثنائي سريع يبدأ بحوار قصير بين العود والناي من مقامي الراست والشوري المصور، ثم أداء جماعي لكامل الفرقة فيما يشبه موسيقى اللونجا مع التحول إلى مقام الحجاز المصور ثم حجازكار للختام به دون العودة للتسليم
خصائص
  • ما زال عبد الوهاب هنا يمزج مقاطع من الأشكال التقليدية ليخرج شكلا جديدا لكنه ليس قالبا معروفا
  • هناك محاولة للتحرر وتقديم التعبير على التجريد لكنها ليست كاملة
  • من سمات التغيير في هذه المقطوعة تعدد المقامات وتغيرها المفاجئ والسريع، وعدم التقيد بإيقاع منتظم، د.أسامة عفيفي، مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية، موسيقى شَغَل

الثلاثاء، 28 يوليو 2015

مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - عتــاب

موسيقى عتـــاب
محمد عبد الوهاب
مقام راست 1935 
تحليل موسيقي: د.أسامة عفيفي 

موسيقى عتاب من أجمل مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية، وهي موسيقى تقطر رقة وعذوبة وتتقل السامع إلى آفاق وأعماق من التعبير عن موقف من أرق المواقف الإنسانية : العتاب

وهي من آيات التعبير بالموسيقى عن الشعور الإنساني دون اي استخدام للكلمات. وأعجب من التعبير عن الشعور توصيل الشعور إلى السامع وكأنه يسمع ويرى ويحس في نفس الوقت. والموقف هنا إنساني عام يمكن أن يمر به كل إنسان، وحتى لو كان المؤلف يعبر عن موقف شخصي أو قصة حدثت له فإنه بتعمقه في حالة الشعور قد يستطيع الغوص إلى أعماق النفس التي نشترك فيها جميعا كبشر، وهنا يكمن سر إعجاب الناس بهذا المؤلف أو ذاك وبموسيقى بعينها دون غيرها


يستخدم الفنان هنا خياله وأدواته للتعبير عن عنصرين أساسيين

الموقف الدرامي  : حوار بين اثنين  

الموقف الإنساني : محبان يتعاتبان، انفعال الطرفين كل في دوره بين الشدة والرقة وبين اللوم وتذكر الجروح وتمني النسيان وعودة الصفاء، وتبادل للأدوار في الحوار يعقبه التصالح والاتفاق

من الممكن تخيل عتاب يصدر من طرف واحد دون حوار فوري مع الطرف الآخر، وهذا الصورة موجودة بالفعل في وسائط أخرى غير الموسيقى كالرسائل والقصائد، على أن يأتي الرد لاحقا، ولكن موسيقارنا لا يطمئن لترك الموقف معلقا، إنه يفضل الوصول إلى نهاية الموقف بالنهاية السعيدة المرجوة، ثم إنه لن يضطر إلى تأليف موسيقى أخرى تصور رد المحبوب ثم ثالثة ورابعة لتصوير النقاش أو النتيجة .. هكذا عرض عبد الوهاب تلك الدراما كاملة بعتابها وحوارها ونتيجتها في موقف واحد

ومن السهل تخيل عبد الوهاب يشارك بطلة من بطلات أفلامه هذا الحوار وكأنهما يتبادلان الغناء رغم عدم وجود نص أو كلمات، ويبدو أنه تخيل ذلك فعلا قبل البدء فى هذا العمل فهو قريب الشبه بديالوجاته الغنائية في السينما 

البنــاء الموسيقي

لا يتحرر عبد الوهاب في هذه القطعة تماما من القوالب الموسيقية التقليدية كما تحرر في معظم مؤلفاته اللاحقة. صحيح أنه لا يتقيد بشكل معين، لكنا نستطيع اقتفاء آثار التقليد القديم في هذه الموسيقى المؤلفة في الثلاثينات

تتألف القطعة من ســتة أجزاء هي المقدمة والتسليم، وهو الجزء المكرر من الموسيقى، وثلاثة مقاطع تسمى خانات، ومقطع يحل محل التسليم بين الخانة الثانية والثالثة، تتحاور جميعها على مقام رئيسي هو الراست، وهو هنا مصور على الدرجة الثانية "ري/ دوكاه" في السلم الطبيعي ولذلك يسمى "راست دوكاه". والراست مقام شرقي يشبه السلم الطبيعي الغربى "الماجير" فى بنائه غير أن درجته الثالثة ناقصة ربع درجة وكذلك السابعة

يتخلل التسليم هذه الأجزاء، فيلحق بالمقدمة ثم يكرر بعد الخانة الأولى .. وسنشرح لاحقا لماذا لم يكرر التسليم بعد كل الأجزاء ولماذا تكرر مرتين رغم احتمال تصاعد الحوار أو انتهائه

هكذا يبدو بناء القطعة:

مقدمــة --  تسليم --  خانة 1 --  تسليم --  خانة 2 --  مقطع حر --  خانة 3 ( ختام ) 

واللافت للنظر في بناء هذه القطعة الفريدة هو إصرار مؤلفها الشديد على استخدام المحاورة الموسيقية كأسلوب أساسي حتي فى أدق الجمل، وإذا بحثنا عن التجريد الموسيقى أو الزخرفة أو الإبهار فلن نجد إلا القليل. ونعتقد أنه له كل الحق فى ذلك فإن هدفه كان التعبير عن موقف هو في الأصل حوار بين طرفين لا يجوز فيه أن ينفرد أي منهما بالتعبير كما لا يجوز النظر إلى الأشياء المحيطة أثناء هذا الحوار الإنساني وإلا خرج الموقف عن طبيعته

ومن اللافت أيضا عدم التنقل كثيرا بين المقامات رغم حرية الحركة، وسنأتي لذكر هذا لاحقا

1- المقدمة  

الميلودي: تتكون المقدمة من عدة جمل قصيرة تؤلف تتابعا كاملا تبدأ بالمقام الرئيسى، الراست، يتخللها جملتان قصيرتان من مقام النكريز وختام يعود إلى الراست تمهيدا للدخول في التسليم  

الزمن: ظاهر الحركات غير موقع لكن جزءا منها يسير في زمن السماعي الثقيل 10/8 وتنتهي بزمن ثلاثي

2- التســـليم

يتكون التسليم من جملتين رئيسيتين على ميزان السماعي، تبدآن من قمة السلم لتنتهي في الأساس كل بطريقتها، يتخلله حركات قصيرة متحاورة وينتهي بإيقاع ثلاثي

3- الخانة الأولى

استمرار لحوار المقدمة الهادئ يبدأ على ميزان السماعي 10/8 بجمل حوارية يتم التخلص منه سريعا إلى إيقاع ثلاثي وجمل قصيرة حتى الرجوع للتسليم في نهاية الخانة

4- الخانة الثانية 

يبدو الإيقاع هنا ثلاثيا، ونسمع جملا محددة على مقام الراست في خلفيتها دقات مكتومة تنتهى ويتوقف إيقاعها مع بداية المقطع الحر

5- المقطع الحر  

يبدأ فور انتهاء آخر مازورة من الخانة الثانية الموقعة بجمل حوارية حرة بين الناي والكمان والقانون بمصاحبة الشللو تمهد للختام. يبدأ الناي بسولو مشابه للتقاسيم الحرة يتدرج نزولا إلى نهاية السلم، يستقر بعدها النغم في هدوء على ثالثة المقام في نقلة مقامية منطقية إلى الهزام للحظات تمهد للخانة الثالثة 

ويلاحظ هنا أسلوب استخدام سولو الكمان في الانتقال من الراست إلى الهزام من خلال عدة جمل تركز على ثالثة مقام الراست والتي هي فى نفس الوقت اساس مقام الهزام. يستخدم المؤلف هنا الأسلوب الكلاسيكي الغربي الشائع في سوناتات الكمان، ولولا ارتكازها على ثلاثة أرباع الدرجة لتخيلنا أن الموسيقى لموتسارت وليست لعبد الوهاب! 

المتبع في السماعيات عند نهاية الخانة الثانية العودة إلى التسليم ومنه إلى الخانة الثالثة والأخيرة والتي تكون عادة ذات إيقاع سريع يتخذ من الحركات الثلاث الأولى في ميزان السماعى أساسا له، أي ثلاثة كروشات فينقلب إلى ميزان ثلاثي أو دارج 3/8 ، وبنهاية هذه الخانة يترك الأمر إما للإقفال بها أو العودة مرة أخرى للتسليم فيكون هو النهاية الأخيرة 

ماذا فعل عبد الوهاب في هذه القطعة؟ استبدل التسليم بشيء مختلف هو الأداء الحر لمجموعة من الآلات تقوم بحوار فيما بينها بالعزف المنفرد وهي الناي والكمان والقانون، وتحرر تماما من الميزان والزمن ومن ثم أصبح الطريق مفتوحا أماما تغيير الميزان بزمن جديد هو الثنائي بدلا من الثلاثي

6- الخانة الثالثة - الختام

عدة جمل قوية متعاقبة على إيقاع ثنائي سريع تدور حول ثالثة مقام الراست مؤدية للختام على أساس المقام، وهي جمل حوارية أيضا لكنها في نفس المستوى دون تضاد، وفي الحركة النهائية نلاحظ أثرا آخر للموسيقى الغربية فهي على قصرها شديدة الشبه بنهايات السيمفونيات

التعبير الموسيقي

1- الأسلوب

الملاحظة الأولى بعد الاستماع إلى هذه الموسيقى هي التزامها في معظمها بالمقام الأساسي وتجنب التغيرات الحادة في الانتقالات المقامية والإيقاعية وتقييدها في أضيق الحدود، وهي سمة تخلى عنها عبد الوهاب في المراحل اللاحقة

من الممكن في المواقف الحوارية التعبير عن موقف كل طرف بمقام مختلف، هكذا كان يفعل سيد درويش في حوارياته المسرحية، كذلك التعبير عن اختلاف شعور نفس الطرف فى نقاط مختلفة من الزمن بالانتقال المقامي. وكان يمكن لعبد الوهاب استخدام هذا الأسلوب في هذه القطعة حيث يوفر له ثراء أكثر في التعبير، لكنه على ما يبدو آثر استخدام الطريق الأصعب وهو إظهار تباينات الحوار بأدوات أخرى كتكوين الجمل وتنويع الآلات وتطويع الزمن مع المحافظة على مقامية العمل ككل

ونعتقد أن هدفه من ذلك وحدة الموقف الدرامي والمعنى الإنساني فهو في الأساس يتعامل مع موقف واحد هو العتاب، وإذا سمعنا أن عتابا دار بين شخصين فمن السهل تصور أنه موقف واحد ينتهي إلى اتفاق ولا يتحمل التضاد أو الاختلاف الشديد، وإلا فكيف يكون الخصام أو التحدي أو الصراع ...

2- أدوات التعبير الموسيقي

استخدم عبد الوهاب عدة أدوات لتحقيق مبتغاه التعبيري:

الجمل الموسيقية  -  الآلات -  الزمن  

ويمكننا سماع هذه الآلات منفردة بترتيب ظهورها:

القانون -  الكمان -  الناي

وقد استخدم أداءها المنفرد للتعبير عن:

الحوار بين طرفين -  الحالة النفسية والشعور

كما استخدم الأوركسترا للتعبير عن حالات الشدة والاتفاق وصوت آلة الشيللو الرخيم لإشباع الخلفية

في الإيقاع استخدم في الخلفية الدقات المكتومة فجاءت كأنها أصوات ضربات القلب، وعمد إلى وقف الإيقاع لتغليب الميلودى الحر، كما نوع السرعة بين التأني والإسراع  ثم تسريع أكثر في الختام تعبيرا عن النهاية

3- النسيج التعبيري

لنتخيل أمامنا هذين العاشقين يتحاوران ...

المقدمة

تبدأ الموسيقى هادئة حزينة مقدمة للدخول في الموقف بحركات قصيرة يتخللها تلوين مقامي من الراست إلى النكريز مبالغة في ترقيق الإحساس

تتعاقب الجمل كأنها كلمات على اللسان تعرض موقفا تسيطر عليه العاطفة  .. لا إيقاع ظاهر في هذا الحوار فهو يبدو مسترسلا متقطعا كالحوار البشري لكنه يسير وفق ميزان خفي

التســـليم

في التسليم ينقل تباين الجمل والحركات صورة حية للحوار القائم وكافة انفعالاته، وكذلك التعبير بأصوات الآلات المختلفة للدلالة على أن هناك طرفين يتحاوران من ناحية، ومن ناحية أخرى للتعبير عن شعور كل طرف بطريقة مختلفة

وهو عبارة عن محاورة موسيقية تستخدم كل الوسائل المتاحة، الصياح والهدوء والسرعة والتأني وعلو النبرة وخفضها وطول الجملة وقصرها، والتلوين النغمي خاصة في ثالثة المقام، لكن هناك خيطا رفيعا ربط به عبد الوهاب بين الاختلاف والائتلاف، باستخدامه لوحدة زمنية طويلة تسمح بحرية أكثر في بتشكيل الحركات

لا تأتي المحاورة بالنتيجة المرجوة، فالموقف لم يتغير ولذلك لا بأس من المحاولة مرة أخرى في الخانة الأولى

الخانة الأولى

.. يعود الحوار لهدوء المقدمة وفي خلفيته زمن خفي لا يلحظه المستمع لعدم استخدام الإيقاع، تفشل هذه المحاولة أيضا فيعود الحوار إلى وتيرته الأولى وبنفس الجمل أي يكرر التسليم الموسيقي، والملاحظ أن هذا هو ما يحدث فعلا في مواقف العتاب عادة

الخانة الثانية

تأتي المحاولة الثالثة، هذه المرة يظهر إيقاع قوي لكنه مكتوم فيما يشبه ضربات القلب في خلفية الميلودي الرقيقة، ثم يتوقف مع دخول الناي في المقطع الحر

المقطع الحر

يبدا بصوت الناي السحري الذي يبدو أن قلب الحبيب قد رق له بعد أن سمع دقات القلب المكلوم فنسي ما كان من حوار حاد وتآلف مع المحب في نغمات جديدة ساحرة ناعمة تبشر بنهاية سعيدة لا حاجة بعدها للعودة للتسليم المعبر عن استمرار النقاش

الخانة الثالثة -  الختام

في الختام تعبير قوي عن التصالح وعودة الوئام مع العزف على جميع الآلات في جمل زاهية على إيقاع ثنائي مرح، وهي تتحاور لكن في نفس المستوى دون تباين كبير وكأنهما يغنيان نفس الأغنية، ثم تأتي النهاية قوية حاسمة معبرة عن الرضا التام

واستخدام الأوركسترا الكامل لأداء الختام حتى النهاية ينهي حالة التحاور بجلاء ليحل محلها التوافق والانسجام 

من سمات القديم

1- تقسيم العمل إلى أجزاء يتخللها مقطع متكرر (التسليم)  

2- ميزان السماعيات 10/8 فى عدة أجزاء

3- استخدام أسلوب التقاسيم أحيانا

4- الثبات النسبي للمقام دون تحولات مقامية كبيرة

5- استخدام إيقاع الفالس الثلاثي والكروشات المثلثة في نهايات المقاطع كما هو متبع فى نهايات السماعيات

6- الختام السريع كما في معظم السماعيات

7- التخت التقليدي

( السماعي قالب من قوالب الموسيقى البحتة تركية المنشا، ميزانه الأساسي 10/8 يسمى سماعي ثقيل وهو شائع الاستخدام في الموشحات الأندلسية، ويتكون القالب عادة من مقدمة و 3 خانات وتسليم يتكرر بين الخانات، وغالبا تكون الخانة الأخيرة على ميزان ثلاثي سريع 3/8 )

سمات الجديد

1. الحوار الحر بين الآلات

2. الختام السريع ثنائي الإيقاع فيما يشبه ختام السيمفونيات 

3. إعادة تشكيل الهيكل الموسيقي بحيث تتكسر القوالب الأساسية إلى أجزاء صغيرة يمكن بها إعادة البناء على نحو مختلف. ويبدو أن عبد الوهاب قد أصابه الملل واليأس من الموسيقات التقليدية حتى تيقن أنها لن تأتي بجديد وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وعليه لزم تغيير قوالبها وقواعدها للتمكن من إبداع موسيقى جديدة حقا

4. أولوية التعبير

يظهر  في بناء هذه القطعة الفريدة إصرار مؤلفها على استخدام المحاورة الموسيقية كأسلوب أساسي، ولا نجد فيها إلا قليلا من عناصر الموسيقى الشائعة كالتجريد والزخرفة والإبهار، ويساير هذا الأسلوب الهدف من وضع الموسيقي بالتعبير عن موقف إنساني يشكله حوار بين طرفين لا يجوز فيه أن ينفرد أي منهما بالتعبير، كما لا يجوز النظر إلى الأشياء المحيطة أثناء هذا الحوار وإلا خرج الموقف عن طبيعته

في وسائط تعبيرية أخرى كالرسائل يمكن تخيل عتاب يصدر من طرف واحد دون حوار فوري مع الطرف الآخر، لكن مؤلف الموسيقى هنا لا يطمئن لترك الموقف معلقا، بل يفضل الوصول إلى نهايته بالنهاية السعيدة المرجوة، ثم بهذا إنه لن يضطر إلى تأليف موسيقى أخرى تصور رد المحبوب ثم ثالثة ورابعة لتصوير النقاش أو النتيجة .. هكذا عرض عبد الوهاب تلك الدراما كاملة بعتابها وحوارها ونتيجتها في موقف واحد

ومن السهل تخيل عبد الوهاب يشارك بطلة من بطلات أفلامه هذا الحوار وكأنهما يتبادلان الغناء رغم عدم وجود نص أو كلمات، ويبدو أنه تخيل ذلك فعلا قبل البدء في هذا العمل فهو قريب الشبه بديالوجاته الغنائية في السينما 

ســمات أخرى

تعد موسيقى عتاب من أصعب القطع الموسيقية العربية لعدة أسباب: 

1- استخدام وحدة زمنية طويلة ليس من السهل على المستمع تتبعها وتمييز دقاتها

2- تداخل الجمل السريعة مع الجمل الهادئة

3- عدم إظهار الإيقاع في كثير من المقاطع

4- عدم انتظام الجمل والحركات الموسيقية ، فهي على تباين كبير في الطول

5- التلون الواضح في الجمل من حيث الشدة والرقة فهي ليست مونو تون بأي حال

6- التفاوت الكبير في سرعات الجمل الموسيقية رغم تواليها

7- عدم وضوح الميلودي العام للقطعة رغم سيطرة المقام الأساسي

وهذه العناصر فيما عدا الوحدة الزمنية الطويلة ليست من سمات الموسيقى العربية التقليدية القديمة ولا الموسيقى التركية التي خلفتها، ولا التراث الأندلسي الذي سبقهما، فكلها تعتمد على الانتظام كأساس للعمل الفني فإن لم ينتطم كله انتظمت مقاطعه. ونعتقد أنها، بالإضافة إلى ما ذكرنا من استخدام أسلوب السوناتا في سولو الكمان والختام الأشبه بالختام السيمفوني، نتيجة التأثر بالموسيقى الكلاسيكية الأوربية التي كانت تتخلص من الميلوديات الغنائية شيئا فشيئا إلى أن أصبحت الميلودي دليلا على تخلف الموسيقى واقتصر وجودها على الموسيقى الشعبية في النهاية. ويروى أن فيردي موسيقار إيطاليا العظيم ومؤلف أوبرا عايدة الشهيرة لم يتقبل الجمهور ألحان إحدى أوبراته التي ظن أنها أفضل ما كتب فما كان منه إلا أن توجه إلى الجمهور غاضبا بقوله: أنتم شعب الميلودي!!

تؤدى هذه العناصر مجتمعة إلى صعوبة حفظ الموسيقى لدى سماعها وربما يجد عازفون كثيرون صعوبة في أدائها على نفس النحو من الدقة كما وضعها مؤلفها إن لم تكن مكتوبة، وربما تفسر هذه الأسباب لماذا لم تنتشر موسيقى عتاب كغيرها من مؤلفات عبد الوهاب أو تنل حظا مساويا من الشعبية

والواقع أن موسيقى عتاب تعد من نوع الموسيقى الذي لابد أن يكتب، ولذلك فهي أقرب إلى القوالب الأكاديمية منها إلى اللحنية السماعية المعتمدة على الأذن لتداولها

لكن هذه السمات على سلبيتها الظاهرية هي أهم عناصر العمل نظرا لغرضها التعبيري البحت، وإذا كان هدف عبد الوهاب في هذه القطعة هو التعبير أولا وأخيرا فقد نجح تماما في مهمته، د.أسامة عفيفي، مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية، موسيقى عتاب

الاثنين، 20 يوليو 2015

مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - ألوان

موسيقى ألوان
محمد عبد الوهاب
مقام نهاوند 1935
لم يزل عبد الوهاب حتى عام 1935 يجرب في الأشكال الموسيقية يحاول أن يجد مخرجا ينفذ منه إلى عالم أوسع وأرحب من القوالب التي اعتبرها قد جمدت بعد أن قدمت أفضل ما لديها  
وفي هذه المقطوعة أفلت من التسميات القديمة التي أطلقها على مقطوعاته السابقة مثل سماعي هزام، فانتازي نهاوند، وكرر تجربة تسمية مقطوعته "فكرة" باسم جديد اختاره للمقطوعة التالية بعنوان "ألوان"
لم تخرج هذه المحاولة عن نطاق التسمية كثيرا، فقد ظل لبعض الوقت يستخدم نفس العناصر الموسيقية للقوالب التقليدية، وإن جمع ومزج وركب وشكّل، دون أن يصل لا إلى قالب جديد ولا إلى موسيقى حرة تماما
لكن هذا لا يقلل من تجربة تغيير نظام التسمية، لأنها تنطوي على بعدين هامين
  • الأول هو استهداف الجمهور العام بدلا من الموسيقيين الذين وحدهم يستطيعون إدراك مغزى كلمات مثل نهاوند، سماعي، أو هزام. والحقيقة أن استخدام أوصاف عامة يفهمها كل الناس يبين أن هدف المؤلف كان نقل الاستماع للموسيقى البحتة من نطاق الصالونات إلى الجمهور. على سبيل المثال كان يمكن تسمية هذه المقطوعة "تحميلة نهاوند" لاعتمادها نظام قالب التحميلة في أغلبها .. من كان سيهتم من الجمهور بمقطوعة كهذه وهو لا يدرك لا معنى تحميلة ولا معنى نهاوند؟؟ أما وقد أصبح العنوان "ألوان" فقد صارت في مرمى الجميع دون حواجز اصطلاحية
  • الثاني هو توظيف التعبير كأداة وهدف في نفس الوقت، ومن ثم يمكن ترجمة المادة المسموعة إلى خيال وأحاسيس ومشاعر من خلال عنوان المقطوعة أثناء الاستماع إلى الموسيقى، وهذا من شأنه أن يجعل من الموسيقى موضوعا عاما يمكنه جذب الجمهور بل وتشكيل ذوقه ووجدانه 
عناصر المقطوعة
1. تمهيد قصير من 4 مازورات يستخدم كما هو كتسليم بين مقاطع المقطوعة
2. ثلاثة مقاطع مخصصة لاستعراض عزف الآلات المنفردة
    • سولو قانون مقام نهاوند من ثلاث حركات يتخللها التسليم وحوار قصير مع التخت
    • سولو كمان بياتي على خامسة النهاوند من ثلاث حركات يتخللها التسليم وحوار قصير مع التخت
    • سولو مزدوج للناي والقانون من مقام الراست من ثلاث حركات على نفس ركوز النهاوند
      3. المقطع الختامي
      يجري المقطع الأخير من مقام النهاوند على إيقاع الفالس الثلاثي وتختتم به الموسيقى بكامل الفرقة دون العودة للتسليم 

      خصائص
      1. يلاحظ أن هناك خطة أو رسما هندسيا سارت عليه المقطوعة بحيث تم توزيع المقاطع على الآلات المنفردة بنفس القدر وبنفس الطريقة، ثلاث حركات لكل آلة، حركة أولى متوسطة الطول ثم حركة ثانية قصيرة ثم حركة ثالثة أقصر، ويتخلل الحركات إما تسليم كامل أو رد قصير من كامل التخت
      2. جرت جميع المقاطع ما عدا الختام على نفس الإيقاع الرباعي المصاحب للتمهيد أو التسليم بحيث لا يشعر السامع أن العزف المنفرد قد خرج من السير العام.
      3. صاحب كل مقطع تغيير في المقام
      4. عودة الموسيقى للمقام الأصلي في الختام مع اختلاف الإيقاع
      5. الخاتمة تشبه الخانة الأخيرة في السماعيات كونها اعتمدت الإيقاع الثلاثي
      6. بذلك يكون المؤلف قد جمع بين قالب التحميلة الصريح في معظم المقطوعة وقالب السماعي في الختام
      7. تم تكرار التسليم 9 مرات في هذه المقطوعة دون ملل، بل على العكس، يعيد الموسيقى إلى جو أكثر وضوحا واستقرارا من تنويعات الآلات المنفردة كلما عادت إليه، ولذلك اشتهرت به، وهو في الواقع أجمل ما في هذه الموسيقى، د.أسامة عفيفي، مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية، موسيقى ألوان

      الأحد، 19 يوليو 2015

      مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - فانتازي نهاوند

      فانتازي نهاوند
      محمد عبد الوهاب
      مقام نهاوند / ري مينير 1933
      نستمع هنا إلى مقطوعة من أوائل ما ألف عبد الوهاب، وما زلنا في عام 1933، بعنوان فانتازي نهاوند، أي خيال على مقام النهاوند. ويشير العنوان إلى اسم المقام، لكن كلمة فانتازي اصطلاح موسيقى غربي لشكل تؤلف عليه المقطوعات الموسيقية الصغيرة.
      واستخدام اسم المقام والشكل الموسيقي في العنوان يعبر عن اقتداء بالنظام التقليدي في التسمية، في الشرق والغرب، الذي يعتمد على اسم المقام الأساسي ونوع القالب واسم المؤلف، وقد يضاف رقم العمل كالسيمفونية الثالثة مثلا.

      لكن عبد الوهاب عمد إلى أسلوب جديد في تسمية مقطوعاته بعد ذلك وتوقف نهائيا عن الإشارة للمقام أو الشكل الموسيقي. للبعض القليل من المقطوعات الغربية أسماء أطلقها عليها مؤلفوها، كحلم ليلة صيف لمندلسون، أو الدانوب الأزرق لجوهان شتراوس الثاني، لكن عبد الوهاب اتخذ من هذا القليل قاعدة لكل أعماله الموسيقية بعد ذلك، وأعطى لكل مقطوعة عنوانا حاول التعبير عنه بالموسيقى. ولننظر إلى مؤلفاته الموسيقية اللاحقة لنجد أسماء مثل ألوان، عتاب، فرحة ، حبي، إليها، وهكذا
      انتشرت موسيقى عبد الوهاب مع استمراره في تأليف المقطوعات وجذبت كثير من الموسيقيين في مصر والعالم العربي، وصارت نماذج وتدريبات موسيقية للدارسين مثل السماعيات الشرقية والسوناتات الغربية. 

      تحليل موسيقي
      الخصائص
      حتى ذلك الوقت لم يتم لعبد الوهاب التحرر الكامل من القوالب القديمة، لكنه قد بدأ في السير على هذا الطريق
      تحمل "فانتازي نهاوند" عناصر قوالب الموسيقى التقليدية لكن في جمع وترتيب مختلف. ويمكننا تقسيمها إلى قسمين
      • القسم الأول مستوحى من قالب التحميلة (استعراض عزف منفرد على إيقاع رباعي لآلات التخت على التوالي). المختلف هنا أن الآلات تتحاور فيما بينها في نفس المقطع ولا تسود أي منها مقطعا بكامله.
      • القسم الثاني مستوحى من الخانة الأخيرة في السماعيات بإيقاعها الثلاثي السريع وباستخدامها في آخر المقطوعة / مع الإبقاء على حوار بين الآلات والفرقة بدلا من استخدام الفرقة بالكامل بعكس ما هو متبع في قالب السماعي.
      عناصر المقطوعة
      1. المقطع الأول - مقام نهاوند
      يتكون المقطع الأول من فقرتين على إيقاع رباعي تستخدم الأولى كتمهيد بينما يعاد استخدام الثانية بين المقاطع اللاحقة كتسليم
      2. المقطع الثاني
      حوار قصير موقع بين سولو القانون (نهاوند) وسولو الكمان (بياتي على قرار الدرجة الخامسة للنهاوند)
      3. المقطع الثالث
      إعادة شبه صريحة للمقطع الثاني وبنفس الآلات مع تبديل إحدى الآلتين مكان الأخرى
      4. المقطع الرابع
      حوار موقع قصير بين الناي والعود، هذه المرة من مقام الراست على نفس درجة الركوز وبنفس إيقاع المقطعين السابقين
      5. المقطع الأخير 
      يستغرق المقطع الأخير، وهو القسم الثاني من المقطوعة، نحو نصف زمن المقطوعة
      يجري بإيقاع فالس الثلاثي كما في السماعيات، على مقام ماجير من نفس درجة ركوز النهاوند
      يبدأ بحوار بين الكمان والقانون والفرقة، ثم بين الناي والعود والفرقة، ثم يستكمل بأداء الفرقة بالكامل إلى الختام
      هو نفسه مقطع الختام دون العودة للتسليم
      تختتم المقطوعة في سلم ماجير على عكس المتوقع
      هناك تشابه في التكنيك والأسلوب بين مقطع الفالس في "فانتازي نهاوند" واللحن الأساسي لموسيقى "أمواج الدانوب" المؤلفة عام 1880 للموسيقار الروماني جوزيف إيفانوفيتش، مع اختلاف المقام، د.أسامة عفيفي، مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية، فانتازي نهاوند

      السبت، 18 يوليو 2015

      مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - فكرة

      موسيقى فكرة
      محمد عبد الوهاب
      مقام نهاوند / ري مينير 1933 
      تحليل موسيقي: د.أسامة عفيفي

      هذه هي أول مؤلف لمحمد عبد الوهاب يخرج عن الأشكال الموسيقية المتعارف عليها في تأليف الموسيقى البحتة في ذلك الوقت، وهي لم تخرج عن بضعة أشكال كانت المتاحة لأي مؤلف، البشرف، السماعي، اللونجا، التحميلة، التقسيم، المقدمة، الدولاب 
      ويهمنا أن نشير هنا إلى أهمية هذه الموسيقى المبكرة في أنها بداية تغيير ومؤشر لعصر جديد سمته التحرر والتجديد  

      خصائص موسيقى "فكرة"

      1. التحرر من القوالب الموسيقية التقليدية تركية الأصل كالسماعي والبشرف

      2. بساطة التأليف والتركيب

      3. استخدام التخت الشرقي التقليدي البسيط دون إضافة آلات أوركسترالية سوى الشللو

      4. خلو الموسيقى تماما من الإيقاع، وهذا يندرج جزئيا تحت باب التحرر من القوالب

      5. الاعتماد التام على الميلودية اللحنية وأحادية الأداء الصوتي (مونوفون) بلا توزيع أو هارموني

      هناك سمة خاصة عجيبة فى موسيقى فكرة وهي أن التسلسل الزمني يعتمد على السرد المتماثل لأجزاء المقطوعة بحيث يمكن تعديله بحرية تامة دون الإخلال بالشكل العام للمقطوعة، إذ أن البناء الدرامي لا يوظف بداية أو نهاية مميزة، وبهذا يمكنك البدء بالعزف أو بالاستماع، إلى المقطوعة في أي جزء منها والانتهاء في أي جزء دون الشعور بأنك بدأت في أولها أو وسطها أو آخرها، وهو أسلوب يظهر في غاية البساطة لكنه في الواقع يعكس حالة من إبداع "السهل الممتنع" .. 

      التكوين

      يجمع الشكل الفني بين التقسيم والتحميلة حيث أخذ من التقسيم العزف الحر للآلات المنفردة ومن التحميلة تبادل العزف على آلات التخت الرئيسية، العود والكمان والقانون والناي، دون استخدام الإيقاع المميز لقالب التحميلة

      • مقدمة قصيرة من مقام النهاوند تعاد بين المقاطع فيما يعرف بالتسليم، ويذكرنا لحنها بالتمهيد القصير لموسيقى مقدمة أغنية فكروني التي لحنها عام 1967
      • سولو عود حر على نفس المقام
      • سولو كمان حر مقام بياتي على خامسة المقام الأصلي وهي محل تحول شائع من النهاوند إلى البياتي
      • سولو قانون رشيق على مقام نهاوند
      • سولو ناي من نفس المقام، نهاوند، مع تحول بسيط إلى مقام الراست والنكريز على نفس درجة ركوز المقام الأصلي ثم العودة إلى النهاوند
      • الختام بالتسليم  

      من السمات القديمة للموسيقى البحتة:

      1. تكريس لقالب التقسيم القديم لكنه هذه المرة مكتوب وليس مرتجلا كما كانت القاعدة (ولا تزال)

      2. التجانس التام بين المقامات المستخدمة في اشتقاق طبيعي ومنطقي

      3. استخدام فكرة "التسليم" القديمة أي تكرار موسيقى المقدمة بين المقاطع

      قدم عبد الوهاب هذا النموذج على أنه "فكرة" موسيقية أيضا وليس فقط فكرة معنوية، فقد خرج بها على جميع القوالب الموسيقية التقليدية، رغم أنه استمد عناصره منها
      مهدت هذه "الفكرة" طريق التحرر في التأليف الموسيقي كما سنلاحظ في مقطوعات عبد الوهاب اللاحقة التي بعد فيها بالتدريج عن القوالب التقليدية وقدم فيها الكثير من التجديد

      إلى اللقاء مع موسيقى أخرى من مؤلفات محمد عبد الوهاب الموسيقية والتي سنراعي فيها التسلسل الزمني لبيان مراحل التطور والإضافات الجديدة التي أودعها عبد الوهاب في تلك المقطوعات، د. أسامة عفيفي ، محمد عبد الوهاب، المؤلفات الموسيقية