كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الأحد، 25 يناير 2015

قصائد عبد الوهاب: سهرت منه الليالي

سهرت منه الليالي – شعر حسين أحمد شوقي
مقام: نهاوند - إيقاع تانجو
فيلم دموع الحب 1935

قدم عبد الوهاب قصيدة "سهرت" لأول مرة في السينما عام 1935 في فيلم دموع الحب ، من نظم حسين أحمد شوقي. وهي علامة من علامات التجديد الذي أدخله على الموسيقى العربية، وعلى لحن القصيدة بصفة خاصة
لو نظرنا إلى القصيدة قبل ثلاثة أعوام فقط من ذلك التاريخ لوجدناها لا زالت تغنى بطريقة الشيخ سلامة حجازي والشيخ أبو العلا محمد وغيرهما من أساطين القديم
بدأ عبد الوهاب التجديد الشامل في جفنه علم الغزل عام 1933 مضيفا إيقاع الرومبا الغربي، وفي 1935 أضاف إيقاعا جديدا آخر هو التانجو في"سهرت"

اختلف أسلوب عبد الوهاب كلية عما كان عليه في السابق، واستخدم أدوات ووسائل حديثة وقوية التأثير خلقت موجة من التغيير وليس مجرد لحن جديد.
كان إيقاع التانجو القادم من أمريكا اللاتينية صيحة سائدة في أوربا في ذلك الوقت، وصاحب الإيقاع رقصة التانجو الشهيرة التي زادت من انتشار الإيقاع 
اتسمت خطوات عبد الوهاب في اتجاه التحديث بخصائص متميزة 
 
اتجاهات التحديث عند عبد الوهاب 
1. التفاعل مع أحدث الفنون العالمية 
2. الحفاظ على العناصر الشرقية الأصيلة
3. مزج الشرقي بالغربي في انسجام تام
4. تطويع اللفظ العربي للقوالب الحديثة
5. تطويع المقامات العربية وطريقة الغناء للأساليب الجديدة
6. تطوير الفرق الموسيقية بإدخال آلات جديدة وأساليب عزف حديثة
7. تحديث المظهر العام للمسرح والمطرب والأوركسترا

    فى هذا اللحن من مقام نهاوند، دو مينير، يتنقل عبد الوهاب بين عدة مقامات أهمها النوا أثر، وهو فرع من النهاوند، الذي يختم به الغناء، ومقام عجم الراست، على نفس ركوز النهاوند، ومقام "السيكاه البلدي" مرتكزا على خامسة المينير. ويأتي هذا المقام في مفاجأة تامة بعد هذا الجو الغربي الحديث، وهو مقام شعبي شائع الاستخدام عند مقرئي القرآن الكريم، ويتطلب أداؤه مهارة فائقة حيث أنه من أصعب المقامات بسبب تركيبته الفريدة، وصعوبة الانتقال منه وإليه من مقامات أخرى. لكن عبد الوهاب، كعادته، لا يغفل أبدا الأذن العربية والذوق العربي والشعبي مهما توغل في الحداثة 
    سهرت منه الليالي - ألحان وغناء محمد عبد الوهاب

    النسخة التركية 
    عام 1938 ظهرت في تركيا نسخة من قصيدة "سهرت" غناها المطرب حافظ برهان باللغة التركية، إعجابا بلحن عبد الوهاب. والنسختان متماثلتان في كل شيء تقريبا ما عدا فقرة "السيكاه البلدي" التي جاءت بلكنة موسيقية تركية مغايرة للذوق الموسيقي العربي في التعامل مع النغمات الشرقية
    .
     "سهرت" - النسخة التركية
    لكن الأهم أن هذه الخطوة جاءت دليلا على بدء مرحلة جديدة في الموسيقى العربية على يد عبد الوهاب، وهي تصدير الثقافة العربية وتأثر المدنيات غير العربية بها، أي أنها حركة عكس التيار الذي ساد قبلها. كانت هذه بداية انتشار جديد في مجال أوسع من النطاق العربي وتوالت بعدها نماذج الاستنساخ إلى التركية واليونانية وغيرها حتى وصلت الموجة إلى أميركا فغنى النجم الأمريكي فرانك سيناترا لحن "غرباء في الليل  Strangers in the Night" في الستينات على لحن عبد الوهاب "لأ مش أنا اللي ابكي" وانتشرت أيضا موسيقى "إنت عمري" في عدة بلاد. ولم يقتصر الاستنساخ على عبد الوهاب فقد شمل أعمال فنانين آخرين، وظهر جليا أن تفاعل الثقافة العربية مع الثقافات الأخرى ليس من طرف واحد، فهي تصدر كما تستورد 
     

    معالجة النص

    من طبيعة القصائد الاسترسال في الأبيات دون تكرار أي منها أو رجوع إلى أي مقطع في القصيدة، أو بمعنى آخر لا يوجد "مذهب" في النص. لكن الملحن هنا يكرر مقطعا بعينه عائدا إليه وخاتما به، وهذا التصرف يجعل المادة المسموعة أقرب إلى شكل الأغنية منها إلى شكل القصيدة، والأمر لا يقتصر على عبد الوهاب فهناك قصائد عديدة تشبه الأغاني لملحنين آخرين.

    والدافع لهذه المعالجة عادة هو إرضاء الجمهور الذي ألف الأغاني وتعود على أن يعود المطرب إلى حيث أتى في أول الغناء. والسبب أن هذا الشكل يمنح العمل بناء دراميا أي يجعل له بداية ووسطا ونهاية، ولا ضير من أن تكون النهاية مثل البداية فهذا ينتج شكلا هرميا على أي حال هو في عرف الجمهور أفضل من السير في خط مستقيم لا يتمتع ببنية واضحة

    ورغم شيوع هذا الأسلوب إلى حد ما فهو لا يزال استثناء من القاعدة ولا يرقى لأن يكون قاعدة في حد ذاته. نأخذ مثالا قصيدة الأطلال، ليس بها بيت واحد مكرر، ولا يرجع الغناء إلى مقطع بذاته يستخدم كمذهب، والقصيدة ممتدة إلى النهاية في تسلسل ممنطق موازٍ للنص المكتوب. ولعبد الوهاب أيضا قصائد تحافظ على شكل القصيدة المكتوبة، لكنه يعمد أحيانا إلى حيلة أخرى يكسب بها اللحن بناء دراميا، وهي أن يعيد الموسيقى الأولى في النهاية دون الغناء، كما في في النهر الخالد

    مثل هذه التصرفات يكون مصدرها الملحن وليس الشاعر، فالشاعر يلتزم بقواعد الشعر بينما يتمتع الملحن بحرية أكبر، إذ أن النص الشعري يخرج من دائرة الشعر إلى دائرة التعبير عنه بوسائل أخرى. ويمكن أن ينظر إلى النص في العمل الغنائي كالرواية في العمل السينمائي، وعلى الملحن القيام بدور المخرج في السينما، أي تقديم المادة أو الموضوع برؤية فنية تحقق أفضل تعبير

    في "سهرتُ"، إلى جانب إضافة لفظ "آه" وهو غير موجود بالنص، ونطق لفظ "الحب" دارجا بكسر الألِف، يعود عبد الوهاب بالغناء إلى مقطع "الحب قيه بقائي.." لكي يختم ببيت الحكمة الذي يحكم الخاتمة في "قلب بغير غرام .. جسم من الروح خالي" وقد كساه بخاتمة لحنية محكمة، بل شديدة الإحكام

    سهرت منه الليالي  مال الغرام ومالي
    إن صد عني حبيبى  فلست عنه بسالي
    يطوف بالحب قلبى      فراشة لا تبالي
      
    الحب فيه بقائي     الحب فيه زوالي
    قلب بغير غرام جسم  من الروح خالي
    أما رأيت حبيبي      في حسنه كالغزالِ
    ربي كساه جمالاً      ما بعده من جمال
    أنظر كيف تهادى        من رقة و دلال
    قل للأحبة رفقاً           بحالهم وبحالي
    يبدون صداً ولكن هم يضمرون وصالي
    ما أقصر العمر حتى نضيعه في النضال 
    روابط 

    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق