كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الاثنين، 9 نوفمبر 2009

موسيقى القرن العشرين

* موسيقى صنعت لتبقى
* التجــديد ســـــمة أســاسية
تميزت موسيقى القرن العشرين بالتجديد المستمر منذ أن ظهر سيد درويش في أوائل القرن وإلى قرب نهايته
وحتى أواسط القرن التاسع عشر لم تكن هناك موسيقى عربية معاصرة فى أي من البلاد العربية إذ تكون الفن الموسيقي العربي من عنصرين قديمين هما التراث الشعبي والموشحات
أما الموسيقى المدونة فقد كانت تركية المنشأ والصبغة بحكم سيطرة ثقافة الاحتلال التركي للمنطقة لعدة قرون

مع بداية القرن التاسع عشر كان لتغير الأوضاع الاجتماعية وزيادة الاحتكاك مع الحضارات الأخرى بالحرب تارة والتجارة أخرى دور كبير في اتجاه المجتمع للتغيير. وكانت دولة محمد علي التي أنشأها في مصر على أنقاض حكم المماليك والأتراك إيذانا ببدء حركة قومية تتطلع إلى التطور واللحاق بالنهضة الغربية وتدعيم اتجاهات البحث عن الذات القومية والثقافية
وكان من الطبيعي أن تعكس الفنون هذه الاتجاهات وتعبر عنها ، ولذلك يمكننا القول بأن تغير المناخ السياسي والاجتماعي كان هو المحرك الأول لكل ما شهدته المنطقة بعد زوال سيطرة الدولة العثمانية 

كان الاستقرار هو سمة عصر محمد علي وشهد بدايات التغير، لكن مقدم الغرب مع نهاية القرن 19 أثار أجواء من الاحتكاك والاستنفار جعلت الحركات المحلية أسرع وأعمق وأشمل

في أواسط القرن التاسع عشر ظهرت محاولات لتقديم موسيقى محلية الطابع في مصر قادها عبده الحامولي ومحمد عثمان حتى نهاية القرن ، وكانت الأشكال الفنية الأساسية هي الدور والقصيدة ولكن لم تكن النصوص تتحدث عن شيء غير الغزل والغرام

وكثيرا ما قيل أن سيد درويش قد خلص الموسيقى المصرية من الطابع التركي ولكن من الظلم لمحمد عثمان والحامولي القول بأن ألحانهما لم تكن مصرية وأنها قد طبعت بالطابع التركي ، إذ أن أدوارهما أعيد تقديمها بعد أكثر من 70 عاما كمادة تراثية واستهوت تلك الأعمال الجمهور المصري بشكل كبير ، ووجد فيها قيما فنية عالية الجمال ، لكنها مع ذلك تصنف وكأنها موسيقى بحتة ، ليس للنص فيها دور يذكر
وهي في ذلك تشترك مع الموشحات الأندلسية في كونها مواد لحنية صيغت على كلمات ليست ذات محتوى شعري هام ، لكنها عالية القيمة الموسيقية وإن كانت شكلية
ويشترك الدور في تلك الحقبة مع الموشح أيضا في التركيز على الجمال الشكلي دون عمق فني والاعتماد على الحركات النغمية ذات الأبعاد المتقاربة والتدرج البطئ حتى الذروة اللحنية التي تكون عادة مستغرقة في الطرب، ويلاحظ عدم أهمية الكلمات وسيطرة الموسيقى تماما. غير أن أدوار سيد درويش غيرت هذا كله في القرن العشرين وانتقل الدور من الشكلية التطريبية إلى المدرسة التعبيرية

مع بداية القرن العشرين
ظهر المسرح الغنائي برعاية الشيخ سلامة حجازي الذي كان يقدم المسرح العالمي معربا ويطعمه بالقصائد العربية التي أجاد أداءها لما تمتع به من صوت حاز الإعجاب ولكن ألحانه كانت غاية فى التقليدية بحيث اعتمدت على نفس أسلوب الأدوار من التطريب الشكلي
في أوائل القرن العشرين
بمقدم سيد درويش تغير كل شيئ في الموسيقى، وقد أحدث الشيخ سيد تطورا حقيقيا وسريعا فانتقل إلى موضوعات جديدة وأشكال جديدة تميزت بقربها الشديد من الموسيقى الشعبية المحلية مع اتباع أساليب حديثة في التأليف الموسيقي وأصبح للموسيقى بفضله شكل ومضمون

وقد تبع سيد درويش موسيقيون تميزوا بالموهية العالية مثل القصبجي وزكريا وعبد الوهاب والسنباطي وهم وإن اختلفوا في بعض الأشياء مع سيد درويش إلا أنهم أخلصوا لمدرسته التعبيرية، وقد أجادوا ثم أضافوا أيضا إلى ما تركه الشيخ سيد

خلال القرن العشرين
ظهر شعراء وزجالون موهوبون كونوا ثروة ثقافية هائلة استطاع من خلالها الموسيقيون الجدد تقديم محتوى نصي قيم، ومن هؤلاء
أحمد شوقي ، بديع خيري ، بيرم التونسي ، أحمد رامي ، حافظ ابراهيم ، محمود سامى البارودى ، علي محمود طه ، إبراهيم ناجي ، مأمون الشناوي ، حسين السيد ، صلاح جاهين

كما ظهر كتاب وروائيون أثروا الثقافة العامة منهم
محمد تيمور ، توفيق الحكيم ، طه حسين ، عبد القادر المازني ، عباس العقاد ، لطفى السيد ، لطفي المنفلوطي ، محمد حسين هيكل ، يحيى حقي ، زكى نجيب محمود ، نجيب محفوظ

وظهرت نخبة من المسرحيين الأكفاء منهم
جورج أبيض ، عزيز عيد ، نجيب الريحاني ، علي الكسار ، يوسف وهبي

ومجموعة من السينمائيين منهم
محمد كريم ، أحمد بدرخان ، صلاح أبو سيف ، رمسيس نجيب ، آسيا

ومجموعة من الأصوات الجيدة منها
منيرة المهدية ، فتحية أحمد ، محمد عبد الوهاب ، أم كلثوم ، أسمهان ، ليلى مراد ، عبد الحليم حافظ ، فيــروز وكثيرون غيرهم

كما ظهرت مجموعة من الملحنين الجدد مثل
محمود الشريف ، فريد الأطرش ، كمال الطويل ، محمد الموجي ، منير مراد ، محمد فوزي ، بليغ حمدي ، سيد مكاوي ، الأخوان رحباني

وإضافة إلى أسباب التغير السريع كان للتقدم التكنولوجي الذي حمله معه القرن العشرين أثرا بالغا في تغيير أشياء كثيرة. فقد ظهرت المحركات السريعة التي قادت السيارات والطائرات والدبابات وظهر المصباح الكهربائي والتليفون والمسجلات الصوتية والكاميرا والسينما والراديو والتليفزيون وكل ذلك حدث سريعا وترك آثارا كبيرة على الفنون

وبينما لم يدرك محمد عثمان أو الحامولي كثيرا من هذا فقد أدرك سيد درويش الاسطوانات الصوتية والجراموفون ثم أدرك عبد الوهاب السينما فترك المسرح كلية، وإن استمر الشيخ زكريا في المسرح فقد لحن للسينما أيضا كما لحن لها محمد القصبجي ورياض السنباطي بصوت أم كلثوم وغيرها

ومما لاشك فيه أن إضافة الصورة السينمائية بإمكانياتها الهائلة قد غذى الموسيقى بأبعاد جديدة كما زاد من جمهورها
وعلى هذا فقد تراجع نشاط المسرح الغنائي أمام التكنولوجيا الجديدة وأصبح الفيلم السينمائي هو البديل العصري
على أن السينما لم تكن بمتناول شعوب المنطقة كلها ولذلك طبعت أغاني الأفلام على اسطوانات لاقت نجاحا كبيرا
ثم شارك ظهور الراديو في تقليل الاعتماد على الاسطوانات كأداة انتشار أساسية ، ومع أواسط القرن العشرين كان في كل بيت جهاز راديو يبث الأغاني مجانا ليل نهار

ولكن هذه الثورة التكنولوجية أدت في الوقت نفسه إلى تراجع جمهور الحفلات العامة التي كانت من سمات الحياة الفنية في العواصم العريية خاصة القاهرة، كما تراجع جمهور المسرح قبل ذلك تحت تأثير السينما. فتوقف عبد الوهاب عن تقديم حفلاته في عام 1940 وتفرغ لملء الاسطوانات وإذاعة ألحانه عبر الراديو. وقرر استغلال الفرصة لصالحه بالتلحين لغيره من أبطال وبطلات السينما وكون شركة إنتاج خاصة به هي صوت الفن مع المطرب الجديد عبد الحليم حافظ الذي صعد نجمه سريعا في منتصف القرن. واعتاد عبد الحليم تقديم حفلات غنائية محدودة مرة كل عام كما فعل ذلك منافسه فريد الأطرش فيما سمي بحفلة الربيع ، وكان لفريد صولات في السينما قدم فيها أفضل ألحانه لكنه كان يمتع جمهور الحفلات بعزفه المميز على العود وأغنية بعينها هي أغنية الربيع تقدم في ذات الموسم كل عام

لكن السينما نفسها قد تأثرت بظهور الإذاعة فاتجه الفنانون إلى هذا الوسط الجديد بكل قوة نظرا لسهولة الإنتاج والتوزيع من خلاله. فتوقفت أم كلثوم عن السينما عام 1947 بعد فيلمها الأخير فاطمة، وقدم عبد الوهاب آخر أفلامه لست ملاكا عام 1947. وبدأت السينما تتجه أكثر نحو الدراما مع غياب نجوم الغناء إلى أن ظهر جيل جديد من المغنيين كليلى مراد وعبد الحليم حافظ وغيرهما

احتفظت أم كلثوم مع هذا بتقليدها الذي بدأته عام 1934 بتقديم حفلة عامة كل شهر ولم تتوقف عن هذا التقليد إلا بسبب المرض عام 1973

أفاد استمرار حفلات أم كلثوم ملحنين كبار كالقصبجي وزكريا والسنباطي الذين اعتمدوا على أم كلثوم في توصيل ألحانهم للجمهور ، ومن بعدهم كل من لحنوا لها بما فيهم عبد الوهاب نفسه. والحقيقة أن جمهور أم كلثوم لم ينقطع عنها أبدا من جميع البلاد العربية ، ومن المؤكد أن فن أم كلثوم هو فن من لحنوا لها بالدرجة الأولى

غير أن الظاهرة الفردية طغت على جميع أعمال من جاء بعد سيد درويش باستثناء الشيخ زكريا الذي قام بتلحين أكثر من 60 أوبريت ، وعاد الغناء والطرب الهدف في المقام الأول وإن ظلت مدرسة سيد درويش التعبيرية تظل الجميع

قامت الإذاعة المصرية بإنتاج عدد من الأوبريتات الإذاعية لملء الفراغ اشتهر منها عدة أوبريتات، كما قامت بإنتاج الأغانى الفردية. وقد أثمر هذا الاتجاه عن زيادة نشاط من كان ليس له نصيب في السينما. ومن هؤلاء من المطربين إبراهيم حمودة وإسماعيل شبانة وكارم محمود وحورية حسن. ومن الملحنين أحمد صدقي وأحمد عبد القادر وعبد العظيم عبد الحق ومحمد عفيفي

وقامت الإذاعة أيضا بإعادة تقديم أوبريتات سيد درويش مثل العشرة الطيبة بقيادة محمد حسن الشجاعي ونجحت في إعادتها للواجهة في أواخر الخمسينات

وهنا يجدر تذكر أن موسيقى سيد درويش قد تم مواراتها عن عمد لفترة تعدت الثلاثين عاما ، وكان القصر الملكي وبعض الموسيقيين من قدامى الأكاديميين وراء ذلك ، فلم تسترد أنفاسها إلا بعد زوال سلطانهم عام 1952 وعودة الفنون القومية والشعبية للازدهار

وقد أدى انحسار المسرح الغنائي والحفلات العامة والاعتماد على الفنون المعلبة إن جاز التعبير إلى ظاهرتين جديدتين :
* زوال تأثير الجمهور المباشر على المادة المقدمة ، فلم يعد الجمهور يستطيع إعلان حكمه الفوري على أى شيئ يقدم
* حرية أكثر للموسيقيين في إملاء ما يرونه دون خوف من مقاطعة الجمهور، فشجع ذلك الكثيرين على إجراء تجارب موسيقية جديدة. وبعيدا عن السينما والمسرح فقد كانت المخاطرة مأمونة العواقب نسبيا لعدم ارتفاع تكلفة الإنتاج

في أواسط القرن العشرين
شهدت الموسيقى ازدهارا كبيرا في مصر بالذات وأنشئ معهد للموسيقى الأكاديمية الغربية، الكونسرفاتوار الفرنسي، ساهم في تدعيم الحركة الموسيقية بالعازفين المهرة وقادة الأوركسترا. وصاحب انتشار التعليم العام نشاط تعليم الموسيقى في المدارس مما أدى إلى ارتفاع حدود التذوق الموسيقي لدى فئات كبيرة من الشعب
كما شهدت تلك الفترة عودة قوية للأغاني الوطنية وعودة أيضا لإحياء التراث الموسيقي فأنشأ عبد الحليم نويرة فرقة الموسيقى العربية فى القاهرة، وأنشأ محمد عفيفي فريق كورال سيد درويش في الإسكندرية

في أواخر القرن العشرين
لم تعد الموسيقى كما كانت في أوله أو أواسطه ، وإنما تم التخفف تدريجيا من قيود الجدية والأكاديمية بسبب تغير أشياء كثيرة على صعيد السياسة والاقتصاد تغير معها المزاج العام فى المنطقة العربية
فقد حل الشعور بالهزيمة بعد نكسة عام 1967 محل المد القومي، وتسببت الحروب في إضعاف اقتصاد مصر ، وساعد ظهور الثروة البترولية في الخليج في السبعينات على انتقال مراكز التمويل إلى بلاد الجزيرة العربية. وقد صاحب حركة الهبوط الفني فى مصر حركة صعود الفن البدوي القادم من الخليج ، كما قل نشاط الرحبانية في لبنان

وقد شهد القرن العشرين أنماطا من الفن الهابط في فترات مختلفة خاصة إبان الحرب العالمية الثانية لكنها ظلت سجينة علب الليل ولم تجد طريقها مطلقا إلى القنوات العامة كالراديو والتليفزيون. غير أن موجة الهبوط الأخيرة استطاعت فرض نفسها على تلك القنوات مما أدى إلى هبوط الذوق العام، وزاد الطين بلة غياب الكبار عن الساحة

ولا يفهم لماذا ازدهرت الحركة الفنية في مصر إبان الاحتلال البريطاني وهي تواجه حكاما طغاة واحتلالا أجنبيا بينما فقرت في ظل الاستقلال والحكام الوطنيين في نهايات القرن
ويبقى هذا السؤال للتاريخ للإجابة عليه 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق