كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الخميس، 30 يناير 2020

كلاسيكيات أم كلثوم - زكريا - آه يا سلام

آه يا سلام
كلمات حسن صبحي  /  ألحان زكريا احمد
دور / مقام راست النوا 1935
أم كلثوم تعود إلى ألحان زكريا
هدنة فنية 3 سنوات بين زكريا وأم كلثوم بعد عمل دؤوب لعامين متتاليين
هل يحدث تغيير ما؟
هل سيقدم زكريا شيئا جديدا كالذي يقدمه القصبجي وعبد الوهاب؟
لنلقي نظرة على الساحة الفنية وقتها ونرى ماذا كان يحدث

من كان يلحن لأم كلثوم؟
الشيخ أبو العلا : آخر لحن 1932
داود حسني : آخر لحن 1932
السنباطي  : لم يكن السنباطي معروفا بعد
أم كلثوم / تجربة التلحين : 1932
محمد القصبجي : يلحن لأم كلثوم بانتظام منذ عام 1924
إذاً لم يكن في الساحة سوى محمد القصبجي
يستمر القصبجي في تيار تحديث الألحان الذي بدأه عام 1928 بمونولوج "إن كنت اسامح" لأم كلثوم ويضيف صوت أسمهان إلى قاطرته عام 1931

على الجانب الآخر تواجه أم كلثوم عبد الوهاب مطربا وملحنا في منافسة شديدة
يبدأ عبد الوهاب موجة تحديث القصيدة من 1933 بقصيدة "جفنه علم الغزل" إلى "سهرت" عام 1935 ويهز عرش لحن القصيدة التقليدي بشدة

تجد أم كلثوم نفسها بين تيارين: التيار التقليدي المحافظ يمثله زكريا أحمد، وتيار التحديث يمثله محمد القصبجي بالإضافة إلى منافسها الأكبر محمد عبد الوهاب
أما تجربة أم كلثوم في التلحين فقد توقفت عنها تماما عام 1934 بعد محاولتين ولم تعد إليها مطلقا

بين القديم والحديث
في هذا الموقف اتخذت أم كلثوم 3 خطوات باتجاهات متعاكسة
الخطوة الأولى عام 1931 عندما اتجهت بقوة إلى تيار زكريا أحمد وسجلت 11 لحنا له في عامين فقط، أي بمعدل لحن كل شهرين وهو معدل عال بكل المقاييس. كان زكريا بالنسبة لأم كلثوم ملحنا جديدا غزير العلم بالتراث، وكان اختيارها له لتعويض خزانة الملحنين الأقدمين الآخذة في النضوب، النجريدي وأبو العلا وداود حسني، وهو نفس السبب الذي جعلها تفكر في التلحين لنفسها
الخطوة الثانية عام 1932 عندما توقفت لمدة 3 أعوام عن ألحان زكريا
الخطوة الثالثة عام 1935 بعودتها لزكريا أحمد
الخطوة الثانية هي ما يهمنا في هذا السياق، أي لماذا بعدت عن زكريا 3 سنوات بعد عامين من شبه التفرغ لألحانه
الإجابة تكمن في الخشية من نجاح تيار التحديث الذي قاده عبد الوهاب بالذات مطربا وملحنا، ولمواجهة التحديث بالتحديث لابد من الاستعانة بالقطب الآخر محمد القصبجي، فتتوقف أم كلثوم عن الانشغال التام بألحان زكريا لتلجأ إلى القصبجي للحاق بركب الحداثة الذي سبق لهما ارتياده معا بنجاح عام 1928
بالفعل تنشغل أم كلثوم من جديد بألحان محمد القصبجي فيقدم لها 7 ألحان في قالب حديث "المونولوج" من عام 1932 إلى 1935

عودة إلى السؤال هل أتت العودة إلى ألحان زكريا بجديد؟
الإجابة لم يحدث تغيير
فاللحن الذي عادا به عام 1935 يعتبر ردة شديدة إلى الطرب القديم حتى أنه ملئ بآثار من ألحان الموشحات
إذا ما الذي يمكن أن يدفع أم كلثوم للعودة للقديم رغم صعود نجم التحديث؟ وهل نجحت هذه الخطوة؟
الإجابة أن الفن القديم لا يفقد بريقه أبدا، بدليل نجاحه في كل مرة يعود فيها إلى الساحة، ويعود نجاحه إلى أن الطرب فن متجذر في المجتمع لما له من تأثير عاطفي هائل يتعدى بكثير تأثير الكلمات ومعانيها، فهو فن يصل إلى مستوى الموسيقى البحتة، ويستطيع احتواء أي كلمات توضع له، مثله في ذلك مثل التقاسيم الآلية التي لا يصاحبها كلمات بالمرة، أو ألحان القدود التي تقدم كل مرة بكلمات مختلفة

معنى هذا أن نجاحه مضمون نسبيا ولا يتأثر كثيرا بالمغامرة التي ينطوي عليها تقديم ألحان حديثة قد تعجب أو لا تعجب الجمهور
وإذا اتفقنا على أن الجميع، مطربون وملحنون وشعراء، يخاطبون الجمهور في النهاية فلا ضير من مخاطبة الجمهور بشيء يكسب مشاعرهم حتى ولو كان فنا قديما

لذا تعود أم كلثوم التي تخشى منافسة عبد الوهاب وأسمهان لتلجأ إلى ألحان زكريا الطربية دون تردد فتقدم عدة أدوار لزكريا أحمد الذي لم يعد غيره يلحن الأدوار بعد أن توقف عنها عبد الوهاب عام 1932. دور "آه يا سلام" 1935 ثم ثلاثة أدوار عام 1936 هي "إمتى الهوى"، "ابتسام الزهر" و "مين اللي قال" وتضيف إلى القائمة دورين آخرين لزكريا عام 1938. وبين هذا وذاك تدخل أم كلثوم إلى عالم السينما لأول مرة بفيلم "وداد" ويكون لزكريا أحمد نصيب وافر في هذا الظهور السينمائي بثلاثة ألحان تميل إلى التيار المحافظ

أما السؤال هل نجحت خطوة أو خطط العودة للقديم فإجابته أنها حققت نجاحا مؤقتا، أما مستقبليا فالإجابة قطعا بالنفي .. فلم يمر وقت طويل حتى هجر الجميع كل القديم، وبحلول عام 1940 سار كل الفنانين في تيار التحديث بكل قوة ووضوح بمن فيهم أم كلثوم وزكريا نفسه

دور " آه يا سلام"
ينتمي هذا الدور إلى فن القرن 19 بامتياز، وكأننا نستمع إلى عبده الحامولي. والسبب ليس بالطبع في صوت أم كلثوم وإنما في اللحن الذي صاغه زكريا أحمد على نسق الطرب القديم بكل طوابعه
ملامح من الفن القديم
·       قالب قديم / الدور
·       طرب خالص
·       سيطرة المقام الأساسي
·       قفلات احترافية متقنة
·       آثار من ألحان الموشحات
·       سيطرة المطرب على العمل، خاصة بالقفلات الاحترافية المخصصة للمطرب

اختزال فقرة الردود
رغم احتواء قالب الدور على مقاطع من الغناء الجماعي يلاحظ اختزال ردود الكورس لصالح أداء المطرب حتى أن أصوات الكورس لا تسمع لأكثر من 30 ثانية في عمل زمنه نحو 6 دقائق، أي أن فقرة الغناء الجماعي أصبحت مجرد حلية بدلا من أن تكون ذروة العمل كما هو المعتاد في الأدوار القديمة، وهو اتجاه تم تكريسه في فترة الثلاثينات أشرنا إليه سابقا في معرض الحديث عن أدوار زكريا لأم كلثوم، وساهم في تخفيض زمن الدور إلى النصف

النسخ من ألحان أقدم
الفاصل الموسيقي أو "اللازمة" الموسيقية قبل البيت "حبيت يا قلبي ..." هي نسخة طبق الأصل من اللازمة الموسيقية في موشح "يا ترى بعد البعاد" لسيد درويش
الجملة اللحنية المتصاعدة في "لما انكويت" نسخة من الجملة المتصاعدة الشهيرة "والدمع بيفيض من عيني .. غصبٍ عني" في لحن "الليل يطوّل" لزكريا أحمد نفسه

هكذا كانت عودة أم كلثوم إلى زكريا أحمد تكريسا للقديم وإمعانا في استمالة الجمهور عن طريق الطرب الخالص .. استمر هذا الوضع مع زكريا طوال الثلاثينات، لكن أم كلثوم استمرت في التعامل مع القصبجي لتحصل على توازن بين القديم والحديث فيما تقدمه .. أما في الأربعينات فقد تغير الجميع نحو الأحدث بفعل التجارب الفنية الجديدة التي أطلقها عبد الوهاب والقصبجي لنحو عقد من الزمان وكان من شأنها تغيير مزاج الجمهور الذي بدأ يهفو إلى التحديث

آه يا سلام زاد وجدي آه     والصبر طال من غير أمل
كوى الهيام قلبي وضناه     واللي كواه عنه انشغل
إمتى الجميل يصنع جميل     وافرح واقول حبي عدل
آه يا سلام زاد وجدي آه

حبيت يا قلبي وإيه رأيت     غير الأسية والهوان
وبتشكي ليه لما انكويت     يا ما نهيتك من زمان

كلاسيكيات أم كلثوم - زكريا - ياللي تشكي م الهوى

ياللي تشكي م الهوى
كلمات احمد رامي  /  ألحان زكريا احمد
دور / مقام بياتي الحسيني 1932
التكوين اللحني
يتألف الدور من عناصره التقليدية المعروفة التي تعطي العمل ملامح شكل الدور وهي المذهب والكوبليه والآهات وردود الكورس والختام
يلاحظ تكرار إعادة تلحين بعض الأبيات بألحان مختلفة
البيت "الوداد روح المحبة ..." 3 ألحان
البيت "ليه تقضّي الليل حزين ..." لحنان مختلفان

المذهب والكوبليه
من المتعارف عليه في تلحين الأدوار استهلال الكوبليه بلحن البيت الأول من المذهب، وهو ما اتبعه سيد درويش في جميع أدواره، مما يثبت شكل وهيكل الدور اللحني ويميز المقاطع عن بعضها. يستلزم هذا أن نستمع إلى نهايتين أو 3 نهايات لحنية متطابقة في أي دور 
لكن زكريا أحمد لم يتقيد بهذا في هذا الدور واستمر في تغيير اللحن مع كل بيت حتى أنه أعاد تلحين نفس الأبيات بطريقة مغايرة. وإذا بحثنا عن النهايات المتشابهة لن نجد إلا نهاية الدور التي تتشابه لحنا مع نهاية المذهب لكنها تختلف في الإيقاع 

الآهات والردود
تتبادل أم كلثوم أداء الآهات مع الكورس ويستهل لحن الآهات بمقام الشوري (فرع من البياتي) ويتمم بالبياتي، لكنه في آخر جملة يتحول إلى مقام النهاوند المصور على الدوكاه بصوت أم كلثوم تمهيدا لتغيير المقام في المقطع التالي
يشكل المقطع التالي ردود الكورس وهو غناء متبادل بين المطرب والكورس، ويعد مع الآهات ملمحا أساسيا في تكوين قالب الدور بحيث إذا اختفى هذان العنصران خرج اللحن من قالب الدور وأصبح شيئا آخر
يتميز لحن الردود في هذا الدور بصياغة مختلفة إذ أنه يرتكز على إيقاع ثلاثي "فالس". ويبدو هذا الاختلاف محاولة للفكاك من الشكل التقليدي للدور مثلما فعل عبد الوهاب في بعض أدواره، لكنه لا يسلب الدور هيكله حيث احتفظ بعناصره الأساسية

في نهاية الآهات يتم التمهيد للردود بتحويلة قصيرة بصوت أم كلثوم من جنس الحجاز تستقر أعلاه على مقام النهاوند المصور على درجة الدوكاه "ري"
تتصاعد جمل الردود في عدة تحولات مقامية تبدأ بنهاوند على الدوكاه إلى راست دوكاه إلى صبا مصور إلى جهاركاه مصور ثم عودة إلى راست الدوكاه ومنه إلى الانتهاء بالمقام الأساسي بياتي الحسيني، وكل ذلك على نفس الإيقاع الثلاثي "فالس"

يبدأ غناء الردود بالبيت "الوداد روح المحبة ..."، في لحنه الثالث، على مقام النهاوند المصور بلحن شجي يذكرنا بالموشح الأندلسي الشهير "لما بدا يتثنى" ولكن على إيقاع ثلاثي. والواقع أن إبقاع الموشح وميزانه 10/8 يتركب أساسا من 4 وحدات زمنية هي 3/8 ثم 2/8 ثم 3/8 ثم 2/8 وواضح أن هناك وحدتين عبارة عن فالس ثلاثي، ولذا فالتشابه ليس فقط لحنيا بل إيقاعيا أيضا

معالجة الألفاظ
استطاع زكريا أحمد ببراعة تطويع الكلمات لملاءمة الإيقاع الثلاثي رغم سبق تلحينها على إيقاع رباعي، وقد فعل ذلك مرتين، إحداهما في البيت "الوداد روح المحبة ..." و الثانية في البيت "ليه تقضّي الليل حزين ..." في نهاية الدور
والمسألة ليست بسيطة حيث أن الملحن يتعامل مع نفس الألفاظ بذات الوقع اللفظي، ومجرد تخيلها بلحن على وقع مختلف يدل على خيال واسع ومقدرة هائلة على فهم التراكيب الشعرية والسيطرة عليها
تختتم الآهات والردود بالعودة إلى المقام الأساسي بياتي الحسيني
وكما هو معروف عن قالب الدور يمكن وصف فقرة الردود الغنية بالجمل دقيقة الصنع فائقة الطرب بأنها تمثل ذروة اللحن كله

القفلات
كعادة زكريا أحمد يتخلل اللحن عدة قفلات متقنة مطربة للغاية هي من آثار الطرب القديم العائد إلى فن القرن 19 ولم يستعملها من الملحنين في القرن العشرين إلا قلة مثل سيد درويش وعبد الوهاب وزكريا والسنباطي، ونجدها في ألحان أم كلثوم بالذات التي تمتعت بمقدرة فائقة على أداء هذا القفلات التي تتطلب قدرا عاليا من المهارة لم تتوفر إلا لأصوات محدودة مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وفتحية أحمد وسعاد محمد

المقام
مقام بياتي الحسيني هو مقام بياتي مصور على درجة الحسيني "لا"، ولا فرق بينهما في النغم أو الأبعاد، إلا أنه يستخدم لتمكين المطرب من الأداء السليم في المنطقة الصوتية العليا حيث أنه ينخفض بمقدار درجتين ونصف عن البياتي الطبيعي المرتكز على درجة الدوكاه "ري"

اللحــن
تميل ألحان الأدوار بحكم نشأتها وتكوينها إلى الطرب على حساب التعبير، ولم يجمع بين المدرستين إلا سيد درويش في أدواره العشرة، واتبع خطه عبد الوهاب في أدواره الخمسة، لكن ألحان أدوار زكريا ظلت مخلصة للمدرسة القديمة إلى أبعد حد. 
ولكي نعرف مدى انتماء لحن ما إلى مدرسة الطرب يمكننا تجربة وضع كلمات أخرى ذات معاني مختلفة على نفس اللحن، فإذا احتفظ اللحن بتأثيره تأكد انتماؤه للطرب أكثر من التعبير. 
العكس صحيح في حالة الألحان التعبيرية فلن يمكن الحصول على نفس التأثير إذا تغيرت الكلمات حيث أن اللحن يعبر عن كلمات ومعان بعينها ولا يمكن إعادة استخدامه على كلمات أخرى وإلا فقد بعده التعبيري هدفه الأساسي
هناك مثال واضح لأحد ألحان عبد الوهاب الطربية هو "مضناك جفاه مرقده"، فقد استخدم بكلمات كوميدية في فيلم "دهب" وغناه الثنائي أنور وجدي والطفلة فيروز. لم يفقد اللحن بريقه الطربي رغم اختلاف المعاني تماما.
يتأكد المثال العكسي في لحن مثل "عشان ما نعلا" لسيد درويش، فاللحن قد وضع خصيصا لهذه الكلمات ولو استبدلت بكلمات أخرى سيفقد العمل قيمته التعبيرية إذ لن يعبر اللحن عن الكلمات الجديدة
في دور "ياللي تشكي م الهوى" نجد الطرب هو سيد الموقف، ويمكن بسهولة وضع كلمات مغايرة على نفس اللحن دون تغيير يذكر في التأثير ودون أن تفرض كلمات اللحن الأصلي نفسها على المستمع

الختــام
يختتم الدور بنهاية غريبة باستعارة نهاية المذهب وإعادة توقيعها على إيقاع ثلاثي مع استرجاع المقام الأساسي في الختام. هكذا لا يكتفي زكريا أحمد بكل ما سبق من تغييرات في شكل الدور، فهو يختتم الدور باسترجاع آخر شطرتين في المذهب بلحن مشابه لكنه يعيد صياغته على إيقاع الفالس الذي يختم به اللحن كله على غير المعتاد في ألحان الأدوار

ياللي تشكي م الهوى هوّن عليك
واشتري قلب الحبيب بدموع عينيك
إنت سلمته فؤادك قبل ماتعرف هواه
وانت هنيته ف ودادك وارتضيت منه جفاه
ليه تقضّي الليل حزين وانت في حبك أمين
هو ذُلّك في الغرام صعبان عليك

الوداد روح المحبة واللي مال
يبقى طول العمر في أسر الجمال
يحلى في عينه العذاب لاجل ما يرضي الحبيب
وان سمح يوم بالعتاب يفتكر وصله قريب
بين صدوده وبين رضاه عز نومه فكره تاه
واللي يعشق يسعده طيف الخيال

ليه تقضّي الليل حزين وانت في حبك أمين
هو ذُلّك في الغرام صعبان عليك

الأحد، 26 يناير 2020

كلاسيكيلات أم كلثوم - زكريا - العذول فايق ورايق

العذول فايق ورايق
كلمات حسن صبحي /  ألحان زكريا احمد
طقطوقة / مقام سيكاه 1932
هذه هي الطقطوقة الثالثة من ألحان زكريا أحمد لأم كلثوم عام 1932 وهي من مقام سيكاه عنوان الطرب الشرقي
التمهيد
تمهد الموسيقى للغناء بمقدمة قصيرة من المقام الأساسي
المقام
مقام سيكاه الأصلي، كما يظهر من اسمه، سلم يبدأ من الدرجة الثالثة مي نصف بيمول، إلى جوابها. وأصل التسمية الفارسي "سي - كاه" أي النغم الثالث
لكن المقام هنا مصور على درجة صول، أي الدرجة الخامسة على السلم الطبيعي، ويهبط السلم من درجة صول الوسطى (نوا) إلى قراره في درجة صول الدنيا (يكاه) أي أنه مرتفع درجة و ¾ عن الأصل 
ورغم شيوع تصوير المقامات ورفع أو خفض الطبقة الصوتية كإجراءات فنية لملاءمة اللحن لصوت المطرب فإن التصوير الحاصل في هذا اللحن بالذات ليس شائعا بالمرة بل ربما ليس مستعملا على الإطلاق، وسنعرض لاحقا لماذا تم هذا التصوير نادر الاستخدام
أثناء الهبوط يتم تحوير المقام في جنسه الأوسط من جنس راست إلى جنس بياتي وهو تحوير شائع الاستخدام مع مقام السيكاه
اللحن
لحن تقليدي للغاية بحمل سمات الفترة الثلاثينية لألحان زكريا - أم كلثوم
يستمر اللحن على نفس المنوال في الكوبليهات الثلاثة بدون تغيير
يضاف إلى التحوير السابق في المذهب تحوير آخر أبسط في غناء أم كلثوم في وسط كل كوبليه بختام انتقالي يستخدم الدرجة الرابعة الناقصة بحيث يشبه مقام الهزام وهو فرع من السيكاه
يستمر اللحن على نفس الإيقاع الرباعي المتوسط أو الوحدة الكبيرة، ويلاحظ تباطؤ الإيقاع مع بداية الغناء كعادة الألحان في تلك الأيام

الأداء
يظهر من أداء أم كلثوم مدى صفاء صوتها ونقائه، خاصة إذا قورن بأصوات الكورس الخشنة التي تصدرها صوت زكريا أحمد نفسه
تغني أم كلثوم في المنطقة الصوتية الوسطى باقتدار غير أن صوتها يضعف قليلا في قرار المقام، وهو أمر متوقع، ولكن إذا نظرنا إلى صياغة اللحن في مقامه الأصلي نجده، رغم بساطته، صعب الأداء على أي مطرب
فأصل المقام يبدأ من درجة مي نصف بيمول إلى مثيلتها العليا، وإذا بدأ الغناء بهذا الشكل كما جاء في اللحن فسيكون ختامه في قرار مي بيمول المنخفضة جدا، وهي درجة مستحيلة على الصوت العادي، لذا تم رفع درجة الأساس عند تنفيذ اللحن بمقدار درجة وثلاثة أرباع لتمكين المطرب من الأداء السليم في قرار السلم أي في المنطقة الصوتية المنخفضة

من ناحية أخرى لو تم بدء الغناء في جواب السلم الأصلي يحيث يكون مستطاعا عند الهبوط إلى أساسه فستظهر معضلة أخرى وهي صعوبة الأداء في الجوابات في بداية اللحن التي تصل إلى جواب النوا (صول العليا) إن لم يكن مستحيلا

لهذه الأسباب قرر الملحن تصوير مقام السيكاه على النوا (صول الوسطى) كحل وسط لتفادي المعضلتين
والسؤال هنا هل هذه المعضلات خاصة بالمقام أم خاصة باللحن؟ الواقع أن هناك آلافا من الألحان من مقام السيكاه لا تظهر فيها هذه المشاكل الصوتية، ولذا يظهر بوضوح أن صياغة اللحن هي السبب وراء صعوبة أدائه، أي أن المشكلة في اللحن وليس في المقام

العذول فايق ورايق عمره ما داق الغرام
قلبه ما يرحمش عاشق بس شاطر في الكلام

قلبي لو مال يوم لغيرك يبقى عن جسمي غريب
وانت لو تسأل ضميرك ما تلاقيش غيري حبيب
صب مغرم وانت عارف فيك متيم وانت شايف
بس خايف من الكلام

في هواك شفت العجايب آه يا ناري من هواك
عقلي فيك حاضر وغايب والفؤاد والروح معاك
بس قوللي إيه رأيته في الفؤاد اللي كويته
بعد تيهك والخصام

العذول فايق ورايق عمره ما داق الغرام
قلبه ما يرحمش عاشق بس شاطر في الكلام

جرح قلبي والعواطف كل دا محسوب عليك
يمكن الأيام تصادف واشكي حالي بين يديك
ليه تعاند بس هاود واترك العذال وكايد
يبقى حبك ع المرام
روابط