ياللي تشكي م الهوى
كلمات احمد رامي / ألحان زكريا احمد
دور / مقام بياتي الحسيني 1932
التكوين اللحني
يتألف الدور من عناصره التقليدية المعروفة التي تعطي العمل ملامح شكل الدور وهي المذهب والكوبليه والآهات وردود الكورس والختام
يلاحظ تكرار إعادة تلحين بعض الأبيات بألحان مختلفة
البيت "الوداد روح المحبة ..." 3 ألحان
البيت "ليه تقضّي الليل حزين ..." لحنان مختلفان
المذهب والكوبليه
من المتعارف عليه في تلحين الأدوار استهلال الكوبليه بلحن البيت الأول من المذهب، وهو ما اتبعه سيد درويش في جميع أدواره، مما يثبت شكل وهيكل الدور اللحني ويميز المقاطع عن بعضها. يستلزم هذا أن نستمع إلى نهايتين أو 3 نهايات لحنية متطابقة في أي دور
لكن زكريا أحمد لم يتقيد بهذا في هذا الدور واستمر في تغيير اللحن مع كل بيت حتى أنه أعاد تلحين نفس الأبيات بطريقة مغايرة. وإذا بحثنا عن النهايات المتشابهة لن نجد إلا نهاية الدور التي تتشابه لحنا مع نهاية المذهب لكنها تختلف في الإيقاع
الآهات والردود
تتبادل أم كلثوم أداء الآهات مع الكورس ويستهل لحن الآهات بمقام الشوري (فرع من البياتي) ويتمم بالبياتي، لكنه في آخر جملة يتحول إلى مقام النهاوند المصور على الدوكاه بصوت أم كلثوم تمهيدا لتغيير المقام في المقطع التالي
يشكل المقطع التالي ردود الكورس وهو غناء متبادل بين المطرب والكورس، ويعد مع الآهات ملمحا أساسيا في تكوين قالب الدور بحيث إذا اختفى هذان العنصران خرج اللحن من قالب الدور وأصبح شيئا آخر
يتميز لحن الردود في هذا الدور بصياغة مختلفة إذ أنه يرتكز على إيقاع ثلاثي "فالس". ويبدو هذا الاختلاف محاولة للفكاك من الشكل التقليدي للدور مثلما فعل عبد الوهاب في بعض أدواره، لكنه لا يسلب الدور هيكله حيث احتفظ بعناصره الأساسية
في نهاية الآهات يتم التمهيد للردود بتحويلة قصيرة بصوت أم كلثوم من جنس الحجاز تستقر أعلاه على مقام النهاوند المصور على درجة الدوكاه "ري"
تتصاعد جمل الردود في عدة تحولات مقامية تبدأ بنهاوند على الدوكاه إلى راست دوكاه إلى صبا مصور إلى جهاركاه مصور ثم عودة إلى راست الدوكاه ومنه إلى الانتهاء بالمقام الأساسي بياتي الحسيني، وكل ذلك على نفس الإيقاع الثلاثي "فالس"
يبدأ غناء الردود بالبيت "الوداد روح المحبة ..."، في لحنه الثالث، على مقام النهاوند المصور بلحن شجي يذكرنا بالموشح الأندلسي الشهير "لما بدا يتثنى" ولكن على إيقاع ثلاثي. والواقع أن إبقاع الموشح وميزانه 10/8 يتركب أساسا من 4 وحدات زمنية هي 3/8 ثم 2/8 ثم 3/8 ثم 2/8 وواضح أن هناك وحدتين عبارة عن فالس ثلاثي، ولذا فالتشابه ليس فقط لحنيا بل إيقاعيا أيضا
معالجة الألفاظ
استطاع زكريا أحمد ببراعة تطويع الكلمات لملاءمة الإيقاع الثلاثي رغم سبق تلحينها على إيقاع رباعي، وقد فعل ذلك مرتين، إحداهما في البيت "الوداد روح المحبة ..." و الثانية في البيت "ليه تقضّي الليل حزين ..." في نهاية الدور
والمسألة ليست بسيطة حيث أن الملحن يتعامل مع نفس الألفاظ بذات الوقع اللفظي، ومجرد تخيلها بلحن على وقع مختلف يدل على خيال واسع ومقدرة هائلة على فهم التراكيب الشعرية والسيطرة عليها
تختتم الآهات والردود بالعودة إلى المقام الأساسي بياتي الحسيني
وكما هو معروف عن قالب الدور يمكن وصف فقرة الردود الغنية بالجمل دقيقة الصنع فائقة الطرب بأنها تمثل ذروة اللحن كله
القفلات
كعادة زكريا أحمد يتخلل اللحن عدة قفلات متقنة مطربة للغاية هي من آثار الطرب القديم العائد إلى فن القرن 19 ولم يستعملها من الملحنين في القرن العشرين إلا قلة مثل سيد درويش وعبد الوهاب وزكريا والسنباطي، ونجدها في ألحان أم كلثوم بالذات التي تمتعت بمقدرة فائقة على أداء هذا القفلات التي تتطلب قدرا عاليا من المهارة لم تتوفر إلا لأصوات محدودة مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وفتحية أحمد وسعاد محمد
المقام
مقام بياتي الحسيني هو مقام بياتي مصور على درجة الحسيني "لا"، ولا فرق بينهما في النغم أو الأبعاد، إلا أنه يستخدم لتمكين المطرب من الأداء السليم في المنطقة الصوتية العليا حيث أنه ينخفض بمقدار درجتين ونصف عن البياتي الطبيعي المرتكز على درجة الدوكاه "ري"
اللحــن
تميل ألحان الأدوار بحكم نشأتها وتكوينها إلى الطرب على حساب التعبير، ولم يجمع بين المدرستين إلا سيد درويش في أدواره العشرة، واتبع خطه عبد الوهاب في أدواره الخمسة، لكن ألحان أدوار زكريا ظلت مخلصة للمدرسة القديمة إلى أبعد حد.
ولكي نعرف مدى انتماء لحن ما إلى مدرسة الطرب يمكننا تجربة وضع كلمات أخرى ذات معاني مختلفة على نفس اللحن، فإذا احتفظ اللحن بتأثيره تأكد انتماؤه للطرب أكثر من التعبير.
العكس صحيح في حالة الألحان التعبيرية فلن يمكن الحصول على نفس التأثير إذا تغيرت الكلمات حيث أن اللحن يعبر عن كلمات ومعان بعينها ولا يمكن إعادة استخدامه على كلمات أخرى وإلا فقد بعده التعبيري هدفه الأساسي
ولكي نعرف مدى انتماء لحن ما إلى مدرسة الطرب يمكننا تجربة وضع كلمات أخرى ذات معاني مختلفة على نفس اللحن، فإذا احتفظ اللحن بتأثيره تأكد انتماؤه للطرب أكثر من التعبير.
العكس صحيح في حالة الألحان التعبيرية فلن يمكن الحصول على نفس التأثير إذا تغيرت الكلمات حيث أن اللحن يعبر عن كلمات ومعان بعينها ولا يمكن إعادة استخدامه على كلمات أخرى وإلا فقد بعده التعبيري هدفه الأساسي
هناك مثال واضح لأحد ألحان عبد الوهاب الطربية هو "مضناك جفاه مرقده"، فقد استخدم بكلمات كوميدية في فيلم "دهب" وغناه الثنائي أنور وجدي والطفلة فيروز. لم يفقد اللحن بريقه الطربي رغم اختلاف المعاني تماما.
يتأكد المثال العكسي في لحن مثل "عشان ما نعلا" لسيد درويش، فاللحن قد وضع خصيصا لهذه الكلمات ولو استبدلت بكلمات أخرى سيفقد العمل قيمته التعبيرية إذ لن يعبر اللحن عن الكلمات الجديدة
في دور "ياللي تشكي م الهوى" نجد الطرب هو سيد الموقف، ويمكن بسهولة وضع كلمات مغايرة على نفس اللحن دون تغيير يذكر في التأثير ودون أن تفرض كلمات اللحن الأصلي نفسها على المستمع
الختــام
يختتم الدور بنهاية غريبة باستعارة نهاية المذهب وإعادة توقيعها على إيقاع ثلاثي مع استرجاع المقام الأساسي في الختام. هكذا لا يكتفي زكريا أحمد بكل ما سبق من تغييرات في شكل الدور، فهو يختتم الدور باسترجاع آخر شطرتين في المذهب بلحن مشابه لكنه يعيد صياغته على إيقاع الفالس الذي يختم به اللحن كله على غير المعتاد في ألحان الأدوار
ياللي تشكي م الهوى هوّن عليك
واشتري قلب الحبيب بدموع عينيك
إنت سلمته فؤادك قبل ماتعرف هواه
وانت هنيته ف ودادك وارتضيت منه جفاه
ليه تقضّي الليل حزين وانت في حبك أمين
هو ذُلّك في الغرام صعبان عليك
الوداد روح المحبة واللي مال
يبقى طول العمر في أسر الجمال
يحلى في عينه العذاب لاجل ما يرضي الحبيب
وان سمح يوم بالعتاب يفتكر وصله قريب
بين صدوده وبين رضاه عز نومه فكره تاه
واللي يعشق يسعده طيف الخيال
ليه تقضّي الليل حزين وانت في حبك أمين
هو ذُلّك في الغرام صعبان عليك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق