كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

إحياء ذكرى الفنان فريد الأطرش بالإسكندرية والقاهرة

تحيى دار الأوبرا المصرية الذكرى 38 لرحيل الفنان فريد الأطرش بإقامة حفلين فى مدينتى الإسكندرية ودمنهور ، ويضم البرنامج مختارات من أعمال الموسيقار الراحل منها: بانادى عليك ، ياريتنى طير ، ادينى معاد وقابلنى ، يا مالكة القلب ، هلت ليالى ، يا زهرة فى خيالى ، مانحرمش العمر منك ، بساط الريح ، روحى وروحك ، وموسيقى لحن الخلود
يقدم برنامج الحفلين فرقة أوبرا الاسكندرية للموسيقى والغناء العربى قيادة المايسترو عبد الحميد عبد الغفار، الأول مساء السبت 22 ديسمبر على مسرح أوبرا دمنهور والثانى مساء الأحد 23 ديسمبر على مسرح سيد درويش " أوبرا الإسكندرية " ، كما يتضمن البرنامج فاصلا الأول من الأغانى الوطنية الشائعة منها أنا المصرى وقوم يا مصرى من ألحان سيد درويش
وبالقاهرة يقيم مركز إبداع "قصر الأمير طاز" حفلا مساء الخميس 20 ديسمبر ، يقدم مجموعة متنوعة من أشهر أعمال الفنان الراحل.

الموسيقار فريد الاطرش ولد عام 1915 ، قدم إلى مصر مهاجرا من لبنان حيث ولد مع عائلته بصحبة أمه وشقيقته المطربة أسمهان ، والتحق بإحدى المدارس الابتدائية ثم التحق بمعهد الموسيقى العربية لدراسة الموسيقى وآلة العود على يد الأستاذ محمد القصبجى والأستاذ رياض السنباطى ، واحترف الغناء بالصالات الخاصة ، ثم صعد نجمه كمطرب وملحن غنى بنفسه معظم ألحانه ، وبدخوله الميدان السينمائى خاض تجربة غنية قدم فيها أفلاما استعراضية ضمت عددا من الأغنيات الشهيرة وبعض الأوبريتات السينمائية ، كما اشتهر فريد بعزفه البارع على العود وقد أضاف إليه أسلوبه المعروف المستوحى من عزف الجيتار الأسبانى ، من أشهر ألحانه "لحن الخلود" ، "وياك" ، "يا زهرة فى خيالى" ، "بانادى عليك" ، "الربيع" ، "أول همسة" ، ورحل عن دنيانا فى 26 ديسمبر عام 1974 تاركاً إرثاً فنياً كبيراً يحمل طابعاً متفرداً يتميز باللحن الشرقي الأصيل
موضوعات متصلة

السبت، 8 ديسمبر 2012

وداعا عمار الشريعى "غواص فى بحر النغم"


تودع مصر اليوم الموسيقار عمار الشريعي الذى توفي الجمعة 7 ديسمبر عن عمر ناهز 64 عاما.
وعمار الشريعي موسيقي ومؤلف وناقد مصري له بصمات في الموسيقى المصرية، وقام بوضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية واستطاع المضي في مسيرة فنية ناجحة حققت له كثيرا من الشهرة رغم كف بصره
ولد عمار علي محمد إبراهيم الشريعي في محافظة المنيا بمصر في 16 أبريل 1948 ، وحصل على ليسانس الآداب لغة إنجليزية من جامعة عين شمس عام 1970 ، وبدأ كعازف أكورديون أثناء دراسته الجامعية.
اتجه الشريعي لاحقا إلى التلحين واشتهر كملحن ومؤلف موسيقي ومن أشهر أعماله الموسيقية موسيقى مسلسل رأفت الهجان التي وضعها عام 1990
اشتهر عمار الشريعس ايضا ببرنامجه الإذاعي "غواص في بحر النغم" الذي عني بالتحليل الموسيقي لألحان التراث وكبار الموسيقيين
ومن أهم نشاطاته في المجال الموسيقى:
* شارك بالتعاون مع شركة ياماها اليابانية في استنباط ثلاثة أرباع التون من الآلات الإلكترونية.
* شارك بالتعاون مع شركة إميولتور الأمريكية في إنتاج عينات من الآلات التقليدية والشعبية المصرية والعربية.
* قام بتقديم وإعداد برنامج إذاعي تحليلي لتذوق الموسيقى العربية "غواص في بحر النغم" منذ عام 1988.
* ساهم مع مؤسسة دانسنج دوتس Dancing Dots الأمريكية في إنتاج برنامج جود فيل Good Feel والذي يقدم نوتة موسيقية بطريقة برايل للمكفوفين.
* أعاد صياغة وتوزيع العديد من المقطوعات الموسيقية والأغنيات.
* إعداد وتقديم برنامج سهرة شريعي مع قناة دريم الفضائية المصرية.
وقد نال الشريعي عدة جوائز وأوسمة، منها وسام التكريم من الطبقة الأولى من الأردن، ووسام التكريم من الطبقة الأولى من سلطان عمان عام 1992، وجائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام
2005

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

عازف السولو المميز

تخرج المعاهد الموسيقية في العالم سنويا أعدادا هائلة من العازفين الممتازين، لديهم إمكانيات ممتازة ويعزفون ببراعة متناهية. لكن معظم هؤلاء العازفين سوف يجدون أماكنهم كعازفين في الأوركسترات وقسم كبير يتجه للتدريس. أزيد علما بأن المعاهد الموسيقية العالية في الغرب فيها قسم لتخريج العازفين المحترفين وقسم لتخريج مدرسي الموسيقى. (هذا الحال يشبه إلى حد بعيد المقارنة بين معهد كونسيرفتوار القاهرة وكلية التربية الموسيقية في جامعة حلوان، حيث الأول يخرج عازفين محترفين والثاني يخرج أساتذة موسيقى، علما بأن كلية التربية الموسيقية في جامعة حلوان قد خرجت الكثير جدا من كبار العازفين المحترفين)، ليس هذا هو صلب موضوعي، لكنني أحببت أن أضيف معلومة.
حتى العازفين الجيدين فكثيرين منهم من لا يتمكنون من الانخراط في إحدى الأوركسترات الكبيرة لذا تجده يعزف في فرق أخرى أو يمتهن التدريس.
ندرة جداً هم العازفين الذين يتخرجون بمستوى عالي جدا ويصبحوا مشهورين.
للشهرة أسباب كثيرة أولها:
أن يكون العازف لامعا جدا ومتميزا في عزفه وله بصمة خاصة فيه تميزه عن غيره (نفس الكلام الذي كتبته عن المايسترو) فتجد عازفين كثيرين يمتلكون إمكانيات تكنيكية هائلة تقارب كثيرا تلك التي يمتلكها العازف الشهير لكن هؤلاء العازفين ذوي الإمكانيات الهائلة كثيرين منهم لا يمتلكون الحس العالي وطريقة التوصيل للمستمع لكي يشد المستمع من الأول للأخير.
لو راقبنا هذا الفيديو للرائع بيرلمان، هل نتصور بأن بيرلمان هو الوحيد الذي يتمكن من عزف هذا العمل؟ بالطبع لا فيوجد الملايين ممن يتمكنون من عزف نفس العمل وربما ببراعة تقترب من براعة بيرلمان، لكن كل هؤلاء لا يمتلكون الحس العالي المرهف الذي يمتلكه بيرلمان. يوجد حتى أطفال صغار يتمكنون من عزف هذا العمل لكن أين هو الإبداع؟



لنسمع نفس العمل من عازف شهير آخر وهو ليونارد كوجان، نلاحظ أنه متمكن نفس تمكن بيرلمان لكن سنسمع أن الإحساس يختلف:



لنسمع لهذا العمل الصعب جدا من أشهر عازف في عصرنا، إيزاك بيرلمان أيضا:


ولنسمع نفس العمل يعزف من طفل صغير:




لو راقبنا أحد أكبر الأوركسترات في العالم للاحظنا أن العازفين هم من خيرة العازفين كلهم يمتلكون قدرات عالية جدا، لكن ليس كل العازفين هم مبدعين، يوجد فارق كبير بين الإبداع والإتقان، الإتقان هو جزء من الإبداع لكن ليس كل شخص متقن ممكن أن يكون مبدعا، هذا هو كل الموضوع.
عودة للموسيقى الكلاسيك، فلكل عازف له نكهته الخاصة (أقصد العازفين الكبار جدا) فهناك مثلا من يفضل سماع الشاكون لباخ من يهودي مينوهين ومنهم من يفضل غيره.
مثلا لو عزف هايفتز كونشيرتو تشايكوفسكي وبعدها عزف نفس العمل ديفيد أويستراخ للاحظت فارقا كبيرا ولا يمكن أن تقول بأن هايفتز هو أفضل من أويستراخ أو العكس فلكل له بصمته الخاصة، أنا شخصيا أفضل هايفتز حينما يعزف كونشيرتو تشايكوفسكي وأفضله حينما يعزف ماكس بروخ، لكنني أفضل أويستراخ في كونشيرتات موتسارت وبيتهوفن. وربما يشاطرني الرأي الكثيرين وربما يخالفني الكثيرين أيضا فلكل ذوقه. لكن على العموم فإن الكثير من العازفين الروس (أيام الاتحاد السوفيتي) لا يفضلون هايفتز ويفضلون عليه ديفيد أويستراخ، وذلك لأسباب سياسية كما كانت تبدو في وقتها، علما أن كلاهما روسي، لكن أويستراخ بقي في الاتحاد السوفيتي بينما هايفتز هاجر للولايات المتحدة.
هناك بعض العازفين الذين يصلون لمراحل عالية جدا في الشهرة لكنهم لسبب أو لآخر يضطر أن يترك العزف (كأن يكون مرض أو حادث)، مثل العازفة جاكلين دي بري التي كانت أشهر عازفة شيللو في العالم في وقتها والتي بسبب مرض اصابها توقفت عن العزف وهي في عمر 28 وتوفيت في عمر 42، إسمع ماذا يقول زوكرمان عنها


عادة مثل هؤلاء العازفين إما أن يتجهوا لقيادة الأوركسترا أو للتأليف.
أخيرا هناك أسبابا أخرى تتسبب في شهرة الكثير من العازفين لكني أفضل أن لا أدخل في هذا الموضوع لأنني لست متأكدا منه.
أحب أن أعرج قليلا على عازف السولو الشرقي:
في الموسيقى الشرقية تستخدم الحليات بكثرة، لكن الحليات تختلف من عازف لعازف، وتختلف من زمن لآخر، وتختلف من منطقة جغرافية لأخرى. التسمية العامية للحليات هي "العُرَبْ".
فمثلا حين عزف أغنية قديمة للشيخ زكريا أحمد، يختار العازف حليات تختلف فيما لو عزف أغنية من أغاني الخمسينات لموسيقار الأجيال. والحليات تختلف من مصر إلى سوريا، وتختلف من العراق إلى لبنان، وتختلف كليا في بلاد المغرب العربي.
العازف الذي يعرف كيف يأسر السامع هو الذي يعرف كيف يختار الحليات الصحيحة ويضعها في أماكنها الصحيحة، وبعكسه فالعازف الذي لا يعرف كيف ومتى يختار الحليات يجعل السامع ينسى بعد ما عزفه بعد ثوان قلائل. ولو أن العازف أساء استخدام الحليات، كأن يكون قد استخدم حليات ليست في محلها وحليات أكثر من اللزوم، هذا العازف ممكن أن ينفر السامع، ويتمنى السامع أنه لم يسمع هذا العازف.
هناك بعض العازفين ممن هم أسماء لامعة لا يعرفوا كيف يختاروا الحليات، طبعا الحال ينطبق على المغنين أيضا.
نلاحظ أن الحليات المستخدمة في تركيا تختلف اختلافا كاملا عن تلك المستخدمة في وطننا العربي " بالرغم من تفاوت اختلافها من بلد لآخر".
هناك عدد معين من الحليات في الموسيقى الكلاسيك. في الموسيقى الكلاسيك تعزف الحليات بنفس الكيفية ونفس الطريقة، وكأن عازفا واحدا هو من يعزف الحليات. وعادة ما يتم توحيدها في الأوركسترا، إما بواسطة المايسترو أو بواسطة عازف الكمان الأول (الكونسيرتماستر). لكن في الموسيقى الشرقية وبما أن الحليات لا تكتب للعازف معنى ذلك أن العازف يترك على هواه وعلى ذوقه في اختيار الحليات الصحيحة والملائمة، مما يجعل هناك تباينا بين الحليات المستخدمة بين العازفين، هذا التباين هو الذي يعطي جمالا وسحرا خاصا لموسيقانا الشرقية، ولو أن العازفين توحدوا في عزف الحليات لما أصبحت موسيقى عربية أو شرقية، لأصبحت "موتسارت".
في الموسيقى الشرقية لا يتم عزف حلية واحدة، ففي الكثير من الأحيان تستخدم أكثر من نوع واحد في عزف مقطع صغير، كأن يتم خلط تريل مع موريندو.
هناك سر آخر، وقد تطرقت لهذا في موضوع مختلف، وإنشاء الله أنقله إلى هنا، وهو:
هناك تكنيك خاص للقوس الشرقي، والمقصود هنا الكمان أو الشيللو أو الفيولا، ولو أن عازف كلاسيك لا يتحسس الموسيقى الشرقية حاول أن يعزف كمان شرقي، لأحسست أن هناك شيئا ناقصا في عزفه.
حينما كنت طالبا قال لي صديقي العزيز الدكتور محمود عثمان (عازف الكمان المصري الشهير) جملة لا يمكن أن أنساها، حيث قال لي:
(عازفي الكمان الشرقي دول فيه عندهم تكنيك خاص في إيدهم اليمين). ويقصد القوس.
وقتها لم أفهم كلامه بشكل واضح، لسبب أنني أعزف شرقي قبل أن أتخصص بالكمان الغربي والكمان الشرقي يجري في عروقي. لكن بعد أن تقدمت بالعمر وبدأت أسمع وأفكر بطريقة مغايرة اكتشفت أن ما قاله لي زميلي وصديقي الدكتور محمود عثمان هو صحيح 100%.
فهناك إحساس خاص جدا في عزف اليد اليمنى "القوس"، لا يملكه عازف الكمان الغربي الذي لا يعزف الكمان الشرقي، حتى لو كان شرقيا، كأن يكون عربيا أو تركيا.
لنسمع هذا العازف التركي الشهير والبارع في الكمان واسمه جهاد عاشقن، ونسمع كيف يعزف الموسيقى التركية، نلاحظ أنه يعزفها مثل أي موسيقى غربية، أو كلاسيكية.
لنحاول أن نفرق بين عزفه مع عازف الكلارينيت، واسمه سيركان تشاغري


وهذا فيديو آخر



ولنقارنه بهذا العازف الشهير واسمه مراد ساكاريالي، نلاحظ أن مسكته للكمان كلا اليدين (القوس واليد الشمال) غير صحيحة بتاتا، لكن حينما نلاحظ كيف أنه يحتضن الكمان بعشق غريب وكأنها جزء من جسمه، وكيف تخرج منه الألحان والحليات نلاحظ الفارق الكبير.


لنبقى مع العزف الشرقي، نجد أن هناك عازفين كثيرين محترفين. ففي بعض الفرق يوجد عازفين كمان ربما يصل عددهم إلى 40 عازف أو أكثر، جلهم متمكنين من آلاتهم. لو عزف كل واحد من هؤلاء العازفين الممتازين سولو للكمان للاحظت أن واحدا أو إثنين فقط منهم من يشدك في عزفه أو كما نقول (يطربك)، لكن الباقين يعزفون ربما بأسلوب ليس طريا (أو كما نسميه بالعامية ليست لديهم روحية جميلة أو إحساس جميل في العزف)، وقسم منهم حينما تسمعهم تتمنى لو أنك لم تسمعهم، في حين أن البعض منهم لا تمل من سماعهم.
أتمنى أن أكون قد وفقت في إيصال الفكرة
خالص تحياتي - أحمد الجوادي

الجمعة، 9 نوفمبر 2012

الرتابة والملل فى مهرجان الموسيقى العربية الـ 21

الأهرام/ سارة نعمة الله
فى كل عام تنتظر فئة عريضة من الجماهير من محبى الطرب الأصيل موعد مهرجان "الموسيقى العربية"، بالقاهرة والذين لا يعتبرونه مجرد مجموعة من الحفلات يحضرونها كل مساء للترويح عن النفس، بل الفرصة الوحيدة لإمتاع آذانهم بوجبة دسمة من الطرب المصري الأصيل، بعيدًا عن موسيقي الصخب و"التيك أواى" السريعة التى سيطرت على الغناء، إلا أن تلك البهجة تذوب سريعًا، بعد أن تصطدم وتذهب لتشارك بفعاليات المهرجان. 
 ولا تزال إدارة المهرجان تصر على اتباع سياسة "اللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش"، فالدورة التى تم افتتاحها أمس الخميس وتحمل رقم (21) فى عمر المهرجان، لاتزال تترأسها الدكتورة رتيبة الحفنى، رغم أن القيادات على مستوى الدولة والأوبرا ذاتها قد شهدت تغييرات كثيرة، كما أن أعضاء اللجنة التحضيرية هم المعتاد وجودهم كل عام باستثناء الموسيقار حلمى بكر الذى انسحب من اللجنة بسبب اعتراضه على أسلوب العمل به.
وأكد بكر، فى تصريحات سابقة لـ "بوابة الأهرام"، أن سياسة المكسب والربح التجارى هى التى سيطرت على المهرجان في السنوات الأخيرة فكل مطرب يأتى إلى المهرجان ليشدو بأغنيات ألبوماته ولم يكن للتراث الشعبى نصيبًا فى حفلاته إلا قليلا لحفظ ماء الوجه فقط، وهو ما يهدف فى المقام الأول إلى تسويق أغنيات ألبومه والابتعاد تماما عن الهدف الرئيسى للمهرجان.
ويبدو أن سياسة السيطرة على المهرجان ستظل هى السائدة طوال أعوامه المقبلة، فمن تقوم باخراج أوبريت الافتتاح في كل عام مخرجة وحيدة اسمها جيهان مرسي، وكأن الأوبرا ليس بها مخرجون سواها، كما أن التصميمات الاستعراضية التى تقوم بها كل عام فيما تقدمه خلال أوبريت الافتتاح لا يتغير، فحركات الراقصين وإيقاعتهم معتادة بل محفوظة لا تحمل أى نوع من التجديد أو الإبهار.
وخرجت علينا الفرقة الاستعراضية المشاركة فى أوبريت الافتتاح في حفل الأمس، وتحديداً أثناء أغنية "على بلد المحبوب" ترتدى ملابس شبيه "بالملابس البدوية" ومع ذلك ترقص باليه رغم أن "رتم" الأغنية الشرقي لا يتناسب معه "الباليه"، والديكور جاء مكرراً وشبيها بديكورات المسرح في حفلات افتتاح المهرجان خلال العاميين الماضيين بل أنه كان متواضعاً إلى حد كبير عن الأعوام السابقة، وإن كان هو مهندس واحد أيضًا هو محمود حجاج الذى يقوم بتصميم الديكور كل عام.
وطالما أن المهرجان برئيسته ومخرجته ومهندسة ديكوره، وأعضاء لجنته يسيطر عليه أفراد بعينهم، فبالتأكيد أن المطربين المشاركين به سيكونوا مكررين أيضاً، خاصة من مطربي الأوبرا رغم أن هناك مطربين آخرين على نفس القدر من الموهبة إلا أنهم لم يحظوا بالمشاركة، فأسماء المطربين المشاركين في حفل الافتتاح هم نفس المطربين كل عام إضافة إلى النجوم السوبر ستارز من القامات الكبيرة للفن المصرى، مثل محمد الحلو، على الحجار، نادية مصطفي.
لكن السؤال هنا هو لماذا لا ينضم نجوم آخرين إلى هذا المهرجان، سواء من مصر أو الوطن العربي، وتبقي الحجة الدائمة هى أن النجوم الآخرين يبالغون في طلباتهم وأجورهم رغم أن البعض نفي ذلك وآخرهم الفنان مدحت صالح الذى سبق، وأكد في تصريحات سابقة لـ "بوابة الأهرام" أنه رفض المشاركة هذا العام بسبب رفض إدارة المهرجان طلبه في الغناء بأوركسترا.
ورغم أن المهرجان تشارك فيه أغلب الفرق الموسيقية مثل فرقة صلاح غباشي، وعبد الحليم نويرة لكن هناك فرقة وحيدة والتى تحمل اسم "التراث" وتغنى ألوان التراث القديم لا يوجد لها أى مشاركة في المهرجان، وذلك رغم أن مؤسسها المايسترو عبدالحميد عبدالغفار تم تكريمه أمس إضافة إلى وجود العديد من الأصوات الجيدة بها.
المدهش في الأمر هو مسألة نفاذ التذاكر، فبالتأكيد أن هذا شىء جيد جدًا، ويدل على نجاح المهرجان، لكن على الرغم من أن هذه الجملة تقال دائماً إلا أنه بعد دخول المسرح تفاجئ بخلو نصفه على الأقل، وهو أمر لا يحدث فقط في حفلات المهرجان بل في حفلات أخرى خارجها.
رابط دائم 
http://gate.ahram.org.eg/News/270380.aspx

الجمعة، 2 نوفمبر 2012

أحد المراكز النادرة للموسيقى في تونس

جولة لمحطة بي بي سي في أحد المراكز النادرة للموسيقى في تونس
يمثل مركز الموسيقى العربية والمتوسطية في قصر النجمة الزهراء في تونس واحدا من المراكز النادرة في مجال حفظ التراث الموسيقي وتعزيز البحث العلمي في هذا المجال. المركز يقع في قصر بناه ثري اوروبي عشق تونس واقام فيها قبل مائة عام

إعداد رافد جبوري

الأحد، 14 أكتوبر 2012

المايسترو – ج3


الأعمال التي يمكن عزفها بدون وجود مايسترو!
نلاحظ أحيانا أن هناك أركسترات تعزف بدون وجود مايسترو، ذلك يكون في حالة لو أن الأوركسترا كان صغيراً كأن يكون أوركسترا وتري أو أوركسترا وتري مضافا له بعض آلات النفخ (مثل أوركسترا موتسارت)، في هذه الحالة ينوب عن المايسترو عازف الكمان الأول في الأوركسترا والذي يسمى كونسيرتماستر concertmaster or Leader أو كما يحلو للبضع تسميته بالعربية (رائد الأوركسترا)، هذا العازف هو من يعطي الإيعاز بالبدء والنهاية ولو حصل تغيير في السرع وشدة الصوت وخفوته فهو من يكون مسؤولا عن ذلك في حركات منه بواسطة كمانه وذلك أثناء العزف (ولو كان عازف البيانو أو الهاربسيكورد هو من ينوب عن المايسترو فهو يقود الأوركسترا بيديه حينما تكون لديه سكتة أو برأسه حينما يكون منهمكا في العزف).
أحيانا يتولى عازف السولو القيادة لو كان العمل كونشيرتو كأن يكون كونشيرتو الكمان والأوركسترا (على سبيل المثال)، لكن ذلك لا يمكن أن يحدث في أعمال موسيقية كبيرة ومعقدة، فلا يمكن أن يحل عازف السولو بديلا عن المايسترو في كونشيرتو مثل كونشيرتو سيبيليوس أو تشايكوفسكي للكمان والأوركسترا بسبب أن النوتة المكتوبة للكمان هي صعبة جدا ولا تسمح لعازف السولو بالانشغال بالقيادة، لكن في أعمال أقل تعقيدا مثل بعض كونشيرتات موتسارت فذلك ممكن وهذا هو السبب أننا نجد في بعض كونشيرتات موتسارت للكمان والأوركسترا (على سبيل المثال) يتولى عازف السولو القيادة، سبب ذلك هو أن في بعض أعمال موتسارت أو هايدن لا توجد تعقيدات كثيرة.
هذه هي موسيقى مسائية صغيرة تعزف بدون مايسترو.


وهذا كونشيرتو لموتسارت للكمان والأوركسترا يقود العمل عازفة السولو الشهيرة آننا صوفي موتتر بدون وجود أي مايسترو.


نلاحظ في الفيديو أعلاه وفي بدء الموضوع الثاني في الدقيقة 0:33 حصل تبطيء بسيط في السرعة بين الموضوعين، هذا أيضا من مهام المايسترو (أو من ينوب عنه) فموتسارت لم يكتب أي تبطيء هنا، والتبطيء البسيط هنا ضروري لتوضيح الفارق بين اللحنين الأول والثاني (المضاد له).
هل أن واجب المايسترو في الحفلات يكون تمثيلا مسرحيا؟
يستحسن إعادة السؤال ليكون:
هل أن واجب المايسترو هو فقط في البروفات ولا تكون له أي أهمية أثناء العزف في الحفلة أو الكونسيرت ووجوده استعراضيا فقط؟
تكون مهمة المايسترو في الكونسيرت أو الحفلة أكثر صعوبة من البروفات، حيث أنه سيحتاج لتركيزه بالكامل وسوف يحتاج لمجهود أكبر، وربما أعلى مما كان يبذله في البروفات. السبب هو أنه لو حصلت هفوة أو خطأ أو خلل أو مشكلة موسيقية في البروفات فإن المايسترو يتمكن من أيقاف العزف ويقوم بحل المشكلة أو الخلل، لكن لو حصلت مثل هذه المشكلة في الكونسيرت فلا يمكن بتاتاً للمايسترو أن يوقف العزف أمام الجمهور بل يجب أن يتجاهلها وأن لا يظهر ذلك على وجهه لكي لا يلاحظ  الجمهور الخطأ، لنتذكر بأن الجمهور يأتي للكونسيرت لكي يستمتع بسماع الموسيقى ولم يأتي لكي يشاهد تصحيح أخطاء الأوركسترا.

قبل فترة كنت جالسا في عرض موسيقي لأوركسترا محترف معروف، كانوا يعزفون سيمفونية دفورجاك الثامنة، حينما بدأوا العزف كانت هناك مصاحبة هارمونية من قبل بعض آلات النفخ (الترومبون الأول والثاني والفاجوت)، صدرت بعض الأصوات التي لم تكن متناسقة هارمونيا تناسقا تاماً، ربما لم يحس أحدا من الجمهور بذلك لكن وقعها كان سيئا علي لأنني كنت أستمع للموسقى بتركيز عالي، أنا أو أي موسيقي له خبرة طويلة في الأوركسترا أو يعرف عن علم الآلات أو Orchestration سوف يعرف السبب! السبب كان يكمن في أن آلات النفخ لم تكن جاهزة للعزف حيث أن الأوركسترا بقيت جالسة فترة طويلة في انتظار أن يبدأوا العزف ما سبب أن تكون آلات النفخ باردة وليست جاهزة، لكن بعد ثواني قلائل انتظم العزف ولم أعد أسمع أيا من تلك النوتات غير المتناسقة.
في الحركة الثالثة من نفس السيمفونية حصل خللا إيقاعيا بسيطا في مكان ما بين الكمان الأول والفيولا، وفي الإعادة حصل نفس الخلل لكن بصورة أخف، كان الخلل في الصفوف الخلفية من آلات الفيولا. لم يكن باستطاعة المايسترو إيقاف العمل ليصحح المشكلة لأنهم يعزفون في كونسيرت وأمام جمهور، لكن لو حصل ذلك في البروفة فلابد وبالتأكيد سوف يوقفهم المايسترو ليصحح الخطأ ويعالج المشكلة، ربما تكمن وراء تغيير حتمي في القوس. بالمناسبة فأكثر الأوركسترات شهرة في العالم معرضة لحدوث خطأ أو خلل صغير على المسرح لأن العازفين هم من البشر، حتى أعظم السوليستات ممكن أن يخطأ، لكن يجب أن لا يتوقف أبدا مهما حصل.

نلاحظ في هذا الفيديو حصل نفس الخلل الإيقاعي في نفس المكان، هذا هو أوركسترا شباب، ممكن ملاحظة الخلل الذي قصدته في مؤشر الوقت 0:38 أرجو ملاحظة الكمان الثاني والفيولا حينما يدخلون بعد الكمان الأول (الفيولا والكمان الثاني يجلسون إلى يمين المايستر أو على يمين المسرح). نلاحظ في الإعادة كان الخلل أقل بكثير جدا وهو في مؤشر الوقت 4:07، نلاحظ كيف أن المايسترو يحاول معالجة المشكلة في أن يغير إشارة يده في القيادة من إعطاء إشارة ضربة لكل بار وقبل ذلك المكان يغير الإشارة لتصبح ثلاث ضربات لكل بار لكي يؤكد الإيقاع.


نلاحظ أن عزف الأوركسترا في الفيديوا أعلاه ليس مرضيا ومشبعا وذلك سببه أنه أوركسترا شباب وليس محترفين.
لنأخذ مثالا آخر ومع أوركسترا شبابي آخر تعزف الحركة الأولى من نفس السيمفونية



ولنقارن مع أوركسترا فيينا فيلهارمونيك ومع المايسترر العظيم كارايان


نلاحظ في التسجيل الأول أن المايسترو يبدأ بقيادة الحركة بإعطاء أربع إشارة من أربع ضربات للبار الواحد بينما كاريان يعطي إشارة ضربتين للبار الواحد، السبب في أن المايسترو الأول يعطي أربع ضربات للبار هو لكي يشد إيقاع الأوركسترا، لكن كارايان لا يحتاج لأن يفعل ذلك، ولا ننسى الفارق الكبير بين مستوى كلا الأوركستريين، ناهيك عن الفارق الهائل بين مستوى كاريان والمايسترو الآخر.
ملاحظة مهمة، وجه المايسترو غالبا ما يجب أن يعبر عن حالات الموسيقى ويعطي الإيحاء للعازفين أن يكون العزف في هذا المكان بحزن أو بفرح أو بحب وإلى غيره.

ماذا لو أن المايسترو تحول إلى مترونوم بشري؟
علينا أن نعرف أولا ما هو المترونوم:
المترونوم هو جهاز يعطي ضربات إيقاعية منتظمة. يقترن عمل المترونوم بعمل الساعة، أي لو اخترنا للمترونوم أن يعطينا ضربات بسرعة 80 هذا يعني أن المترونوم سوف يعطينا 80 ضربة في الدقيقة الواحدة، كل الضربات متساوية تماما مثل الساعة.
في الجزء الثاني تطرقت في الجزء الثاني كيف تطورت أهمية المايسترو، وذكرت أنه في العصور القديمة كان المايسترو شبيها بعمل المترونوم، حيث أنه كان يعطي الضربات إما بقدمه أو بعصاه على الأرض أو أن يضرب بعصا على طرف الأورجن أو غير ذلك، لكن بعد ذلك أصبح دور المايسترو أكثر أهمية من إعطاء الزمن فقط، وفي العصور اللاحقة للعصر الكلاسيكي أصبح دور المايسترو مهما للغاية وتعدى مرحلة أنه مترونوم بشري.

لو افترضنا أن مايسترو قاد عملا ما بنفس السرعة تماما ولم يجري أي تغيير في السرعة، بالتأكيد لأصبح العمل مملا جدا وجافا للغاية، أي أقرب لعزف الكومبيوتر، أغلب الأعمال لا يكتب المؤلف تغييرات كثيرة في السرعة وهنا يأتي دور المايسترو، عليه أن يعطي الروح للعمل لكي لا تكون مثل عزف الكومبيوتر، أي مستمع يفضل سماع العزف الحي على سماع العزف من الكومبيوتر لأنه يكون رتيبا جدا ولا يحس بالآدمية وهي عنصر هام جدا.

لنشاهد هذا العمل لبنيامين بريتين ومع المايسترو العظيم سايمون ريتل، نلاحظ كيف أن المايسترو أبطأ قليلا في نهاية الجملة في الوقت 0:17، بريتين لم يكتب أي تغيير في الزمن هنا لكن ريتل ارتآى أن يبطئ السرعة قليلا ليوضح انتهاء الجملة الموسيقية وبداية جملة جديدة.


لنشاهد افتتاحية إجمونت لبيتهوفن، كيف أن المايسترو لا يبقي السرعة مثل المترونوم لا في المقدمة البطيئة ولا في الجزء السريع، بيتهوفن لم يكتب أي تغيير في السرعة في المقدمة البطيئة فقط كتبت فوق النوتة الأولى علامة فيرماتا أي أن النوتة طويلة بدون زمن معين وبحسب ذوق المايسترو، كتب بيتهوفن تغييرا واحدا مباشرا في الجزء السريع، نلاحظ أن المايسترو يقود بحرية أماكن كثير من المقدمة أي غير مترونومي أبدا، نلاحظ كيف أن المايسترو يؤخر عزف النوتة الأخيرة في 0:35، بيتهوفن لم يكتب أي تبطيء في هذا المكان. في 2:33 كتب بيتهوفن تغييرا مفاجئا في السرعة لكن المايسترو في هذا التسجيل ارتآى أن يغير السرعة بشكل تدرجي وليس كما كتب بيتهوفن.



نلاحظ في هذا الأوركسترا وهذا المكان بالتحديد أي في 2:15 كيف أن المايسترو هنا يغير السرعة مباشرة وبالضبط كما كتب بيتهوفن حيث كتب "سريع" أو Allegro



لنشاهد المايسترو العظيم ليورنالد برينشتاين يقود الحركة الأولى من ماهلر الرابعة نستطيع أن نشاهد كل التعبيرات الموسيقية في يدي المايسترو وعلى وجهه.



قبل أن أنهي كلامي دعونا نشاهد بروفة أوركسترا مع سايمون راتل.



الكلام يطول ويطول لكنني ارتأيت أن أتوقف عن الكتابة.
لدي سؤال بعد أن كتبت هذا الكلام عن المايسترو في الموسيقى الكلاسيك، من يتصور بأن هناك جدوى من وجود مايسترو لدى الفرق التي تعزف الموسيقى العربية التقليدية، (لا أقصد الأركسترات التي تعزف مؤلفات لمؤلفين عرب)؟
قبل قليل كنت أشاهد قناة عربية وفيها ما يسمونه مايسترو يقف أمام فرقة موسيقية كبيرة ومحترمة جدا، هذا المايسترو لا يعرف كيف تكون إشارة 2/4، أليس هذا مخجلا أن تأتي إشارته مقلوبة؟ لماذا يقف إذاً وما هو واجبه الموسيقي؟ واجبه فقط إداري لا أكثر!
لدي أمل وهو أن يصبح لدينا في كل مدينة عربية أوركسترا احترافي وعدد من أوركسترات الهواة، لكن متى يحصل ذلك؟ لن يحصل إلا بعد أن ينتهي شيء اسمه فقر وجهل في بلاد تعوم على النفط وتنعم بالشمس طوال العام وينتهي الفساد والطغيان عن شعوبنا المسكينة المستضعفة، وحينما يبجلوا الفنان ويعرفون بأنه إنسان أكثر من العادي مثلما يفعلون في الغرب، فقد منحوا لقب سير للمايسترو سايمون رتل، متى يحصل ذلك في بلادنا العربية؟؟!!

ملخص ما سبق:
المايسترو هو من يدير دفة الأوركسترا، وممكن تشبيه المايسترو بمخرج مسرحية عظيمة أو مخرج فيلم عظيم من أفلام هوليود، الكل لا يرى المخرج والذي هو أهم شيء في الفيلم، نفس الشيء فأغلب المتفرجين لا يعرفون مدى أهمية المايسترو ولا يعرفون بأن على كل عازف في الأوركسترا أن لا يغيب المايسترو عن نظره حتى ولو لثانية ولو حصل وأن لم ينتبه أحد في جزء من الثانية للمايسترو وحركاته (خصوصا في أماكن معينة) فممكن أن يرتكب خطأ ويسمعه كل من في الصالة.
لو حصل وأن أخرج مخرجا ما قصة لتصبح فيلما وبعد ذلك أخرج مخرجاً آخراً نفس القصة واستخدم نفس السيناريو المستخدم سابقا سوف نلاحظ بأن هناك فارقا كبيرا بين الفيلمين.
نفس الشيء لو حصل موسيقيا فلو عزفت أوركسترا من الدرجة الأولى عملا معينا وقاد العمل قائد كبير، ثم عزفت نفس الأوركسترا نفس العمل مستخدمة نفس النوتات وقادها أيضا مايسترو آخر بنفس مستوى المايسترو السابق للاحظنا فروقات كبيرة في طريقتي العزف علما بأنها نفس الأوركسترا ونفس العمل ونفس النوتات، هذا يعني أن السبب هو أن لكل مايسترو له رؤية خاصة به (والكلام عن المايسترو من الدرجة فوق العادية).
باختصار شديد لولا وجود المايسترو لأصبح العزف مثل الماكنة السيئة فالمايسترو هو من يضع الروح للعمل.
مع تحيات أحمد الجوادي

الأحد، 7 أكتوبر 2012

فات الميعاد - تحليل موسيقى

موسيقى فات الميعاد
ألحان بليغ حمدى - غناء أم كلثوم
المقدمة الموسيقية 
تحليل موسيقى د.أسامة عفيفى
تمهيـــد:
قدمت فات الميعاد فى شتاء عام 1967 ، وكان بليغ حمدى قد لحن لأم كلثوم قبلها عدة أغنيات بدأت بأغنية حب إيه عام 1959 اقتربت فى أسلوبها من أسلوب ألحان رياض السنباطى العاطفية لأم كلثوم ولكن بطريقة أخف فى التعامل مع الكلمات واللحن وامتازت ببساطة خاصة جعلتها أقرب للترديد بل والحفظ من قبل الجمهور ، وساهمت ألحان بليغ مع ألحان محمد عبد الوهاب فى انتقال أغانى أم كلثوم إلى مرحلة جديدة فبعد أن تعود الجمهور طويلا على أن فن أم كلثوم للسماع فقط أصبح يغنى أغانيها ، وربما لا تزال أغنية سيرة الحب خير مثال على ذلك حتى الآن وهى من الأغنيات المفضلة لهواة الغناء والطرب الشرقى والإيقاع الخفيف الذى يغلب عليه الطابع الشعبى 

الطابع العام:
فى فات الميعاد فقد اللحن الغنائى هذه الخاصية ، أى خفة اللحن ، وربما كان السبب فى ذلك هو الكلمات نفسها للشاعر مرسى جميل عزيز التى تتحدث عن حالة خاصة من فقدان العاطفة أكثر منها عن تولدها أو توهجها ، واندماج الملحن فى التعبير عن هذه الحالة فهى تقول فى مطلعها: 
فات المعاد ، وبقينا بعاد 
والنار بقت دخان ورماد
تفيـد بإيه يا نـدم ، وتعمل ايه ياعتاب
طالت ليالى الألم ، واتفرقوا الاحباب 
غلب التعبير على أسلوب بليغ حمدى من أول جزء فى العمل وهو المقدمة ، فجاءت حزينة معبرة عن الجو النفسى السائد ، وشتان بين هذا الجو وأغنية سيرة الحب المليئة بالفرح والمرح والتفاؤل
تتميز المقدمة الموسيقية بقدر عال من الإحساس الرقيق والتعبير الموسيقى الغنى رغم بساطة جملها ، ويلاحظ فى هذه المقدمة التى يمكن أن تصنف تحت عنوان الموسيقى الهادئة عدم استخدام الإيقاعات السريعة أو الراقصة ، بل إن جملة الإيقاع تمثلت فقط فى فقرة أداء الساكسفون وتكرارها بالتبادل مع الأوركسترا واستغرقت الجملة الإيقاعية كلها دقيقتين فقط من خمس دقائق هى كل زمن المقدمة
كما تتميز بتآلف مقاطعها رغم تأليفها من أربعة مقامات مختلفة ، وهى من المقطوعات الموسيقية القليلة التى تبدأ فى مقام وتنتهى فى مقام آخر على عكس الشائع فى تأليف المقطوعات والمقدمات المركبة 
التكوين الفنى:
تتكون مقدمة فات الميعاد من 4 مقاطع رئيسية كل منها من مقام مختلف هى :
الحجاز ، الفرحفزا ، الكورد ، و راحة الأرواح وهو مقام الغناء
المقطع الأول مقطع حوارى غير موقع بين آلات القانون والباص والأوركسترا الوترى على مقام الحجاز
المقطع الثانى ميلودى انسيابى غير موقع على مقام فرحفزا ( نهاوند النوا / رابعة الحجاز) يؤديه الأوركسترا بالتبادل مع الجيتار
المقطع الثالث لحن ميلودى على مقام الكورد موقع بإيقاع رباعى هادئ مشكل من ثلاث تكات ودم فى آخره : تك/ تك/ تك/ دم ، بعزف منفرد على آلة الساكسفون النحاسية فى أداء مطوع تماما للطرب الشرقى ، ويردد الأوركسترا نفس الميلودى الذى يتوقف الإيقاع بنهاينه
المقطع الرابع عودة للحوار غير الموقع بين وهنا بين آلة الكمان والأوركسترا على مقام راحة الأرواح يبدأ بدخول أوركسترالى مفاجئ بحركتين من جواب الكورد إلى رابعة المقام المشتركة بينهما يتبعه تقسيم تنازلى حر منفرد على الكمان فى عدة جمل متعاقبة يتابعها الأوركسترا بتكرار حركتى الدخول القوى بعد كل جملة حتى يستقر اللحن على أساس المقام ، ثم يؤكد المقام بتركيز قصير من الأوركسترا على الأساس ثم بتقسيم خفيف على القانون تمهيدا لبدء الغناء دون مصاحبة إيقاعية
جاء الانتهاء بالمقطع الأخير على مقام راحة الأرواح الشرقى مفاجأة غير متوقعة بعد تتابعات على ثلاثة مقامات لا تحتوى على نغمات ربع التون الشرقية ، ولم تكن محاولة للتطعيم أو الترصيع بل خروج تام من الجو الرومانسى إلى نغمة أساسية مستقلة لها جذور عميقة فى التراث الموسيقى واتصال قوى بالفولكلور الشعبى  وهى التى ارتكز عليها الغناء وأصبحت مقام الأغنية الرئيسى ، وقد يثير هذا التحول المفاجئ اندهاش السامع فإما أن يقبله وإما أن يظل على اندهاشه ، وفى الحالتين الفائز هو التعبير ، فكلمة فات المعاد لا تعبر عن بداية شيء ما بقدر ما تعبر عن انتهائه ، والكلمة مليئة بشعور الندم على ضياع الجميل والساحر والأسف للواقع والآتى ، فلا فائدة من التحليق فى جو الأحلام ولنقبل الحياة كما هى الآن 
التجديد والابتكار:
تنسج المقاطع الأربعة جوا تعبيريا مليئا بالشجن والعاطفة ، ورغم ارتكاز الأداء على آلات غربية كالجيتار والساكسفون إلا أن اللحن أضفى الطابع الشرقى على أداء هذه الآلات التى لا يكاد يشعر السامع أنها آلات غريبة عن الموسيقى العربية ، خاصة آلة الساكسفون التى فاجأت الجمهور بالظهور فى أغنية لفنانة محافظة كأم كلثوم ، بهذا المقطع الساكسفونى جاء بليغ حمدى بروح جديدة إلى الموسيقى العربية
بعدها انتشر استخدام الساكسفون وزادت شعبيته لدى الأسماع العربية وأفردت له تسجيلات لأغنيات عربية كثيرة أعيد أداؤها باستخدام هذه الآلة وكبديل أحيانا لصوت المطرب ، ولم يمنع رواجه كآلة شائعة فى موسيقى الجاز البعيدة تماما عن الميلودية أداء الساكسفون الشرقى للميلودية المطربة بل إن فى مقطع فات الميعاد تكاد الآلة تنطق من فرط الإحساس والطرب ، ولا شك فى أن دور العازف هنا أساسى فى التعبير الموسيقى إذ أن الموسيقى وحدها قد تعزف بأكثر من طريقة ، والآلات النحاسية عموما من أقوى الأصوات فى الأوركسترا وأوضحها وتحتاج إلى عازف على قدر كبير من المهارة فى التحكم بالآلة وإخضاعها لإحساسه الشخصى باللحن ، وربما كان بليغ حمدى من أوائل من قدم هذه الفكرة لكنها كانت قد بدأت لتوها فى الغرب وسرعان ما سمعنا تسجيلات خاصة بالساكسفون يعزفها فاستو بيبتى على نغمات من الأغانى الغربية التى تم اختيارها على أساس تمتعها بميلودية سائدة وسط آلاف أغانى البوب ، ونجح بيبتى فى تقديم هذا القالب من إعادة التسجيل وانتشرت تسجيلاته فى الشرق والغرب بنجاح كبير فى السبعينات
التقييـــم العـــام:
وتعد مقدمة فات الميعاد من أغنى ما قدم بليغ حمدى كموسيقى ، ورغم أنه قد قدم العديد من المقدمات للأغانى إلا أنها لم ترق إلى مستوى هذه المقدمة فنيا وجماليا ، وقد امتازت بترابط أجزائها وانسجامها رغم التباعد النسبى بين مقاماتها واختيار طرق جديدة ذكية لاشتقاقها من بعضها ، وساهم ذلك فى تولد شعور بوحدة اللحن
نقطــة تحــول:
ومن الجدير بالملاحظة اندماج بليغ حمدى بدءا من هذا اللحن فى منافسة قوية مع محمد عبد الوهاب فى التلحين لأم كلثوم ، إذ أن ألحان بليغ لأم كلثوم بعد ذلك اعتمدت نفس أسلوب عبد الوهاب فى استخدام الآلات الجديدة والإكثار من الإيقاعات الراقصة وتعدد المقامات وغيرها من عناصر الإبهار الموسيقى التى برع فى تقديمها عبد الوهاب ، ولولا تلك المنافسة لربما ظلت ألحان بليغ لأم كلثوم فى الدائرة السنباطية التقليدية ، والغريب أن محمد عبد الوهاب الملحن الأقدم والأكبر سنا هو الذى أشعل تلك المنافسة ، وتمثلت عناصر وأدوات هذه المنافسة فى عدة أشكال منها:
·       المقدمات الموسيقية المركبة
·       الآلات الجديدة: الجيتار ، الساكسفون ، الأورج ، الأكورديون
·       الإيقاعات الجديدة والمشتقة
·       الضبط الدقيق لأداء الأوركسترا
·       إحكام الجمل الغنائية
·       ابتكار جمل موسيقية جديدة
·       استخدام أكثر للحوار الموسيقى كبديل للجمل المسترسلة
ورغم أن بليغ حمدى قد قدم نفسه منذ احترافه الفن كملحن وليس صانع موسيقى فإنه فى هذه التجربة الفريدة قد دخل إلى عالم التأليف الموسيقى وهو الفنان الذى لم نسمع له مقطوعة موسيقية مستقلة ، وقد ظل ملحنا بالدرجة الأولى للنهاية ولم تخرج أعماله الموسيقية عن نطاق مقدمات الأغانى أو موسيقى الوصلات ، ورغم أنه قام بتأليف الموسيقى التصويرية لبعض الأفلام والمسلسلات إلا أنها لم تتضمن ما يمكن الإشارة إليه كعمل موسيقى مستقل
نقـــد مقـــارن:
وقد بلغ من تعلق بليغ حمدى بأسلوب عبد الوهاب واقتفاء أثره ظهور عدة بصمات وهابية فى هذه المقدمة ، وهى ليست اسثناء فقد استمر تعلق بليغ به فى أغان أخرى فى موسيقى المقدمات بالذات ، ولكن يهمنا هنا ذكر ما ظهر منها فى فات المعاد:
1- اللحـــــــن:
أنه جاء بجملة ميلودية لمدة 5 ثوان فى نهاية مقطع الساكسفون على مقام الكورد تكررت بالأوركسترا ثلاث مرات متعاقبة عند ختام المقطع أى لمدة 15 ثانية هى نسخة طبق الأصل وبنفس التكرار من نهاية مقدمة أغنية أمل حياتى التى لحنها عبد الوهاب لأم كلثوم قبلها بعامين فى 1965 واشتهرت كثيرا لرقتها المتناهية ، وعلق الجمهور المتابع بطبيعة الحال لكن لم يعلق أى منهما على تلك الجملة ، لا عبد الوهاب ولا بليغ 
2- التوزيـــع:
استخدام نفس التوزيع الألى للجملة السابقة أى على آلة منفردة يتم تكرار أدائها  بالأوركسترا ، الساكسفون فى فات المعاد والأكورديون فى أمل حياتى
3- الإيقـــاع:
جاء الإيقاع الوحيد فى المقدمة فى مقطع الساكسفون على نفس إيقاع مقدمة أغنية أمل حياتى أيضا ، وكان إيقاعا جديدا وقتها ، دلالة على أن ابتكار هذا الإيقاع يعود أصلا لمحمد عبد الوهاب
4- الانتقال المقامى:
التحول بين المقطع الثالث والرابع من مقام الكورد إلى راست النوا بالتوقف عن الإيقاع وإدخال سولو الكمان الحر هو نفس فكرة وأسلوب محمد عبد الوهاب فى مقدمة أمل حياتى أيضا مع اختلاف نهاية السولو حيث استقر فى فات المعاد على راحة الأرواح ، وهو انتقال غير متوقع ، بينما استقر فى أمل حياتى على البياتى ، المقام الأقرب إلى الكورد ، والمستمع لمقدمة أمل حياتى يلاحظ سيطرة مقام الكورد على جو المقدمة بالكامل كمقام أساسى لا يتم الانتقال بعيدا عنه إلا فى تلك الجملة الاعتراضية فى سولو الكمان ، والعودة فى النهاية إلى مقام الكورد الذى هو مقام الغناء الرئيسى وبذلك تكون وحدة النسيج الفنى عند عبد الوهاب أوضح وأثبت منها فى فات المعاد التى تنقلت مقدمتها بين أربعة مقامات مختلفة وانتهت بمقام غير الذى بدأت به وبدأ الغناء فى مقام مختلف تماما عن جو المقدمة ، تحليل موسيقى د.أسامة عفيفى فات الميعاد موسيقى بليغ حمدى
بينما اشتعلت بين عبد الوهاب وبليغ فى تلحين أغانى أم كلثوم ، وهى قمة فنية عليا ورائدة ، لحق السنباطى بقطار المنافسة بعد قمة الأطلال التقليدية عام 1966 فى لحن أقبل الليل لأم كلثوم عام 1969 من كلمات أحمد رامى وقدم فيها ما استطاع من تجديد ، وكذلك من أجل عينيك عام 1972 ، لكن الجمهور المتابع بشغف شديد خاب أمله عندما لم يلحق محمد الموجى بهذا القطار السريع ، فقد لحن لها فى قمة تلك المنافسات أغنية جاءت بعد انتظار طويل للموجى على محطة أم كلثوم لم نسمع فيها أى شيء جديد ، لا موسيقى ولا آلات ولا إيقاعات ، وكانت أغنيته إسأل روحك عام 1969 شرقية تقليدية بعيدة تماما عن الابتكار والتجريب ، وهو شيئ مستغرب على فنان عرف بتجريبيته الجريئة خاصة فى ألحانه لعبد الحليم حافظ  ، ورغم أنه قدم خلال السبعينات موسيقى اتسمت بالتجديد والابتكار فى أغان حديثة كرسالة من تحت الماء وقارئة الفنجان ، ولم تسنح الفرصة للموجى بعدها للتلحين لأم كلثوم وربما كان يجب عليه استغلال تلك الفرصة فى استعراض موهبته فهى لم تتكرر
كذلك كان تكوين سيد مكاوى الفنى ، آخر من لحن لأم كلثوم ، عقبة طبيعية فى طريق تقديم أى جديد على هذه القمة فجاء لحنه الوحيد لها يا مسهرنى عام 1972 مفرطا فى التقليدية وبذلك انحصرت المنافسة الحقيقية فى الستينات والسبعينات بين محمد عبد الوهاب ورياض السنباطى وبليغ حمدى