كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الخميس، 18 يوليو 2019

كلاسيكيات أم كلثوم - زكريا - يا قلبي كان مالك

يا قلبي كان مالك 
غناء أم كلثوم 
كلمات يحيى محمد - ألحان زكريا أحمد
دور / مقام راست الجهاركاه 1931
تأثر الشيخ زكريا إلى حد كبير بألحان الشيخ سيد درويش، وهو ليس استثناء في ذلك من كبار الملحنين مثل عبد الوهاب والسنباطي، وجميعهم غنوا أدواره بأصواتهم. وفي هذا الدور تتشابه بعض الجمل مع ألحان معروفة لسيد درويش مثل موشح "يا عذيب المرشف" ودور "ضيعت مستقبل حياتي"

قد نعلم دوافع الشيخ زكريا للسير على خطى سيد درويش ولتلحين الدور رغم ترك الملحنين الآخرين له، لكنا نلاحظ قصر زمن الدور عند زكريا وعبد الوهاب إلى نحو نصف الزمن المعتاد، وساهم هذا في تغيير شكل الدور بقصد أو دون قصد 
فهناك أجزاء من شكل الدور التقليدي تم اختصارها أو إلغاؤها مما جعله يشترك في الزمن مع الطقاطيق والمونولوجات القصيرة. بالتالي تقلصت فرصة الإبداع، خاصة في الآهات والحوار الغنائي بين المطرب والكورس، وهو ما تميزت به الأدوار من أيام الحامولي ومحمد عثمان إلى سيد درويش، وذروة اللحن التي ينتظرها المستمع 

وبينما يبدو أن وراء تقصير زمن الأعمال الفنية بشكل عام عاملا تجاريا دفعت به شركات الاسطوانات بقصد تقليل تكلفة الإنتاج، يعمل اختصار المقاطع المشتركة مع الكورس، أي الأداء الجماعي، لحساب المطرب، أي الأداء الفردي، ولمنح صوت المطرب مساحة أكبر من العمل  

وربما ساهم هذا الاتجاه في توقف الأدوار نهائيا قبل حلول الأربعينات، واختفاء عناصر الأداء الجماعي من أي عمل فني باستثناء الطقاطيق التي هجرها المطربون الكبار وتركوا ميدانها للصف الثاني. هكذا اقتربت الصورة تدريجيا من السيطرة الكاملة لأصوات القمة حتى على شكل العمل الفني، مما ساعد على ظهور الأعمال الكبرى للمطرب الفرد في الأربعينات والخمسينات 
 

أداء أم كثوم
بالإضافة إلى جمال الصوت ودقة الأداء يلاحظ مقدرة أم كلثوم في هذا اللحن بالذات على ارتياد المنطقة الصوتية المنخفضة بتحكم تام. فمقام الراست هنا مصور على درجة الجهاركاه، فا، وهي تؤديه على قرار الدرجة، فا الدنيا، وأكثر من هذا تهبط إلى درجة مي الدنيا وهاتان الدرجتان لا تدخلان في النطاق الطبيعي للصوت البشري الذي يبدأ من "صول" الدنيا. وهذا يدل على أن أم كلثوم دربت صوتها جيدا للوصول إلى هذا المستوى 

رغم هذا لا نجد مبررا لتصوير المقام على هذه الدرجة حيث أن الهدف من التصوير هو مساعدة المطرب بملاءمة قدرات صوته وليس تعجيزه. وفي هذا اللحن فإن أعلى نقطة صوتية تعادل درجة جواب الراست "دو العليا" وهي درجة سهلة لأي مطرب، ولأن أم كلثوم تستطيع بالتأكيد الارتفاع بصوتها إلى أعلى منها، كان يمكن تصوير اللحن على درجة أعلى

يا قلبى كان مالك ومال الغرام
ماكنت عنه في غنى من زمان

ان كان صحيح جه الغرام ع المرام
اعشق وحب وميل وشوف إيه كمان
وان كان غرام أوهام وذل وخصام
خليك بعيد عنه وعيش في أمان

ياما الغرام يا قلبى لوع كتير
غيرك وشافوا المر فيه والعذاب
عايز تعيش العمر كله أسير
وتكون ضحية للملام والعتاب

وان كان غرام أوهام وذل وخصام
خليك بعيد عنه وعيش فى أمان

الأربعاء، 17 يوليو 2019

كلاسيكيات أم كلثوم - زكريا - الليل يطوّل

الليل يطوّل ويكيدني 
غناء أم كلثوم 
كلمات حسين حلمي المانسترلي - ألحان زكريا احمد
طقطوقة / مقام راست 1931
لحن تقليدي ينتمي بكل المقاييس إلى طرب القرن التاسع عشر وكأننا نستمع إلى عبده الحامولي وليس أم كلثوم في 1931. يؤكد ذلك رد الكورس بآهات تشبه ردود الأدوار واللزم الموسيقية. 
ولا يخرج اللحن عن تقليديته سوى ختام المذهب الدرامي بالعبارة "والدمع بيفيض من عيني .. غصبٍ عني"، والذي تكرر بكلمات مغايرة في ختام جميع المقاطع. وهذا الختام هو ما ميز اللحن وسبب شهرته، وقد صعد بكلمة واحدة في حركة فجائية استعرضت السلم كله صعودا وهبوطا تبعها قفلة محكمة 
ولو نظرنا للنص سنجده مليئا بصور وتراكيب ومفردات القرن السابق وبذلك يمثل اللحن انعكاسا لجو النص العام
كما يقارب أداء أم كلثوم الغناء القديم بكل سماته، ويلاحظ تمكنها من الغناء في الدرجات العليا حتى في جواب الدرجة الرابعة "جواب الجهاركاه".

يستدعي هذا الوصف السؤال "كيف كان ينظر إلى تلك العودة للماضي في ذلك الوقت؟"
الواقع أن زكريا أحمد لم يكن يغرد خارج السرب، ولنتأمل كيف كان يغني عبد الوهاب مثلا. بحلول عام 1931 كان عبد الوهاب قد قدم عدة قصائد وأدوار تنتمي إلى عصر أقدم، حتى أنه غنى موشح "ملا الكاسات" من تلحين ملحن القرن التاسع عشر الشهير محمد عثمان.

وقد يقول قائل أن هذا امتداد طبيعي لموجة طربية ذات قبول واسع، خاصة أن الفترة الزمنية ليست بالطويلة جدا "30 عاما"، ولو أنها تمثل فارق جيل تقريبا. لكن ما لم يكن طبيعيا هو ظهور تلك الألحان بعد حركة التجديد الهائلة التي جرت بين عامي 1917 و 1923 على يد سيد درويش والتي قوضت المفاهيم الفنية القديمة، وأرست قواعد جديدة فيما عرف بالمدرسة التعبيرية التي امتدت من المسرح الغنائي إلى كل الأشكال الغنائية.

كان المتوقع والمنطقي أن يقدم الجيل اللاحق لسيد درويش نهجا متطورا يواكب تلك النهضة بل وأن يقدم نماذج أكثر تطورا، فما الذي حدث حتى وصلنا إلى هذه "الردة" إلى القديم؟ 


أسباب عودة القديم
الأسباب لم تكن فنية فقط ولا جماهيرية فقط، فهناك عدة عوامل اجتمعت لتدفع الفن إلى الوراء.
1. بعد وفاة رمز الثورة الشعبية سيد درويش عام 1923، بدأ أعداؤه في طمس ألحانه وإحكام السيطرة على الساحة الفنية، وراحوا يبسطون نفوذهم على كل ما يتعلق بالفن بدءا من الفنانين إلى المسارح والصالات وشركات الاسطوانات ولاحقا الإذاعة. وهنا لابد أن نتذكر كيف انتشرت الأغاني الخليعة عقب وفانه بصورة رهيبة حتى عام 1930 وهو العام الذي تم فيه إسقاط دستور 1923 وإنهاء مكاسب ثورة 1919 بفعل ضغوط الاحتلال البريطاني

2. استفاق أهل الفن في الثلاثينات بعد تلك الصدمة وتلك الورطة لكن الضغوط لم تتوقف، لذلك اتجه الفنانون إلى إعادة إنتاج الأشكال الأقدم التي كان شعارها "الفن للفن" بعكس شعار مرحلة سيد درويش "الفن للمجتمع"، وكانت هذه الردة "أرحم" بكثير من تيار الأغاني الهابطة
على أن عبد الوهاب، رغم ميله إلى الطرب القديم، قد ألمح في أكثر من لحن إلى رغبته في التجديد والتطوير إلى أن تحقق له ذلك بالفعل خلال الثلاثينات وما تلاها، بينما تعلق الشيخ زكريا بالقديم طوال الثلاثينات ولحن خلالها 9 أدوار لأم كلثوم، ورافقه في تلك الرحلة داود حسني الذي لحن لها 10 أدوار، وهو فنان محسوب أصلا على المدرسة الطربية القديمة

3. تتوافق العودة للقديم مع مصلحة واضحة لدى الفنانين المطربين في استعادة سيطرة المطرب على سوق الفن وأدواته مثل الحفلات والاسطوانات. وما كان لأم كلثوم أو عبد الوهاب أن يتربعا على عرش الغناء لو أن موجة سيد درويش قد قدر لها الاستمرار بنفس القوة والمد، إذ أن ألحان سيد درويش لم تصنع من أجل المطربين المحترفين ولا تتطلب وجودهم بالضرورة، فقد صنعت ليغنيها الشعب كله وأي فرد منه. 
وكما قال الفنان السكندري محمد عفيفي في معرض حديثه عن سيد درويش "الفنانون القدامى كانوا يتمتعون بقدرات غنائية عالية، وكانوا يتباهون بأصواتهم وليس بفنهم، بينما سيد درويش جعل الغناء للجميع وقدم ألحانا يستطيع أي إنسان أداءها"

لذلك تراجع عبد الوهاب عن المسرح الغنائي بعد أول خطوة أو خطوتين، أما أم كلثوم فقد هجرته تماما ولا يذكر لها أي عمل مسرحي. 
وقد دافع عبد الوهاب عن موقفه هذا في سلسلة أحاديثه مع الأديب سعد الدين وهبة قائلا "شعرت أنني لن أستطيع أن أقدم أغاني المسرح في الحفلات لأنها تعتمد على مواقف درامية وتجري على لسان شخصيات مسرحية ولا يمكن أن تقدم خارج إطارها لذا انسحبت من هذا المجال، وعلى أي حال كان هناك فنانون غيري يستطيعون التلحين للمسرح ولم يفعلوا"

يؤكد هذا الدفاع وجهة نظرنا لكنه في الوقت ذاته يختزل فن سيد درويش في المسرح بينما الواقع أن مدرسته التعبيرية هي الرسالة الكبرى ومبعث التجديد الحقيقي سواء كان العمل على المسرح أو خارجه، بدليل أن كل الفنانين بعد ذلك في القرن العشرين ساروا على نهجه في تقديم التعبير على التطريب مهما كانت طبيعة أعمالهم. وهذا ما أدركه الجميع، كل في وقته، حينما استداروا لاحقا نحو التحديث. 
لكن الجميع أيضا احتفظ بتفضيل وتكريس الأعمال الغنائية الفردية التي تخدم المطرب بالدرجة الأولى، حتى ولو كان العمل في إطار جماعي كالسينما، بل إن السينما هي التي سعت لاجتذاب المطربين وخدمة أعمالهم وليس العكس، وهي التي كانت تسوق لأفلامها بأسماء نجوم الطرب

هكذا تحقق للمطربين ما أرادوا وأصبح الملحنون تابعون لهم رغم أنهم المبدعون الحقيقيون، وهكذا عاد الطرب و"السلطنة" وتراجع الفن بدلا من مواصلة التطور

وبهذه المناسبة نشير إلى ما سبق لنا قوله في موضع آخر بأن سيد درويش هو الملحن الوحيد الذي حملت جميع ألحانه اسم الملحن ولم تنسب لمطرب، بعكس ما كان يحدث قبل ذلك وما حدث بعده. ولم يتحقق ذلك لملحن آخر إلا إذا كان مطربا بجانب كونه ملحنا، باستثناء الأعمال المسرحية التي كانت كلها تنسب لملحنيها، حتى ملحنين كبار مثل عبد الوهاب وزكريا والقصبجي والسنباطي حملت ألحانهم لغيرهم أسماء مطربيها وغاب عنها اسم الملحن

أما الآن في القرن 21 فقد زالت هذه االأسباب لكن الفن المقدم يعاني من حالة انعدام وزن، فهو يفتقر إلى الطرب، مبرر القديم، وإلى التعبير، أساس الحداثة، فلم يعد قديما مطربا .. ولا أصبح حديثا معبرا، وتجاوزت الأزمة الغناء والألحان بتدهور ثقافي عام طال الكلمة واللغة والموضوع، وهذا بالضبط ما يجعلنا نفتش في التراث ونتذوق حلوه ومره

الليل يطوّل ويكيدني والفجر قاسي بيضنيني
وبلبل الصبح يزيدني أنينه من جنس أنيني
يبقى يغنّي
والدمع بيفيض من عيني
غصبٍ عنّي
صبّرت قلبي اللي شبكني وقلت مهلا يا جفوني
الحب ما رضيش يطاوعني والشوق غلب قلبي وعيني
خيّب ظني
ورجعت للنوح يواسيني
غصبٍ عنّي
ليه يا غرامي بتألمني وتهرّب النوم من عيني
عمـلت إيه بتعذبني وتسيبني للنار تكويني
ليه تأسرني
واقاسي من سهد جفوني
غصبٍ عنّي
مين اللي يقدر ينصفني غير الحبيب اللي ضناني
يبعد شجوني ويرحمني ويشفي قلبي اللي رماني
كان يسعدني
والدمع يبعد عن عيني
غصبٍ عنّي

الاثنين، 15 يوليو 2019

كلاسيكيات أم كلثوم - زكريا - جمالك ربنا يزيده

جمالك ربنا يزيده
غناء أم كلثوم
كلمات حسن صبحي - ألحان زكريا احمد
طقطوقة / مقام شوق أفزا 1931
النص
عرف هذا النص بعبارته الشهيرة "دا ملك منظمه سيده"، والمعنى بين السطور يقول أن بديع هذا الجمال هو بديع السموات والأرض، وأنه ليس فقط هبة لصاحبه وإنما آية لكل من رآه، وحكمة خفية في كيف ولماذا يمنح الخالق صفة الجمال لأناس دون غيرهم، وقد يمنح من لم يتمتع به هبات أخرى. وأن الجمال هبة أيضا لمن سيفوز بالقرب منه مع كونه أمرا بعيد المنال ولا يصل إليه إلا ذو حظ عظيم لا يقرره إلا سيد الكون مقسم الأقدار. والنتيجة التي يصل إليها العقل هي أن كل شيء مقدر بنظام لا يعلمه إلا خالقه، وهي ما تمثل في قول الشاعر "ملك منظمه سيده"

ومثل هذه الأبعاد الفلسفية هي التي تجعل من الشعراء عباقرة، وتصف أعمالهم في مصاف الخلود، ولا يقلل من براعة الشاعر التقاط مثل هذه التعبيرات من الأمثال الشعبية أو الأقوال المأثورة وتوظيفها في شعره، فهي تعكس فكرا مترسخا في الأذهان، واستخدامها يقدم منطقا مقبولا وقبولا منطقيا، وهي براعة أخرى تحسب للشاعر

التعبير
تطلبت هذه العبارة العبقرية عبقرية أخرى للتعبير عنها بالنغم، ولا شك أن الشيخ زكريا قد استوعب المعنى جيدا واستطاع توصيله للمستمع في أفضل صورة، واستخدم في ذلك عدة عناصر
  • يتدارك الملحن قصر المذهب ودخول النص مبكرا ومباشرة في الحكمة في الشطرة الثانية من البيت الأول، فيقرر استدعاء التدرج المنطقي في النغم حتى يصل إلى الختام بحبكة متقنة، لذلك يصيغ الشطرتين بأكثر من لحن مما يطيل زمن البيت من شطرتين إلى 4 شطرات ويتيح له إحكام الختام
  • وقفة مميزة غير متوقعة للعبارة "ربنا يزيده" في لحنها الثاني على رابعة المقام مثلما في الدقيقة 00.29، والدقيقة 00.40 كإشارة قوية للمعنى، بينما المتوقع التقليدي التوقف على الدرجة الخامسة. وقبيل هذه الوقفة "يفتح" الدرجة الخامسة كما يقول الموسيقيون، ليعيد المقام الفرعي "شوق أفزا" إلى أصله "العجم". وهي وقفة عبقرية تضيف للجملة لمسة جمالية وتعبيرية رفيعة المستوى، يؤكد بها الملحن أنه فنان ذو موهبة عالية وليس فقط صانع ألحان محترف
  • إنهاء المقطع بلحنين مختلفين للعبارة "دا ملك منظمه سيده"، الأول تأملي لإظهار الإعجاب، والثاني تقريري لإثبات الإيمان بالمعنى
  • تفخيم كلمة "ملك" في الختام، وهي وإن كانت لفظا مفردا فإن لحنها يتدرج سريعا صعودا وهبوطا لعدة درجات في حركة لولبية، مستمدة من أداء المشايخ اشتهر زكريا أحمد بإضافتها لألحانه
  • ينتقل الملحن بعد المذهب إلى الطرب ويستمر بنفس الأسلوب في جميع المقاطع، وهو جو مناسب للكلمات التقليدية التي تبعد كثيرا عن جو البداية الفلسفي الذي يستعيده مع نهاية كل مقطع

المقام
  • مقام "شوق أفزا" مقام شرقي شجي عاطفي رغم خلوه من أرباع التون لكنه نادر الاستخدام. ولحن منه الشيخ زكريا لأم كلثوم أيضا لحنه الشهير "عن العشاق سألوني"، وسيد درويش لحنه الأشهر "والله تستاهل يا قلبي"
  • والمقام مؤلف من جنسين رئيسيين هما العجم في الأساس والحجاز في في الجزء العلوي من السلم. ويشترك "شوق أفزا" مع مقام "زنجران" في كونهما يتألفان من من نفس الجنسين مع اختلاف واحد وهو ركوز الزنجران على جنس الحجاز بدلا من العجم
  • ويشترك الشيخان زكريا أحمد وسيد درويش في تقصي واستخدام المقامات غير المطروقة كهذين المقامين وغيرهما، مما يضفي على ألحانهما ألوانا غير تقليدية تساهم في خلق شخصية مميزة للألحان
القالب : طقطوقة 
الطقطوقة أغنية قصيرة أهم ما يميزها تكرار المدخل (المذهب) بين الكوبليهات بواسطة الكورس في نهاية كل مقطع أو كوبليه 
مزيد من التفاصيل حول قالب الطقطوقة 

الأداء
تظهر مقدرة أم كلثوم على إضفاء عنصر الأداء الخاص بها في أكثر من موضع نذكر منها
  • حركة "دا ملك" الختامية، وإن تلقفت لحنها من الملحن الذي أرادها هكذا بدون شك وهو يستطيع أداءها بنفسه بكل تأكيد، إلا أن أم كلثوم تقدم لنا هذه الكلمة، التي هي مفتاح النص كله، بأداء بليغ غاية في الإتقان والتعبير بجانب فخامة الصوت، وبنفس الأداء العالي في كل مرة، ويمكن مقارنة أداء أم كلثوم بأداء الكورس لنفس الحركة لإظهار الفرق
  • عبارة "جمالك ربنا يزيده". العبارة ملحنة بلحنين مختلفين، الأول للعبارة كاملة والثاني للكلمتين الأخيرتين. لنتأمل أداء أم كلثوم في اللحن الثاني خاصة في كلمة "يزيده". وهي تؤديه مرتين، الأولى ليست كالثانية. في المرة الثانية الأداء عادي يتماشى مع اللحن، لكن المرة الأولى تعكس جانبا من شخصية أم كلثوم. في ثانية واحدة يشعر المستمع بأنها لا تغني فقط، إنها تبتسم وتتلطف حتى يكاد السامع يرى هذه الصورة، وكأنها تقول في المرة الثانية كان يمكن أداؤها هكذا لكني أضفت ملمحا تعبيريا للحن الكلمة
جمالك ربنا يزيده دا ملك منظمه سيده

هواك يا حلو نساني وداد أهلي وخلاني
وصبحني رهين امرك ما ليش غيرك حبيب تاني
وقلبي داب وإيه بيده دا ملك منظمه سيده

تشوف القلب لك مايل بيتدلل ويتحايل
يزيد التيه وتهجرني وتيهك فرح العاذل
وكادني ربنا يكيده دا ملك منظمه سيده

آدي انت بقدرة القادر سبيت الروح بسحر العين
وخدت العقل يا قادر ومش عارف طريقه فين
وامتى بس حتعيده دا ملك منظمه سيده 
روابط 

السبت، 13 يوليو 2019

كلاسيكيات أم كلثوم - زكريا - اللي حبك يا هناه

اللي حبك يا هناه 
غناء أم كلثوم 
كلمات أحمد رامي - ألحان زكريا أحمد
طقطوقة / مقام راست 1931 
  • أول لحن لأم كلثوم من ألحان زكريا أحمد
  • لحن من قالب" الطقطوقة" وهي تتميز بإعادة ترديد أول بيت أو بيتين (المذهب أو المدخل) بين مقاطع اللحن كما ينتهي به، وعادة يكون هذا مهمة الكورس
  • قفلة المذهب تذكر المستمع بقفلة شبيهة لعبد الوهاب في لحن "مين عذبك"، ولا يمكن الجزم بأيهما الأسبق حيث أنهما من إنتاج نفس العام 1931، ولكن يمكن الإشارة إلى أن كلاهما مستوحى من ألحان سيد درويش في ختام مذهب دور "الحبيب للهجر مايل" وموشح "يا ترى بعد البعاد" من نفس المقام، راست
  • لحن الكوبليه الأخير الأخير يخرج عن إيقاع "الوحدة" الرباعي إلى إيقاع الفالس الثلاثي لكنه يعود بختام المذهب المعتاد
  • زمن اللحن حوالي 6 دقائق وهو الزمن المعتاد للأغاني في ثلاثينات القرن العشرين فيما عدا الأدوار
  • يظهر صوت الشيخ زكريا بوضوح في ردود الكورس ، وهو كذلك في كل ألحان هذه السلسلة لأم كلثوم، ويبدو أنه لم يشترك في الغناء فقط من باب المساعدة وإنما لضمان إشراف الملحن بنفسه على التسجيل

اللي حبك يا هناه في نعيمه أو شقاه
نور عيونك في فؤاده يضوي في ليلة سهاده
إن راعيتي له وداده في بعاده يا هناه

ان سمع كلمة تراضيه والا شافك بتراعيه
ينسى همه واللي فيه من شقاه يا هناه

تبعدي يسبح خياله في اللي قلتيه واللي قاله
يلقى حاجة تسر حاله يهدا باله يا هناه

وان هجرتي قال تجني بكرة تصفَى وترضى عني
نعمة الهجر التمني يا نعيمه في شقاه

الأربعاء، 10 يوليو 2019

كلاسيكيات أم كلثوم - زكريا - الثلاثينات 1931 - 1938

يمكن تقسيم سلسلة ألحان زكريا أحمد لأم كلثوم التي بدأت عام 1931 إلى مجموعتين متباينتين هما ألحان الثلاثينات وألحان الأربعينات
والتقسيم ليس زمنيا فقط، فهناك عدة فوارق فنية بين المجموعتين تميز إحداهما عن الأخرى، ومع ذلك فالاختلاف ليس كليا حيث تظهر بصمات زكريا في التلحين في جميع الألحان التي جمعت بين المدرسة القديمة في التطريب والمدرسة الحديثة في التعبير التي صحبها التخلي عن الأنماط القديمة مثل قالب الدور وتوظيف الإيقاعات السريعة

كانت القوالب السائدة في فترة الثلاثينات هي الدور، القصيدة، الطقطوقة، المونولوج، ولم تكن الأغنية الحديثة بشكلها المعروف في الأربعينات وما تلاها قد تبلورت إلى صورة مستقرة

في نفس الفترة كانت هناك محاولات لتطوير القوالب الأقدم، منها إدخال بعض الإيقاعات الجديدة على الدور ودمج أجزاء من بعض القوالب الأخرى للوصول إلى شكل مبتكر على مستوى الكلمة واللحن، وأسفرت تلك المحاولات عن ظهور تيار الأغنية الحديثة التي يرجع الفضل في ظهورها إلى أحمد رامي ومحمد القصبجي. لكن هذه التغييرات أدت إلى خفوت القوالب القديمة وضياع شخصيتها وتأثيرها مما ساهم في توقف بعضها تماما مثل الدور والمونولوج

في تيار مستقل اتخذت القصيدة مسارا إيجابيا نأى بها عن هذه التقلبات وتطورت حتى وصلت إلى المكانة الأولى وأصبحت على قمة الأشكال الغنائية، ويرجع الفضل في هذا التطور إلى الألحان بصفة أساسية باعتبار أن شكل القصيدة لم يتغير عن أصوله التاريخية

ألحان زكريا لأم كلثوم
1
دور
2
طقطوقة
3
طقطوقة
4
طقطوقة
5
دور
6
دور
7
قصيدة
8
بين ذل الهوى
قصيدة
9
طقطوقة
10
مونولوج
11
عادت ليالي الهنا
دور
12
طقطوقة
الثلاثينات - ترتيب هجائي 
13
موال
14
طقطوقة
15
طقطوقة
16
ما كانش ظني
دور
17
طقطوقة
18
دور
19
دور
20
مونولوج
21
دور
22
مونولوج
23
دور
24
مونولوج











انعكست هذه التطورات على المرحلة الأولى من ألحان زكريا لأم كلثوم في الثلاثينات، فقد بدأت بطقطوقة عام 1931 وتنوعت أشكالها بين الطقطوقة والمونولوج والموال والقصيدة والدور. ومن بين 24 لحنا كان هناك 9 أدوار كانت آخر ما أنتج الشرق من هذا القالب الذي اختفى تماما بعد ذلك. 
وبنظرة إلى زمن الدور في هذا المجموعة نجد أنه تقلص من متوسط 15 دقيقة في عصر سيد درويش إلى نحو 8 دقائق في أدوار محمد عبد الوهاب وزكريا أحمد

ونتذكر هنا أن محمد عبد الوهاب بنظرة مستقبلية أدرك مبكرا أن قالب الدور قد قارب عصره على الانتهاء فتوقف عن إنتاجه عام 1932، بينما لم يقبل محمد القصبجي ورياض السنباطي على تلحين الأدوار، بالتالي لم يعد يلحن الدور فيما بعد 1932 غير داود حسني وزكريا أحمد. 

واللافت للنظر أن انحسار الدور قد حدث رغم وفرة الأصوات القادرة على أداء الأدوار، فقد كان هناك أم كلثوم وفتحية أحمد وعبد الوهاب نفسه وأصوات أخرى كثيرة تستطيع، مما يدلل على أن التغير لم يكن نتيجة عدم القدرة على الأداء بل نتيجة رغبة في التطور والتجديد من جميع الأطراف بما فيها الجمهور

نذكر أيضا لمحمد عبد الوهاب فضلا كبيرا في تحديث القصيدة بحيث اختلف أسلوب لحنها وغنائها تماما عما كان يقدم قبل ذلك، خاصة ما ظهر منها في السينما، وأدى ذلك إلى انحسار اللون الطربي القديم، ونمو تيار القصيدة الحديثة وتطوره كثيرا في الأربعينات، كما ساهم رياض السنباطي بغزارة في النصف الأخير من الأربعينات في تغيير أسلوب تلحين القصائد

في خضم هذه التطورات كان زكريا أحمد في الثلاثينات حامل لواء القديم وحارسه الأمين، لكن هذا الوضع لم يستمر لأطول من عام 1938، وبالمقارنة مع سلسلة ألحان زكريا لأم كلثوم في الأربعينات التي تخلو من الأدوار نجد قالب الأغنية قد استحوذ على أكثر من 50% من الألحان وتنوع الباقي بين الأشكال الأقدم، وبمقدم عام 1940 بدأ زكريا عهدا جديدا من الإبداع تحرر فيه من قيود القديم مع الاحتفاظ بجمالياته، وأمتع الجمهور بنصيب وافر من "كنوز الشرق"

ويمكن اعتبار أن عام 1940 كان عاما مفصليا في مسيرة ألحان الشيخ زكريا، لكنه كان كذلك أيضا بالنسبة لجميع الملحنين الكبار الذين اختلفت ألحانهم في الأربعينات عنها فيما قبلها مثل السنباطي (يا ليلة العيد 1940) وعبد الوهاب (الجندول 1940) وزكريا أحمد (بكرة السفر 1940) والقصبجي (مادام تحب 1940)، مما يؤكد أن الحركة في الاتجاهات الجديدة كانت جماعية ولم تقتصر على فنان واحد

سنبدأ على التوالي في عرض ألحان زكريا أحمد لأم كلثوم مع بيان ما يميز كل عمل إلى جانب النص واللحن وأولها "اللي حبك يا هناه"