كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

السبت، 13 ديسمبر 2014

قصائد عبد الوهاب - الهوى والشباب

الهوى والشباب
كلمات بشارة الخوري
ألحان وغناء محمد عبد الوهاب
مقام عجم النوا - صول ماجير 1932

اختار محمد عبد الوهاب قصيدة "الهوى والشباب" للشاعر اللبناني بشارة الخوري المعروف باسم "الأخطل" الصغير، لتكون أول قصيدة يغنيها لشاعر غير أحمد شوقي بعد سنوات من تصدر شعر شوقي لقصائد عبد الوهاب (18 لحنا من أشعار شوقي في 6 سنوات منها 8 قصائد و10 أغنيات من شعر العامية). 
وقد غنى عبد الوهاب من شعر الخوري بعدها بعام واحد القصيدة الأشهر "جفنه علم الغزل"، ثم "الصبا والجمال" عام 1940 في فيلم يوم سعيد.

تغير أمر عبد الوهاب بعد وفاة شوقي، ويبدو أن الفنان الشاب، 28 عاما، قد تحرر منذ ذلك الحين من أشياء كثيرة ومنها قبضة شوقي الضاغطة. لم يكن شوقي شخصية عادية في حياة عبد الوهاب، فقد كان له بمثابة الأب الروحي والوصي عليه وعلى فنه، وكان جهازه الإعلامي والمجتمعي الواصل. لم يكن ذلك الدور من جهة واحدة على أي حال، فقد رأى شوقي أيضا أن صوت عبد الوهاب يمكن أن يكون وسيلة مثلى لانتشار شعره الذي قد يظل الشعر حبيس الكتب والدواوين للأبد.

نحن تقريبا أمام نوع من الاحتكار؛ أكثر عبد الوهاب من تلحين وغناء قصائد شوقي، وبعد تنصيبه أميرا للشعراء عام أصبح شاعره الوحيد حتى وفاته، بينما نافس شوقي فطاحل شعراء عصره مثل حافظ إبراهيم والمازني والعقاد بصوت عبد الوهاب.

لم تكن قبضة شوقي يسيرة على عبد الوهاب، فهو وإن احتاج دعمه له في شبابه فقد عصرته تلك القبضة عصرا في طفولته، ويكفي أن نذكر قصة استصدار شوقي لأمر من حكمدار القاهرة بمنع عبد الوهاب من الغناء لصغر سنه، وأثرت تلك الواقعة سلبا في حياة عبد الوهاب في أوائل حياته إلى درجة إصابته بالرعب حينما أبلغه أحد الحاضرين في حفل اشترك فيه بالغناء على مسرح سان استفانو بالإسكندرية عام 1924 بأن أحمد شوقي "بك"، الذي كان من بين الحضور، يريد مقابلته. خشي عبد الوهاب أن يكرر شوقي معه نفس المأساة لكن شوقي طمأنه إلى أنه سيأخذ بيده هذه المرة وسيشجعه على الغناء، وهو ما حدث بالفعل. 
لم يتجه عبد الوهاب إلى أقطاب الشعراء في عصر شوقي، ربما بسبب التوتر الناتج عن احتدام المنافسة بينهم وبين أمير الشعراء، بل اتجه إلى الشعراء الجدد أو المحايدين، لكنه استمر في تقديم بعض أشعار شوقي في الأربعينات والخمسينات. 
الْهوى والشبابُ والأمَلُ الْمنشــودُ   تُغري فتبعثُ الشعرَ حيّــا
والهوى والشباب والأمل الْمنـشود   ضاعت جميعها من يديّا
يشربُ الكأسَ ذو الحِجَا ويبقى لِغَـدٍ    في قَـرارة الكأس شيـّا
لم يكنْ لى غدٌ فأفرغتُ كأسي        ثم حطَّمتُهـا على شَفَتَيّــا
أيهـا الْخافقُ الْمُعذَّبُ يا قَلْبي   نَزَحْــتَ الدمـــوعَ من مُقْلَتَيّـــا
أَفَحَتْـمٌ عليَّ إرسـالُ دمعي كلمــا       لاح بارقٌ في مُحيّــــــا
يا حبيبي لأجل عينيكَ ما أَلْقَى   ومـا أَوَّلَ الوُشـــاةُ عليّـــــــا
أأنا العاشقُ الوحيدُ لِتُلْقَى      تَبِعـــــاتُ الْهــــوى على كَتِفَيّـا
 

اللحن والغناء - تحليل موسيقي
1. مازال في لحن "الهوى والشباب" كثير من التقليدية القديمة رغم بداية اللحن بمقدمة قصيرة على إيقاع الفالس الثلاثي غير المعهود في القصائد، كما أمعن عبد الوهاب في تطريب اللحن وإضافة جو "السلطنة" عليه خاصة مع الغناء من مقامي الراست والبياتي 
2. الاقتصار على العود، وهذا هو ثاني تسجيل لقصائد عبد الوهاب بالعود فقط دون التخت ويبدو أنه سجله في نفس الوقت مع قصيدة "يا شراعا وراء دجلة يجري" (القصيدتان من إنتاج 1932) 
3. مما لا شك فيه أن لحن القصيدة قد بدأ بمقام العجم (ماجير) المصور، وانتهي بمقام البياتي المصور، لكن هذا ليس كل شيء.

4. الواقع أن جميع المقامات المستخدمة في هذا اللحن مقامات مصورة ليس من بينها مقام أصلي واحد. يبدأ اللحن بعجم مصور، ثم راست مصور على نفس الدرجة، يتخلله لازمة قصيرة من مقام أثركورد مصور، ثم ينتهي بمقام بياتي مصور على الدرجة الثانية، بعد "تحويلة" قصيرة مقام نكريز، أيضا مصور. وتصوير المقامات لمن يود المعرفة هو نقل المقام من موقعه الأصلي على السلم الموسيقي إلى موقع آخر جديد، أعلى أو أخفض، مع الاحتفاظ بنفس النغم.

5. أما على أي درجات تم تصوير هذه المقامات فالمسألة غير واضحة تماما، إذ أن هناك درجتين كل منهما يمكن أن يبدأ منهما اللحن الأساسي مع قبول الانتقال إلى المقامات الأخرى دون صعوبة، وهما الجهاركاه (فا) والنوا (صول).
إذا بدأنا بالعجم المصور على الجهاركاه (الدرجة الرابعة على السلم الطبيعي) سننتقل حسب اللحن إلى راست الجهاركاه، ثم نكريز الجهاركاه، ثم بياتي النوا، وهي مقامات شائعة وسهلة العزف على العود، الآلة الوحيدة المستخدمة في هذا التسجيل.
وإذا بدأنا بالعجم على النوا، (الدرجة الخامسة على السلم الطبيعي) سننتقل حسب اللحن إلى منطقة أعلى تبدأ براست النوا، ثم نكريز النوا، ثم بياتي الحسيني، وهي أيضا مقامات شائعة وسهلة العزف على العود.

هناك مسألتان محيرتان، المسألة الأولى سيتمكن المطرب من التحكم التام في الصوت في اختيار الجهاركاه، بينما قد يفقد هذه القدرة في الدرجة الأعلى (النوا) ولذلك يبدو اختيار الجهاركاه "أرحم".
المسألة الثانية أن التسجيل يعطي انطباعا بأن مقام العجم مصور على النوا وليس على الجهاركاه، ويتأكد ذلك بسماع تبادل العزف على وترين لأساس المقام (الأوسط والقرار) في إيقاع الفالس عند الدقيقة 1.32 ، 1.43 ، 1.52 ، وهي إمكانية ممكنة في حالة النوا بسهولة لا تتوفر في حالة الجهاركاه. فهل غيّر عبد الوهاب نغمة الوتر الأول على العود (صول - يكاه) إلى (فا) كما يحلو لبعض العازفين؟ الحقيقة أن عبد الوهاب قام بتغيير كل أصوات السلم بخفضها جميعا نصف درجة وبذلك استطاع الجمع بين مناسبة اللحن لطبقة صوته، والعزف التبادلي على درجة النوا (المخفضة) وقرارها، وهي أساس المقام.

وبذلك نصل إلى أن الدرجة التي استعملها عبد الوهاب كأساس للمقام هي نظريا درجة النوا (صول)، بينما عمليا هي صول ناقصة نصف تون (بيمول). وأي سلم يبدأ من هذه الدرجة هو سلم غاية في التعقيد ويسبب صعوبة بالغة للعازفين مهما بلغت مهارتهم، ولذا لا يمكن أن يتجاسر ملحن على كتابة لحن كامل من هذا السلم وإلا كرهه العازفون و"عزفوا" عنه. 
طبعا ليس لهذا السبب قرر عبد الوهاب أن يقوم وحده بالمهمة باستخدام عوده فقط ، لأنه في الواقع لم يستخدم ذلك السلم، وإنما يعلم عبد الوهاب وموسيقيون كثيرون أنه بهذه الحيلة يمكن تطويع الآلة والموسيقى والغناء

6. يمكن ترتيب أجزاء اللحن هكذا:
  • مقدمة موسيقية قصيرة - فالس
  • غناء حر - في أول بيتين
  • عودة للفالس مع غناء البيتين الثالث والرابع وإنهاء المقطع بالراست
  • غناء على الوحدة الكبيرة مع البيت الخامس
  • تكرار اللازمة الماجير على الراست مع استعمال فاصل قصير أثر كورد يمهد للعودة للماجير في أي وقت (لم يستعمل)
  • تحول سريع إلى جنس نكريز على نفس الركوز مع بداية البيت السادس ثم إلى بياتي الحسيني مع نهايته وحتى نهاية البيت السابع لينهي به القصيدة كلها
    7. التغيير والتحرر من القيود
    وبذلك يعلن عبد الوهاب للمرة الثالثة تحرره من التقليد القديم بإنهاء اللحن بنفس المقام الذي بدأ به، وانتهى هنا في مقام مغاير تماما للبداية، وأود أن أتوقف هنا قليلا عند عبارة (لم يستعمل) في النقطة السابقة، والمقصود من وجود فاصل قصير بهذا الشكل (ثانيتين فقط) من مقام مختلف عن السياق العام هو إيجاد رابط يستطيع منه الملحن العودة إلى المقام الأصلي، لكنه أهمل العودة واستمر في تكريس تغيير المقام إلى نهاية غير متوقعة. 

    في عصر القوالب الجامدة كان ينظر للعودة للمقام الأصلي باعتبارها قاعدة أساسية لا تقبل الجدل أو التجريب، لكن عبد الوهاب أطلق لخياله العنان وأخذ شيئا فشيئا أخذ يكسر القاعدة تلو الأخرى، حتى أصبح فيما بعد صانع قواعد وأشكال جديدة سار عليها الفنانون اللاحقون .. لكن ذلك لم يكن من فراغ .. فقد استلهم عبد الوهاب روح مدرسة عصر جديد أرسى معالمها سلفه سيد درويش، وهي تتلخص في عبارة واحدة .. التغيير من أجل التعبير .. 
    لكن حتى ذلك الوقت لم يكن عبد الوهاب قد بدأ التغيير الحقيقي .. فقط كان يحوم حوله .. إلى أن جاء العام التالي 1933 .. عام الانطلاق 

    الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

    اكتشاف علاقة وثيقة بين تعلم الموسيقى والتفكير الرياضي

    أكد عالم الرياضيات الأمريكي دافيد كنج وجود علاقة وثيقة بين تعلم الموسيقى والتفكير الرياضي، إذ يقوم كلا منهما على أسس رياضية ثابتة، مما يكسب التعليم الموسيقى أهمية كبيرة.
    وتشير الدراسات التي أجراها البروفسور كنج، وهو متخصص فى آن واحد في الرياضيات والموسيقى ودراسة المخ، إلى أن المخ المتمرس على تذوق الموسيقى الجادة يكتسب قدرات واضحة تمكنه من التفكير الرياضى. ويوضح كنج، الأستاذ فى سانت مارى كوليج بولاية ميريلاند، أن ما توصل إليه لا يعتمد على مجرد ملاحظة تقدم التفكير الرياضي لدى المتمرسين على تذوق الموسيقى الجادة، وأنه قد وضع نظرية رياضية لشرح هذه الحقيقة. ويرى كنج أن التطور الكبير في التأليف الموسيقى الجاد منذ عصر الموسيقار يوهان سباستيان باخ فى القرن الثامن عشر وحتى الاتجاهات الموسيقية الحالية ما هو إلا تطور في التفكير الرياضي.

    ويؤكد كنج أن تعامل الآذان مع الموسيقى على نحو تلقائى طبيعى يرتكز على الصيغة الرياضية التي وضعها عالم الرياضيات الفرنسي جوزيف فورييه في القرن التاسع عشر، والمعروفة باسم "تحويل فورييه"، وهي أداة هامة في التحليل الرياضي للفيزيائيين والمهندسين، وهذا يجعل منه عملية رياضية تماما. ومن خلال "تحويل فورييه" الطبيعى تقوم الأذن الداخلية بتحليل العمل الموسيقى الذي تستقبله محمولا على الموجات الصوتية، فتكون الحقيقة المجردة أن عملية التذوق الموسيقى هي عملية رياضية محضة.

    وتم اختيار دافيد كنج هذا العام مديرا لبرنامج علمي أنشأه "اتحاد أمريكا الرياضي" الذى يضم علماء الرياضيات في الولايات المتحدة، لاستعمال منهجه في الربط بين الموسيقى والتفكير الرياضي لتطوير طرق تعليمية جديدة تقوم على أن هذا التفكير لا يقتصر على التعامل مع المسائل الرياضية بل يمتد إلى بناء التفكير السليم بصفة عامة.

    والخلفية الرياضية للعلوم الموسيقية لها جذور تاريخية ممتدة، وتم استخدامها في عصور الحضارات القديمة، لكن الجديد في هذه النظرة هو اكتشاف قيام المخ بعمليات رياضية معقدة لترجمة الأصوات الموسيقية إلى أنغام ذات مغزى ودلالة فكرية، وأن هذه الوظيفة تتم بتلقائية طبيعية دون أدنى مجهود من المستمع المتذوق، مما يعني تمتعه بقدرة منطقية مميزة.

    الاثنين، 1 ديسمبر 2014

    قصائد عبد الوهاب - يا شراعا وراء دجلة يجري

    يا شراعا وراء دجلة يجري
    كلمات أحمد شوقي
    ألحان وغناء محمد عبد الوهاب - مقام راست 1932 
    غنى عبد الوهاب هذه القصيدة في بغداد عند زيارته للعراق ذلك العام في عهد الملك فيصل، وروى بعدها بسنوات طويلة كم كانت الرحلة شاقة بالسيارة في صحراء البادية، وكيف كان السائق يسترشد بالنجوم ليلا حتى لا يضل الطريق، لكنه كان سعيدا لقيامه بها وأكثر سعادة باستقباله الحار في بغداد.

    لا يزال لحن القصيدة تقليديا عند عبد الوهاب في عام 1932 كما يبدو في قصيدة ياشراعا وراء دجلة، كما أنه لا يزال حتى ذلك الوقت يقتصر غناؤه للقصائد على أشعار أحمد شوقي، وهذه هي القصيدة الثامنة التي يغنيها لشوقي منذ أن أنشد يا جارة الوادي عام 1926. كان عام 1932 عاما فاصلا في حياة عبد الوهاب وفي مشواره الفني. هو العام الذي لقب نال فيه لقب مطرب الملوك والأمراء عندما غنى أمام جمع منهم في مؤتمر الموسيقى العربية الدولي بالقاهرة، وهو العام الذي توفي فيه شوقي وتركه وحيدا بعد سنوات من الرعاية والاحتفاء. 
    كان على عبد الوهاب أن يشق طريقه بمفرده بعد ذلك وقد تم له رصيد كاف من الفن والشهرة. 
    تحرر عبد الوهاب بعد ذلك من قيود كثيرة، وخط بنفسه ما جعل منه "موسيقار الأجيال" لاحقا، ومما خطه: 
    • اختيار قصائد لشعراء غير أحمد شوقي 
    • تغيير أسلوب التلحين بصفة عامة 
    • تحرير القصيدة من القالب القديم 
    • استخدام الأشكال الموسيقية الغربية في الألحان 
    • التجديد المستمر مع الاتجاه للتلحين والغناء والتمثيل للسينما 
    • تأليف الموسيقى البحتة
    عودة إلى شراعا وراء دجلة .. نجد لحن القصيدة بسيطا واضحا ومتوقعا دون مفاجآت، وقد اقتصر على مقام واحد تقريبا هو الراست وفرعيه التقليديين السوزناك والنيروز، مع تكريس أسلوب تلحين وغناء الأبيات الكاملة دفعة واحدة، في كل القصيدة تقريبا، وهو الأسلوب الذي بدأه في قصائد سابقة مقتصرا على بيت أو بيتين 

    يا شراعاً وراءَ دِجلةَ يَجري في دموعي تجنَبتكَ العَـوادي
    سر على الماء كالمسيحِ رُويداً واجر في اليم ِّكالشعاع الهادي
    وأتِ قارعاً كرفرف الخلدِ طِيباً أو كفرْدَوسِهِ بشـاشـةً وادي
    قِفْ تمهَّلْ وخُذ أماناً لقلبي من عيونِ المهَا وراءَ السَّوادِ
    والنُّواسِيُّ والنَّدامَى أمِنهم سامـرُ يملأُّ الـدُجَى أو نادِ
    خَطرَت فوقه المِهارةُ تعدو في غُبـار ألآباء والأجـداد
    أُمَّةٌ تُنشِىء الحياةَ وتَبني كبِناء ألأُبوَّةِ الأمجـــاد
    تحت تاجٍ من القرابة والمُلك على فَـرْقِ أرْيحىِّ جواد
    ملك الشطِّ والفراتيْنِ والبطحاءِ أعـظِمْ بِفَيْصَلِ والبلاد

    الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

    وداعا صباح .. ابتسامة الشرق

    بعد مشوار طويل في الفن والحياة أفل نجم الأسطورة صباح .. الملقبة بشحرورة الشرق وصاحبة أجمل ابتسامة، عن عمر ناهز 87 عاما فجر الأربعاء، ونعتها بتأثر وسائل الإعلام اللبنانية حيث كانت تقيم في لبنان في أواخر حياتها.
    اشتهرت الفنانة صباح كمطربة وممثلة وصعد نجمها في خمسينات القرن العشرين في مصر واستمرت شهرتها لعدة عقود حتى الثمانينات. ولدت صباح، واسمها الأصلي "جانيت فغالي" في 10 نوفمبر عام 1927 في لبنان، وانتقلت في صغرها إلى القاهرة حيث قدمتها المنتجة آسيا كممثلة.
    تميزت صباح بابتسامتها الساحرة وروحها المرحة المتفائلة التي كانت تشع بهجة حولها في كل أغنية أو فيلم، ولها مئات من الأغاني المشهورة وأكثر من 80 فيلما سينمائيا بالإضافة إلى اشتراكها في مسرحيات لبنانية. كما غنت على مسارح باريس ولندن وبروكسل ولندن وسيدني ونيويورك ولاس فيجاس بولاية كاليفورنيا الأمريكية. ومن أفلامها هذا الرجل أحبه، الليالي الدافئة، المتمردة، الأيدي الناعمة، القاهرة في الليل، 3 نساء، كلام في الحب، ليلة بكى فيها القمر. ومن أشهر أغانيها، الحلو ليه تقلان، حبيبة أمها، ألو بيروت، الغاوي، يا طير يا طاير، جينا الدار، ع العصفورية،، ع البساطة، يا دلع، زقفة يا شباب، واشتهرت أيضا بديالوج فكاهي غنائي مع النجم فؤاد المهندس في أحد أفلامها بعنوان "الراجل ده ح يجنني".
    لقبت صباح بأكثر من لقب منها الشحروة" و"الصبوحة"، وأقامت طوال فترة نجوميتها في مصر. عرفت بمظهرها المتألق وحبها للحياة. وأثارت النجمة الراحلة جدلا اجتماعيا كبيرا مع تقدمها في السن بسبب إصرارها على الظهور بمظهر شاب، فلجأت إلى نظم رشاقة قاسية وعمليات شد وتجميل متكررة للحفاظ على ملامحها الجميلة، وصارت مثلا في محاربة الزمن، لكن الزمن لا يرحم، وانطفأ نور النجمة في النهاية. 
    ويذكر لصباح أنها صاحبة أشهر إطلالة في الاستعراض الغنائي الوطني الشهير "وطني الأكبر" الذي ظهرت فيه مع مجموعة من النجوم ضمت صباح ووردة الجزائرية وشادية ونجاة الصغيرة وعبد الحليم حافظ، بالإضافة إلى الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي قاد العمل.

    الجمعة، 21 نوفمبر 2014

    التليفزيون المصري يحتفي بفيروز في عيد ميلادها الثمانين

    أذاع التليفزيون المصري حلقة خاصة عن فيروز بمناسبة اقتراب عيد ميلادها الثمانين. أذيعت الحلقة على القناة الثانية عصر الجمعة، وضمت بعض أعمالها ولقاء لها مع الإعلامية النجمة الراحلة سلوى حجازي عام 1969 تستضيف فيه فيروز وعاصي الرحباني.

    المطربة فيروز لبنانية المولد عام 1935 ومن أشهر أغانيها أعطني الناي وغني، شتي يا دنيا، شط اسكندرية، باكتب إسمك، نسم علينا الهوى، آخر أيام الصيفية، سهر الليالي، شايف البحر، حبيتك في الصيف، ليالي الشمال الحزينة، زهرة المدائن، شادي، وغيرها كثير.
    اكتشفها الفنان الموسيقى محمد فليفل فى أواخر الأربعينات، وهو أحد مؤسسي "معهد الكونسرفتوار اللبناني" حين كان يجوب المدارس بحثا عن مواهب يقدمها لكورس الإذاعة اللبنانية، وتعهدها بالعناية والتدريب وإلحاقها بمعهد الموسيقى، ودعاها للغناء بالإذاعة.
    كانت أول أغنياتها للملحن حليم الرومي والد المطربة ماجدة الرومي، وكان رئيس قسم الموسيقى، وهو الذي أطلق عليها الاسم الفني فيروز، ثم قدمها إلى الفنان عاصي الرحباني الذي كان يقوم بإعداد برامج موسيقية غنائية للإذاعة اللبنانية، وصعد معه نجمها في أوائل الخمسينات بسلسلة أعمال إذاعية للإذاعة اللبنانية والسورية، وإذاعة الشرق الأدنى.
    حصلت فيروز على عدة جوائز وأوسمة منها وسام الشرف اللبناني، وسام الاستحقاق اللبناني فؤاد شهاب، ميدالية الكرامة وميدالية الشرف الذهبية وأعلى وسام من الأردن، جائزة القدس من فلسطين، ووسام قائد الفنون والآداب من فرنسا.

    تنوعت أغاني فيروز بين الرومانسية والوطنية والمسرحية والتراث القديم، وتغنت بمختلف الدول والعواصم العربية، مما جذب الجمهور في كل بقعة عربية. واحتفت بصوت فيروز جميع الإذاعات العربية وكان بعضها يقدم فترات يومية منتظمة أو أسبوعية لأغاني فيروز التي أحب الجمهور العربي سماعها. ولا شك أن النجمة فيروز ساهمت كثيرا في تقديم الغناء بلغة راقية من خلال صوت عذب وأداء معبر، وألهمت الوجدان العربي على مدى عقود، وهي قدوة ومثل يحتذى في تقديم الفن الراقي
    روابط
    فيــــروز
    الأخوان رحباني 

    الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

    قصائد عبد الوهاب: تلفتت ظبية الوادي

    تلفتت ظبية الوادي
    كلمات أحمد شوقي
    ألحان وغناء محمد عبد الوهاب - مقام حجاز 1931

    رغم أنه لا يمكن إدراك تطوير جديد في لحن هذه القصيدة، مقام حجاز، عن سابقاتها من سلسلة قصائد شوقي التي لحنها وغناها محمد عبد الوهاب، وهي تنضم بذلك إلى قائمة القصائد التقليدية العشرينية، إلا أن هناك ملاحظات على اللحن تستحق الاهتمام

    يلاحظ استهلال القصيدة بمقدمة موسيقية مميزة، على قصرها، في شكل تبادل نغمي مرتب، يبدأ من خامسة المقام (لا) نزولا إلى قرارها (الحسيني) مرورا بدرجة العراق (سي ½ بيمول) ثم العودة إلى جنس الحجاز والانتهاء بأساس المقام (ري - دوكاه). 
    تأمل هذه المقدمة يقودنا إلى نتيجة مذهلة .. إنها نسخة من جملة في لحن مسرحي لسيد درويش من نفس المقام تقول "قال المزيكاتي .. هذا القول الآتي"، لكن عبد الوهاب أتى بنفس الجملة دون كلمات. 
    ثماني سنوات مضت على وفاة سيد درويش وقت تلحين هذه القصيدة، لكن تأثير سيد درويش في عبد الوهاب مضى إلى أبعد من هذا كثيرا، وبالإمكان ملاحظة ذلك في ألحان عبد الوهاب لعقود طويلة بعدها. بقي أن نشير إلى الفنان الذي رصد تلك الملاحظة لأول مرة، وله عشرات غيرها، وهو الفنان السكندري محمد عفيفي، صديق عبد الوهاب وراعي تراث سيد درويش. 

    يلاحظ أيضا انتهاء لحن القصيدة، على غير المعتاد، في الدرجة الرابعة للمقام، وهي أساس جنس راست النوا، أحد أجناس مقام الحجاز، لكن الانتهاء به يوحي بأنه انتقال إلى مقام آخر، خاصة أنه جاء من مقام بياتي الحسيني الذي استغرق جزاءا كبيرا من اللحن قبل النهاية، حيث أن العبرة في المقامات الشرقية بدرجة الانتهاء بصرف النظر عن الأصول والمشتقات. وهو تصرف جاء به عبد الوهاب قبل ذلك في أغنيته "أهون عليك"، وربما دل هذا على ميول مبكرة لدى عبد الوهاب في التحرر من القيود التقليدية التي رآها مكبلة لحرية التعبير 

    تلفتت ظبية الوادي فقلت لها            لا اللحظ فاتك من ليلى ولا الجيد
    ليلى مناد دعا ليلى فخف له             نشوان في جنبات الصدر عربيد
    ليلى انظروا البيد هل مادت بأهلها          وهل تكلم في المزمار داوود
    ليلى نداء بليلى رن في أذني           سحر لعمري له في السمع ترديد
    ليلى تردد في سمعي وفي خلدي             كما تردد في الأيك الأغاريد
    هل المنادون أهلوها و إخوتها                أم المنادون عشاق معاميد
    أن يشركونى في ليلى فلا رجعت          جبال نجد لهم صوتا ولا البيد
    أغير ليلاي نادوا أم بها هتفوا              فداء ليلى الليالي الخرّد الغيد
    كسا النداء اسمها حسنا وحببه       حتى كأن اسمها البشرى أو العيد
    ليلى ترى أنا مجنون يخيل لي       لا الحي نادوا على ليلى ولا نودوا

    الأحد، 9 نوفمبر 2014

    قصائد عبد الوهاب: علموه كيف يجفو

    علموه كيفَ يجفو 
    كلمات أحمد شوقي
    ألحان وغناء محمد عبد الوهاب
    مقام سيكاه هزام 1931
    غنى عبد الوهاب هذه القصيدة عام 1931، إلا أنها تنتمي بامتياز إلى سلسلة قصائد عبد الوهاب في العشرينات. وكما ذكرنا في خصائص تلك السلسلة أنها كلها من نظم أحمد شوقي، وكلها تم تلحينها بأسلوب المدرسة القديمة في تلحين القصيدة التي كان من روادها الشيخ أبو العلا محمد أحد أساتذة أم كلثوم. الخاصية الثالثة لقصائد السلسلة أنها كانت جميعها من نفس المقام، البياتي، بينما جاء لحن "علموه كيف يجفو" من مقام الهزام، أحد فروع مقام السيكاه، كاختلاف وحيد. لم يمثل هذا الاختلاف أي تغيير في أسلوب التلحين، بل على العكس، جاء اللحن وكأنه نسخة من قصيدة الشيخ أبو العلا "وحقك أنت المنى والطلب" التي غناها بنفسه عام 1927 ثم غنتها أم كلثوم عام 1928 بنفس اللحن. 

    يبدأ الغناء بهدوء على مقام الهزام وينتهي به، وفي الوسط يجري معظم اللحن على مقام راست النوا بالارتكاز على الدرجة الثالثة من مقام السيكاه. ولهذا نقول إن عبد الوهاب هنا لم يكن قد تحرر بعد من القالب القديم للحن القصيدة التي ازدهرت في أيام الشيخ سلامة حجازي. غير أن الاثنين، الشيخ أبو العلا ومحمد عبد الوهاب، قد قررا في ذلك الوقت أن ينتقلا بالقصيدة من الارتجال إلى اللحن الثابت والقابل للتكرار بدلا من ترك الأمر للمطرب يفعل ما يريد بالكلمات في كل مرة يغني فيها القصيدة.

    كان هذا الانتقال في صالح الشيخ أبو العلا لأنه كان يقدم ألحانه لغيره ويرى نفسه ملحنا وليس مطربا، ولو ترك الساحة للمطرب لألغى دور الملحن الذي كان دورا حديث النشأة في ذلك الوقت، خاصة للقصائد.
    لكن ماذا كان من ذلك في صالح عبد الوهاب الذي كان يشق طريقه كمطرب ولم يتمكن بعد في عالم التلحين؟ أعتقد أن الإجابة تكمن في أسباب خارجة عن هذا السياق وهو تدخل وتمكن التكنولوجيا الحديثة المتمثلة في إمكانية تسجيل الأصوات وإعادة سماعها. في عصر الارتجال لم يكن ذلك ممكنا، حتى أن المطرب نفسه قد لا يستطيع أداء اللحن كما هو في كل حفلة.

    ومع سيطرة شركات الاسطوانات على سوق الفن، وإمكانها إملاء شروطها على الجميع بما تملكه من قدرة على الانتشار وتحقيق الربح خارج الحفلات، ملعب المطرب الوحيد فيما قبل ذلك، ظهرت عوامل فنية واقتصادية ساهمت في التغيير. خضع تسجيل الاسطوانات لمعايير اقتصادية لخفض تكلفة الإنتاج، ومن ضمن هذه المعايير تقليل مدة التسجيل إلى أقل وقت ممكن، فاهتمت بتسجيل الألحان الأساسية دون الإعادة والتطويل، مادام المستمع يستطيع إعادة الاستماع إلى أي مقطع على الاسطوانة مجانا. وعلى سبيل المثال هناك فرق زمني كبير بين تسجيلات أم كلثوم في الحفلات وتسجيلاتها لنفس الأغاني على اسطوانات.

    كما أن الشركات كانت تعمل بواسطة تحرير عقود قانونية بينها وبين الملحنين والمطربين، ولذا كان لزاما عليها إثبات حقوق كل طرف في هذه العقود، ومن هنا ظهر حق الملحن كطرف مستقل، حق مادي في الأجر وحق أدبي في إثبات نسبة اللحن له. 


    علموه كيفَ يجفو فجفا             ظالمٌ لاقيْت منه ما كفى
    مسرفٌ في هجرِه ما ينتهي            أَتُراهم علَّموه السَّرَفا
    جعلوا ذنبي لديْه سَهَري      ليت بدري إذ درى الذنب عفا
    غصن بان كلما عاتبته                 عطفته رقّة فانعطفا
    وإذا مثّلتهُ في خاطري               خفّقَ القلبُ إليه وهفا
    أنا سهران على عهدِ الهوى    لم أنَمْ وهو بعهدي ما وفا

    الخميس، 6 نوفمبر 2014

    وداعا شاعر "هذه ليلتي" .. جورج جرداق

    الشاعر جورج جرداق
    رحل الكاتب والشاعر اللبناني جورج جرداق عن عمر يناهز 83 عاما، الأربعاء 5 نوفمبر، والذي غنت أم كلثوم من أشعاره القصيدة الشهيرة "هذه ليلتي" من ألحان محمد عبد الوهاب عام 1968.
    نعت نقابة الصحفيين اللبنانية الشاعر الكبير في بيان قائلة "خسرت الصحافة اللبنانية والعربية، وعالم الأدب والشعر، جورج جرداق بعد 83 عاما تميزت بالإبداع الفكري والثقافي والموهبة المتوقدة التي أغنت لغة الضاد بروائع من نتاج قلمه الخلاق، سواء في الشعر أو النثر أو النقد".

    وجورج جرداق من مواليد مرجعيون عام 1931، وكان أول كتبه "فاجنر والمرأة" عن الموسيقي والكاتب المسرحي الألماني ريتشارد فاجنر عام 1950، وقرر عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين إدراج كتابه ضمن لائحة كتب طلاب الدكتوراه في الأدب، وترجم لاحقا إلى اللغة الألمانية. جمع جورج جرداق بين التأليف والكتابة وتدريس الأدب العربي والفلسفة العربية في كليات بيروت، ثم احترف الصحافة عام 1968، وعمل في عدة صحف ومجلات عربية. كما ألف موسوعة من خمسة أجزاء عن الإمام علي بن أبي طالب بعنوان "الإمام علي صوت العدالة الإنسانية". 
    روابط:

    الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

    قصائد عبد الوهاب: يا ناعما رقدت جفونه

    يا ناعما رقدت جفونه
    كلمات أحمد شوقي
    ألحان وغناء محمد عبد الوهاب - مقام بياتي 1929

    هذه هي القصيدة الخامسة لعبد الوهاب في سلسلة قصائده في فترة العشرينات من القرن العشرين والتي بدأها عام 1926
    ونلاحظ هنا عناصر مشتركة بين هذه القصائد
    * القصائد الخمس كلها من أشعار أحمد شوقي 
    وكان شوقي ما زال على قيد الحياة، وهذا يشير إلى تأثير شوقي على اتجاهات عبد الوهاب فقد وجهه من تلحين الدارج والعامي إلى القصيدة الشعرية الفصحى.
    * جميع هذه القصائد من نفس المقام: بيــاتي
    ليس هناك خلل فني في تلحين سلسلة أغان من نفس المقام، خاصة مع انتقال الملحن في نفس اللحن إلى مقامات أخرى. لكن نود هنا الإشارة إلى أن هذا كان في مرحلة معينة، مبكرة، من مراحل عبد الوهاب الفنية، وقد حرص لاحقا على استخدام مقام مختلف مع كل أغنية جديدة منعا للتشابه والتكرار، لكن الأهم أن تغيير المقامات في القصائد الأولى كان من باب التلوين والزخرفة وليس من باب التعبير، بدليل تشابه الألحان بل وتشابه الجمل اللحنية وتكرارها في قصائد مختلفة، وإلى حد التوقع السهل من المستمع. 
    اختلف الحال كثيرا لاحقا عندما انتقل عبد الوهاب من عصر التنغيم إلى عصر التعبير مقتفيا بذلك خطى سيد درويش.
    * القصائد جميعها تم تلحينها بأسلوب المدرسة القديمة في تلحين القصائد 
    اتبع عبد الوهاب في ألحان هذه القصائد النهج القديم في تلحين القصيدة المهتم أساسا بالنص دون اللحن، والمرتكز على بيان النص وتفاعيله وبعض من الطرب، واتخذ من صوته كمطرب جيد سبيله لجذب الجمهور إلى ما يقدمه، ولم يحاول التغيير إلا في مقاطع قليلة لم تتعد بيتا من القصيدة، بل أحيانا شطرة من بيت. 
    بقي صوت عبد الوهاب عنصرا أخاذا بالغ التأثير في أغانيه بعد ذلك، لكنه أضاف إليه الكثير من التعبير باللحن واهتم أكثر بالموسيقى في مقدمات الأغاني وبين مقاطعها حتى أصبحت علامة من علامات ألحانه، وهو ما كانت تفتقر إليه الألحان الأقدم 


    يا ناعما رقدت جفونه   مضناك لا تهدأ شـجونه
    حمل الهــوى لك كله    إن لم تعنه فمن يعــــينه
    بيني وبينك في الهوى  سبب سيجمعنا متــــينه
    الروح ملك يمــــــينه    يفديه ما ملكت يمــــينه
    ما العمر الا ليـــــــلة   كان الصباح لها جبـــينه
    بين الرقيب و بيننـــا    واد تباعده حزونــــــــه
    نغتـابه ونقول لا بقي    الرقيــب و لا عـيـــونه

    الأحد، 2 نوفمبر 2014

    الخلل في الموسيقى "المعاصرة"

    إهداء للعزيز أسعد الوصيبعي في عيد ميلاده
    أقصد بموسيقانا "المعاصرة"، الموسيقى في شكلها "الجديد" الذي ما زلنا نطلق عليه عنوان "الشرقي"،  لاحتوائه على شئ من  إيقاع شرقي،  وشئ من  مقام شرقي، وكلام شرقي، ونطق شرقي، و لنقل بعض الذوق الشرقي. وأستبعد من ذلك موسيقى النسخ واللصق التقليد في الشكل والصورة والذوق لموسيقى الشعوب الأخرى غير ما تبقى من كلمات عربية، كآخر رمق لصلة بهذا المكان من الشرق. سأكتب الملاحظات على الخلل في مجموعة نقاط جديرة بالتأمل فيما حدث ويحدث، أين نتجه، كيف توقفنا كل هذه السنوات - في الإطار العمومي - أين نحن من العالم، أين هو العالم من مسيرة موسيقية صحيحة، وكيف نعيد صياغة ذوقنا ونرتقي بمعيار نتخير به ما نسمع ونعزف ونغني ونبدع  ونصوغ من جديد الأعمال.
    • الخلل جاء من تقليد الأفلام في الثلاثينيات التي قلدناها في الملبس والقصة والمشاهد والموسيقى والآلات والموضوعات. الخلل جاء من الانبهار و المفاجئة الصادمة التي جلبت انبطاعاً من ضرورة  التجديد والتقليد في الجُمل والإيقاعات والآلات وأسلوب  الغناء و الأشكال و القوالب الموسيقية والموسيقى التصويرية.
    • الخلل جاء من الانبهار بحجم الأوركسترا عدد الآلات وشكل الحفلات الموسيقية في أوروبا وأمريكا رغم أن كل ذلك هو تطور منعكس لتطور الموسيقى الأوروبية العريقة و حاجاتها وتأليفها ومسيرتها.
    • الخلل جاء من مفاجأتنا بالتناغم والانسجام والنظام والترتيب والهارموني - التجانس الصوتي - والكاونتربوينت - التباين الصوتي - الذي يوظف في التأليف الموسيقي والذي له دواعيه وطبيعته المناسبة للمقامين الرئيسيين الموضوعين والتعديل على السلم الغربي و تصنيع الآلات بما يناسب كل ذلك. مثل ذلك يقال أشكال الموسيقى الأخرى خارج إطار الموسيقى التقليدية عندهم.
    • الخلل جاء من ربط تأخرنا الحضاري بموسيقانا وتقدمهم الحضاري بموسيقاهم وهذا انطباع خاطئ. وردة الفعل كانت في التقليد والعمل بمثل ما يعملون واقتباس الأشكال والجمل والموضوعات والعمل بمنوال واحد معها ولو كان في وقت متزامن معاصر لإنتاج من انتاجهم.
    • الخلل جاء من الشعور بالدونية وعدم الوعي بغنى الهوية وعمق عراقة موسيقانا و اتساعها وتنوعها و قابليتها للنمو والتنوع والخلق الجديد، وعدم الوعي بتقدير الآخرين لها وانبهارهم بها. زهدنا فيها من حيث طمع فيها غيرنا.
    • الخلل في إهمال منابع وجذور ثقافتنا الموسيقية و تقليلد الأبعد والانتهال منه بدل القريب وما يشاركنا كثيرًا من الصفات والنظريات والذوق والشكل. ليتنا عندما بهرنا الأبعد فهمناه وهضمناه وربيناه في تربتنا وخلقنا منه راسخا عميقا، وبدلنا ما نحتاج فيه أكثر وجعلناه حلقة في سلسلة التطور.
    • الخلل في مقارنة كل موسيقانا بتنوعها والحكم عليها بحكم واحد في التأخر، والتفكير بتجديدها من خلال الالتقاط من كل أنواع الموسيقى الغربية والشرقية القديمة والجديدة والبوب والتافهة والسوقية والأخذ منها وتطعيم موسيقانا بها من باب التحضر والإبداع.
    • الخلل في تصديقنا بموجة الحداثة التي جرفت كل مناهل الإبداع والانتاج وسوقت له ودرسته في الجامعات و مهدت له وسائل الانتشار، وكانت الموسيقى إحدى ضحاياه، ومنها موسيقانا وبأيدينا.
    • الخلل في الانبهار بأساليب التعليم وبالمفاجأة بأهمية النظريات المكتوبة والتدوين الموسيقي و فاعليته في الحفظ والعزف المباشر في الوقت الذي لم يكن كل هذا موضع اهتمام سوى من قبل نخبة قليلة غير ذات بال من أهلنا بيننا.
    • الخلل في التهاون بأساسات راسخة في موسيقانا من الارتجال ودرء التكرار والتزمت في الجمل والطبيعة التي تترك مساحة لفردانية كل المؤدين والمؤلف والملحن والمغني، وجعل نسخ الآخرين أقرب طريق للتحضر.
    • الخلل في أن نظن أن الموسيقى يمكن أن تكفيها النوتة الموسيقية والتدوين والخلل في التهاون بالنوتة والتدوين والتوثيق والدراسة والتحليل والنقد خارج مستوى الصحف الصفراء والعلاقات الشخصية والتغطية الإخبارية.
    • الخلل في معاهدنا التي لم تعد تخرج جيلنا محنكاً متمكننا من أدواته ونظرياته مثل ما كان قبل المعاهد، وذلك لتقليد طريقة تدريس الأمم الأخرى التي تناسب موسيقاهم - هم يعانون من ركود في المواهب لخلل في ذلك عندهم بالمناسبة. أما نظامنا الموسيقي فلا تكفيه هذه الطريقة. أصبحت المعاهد تخرج من يستطيع أن يلبي حاجة اليوم من ردئ إلى أردأ كل يوم، ومن يبهر و يتميز اليوم من شبانا، هو من يشتغل على نفسه أو مع مجموعة مثله أو مع أناس خارج هذا المحيط الرسمي وتخيّر المصادر التي تغنيه.
    • الخلل في ندرة الراسخ من المصادر المكتوبة والمسموعة ومن الأساتذة والمشتغلين في الموسيقى وتفرغهم لمسؤولية التأثير والعمل مع الجيل الجديد.
    • الخلل في اعادة تدوير ما هو موجود من مناهج والسرقات والاستعجال والتساهل في انتاج مادة عميقة سهلة التناول بكل الوسائل الحديثة من ورق وتسجيل وقنوات على الانترنت وتواصل بين مدرس وطالب بشكل مباشر عن بعد وعن قرب.
    • الخلل في تأخر المدّ والانتشار للأعمال العظيمة الجديدة والقديمة للناس في قبالة ما ينتشر من الثقافة الشائعة والذوق الردي من خلال كل الوسائل.
    • الخلل في تساهل المشتغلين بالموسيقى الراقية في نشر هذه المواد التي ينتجونها وأخذ المسألة بجدية واهتمام.
    • الخلل في ترك الأمر للصدفة لتلقي الدعم وتيسير الانتشار والاهتمام والتحرج من جعل ذلك خوفاً من انطباع تكسب أو ترويج شخصي.
    • الخلل في أن الداعم لا يعي ما يجب دعمه وأين يكمن المستقبل الذي سيكون مصدرا للتقدم والفخر، غير الآني الزائف من النشاط والشعور بالنبل.
    • الخلل في نقل هذا التعليم والتدوين والنظريات وتوظيفها بكل ما هو مختلف عن حاجتنا ونموذجنا وإضعافنا بها بدل أن نستفيد مما ينفعنا منها وتقديم شئ يناسبنا أكثر منها.
    • الخلل في ورود وسائل جديدة للإنتشار والتسويق واستغلال السياسة والترويج  بالموسيقى والغناء واستخدامهما للتسلية والترفيه وتمضية الوقت -  وسائل من اسطوانة وراديو عام وسينما وتلفزيون وشرائط كاسيت وأقراص وقنوات فضائية واحتكار ودعم.
    • الخلل في أن جعلتنا هذا الوسائل بما تحدده من وقت وحجم للعمل الفني، وضياع الأشكال والقوالب وإهمالها و تغير طريقة العرض ودخول الدعاية وانتقال ذلك للأداء الحي، جعلتنا نغفل وننسى ونرمي بكل منجزنا الموسيقي وراءنا ونستسيغ ونأتي بصيغ جديدة قد ينفع بعضها ويضرنا بعضها الآخر، بلا وعي ضروري.
    • الخلل في تبعية الناس وعدم القدرة على التمييز بين الجيد والأجود والرديء وركوب أي موجة تأتيهم والاقتناع بها. الخلل في الاعلام العام الذي يبرمج الناس ويغير قناعاتهم ويحدد لهم ما يحبون ويتابعون ويسحرهم بالتكرار والكلام الرخيص.
    • الخلل في نظم تعليمنا وتربيتنا وتثقيفنا التي جعلت الجمهور والفنان والمشتغل في مجال الموسيقى ينبهر بكل مغاير و مختلف ولو كان تافها، من باب ما يسمى بآخر صرعة وإصدار والانتشار والتداول.
    • الخلل في الجيل الذي يتابع الجيل الذي قبله - الذي ذكرنا حكايته - وينتهل منه كمصدر وإلهام ويكون هو سقفه ومحدوداً به في الإمكانيات والطموح وهو لا يخرج إلا مقلدا حرفياُ لا فنانا مبدعا مجدداً ولا يعرف أصول الأشياء ولا كيف يخترع ولا كيف يتوسع ويتمدد ويخلق له اسما مغياراً متميزاً في جيله و مقارنة بالسابقين.
    • الخلل في أن يكون الإرث الذي يستقي منه هذا الجيل هو ذلك الناقص المحدود الذي كان يوما مصدرا للتكسب والرواج.
    • الخلل في جعل الجمهور يقود الذوق أو ركوب الهم التجاري والربحي في الاعتماد على ما يتيسر بالكلمة لا الموسيقى والشكل والمظهر لا العمق والمعنى. الموسيقى أعظم من الكلمة التي تلحن والموسيقى التي توضع لها. فلتذهب الكلمة إلى الجحيم إن علت على الموسيقى ولم نتذكر الموسيقى إلا بها. الخلل في تسهيل الموسيقى والمقام والإيقاع  وتبسيط الذوق وتيسيرها للمشتري ولو جاء ذلك بالاستغناء عن كثير من المقامات والايقاعات والاشكال وكثير من الفنون والتقاليد والأصول.
    • الخلل أنه في حين أن مؤلفي الموسيقى والملحنين العظام، كانوا يأتون في تقاسيمهم وتلاحينهم و موسيقاهم المؤلفة بصور عميقة وشاملة للمقام المتناول والإيقاع وتناول الكلمات والتقطيع  والتجويد الكلامي حسب موطنهم، لا نجد ذلك في جيل ما نسميه الموسيقى المعاصرة.
    • الخلل في أن يعتمد جيل اليوم، هذه الموسيقى المعاصرة هذا الإرث مصدرا يستقي منه معارفه وذوقه و ما يفترض أن يبني عليه في جديده، فيخرج محدوداً بحدوده متخبطاُ، الأسهل عليه هو المزج والتقليد والقص واللصق بدل البناء الواعي واليقظ والشامل الرؤية والخبرة.
    • الخلل في أن الموسيقيين يبحثون عن فكرة أصيلة غائرة مدهشة مغايرة ومميزة، و نحن يقلد موسيقيونا الموضة ويتخلون عما هو جاهز عندهم مكتمل الدهشة جاهز لكل طموحات غيرنا؛ ثم تصبح موسيقانا ذات طابع واحد كوجبة سريعة لا يفرق بين واحدة وأخرى إلا التسمية المحلية.
    • الخلل في الانتباه إلى ضرورة اختراق هذا الجيل حاجز الخوف وتعلم الأشياء على أصولها والنظر في كل ما هو موجود من قديم وجديد وفي الجوار وفي البعيد والوعي بالخطوات الصحيحة في العمل والتقدم والانتاج.
    • الخلل في التحرج من الاستماع إلى تسجيلاتنا القديمة وأساليبنا القديمة والإرث الموسيقي بشتى صنوفه الديني والدنيوي.
    • الخلل في تدخل المشيخة والتصورات الشائعة والحرام والحلال في شغل موسيقيينا والتأثير على ذوقهم ومجالات اهتمامهم وانتاجهم وقناعاتهم وتثبيطهم.
    • الخلل في الحاجة إلى كسب العيش إن كنا نريد أن ننتج موسيقى راقية ذات قيمة لأن هذه حاليا لا تجلب جاها ولا مالا.
    • الخلل في أننا نتنازل عن مبادئنا وطموحاتنا من أجل مجاملة أو تحرج أو تزلف أو  بهرجة الشهرة.
    • الخلل في تصور قلة أثر الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ومجموعات العمل وارتباط ذلك بجمهور يتسع يوما بعد يوم وتغير اقتصاد العالم وتغير شريحة المهتمين بموسيقانا الجادة خارج حدودنا الجغرافية.
    • الخلل في أننا نظن أن موسيقانا الجيدة من يشتغل عليها هو أهلنا  وحسب بينما يشتغل عليها أناس حريصون عليها من أمم أخرى بالبحث والممارسة والأنتاج والنشر والتدوال.
    • الخلل في أن نعمل في مجموعات أو بشكل فردي لا نتعاون فيه مع الجادين الآخرين أو نترفع عليهم أو نجعل الشخصي بيننا حاجزاً لكلمة حق ودعم  ومنافسة.
    • الخلل في أن الأمم التي يهمها تميزها وهوياتها، قامت من وحل ثقيل على روحها من موجة موسيقى البوب والرواج التجاري والموضة الرخيصة .. وبدأت تتعافى يوما بعد يوم، ونحن لا نعي أننا أمة ويجب أن نسارع إلى صحتنا والاعتناء بصورتنا الحقيقية التي نفخر بها و نحسنها يوما بعد يوم بدل التبعية والضعف والتقليلد كمظهر من مظاهر الثقة الزائفة.
    • الخلل في أن لا نأخذ كل هذا الأمر بجدية تامة ونعمل.
    ::. فاضل التركي  

    قصائد عبد الوهاب - ردت الروح

    رُدت الروح 
    كلمات أحمد شوقي
    ألحان وغناء محمد عبد الوهاب - مقام بياتي 1928 
    رُدت الروح إحدى قصائد عبد الوهاب الأولى التي قدمها في مرحلة مبكرة من حياته الفنية، ومعظمها من نظم أمير الشعراء أحمد شوقي. وينتمي لحن القصيدة في مجمله إلى المدرسة التقليدية القديمة في تلحين القصيدة والتي كان من روادها الشيخ سلامة حجازي وسار على نفس النهج الشيخ أبو العلا محمد الذي كان من أوائل من لحنوا لأم كلثوم. 

    ونلاحظ أن مقام البياتي هو السائد في تلك القصائد، بالإضافة إلى كون الجمل اللحنية نفسها تكاد تكون متطابقة في قصائد مختلفة، سواء اختلف ملحنوها أوكانت لنفس الملحن. هذا يشير إلى أن القصيدة كقالب غنائي اختلفت في ألحانها في تلك الفترة عن غيرها من القوالب الغنائية مثل الدور في أن الطرب لم يكن هدفها وإلا لن نحصل على هذه الأنغام الرتيبة المتكررة إلى حد الملل. 

    ماذا كانت وظيفة القصيدة إذاً؟ يبدو أن الكلمات والمعاني هي التي شكلت موضوع القصيدة الأول وليس اللحن، بدليل أنه كان يمكن "تركيب" كلمات قصيدة جديدة على لحن معروف دون أدنى حرج من المطرب ودون أي اعتراض من الجمهور. 
    ويؤكد هذا التفسير ظهور ذلك النوع في وقت ازدهار قالب الدور وفي وجود ملحنيه الكبار. وربما، على هامش هذا التفسير، كانت رتابة لحن القصيدة كما كان يتوقعه الجمهور ويرتاح إليه، سببا في تجنب المجدد الأكبر سيد درويش تلحين القصائد بمفهومها السائد في ذلك الوقت. 

    نضيف إلى ذلك تشابه المقاطع الموسيقية أو "اللزم" في هذا اللحن، وفي كل القصائد، وتقلصها إلى درجة متواضعة، وهي سمة المدرسة القديمة التي كانت تترك الساحة تماما للمطرب. وهي مدرسة نغمية أصلا لم تهتم بتوظيف الألحان للتعبير عن النص، وبلغ تشابه المقاطع الغنائية حد أن يشتبه الأمر على السامع فلا يمكنه تحديد إلى أي مقطع من القصيدة يستمع، إلا بالكلمات.
    لم يستمر الحال هكذا طويلا فقد بدأ عبد الوهاب ثم رياض السنباطي الاهتمام أكثر بتلحين القصيدة وإضافة الابتكارات اللحنية إلى شكلها القديم. 

    ونلاحظ في هذه القصيدة إضافة لحنية مبتكرة لعبد الوهاب، تعتبر إشارة مبكرة لنية عبد الوهاب في التغيير، في جملة "فشكا الحرقة مما استودعك" وهي استخدام تباين الدرجات مع تعليق درجة النوا "صول" أثناء النزول المتبادل على السلم لخمس درجات متوالية، واختتم النزول بقرار الدرجة المعلقة، ثم قفز منها 11 درجة صعودا. لا يمكن بأي حال تصنيف هذه الجملة تحت أي عنوان من "الطرب الشرقي" بل هي جملة متجردة تماما لا يمكن أن يتعاطف معها الجمهور، وهي مأخوذة من تكنيك التدريبات الموسيقية الغربية للأصوات والآلات. على أي حال لم يسترسل اللحن في هذا الأسلوب كثيرا وعاد إلى سيرته الأولى بعدها مباشرة.

    ردّت الروح على المضنى معك    أحسن الأيام يوم أرجعـــــــــــك
    مرّ من بعــــدك ما روعـــــــني   أترى يا حلـو بعدي روعــــــــك
    كم شــــــكوت البعــدَ بالليـــــل   إلى مطلع الفجر عسى أن يطلعك

    وبعثت الشــوقَ في ريح الصَبا    فشكا الحرقةَ ممّا استودَعـــــك
    يا نعيمي وعذابي في الـهـــوى    بعذولي في الهوى ما جَمــــعك
    أنت روحي ظلم الواشــي الذي     زعم القلب سلا أو ضيـــــــعك
    أرجفوا أنك شــاك موجَــــــــع     ليت لي فوق الضنا ما أوجعـك
    نامـت الأعـين إلا مقـــــــــــلة    تسكب الدمـع وترعى مضـجعك
    مـوقعي عندك لا يعــــــــــلمه    آه لو تعلم عندي موقعـــــــــــك

    الجمعة، 31 أكتوبر 2014

    أوبرا القاهرة تستضيف مهرجان الموسيقى العربية الثالث والعشرين

    تقام الدورة 23 لمهرجان الموسيقى العربية، مساء السبت القادم بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة، ويشهد المهرجان تكريم 14 شخصية أسهمت في إثراء حركة الموسيقى العربية بإهدائها شهادات التقدير والدروع التذكارية منهم المطرب صباح فخري، والملحن فاروق الشرنوبي، والموسيقي هاني شنودة، ومن العازفين عازف الأورج مجدي الحسيني وعازفة القانون مايسة عبد الغني، والموسيقار العراقي حسين قدوري، بالإضافة إلى أسماء الراحلين الموسيقار عطية شرارة والإعلامي وجدي الحكيم.

    ويقدم في حفل الافتتاح أوبريت بعنوان "الفن وطن" من كلمات الشاعر إبراهيم عبدالفتاح وألحان الموسيقي العراقي نصير شمة وإخراج مهدي السيد، بمصاحبة الأوركسترا بقيادة المايسترو سعيد كمال. يشترك في الأوبريت مجموعة من الأصوات الجديدة منها مروة ناجي من مصر، إياد بشير من الأردن، هالة القصير وعمار خطاب من سوريا، كرار صلاح وعامر توفيق من العراق، محمد هاشم من السعودية، محمود ترابي من المغرب، عايدة محمد من تونس، وأحمد حسين من لبنان. وعلى هامش المهرجان يفتتح معرضان لفنون الخط العربي لمصطفى خضير وحسن حسوبة، ومعرض للآلات الموسيقية. يقوم بتغطية حفل الافتتاح عدد من القنوات الفضائية والشبكات الإذاعية ووكالات الأنباء، ويتم نقله على الهواء بالقناتين الثانية والفضائية بالتليفزيون المصري

    الخميس، 30 أكتوبر 2014

    قصائد عبد الوهاب: أنا أنطونيو

    أنا أنطونيو
    كلمات أحمد شوقي
    ألحان وغناء محمد عبد الوهاب - مقام بياتي 1927

    قصيدة أنا أنطونيو من المسرحية الشعرية "كليوباترا ومارك أنطونيو". قدمتها فرقة منيرة المهدية وعرضت في 20 يناير 1927. قام عبد الوهاب بدور أنطونيو، وهي إحدى المسرحيات القليلة التي شارك فيها محمد عبد الوهاب بالبطولة أو الغناء.

    أخذ كثيرون على عبد الوهاب عدم إسهامه بالقدر الكافي في المسرح الغنائي الذي نهض على يد سيد درويش وشارك فيه كبار الملحنين مثل داود حسني وكامل الخلعي وزكريا أحمد، وعندما سئل عبد الوهاب عن ذلك قال "لقد شاركت في مجالات كثيرة وقدمت للسينما عشرات الألحان، فأين غيري من الملحنين؟ كان بوسعهم التلحين للمسرح لكنهم لم يفعلوا".

    وهذا الذي أشار إليه عبد الوهاب حقيقة في واقع الأمر لكن هناك سرا في ذلك لم يصرح به، وهو أنه لم ينس أبدا أنه بدأ مطربا واشتهر مطربا، وهو بلا شك يعشق الطرب في حد ذاته، ويدرك أن الجمهور يتعلق به كمطرب. لذا يمثل ابتعاده عن المسرح ميلا نحو الطرب، الذي ليس من أدوات المسرح، ومن ناحية أخرى خشية من حصار ألحانه داخل قوالبها المسرحية، حيث يتناول النص المسرحي موضوعا خاصا أو مناسبات قد لا يمكن التغني بها خارج المسرح. هذه العقبة لم تمثل مشكلة لدى سيد درويش بالمرة، إذ أنه كان يرى نفسه ملحنا وليس مطربا، وهو الفنان الذي قال واصفا نفسه "أنا اقدر الحن الجورنال" دلالة على أن التعبير عن النص مهما كان موضوعه هو هدفه الأول والأخير وليس الطرب.

    هناك سبب ثالث خارج عن إرادة عبد الوهاب، إذ أن المسرح الغنائي كان قد سبب صداعا هائلا للسلطة بسبب موضوعاته التي احتوت على انتقادات لاذعة للسلطة والحاكم، وكاد سيد درويش أن يحكم عليه بالنفي خارج البلاد بسبب ألحانه التي تنتشر في كل مصر، كما حدث مع الزعماء الوطنيين ومع الشاعر بيرم التونسي صديق سيد درويش وكاتب أغاني إحدى مسرحياته "شهرزاد". أهيل التراب على المسرح الغنائي كما أهيل على سيرة سيد درويش بعد وفاته مباشرة عام 1923، وشهدت مصر حالة من العودة لعصر عبده الحامولي استمرت لعقود، ولم تقم للمسرح الغنائي قائمة بعدها في إطاره المعهود، وإنما عاد فقط من باب التسلية. يضاف إلى ذلك اكتساح السينما للساحة الفنية، وبطبيعتها فإنها أيضا وسيلة تسلية بالدرجة الأولى، ومن المعروف أن الأفلام الجادة إما تفشل جماهيريا أو تمنع من العرض. ولهذا كان أمام عبد الوهاب إما العمل الفردي أو السينما، وهما المجالان اللذان ضما معظم أعماله.
    استمرت هذه الحالة حتى أواخر الخمسينات عندما أفاقت مصر إلى تراث سيد درويش وقررت إعادة عرض ألحانه المسرحية من جديد. 
    أما عن لحن "أنا أنطونيو" فقد لحنها عبد الوهاب كما كان يلحن قصائد شوقي الأخرى في ذلك الوقت، وجاء اللحن تقليديا في كل شيء، المقام تقليدي "بياتي"، والقالب نفس القالب القديم، وليس باللحن أية إشارة إلى أنه لحن مسرحي. وكما توقع عبد الوهاب لم يشتهر اللحن كثيرا ربما بسبب موضوع النص المحدد سلفا بموضوع المسرحية.
    أنا انطونيـــــــــو وأنطونيــــــو أنـــا
    ما لروحــــــــينا عن الحــــــب غنى
    غننا في الشـــــــــــوق أو غن بنــــا
    نحـــــــن في الحب حديث بعــــــدنا

    رجعت عن شـــجونا الريح الحنون
    وبعينيــــــنا بكى المـزن الهـــــتون
    وبعثــــــنا من نفاثات الشــــــجون
    فى حواشي الليــــــل برقـا و سـنى
    خبرى يا كأس واشـــــهد يا وتــــر
    وارو يا ليـــــل وحدث يا ســــــحر
    هل جنيـــنا من ربـا الأنس الســمر
    ورشـــــفنا من دواليـــــــها المنى
     

    الحيـــــاة الحب والحب الحيــــــاة
    هو من ســـرحتها ســــر النــــواه
    وعلى صـــحرائها مـــــرت يـــداه
    فجــــــرت مــــاء وظـــــلا وجنى
    نحن شــــــعرا وأغــــــاني غــــدا
    بهـــــــوانا راكـــب البيـــــد حـــدا
    وبنا المـــلاح في اليـــــــم شـــــدا
    وبكى الطيـــــر وغنى موهنـــــــا
     

    من يكن في الحب ضحى بالكـــرى
    أو بمسفوح من الدمـــع جــــــرى
    نحن قربنــا له ملك الــــــــــــثرى
    ولقيـــــــــنا المـــوت فيه هيـــــنا
    في الهـــوى لم نأل جـهد المــوثر
    وذهبـــــــنا مثـلا في الأعصــــــر
    هو أعطى الحـــب تاجي قيصــــر
    لم لا أعطي الهــوى تاجي مــــنا

    السبت، 25 أكتوبر 2014

    قصائد عبد الوهاب: خدعوها بقولهم حسناء

    خدعوها بقولهم حسناء
    كلمات أحمد شوقي
    ألحان وغناء محمد عبد الوهاب - مقام بياتي 1927
    تتسم أشعار شوقي بأنها مرصعة بأبيات الحكمة التي تزيد من جاذبية شعره وشهرته، ومن الأبيات المشهورة هنا مطلع القصيدة "خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ"، وأشهر بيت في الغزل الحديث "نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلامٌ فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ"، ثم المقطع الشهير "العذارى قلوبهن هواء". 
    أما لحن القصيدة فرغم إمكانياتها الشعرية الهائلة قد خلا من التراكيب اللحنية الحديثة التي ملأ بها عبد الوهاب قصائده فيما بعد. ولم يكن وقتها قد تحرر بعد من الطريقة التقليدية القديمة في تلحين القصائد، وإن كان قد خطا خطوة في اتجاه التحديث حيث انتقل في هذه القصيدة من تلحين الألفاظ إلى سرد بيت بأكمله في جملة واحدة قصيرة. وقد أشار عبد الوهاب نفسه إلى هذا الانتقال كعلامة من علامات التغيير في طريقة التلحين الأكثر حداثة، حيث يعبر اللحن عن الموقف كله ولا يتوقف عند المفردات.
    خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ    وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَنـــــاءُ
    أَتُراها تَناسَت اِسمِيَ لَمّا    كَثُرَت في غَرامِها الأَسماءُ
    إِن رَأَتني تَميلُ عَنّي كَأَن     لَم تَكُ بَيني وَبَينَها أَشياءُ
    نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلامٌ    فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ 
    يَومَ كُنّا وَلا تَسَل كَيفَ كُنّا نَتَهادى مِنَ الهَوى ما نَشاءُ
    جاذَبَتني ثَوبي العصِيَّ وَقالَت أَنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراءُ
    فَاِتَّقوا اللَهَ في قُلوبِ العَذارى   فَالعَذارى قُلوبُهُن هَواءُ

    الجمعة، 17 أكتوبر 2014

    قصائد عبد الوهاب: يا جارة الوادي

    ياجارة الوادي
    كلمات أحمد شوقي
    ألحان وغناء محمد عبد الوهاب - مقام بياتي 1926
    صنف عبد الوهاب يا جارة الوادي كمحطة رئيسية في مشواره الفني، ولكن هناك سببا قويا للاختلاف معه في هذا..! فاللحن تقليدي للغاية ويتبع المدرسة القديمة في تلحين القصيدة وهي طريقة الشيخ سلامة حجازي والشيخ أبو العلا محمد. وهناك من الأعمال المبكرة ما يشكل نقلة نوعية حقيقية في فن عبد الوهاب كانت تستحق ذلك الوصف، مثل في الليل لما خلي وأهون عليك. 
    وربما قصد عبد الوهاب شيئا آخر، غير موسيقي، في تصنيفه هذا، أي إلى كون الأغنية نقلة إلى أعلى في مستوى النص، فهي قصيدة شعرية، وكتبها أحمد شوقي، "بك" وكان يقدم قبل ذلك أغان خفيفة بالعامية، وغنى قصائد أقدم لشوقي لكن ليست من تلحينه. هذا الانتقال كان مدخلا لعبد الوهاب إلى الطبقة الراقية والمثقفة بمن فيهم كتاب وشعراء مصر، وأضاف إلى معجبيه شريحة هامة نافذة من المجتمع تستطيع أن تكتب عنه أو تدعوه إلى حفلاتها.

    يلاحظ أن عبد الوهاب قد خالف قواعد اللغة العربية في غنائه للقصيدة، وهو خطأ نادر عند عبد الوهاب، فقد أظهر حرف اللام الشمسية في كلمة الرياض (ولقد مررت على الرياض) بينما يجب عدم إظهارها. وربما تحير عبد الوهاب في الاختيار بين مد حرف الراء أو التركيز على اللام فاختار الأخيرة لأن مد الراء غير مقبول. لكن على أي حال كان يجب تفادي الاختيارين، خاصة أنه كان أمامه الانتقال بالمد حرفا واحدا إلى الياء الممدودة في نفس الكلمة "الرياض" ويمكنه المد فيها كما شاء دون كسر القواعد، ودون تغيير يذكر في اللحن.
    ومن أشهر أبيات الغزل العربي بيت في القصيدة يقول:
    وتعطلت لغة الكلام وخاطبت .. عيني في لغة الهوى عيناك 
    يا جــــارة الوادي طربت وعـــادني
    ما يشبه الأحـــــلام من ذكــــــــراك
    مثلت في الذكرى هواك وفي الكرى
    و الذكريات صدى السنين الحـــاكي

    ولقد مررت على الرياض بربــــوة
    غناء كنت حيــــالها ألقــــــــــــــاك
    لم أدر ما طيب العناق على الهـوى
    حتى ترفق ساعدي فطــــــــــــواك

    وتأودت أعطاف بانك فى يـــــــدي
    وأحمر من خفريهما خــــــــــــداك
    ودخلت في ليليـــن فرعك والدجى
    ولثمت كالصـــبح المـــــــنور فاك

    وتعطلت لغة الكلام وخاطــــــــبت
    عيني في لغة الهوى عـينــــــــاك
    لا أمس من عمر الزمـــان ولا غد
    جمع الزمان فكان يوم رضــــــاك

    الخميس، 16 أكتوبر 2014

    أغدا ألقاك؟: أم كلثوم - محمد عبد الوهاب

    أغداً ألقاك
    غناء أم كلثوم 1971 - مقام عجم صول ماجير
    كلمات الهادي آدم - ألحان محمد عبد الوهاب 

    أغدا ألقاك؟ يا خوف فؤادي من غد
    يا لشوقي واحتراقي في انتظار الموعد
    آه كم أخشى غدي هذا، وأرجوه اقترابا
    كنت استدنيه، لكن، هبته لما أهابا
    وأهلّت فرحة القرب به حين استجابا
    هكذا أحتمل العمر نعيما وعذابا
    مهجة حرى وقلبا مسه الشوق فذابا
    أغداً ألقاك؟

    أنت يا جنة حبي واشتياقي وجنوني
    أنت يا قبلة روحي وانطلاقي وشجوني
    أغدا تشرق أضواؤك في ليل عيوني؟
    آه من فرحة أحلامي، ومن خوف ظنوني
     
    كم أناديك، وفي لحني حنين ودعاء
    يا رجائي أنا، كم عذبني طول الرجاء
    أنا لولا أنت لم أحفل بمن راح وجاء
    أنا أحيا في غدي الآن بأحلام اللقاء
    فأت، أو لا تأت أو فافعل بقلبي ما تشاء

    هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكر
    هذه الدنيا ليال أنت فيها العمر
    هذه الدنيا عيون أنت فيه البصر
    هذه الدنيا سماء أنت فيها القمر
    فارحم القلب الذي يصبو إليك
    فغدا تملكه بين يديك
    وغدا تأتلق الجنة أنهارا وظلا
    وغدا ننسى، فلا نأسى على ماض تولى
    وغدا نسمو فلا نعرف للغيب محلا
    وغدا للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا
    قد يكون الغيب حلوا، إنما الحاضر أحلى
    أغدا ألقاك؟

    أصبح عندي بندقية: أم كلثوم - محمد عبد الوهاب

    أصبح عندي بندقية
    غناء أم كلثــوم - محمد عبد الوهاب
    شعر نزار قباني - ألحان محمد عبد الوهاب 1969 

    أصبح عندي بندقية - بصوت محمد عبد الوهاب

     
    أصبح عندي الآن بندقية
    إلى فلسطين خذوني معكم
    إلى ربىً حزينة كوجه المجدلية
    إلى القباب الخضر والحجارة النبيَّة

    عشرين عاما
    وأنا أبحث عن أرضٍ وعن وهوية
    أبحث عن بيتي الذي هناك
    عن وطني المحاط بالأسلاك
    أبحث عن طفولتي وعن رفاق حارتي
    عن كتبي عن صوري عن كل ركن دافئٍ وكل مزهرية
    إلى فلسطين خذوني معكم يا أيها الرجال
    أريد أن أعيش أو أموت كالرجال


    أصبح عندي الآن بندقية
    قولوا لمن يسأل عن قضيتي
    بارودتي صارت هي القضية
    أصبح عندي الآن بندقية
    أصبحت في قائمة الثوار أفترس الأشواك والغبار وألبس المنيّة
    أنا مع الثوار أنا من الثوار
    من يوم أن حملت بندقيتي صارت فلسطين على أمتار
    يا أيها الثوار في القدس في الخليل في بيسان في الأغوار
    في بيت لحمٍ حيث كنتم أيها الأحرار
    تقدموا … تقدموا .. إلى فلسطين طريق واحد
    يمر من فوهة بندقية