فقد الجمهور العربي بالأمس القريب الفنان الكبير إلياس رحباني أحد أعلام الموسيقى العربية وصاحب بصمة فنية مميزة قادته إلى أسماع وقلوب الجماهير منذ سبعينات القرن العشرين وإلى اليوم
ولد إلياس في لبنان عام 1938 وبدأ نشاطه الموسيقي بالتلحين عام 1962، ثم عمل مستشارا موسيقيا لإذاعة لبنان بين عامي 1962 و 1972
موسيقى إلياس رحباني
اشتهر إلياس رحباني بالموسيقى التصويرية والمقطوعات الرومانسية، وتميز أسلوبه باستخدام الهارموني والأوركسترا الحديث والجمع بين الأسلوب الغربي والذوق العربي
وضع إلياس موسيقى 25 فيلما وبعض المسلسلات، أشهرها فيلم "دمي ودموعي وابتسامتي" قصة إحسان عبد القدوس وإخراج حسين كمال عام 1973، وفيلم "حبيبتي" للمخرج بركات عام 1974. كما شارك في عدة مهرجانات محلية ودولية، ونشط كعضو في لجان تحكيم برامج المواهب، وإلياس هو الأخ الثالث، الأصغر، للأخوين رحباني عاصي ومنصور
ألحان إلياس رحباني
ألحان لفيروز
بعض أشهر أغاني فيروز كانت من تلحين نسبت أحيانا بالخطأ إلى الأخوين رحباني اللذين قاما بتأليف وتلحين معظم أغانيها، مثل طير الوروار، كان عنا طاحون، وحنا السكران
ألحان لغير فيروز
وله ألحان لكبار المطربين غير فيروز، مثل صباح، وديع الصافي، نصري شمس الدين، نجاح سلام، ملحم بركات، وماجدة الرومي، وفي معظم الأحيان كانت الكلمات أيضا من تأليفه
إلياس رحباني على صفحات كلاسيكيات الموسيقى العربية
قبل نحو 10 سنوات أنشأت شبكة كلاسيكيات الموسيقى العربية صفحة باسم إلياس رحباني على موقعها الموسيقي، وذكرنا في صفحته
"رغم ارتباط موسيقاه بالأفلام السينمائية إلى حد تسمية الموسيقى باسم الفيلم، تميل الموسيقى بشدة نحو شكل المقطوعة الموسيقية الحرة التي تستهدف التعبير عن الإطار العام للدراما أو القصة ولا تترصد المشاهد بموسيقى درامية مناسبة لكل مشهد كما هو معتاد في موسيقى السينما. هذا الاتجاه له نظير سابق في السينما العالمية التي ارتبط كثير من أفلامها بموسيقى مميزة للفيلم مثل قصة حب، الأب الروحي، وأفلام الوسترن وجيمس بوند"
وربما كان هدفه الذي لم يتحقق أن يقوم بعمل موسيقى للسينما العالمية انطلاقا من رصيده الذي تحقق في السينما العربية، غير أن موسيقى السينما تباينت أشكالها وتنوعت، وموريس جار الفرنسي مثالا تميزت موسيقاه بالقدرة على مخاطبة ثقافات مختلفة، كذلك استطاع فرانك بورسيل، الفرنسي أيضا، تقديم موسيقى الشرق بأسلوب عالمي، وفي أفلامه ترك إلياس تسمية الموسيقى لاسم الفيلم كما في نموذج قصة حب والأب الروحي وأعطى موسيقاه خارج الأفلام عناوين مستقلة
وما استطاعه إلياس كان الخروج بموسيقى
الفيلم من نطاق الموسيقى التصويرية إلى نطاق أشمل جعلها تسمع كمقطوعات مستقلة،
وهذا يشبه ما قام به سيد درويش في التلحين المسرحي ومحمد عبد الوهاب في ألحان السينما،
إذ أنهما استطاعا الخروج بالألحان من نطاق العمل الدرامي وأحداثه وشخوصه إلى
الجمهور العام في كل مكان بل وفي كل زمان
على أي حال فإن موسيقى إلياس رحباني قد خطت بالموسيقى العربية خطوة كبيرة في ميدان الرومانسية الحديثة، وأضاف التزامه بالشكل الفني العالمي الحديث في الموسيقى البحتة رصيدا رائعا من التعبير بالموسيقى دون الكلمات، وهو بذلك يكمل رسالة محمد عبد الوهاب التي أطلقها في القرن الماضي وسار بها دربا طويلا في طريق التطوير والتحديث
توفي إلياس رحباني في 4 يناير 2021 عن عمر ناهز 83 عاما بعد رحلة طالت لقرون مع الفن الجميل والممتع، وأغلب الظن أن موسيقاه ستعيش بيننا بعد رحيله لقرون أخرى قادمة، وستظل كما كانت رمزا للرقة والشفافية والحس المرهف
