15. الموسيقى العربية المعاصرة – عصر التليفزيون
بدخول عصر التليفزيون فى الستينات انتقلت الفنون المرئية من المسرح والسينما إلى المنازل والنوادى والمقاهى ، وهذا هو الحال إلى اليوم
قامت أجهزة التليفزيون الرسمية فى كل بلد عربى بتسجيل كل ما استطاعت الوصول إليه من عروض فنية من المسرح ومن الاحتفالات العامة وعروض الفنون الشعبية وحفلات المطربين الكبار مثل أم كلثوم فى حركة تسجيلية كبيرة امتدت من الكويت شرقا حتى المغرب ، كما تشكل فى مصر ما عرف بمسرح التليفزيون بتمويل رسمى قدم العشرات من المسرحيات اعتمد فيها نصوص جيدة لكتاب المسرح التقليديين ولأدباء كبار إلى جانب نقل المسرحيات التى قدمها المسرح القومى فى مصر لأدباء مثل توفيق الحكيم ويوسف إدريس وعبد الرحمن الشرقاوى وغيرهم مما ساهم فى تنمية الحركة المسرحية والثقافية بشكل عام بما فى ذلك اتجاهات الجمهور
قام التليفزيون أيضا بإعادة عرض الأفلام السينمائية القديمة بما فيها من عناصر غنائية وموسيقية وساهم كثيرا بذلك فى الحفاظ على الذاكرة الفنية وتعريف الجمهور الجديد بما لم يتح له مشاهدته من أفلام أثناء عرضها فى السينما ، فأصبح باستطاعة المشاهد الجديد التعرف على نشاط نجوم الفن القدامى فى أى وقت كما أتاح الاستماع إلى الأعمال إلى الأعمال الموسيقية الأقدم والتى كادت تضيع فى زحام النهضة الموسيقية الكبرى التى شهدها ذلك العصر بقيادة محمد عبد الوهاب ومحمود الشريف وكمال الطويل ومحمد الموجى والأخوان رحبانى
لكن الحركة التليفزيونية لم تشهد عودة للمسرح الغنائى الممول جيدا أو رعاية خاصة للفرق الموسيقية العربية وانحصر نشاطه فى تسجيل ما هو موجود من فنون
استعراض نشيد وطني الأكبر - ألحان محمد عبد الوهاب
نشأت القنوات الفضائية فى التسعينات مع دخول تكنولوجيا جديدة إلى السوق وهى القدرة على البث عبر الأقمار الصناعية إلى أى بقعة على الأرض فى مدار القمر ، والتى اعتمدت فى ظهورها أساسا على انتشار التليفزيون كوسط إعلامى
وبينما خصصت محطات التليفزيون الرسمية قنوات فضائية للوصول إلى المناطق النائية فى كل بلد لم تخرج المواد المذاعة عن البرنامج المصمم سلفا للمحطات الأرضية ، ولهذا لم تقدم عناصر جديدة
لكن ظهور القنوات الخاصة فتح الباب أمام سيل من الإنتاج الجديد زاد مع تعدد القنوات التى كثرت عندما انتشرت التكنولوجيا الجديدة وأصبحت متاحة أكثر للمستثمرين وبتكلفة أقل وأرست تقليدا جديدا هو البث على مدار الساعة بدون توقف ، مع هذا اصطبغت معظم القنوات بالصبغة التجارية كونها مؤسسات تهدف إلى الربح وانعكس ذلك سلبا على المواد المقدمة على شاشاتها ، وسنأتى للحديث عن ذلك أكثر عند الحديث عن "عصر الكليب"
مع المنافسة المتوقعة بين القنوات الخاصة اتجه كثير منها إلى التخصص ، فأصبح هناك قنوات إخبارية وقنوات للأفلام وأخرى للأغانى وغيرها للإعلان والتسويق وهكذا .. ، لهذا انحصرت المنافسة فى الفن بين القنوات الفنية التى مع الأسف أصبحت تنافس بعضها بالصورة وليس بالمادة المسموعة مما أدى إلى التسابق فى استخدام وسائل الإغراء البصرى لجذب المشاهد دون أدنى اهتمام بالفن الذى تعمل تحت اسمه وغطائه ، ولذلك تأثرت الحركة الفنية بالسلب تحت ضغوط المنتجين وظهرت صور مشوشة بل معيبة أحيانا باسم الفنون
يبقى التليفزيون فى النهاية هو اللاعب الأساسى فى الوسائط الإعلامية وهو الأداة القادرة على الوصول مباشرة وبسرعة إلى الجماهير فى كل مكان ولا شك أن تأثيره الإعلامى هو الأهم على مستوى العالم ، وإن خفف من ذلك التأثير فى القرن الواحد والعشرين تعدد القنوات إلى عشرات ومئات جعلت الجمهور ينقسم هو الآخر إلى فئات واتجاهات كل يرى ما يفضل أن يراه ، د.أسامة عفيفى ، نتابع فى المقال القادم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق