"إيه انكتب لي" نموذج لألحان عبد الوهاب التي مزج فيها موسيقى الشرق والغرب بطريقته الخاصة في لحن واحد
تحليل موسيقي - د.أسامة عفيفي
في المقدمة نستمع إلى مقطع لحني من جملتين تستدرجان السامع إلى تكوين حوار موسيقي يكتمل بإضافة "رد" على الاستهلال بجملتين تكملان الحوار ، إذ لا يمكن إنهاء المقطع في نهاية أول جملتين حيث لم يكتمل بعد استقرار مقام اللحن الأساسي
المفاجأة في الرد تأتي من خروج اللحن من المقام القريب وهو المينير أو النهاوند إلى مقام بعيد تماما وغير متوقع وهو مقام البياتي الشرقي الذي يستخدم ربع التون ، أقرب مقام كان يمكن توقعه هو مقام الكورد وهو لا يحتوى على ربع تون ويستخدم فى الشرق والغرب ، بهذا استخدم عبد الوهاب تراكيب مستوحاة من ألحان التانجو الغربية وأدخل عليها نغمات شرقية في أقل من عشرين ثانية ، وهكذا فتح الخيال لتركيب جديد على الأذن العربية
الغناء في المذهب يسير على نفس النمط ثم يدخل مباشرة إلى البياتي الشرقي الصريح في جملة "لما سلمتي علي" ليكمل ويختم به الغناء التمهيدي
*
فى الكوبليه الأول يعود عبد الوهاب بالموسيقى والغناء إلى مقام المينير وإيقاع التانجو، وهذه المرة يستغرق فيه للنهاية ، مستخدما فيه ما أمكن من تلوينات ألحان التانجو الشائعة ولا ينسى استعمال آلة التانجو الأساسية وهى الأكورديون لتكتمل الصورة
في الكوبليه الثاني يتناسى التانجو تماما ويعتمد على طرب مقام الراست الشرقي وهو أقرب الاشتقاقات إلى مقام البياتي ، وبهذا تصبح الأغنية مكونة من جزءين أولهما غربي والآخر شرقي ، بالإضافة إلى المذهب الذي قسم إلى جزءين أيضا شرقي وغربي
وفي جميع المقاطع ينساب صوت عبد الوهاب فيما يبدو أنه تلقائية شديدة لكن الحقيقة أن هذا اللحن قد تم صنعه و "هندسته" بطريقة منطقية تماما إن لم تكن "رياضية" .. ولهذا وصف عبد الوهاب بأنه "مهندس ألحان" وليس ملحنا فقط
ولا يخفى أنه بدا في لحن "إيه انكتب لى" يحضر لسلسلة من الألحان التي استخدم فيها نفس الأسلوب وامتازت بها ألحان أفلامه في الأربعينات ، بعين على التجديد من ناحية وبالعين الأخرى على ذوق الجمهور الشرقي الذى يحرص عبد الوهاب على إرضائه دائما وقد نجح في ذلك
لنستمع إلى عبد الوهاب في أحد ألحانه التي تعتبر من مفاتيح وأسرار صناعته للموسيقى والغناء .. إيه انكتب لى .. تحياتى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق