كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2018

مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - القافلة

موسيقى القافلة 
محمد عبد الوهاب 1949 
مقام ري مينير (نهاوند مصور) 
تعد موسيقى القافلة من أعظم مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية إن لم تكن أعظمها على الإطلاق 
أما لماذا ترتفع مرتبة هذه الموسيقى إلى تلك المنزلة فهذا يعود إلى عدة أسباب 
1. إجادة التعبير 
2. وحدة ووضوح الموضوع الموسيقي 
3. تكريس كامل لأدوات الابتكار، الخيال والإبداع والبناء الفني 
4. استخدام التوزيع بشقيه، الهارموني والكاونتر بوينت 
5. الاستخدام البارع للأوركسترا  

ماذا كان لدى محمد عبد الوهاب ليتمكن من صنع هذا كله؟ لم يكن لديه سوى كلمة واحدة هي عنوان المقطوعة! الكلمة هي التي أعطت الفكرة والشكل والمدلول وكل شيء 
هذا بالضبط ما قصده عبد الوهاب عندما سئل عما ينقص الموسيقى العربية قائلا "التعبير بالموسيقى دون كلمات". هذه الإجابة تلخص ماضي الموسيقى العربية الممتلئ بالغناء والطرب، غالبا على حساب التعبير والتحديث، وطريق مستقبلها الذي لن يشهد أي تطور كبير دون تطوير الموسيقى كفن مستقل بمعزل عن الغناء 

عبد الوهاب في "القافلة" يصنع ما قاله بنفسه بالحرف قبل أن يرسم به الطريق أمام الأجيال اللاحقة لتنفض عنها الرتابة والملل ولتنشط إلى التعبير الحقيقي، بأدوات متطورة، عن هويتها وشخصيتها ومشاعرها، ولتتعلم كيف تكف عن اجترار القديم وكيف تبدع الجديد وتبتكر الحديث، ولا تقع فريسة للسطحية والغوغائية، أو استهلاك إبداعات الآخرين 
عمل عبد الوهاب بما نادى به، والأمثلة كثيرة على سيره في هذا الطريق، لكن هل وصلت الرسالة إلى أحد؟ وهل وجدت آذانا صاغية؟ 

تشير المصادر المتاحة إلى تواريخ مختلفة لإنتاج موسيقى "القافلة" 1949، 1955، 1962. وهذا الاختلاف قد يسبب بعض الحيرة نظرا لتطور الموسيقى والأداء الأوركسترالي كثيرا في موسيقى "القافلة" نسبة إلى موسيقات عبد الوهاب السابقة. ولا يهم هنا صياغة الموسيقى نفسها بقدر ما يهم طريقة تنفيذها، وتحديدا باستخدام الأوركسترا الشامل والتوزيع بدلا من "التخت" التقليدي ومدى توفر هذه الإمكانيات وقت إنتاج "القافلة". قد يوصلنا التعمق في البحث "التاريخي" إلى تاريخ الاسطوانة الحقيقي، لكنا سنحاول استخدام طريقة "موسيقية" للاستدلال على إشارات هذه التواريخ 
التاريخ الأقدم، 1949، ليس مستبعدا حيث سبق لعبد الوهاب استخدام الأوركسترا والتوزيع في أوبريت "مجنون ليلى"، 1940، في مقاطع أقرب إلى الموسيقى التصويرية منها إلى الغناء والطرب. وأشرنا في الحديث عن "مجنون ليلى" إلى أن العمل الموسيقي كان لفرقة موسيقى الإذاعة بقيادة عزيز صادق، وهي فرقة ذات مستوى عال في التكوين والأداء، مما يدل على أن هذا التكوين فائق الجودة كان موجودا قبل "القافلة" بعشر سنوات على الأقل ويظهر التكوين الأوركسترالي في أعمال أخرى له في الأربعينات مثل لست أدري، القمح، وعاشق الروح 
التاريخ الأوسط 1955 يقترب من وقت أعمال غنائية تضمنت موسيقى متطورة في أعمال غنائية مثل "لأ مش أنا اللي ابكي" لكنها بعيدة عن الأوركسترا الكلاسيكي المستخدم في "القافلة" 
التاريخ الأحدث، 1962، يقرب "القافلة" من سلسلة "الخيام" التي بدأت في ذلك العام بموسيقى حديثة تنتمي إلى ما يمكن تسميته "الأوركسترالية الإيقاعية" القريبة من الأوركسترا المستخدم في "القافلة" 
أيا كان التاريخ فنحن أمام عمل عظيم بكل المقاييس، إبداعا وأسلوبا وأداء، ونموذج لكيفية التعبير الفائق بالموسيقى عن مشهد ما دون أن ننطق بكلمة غير العنوان. 

التكوين الفني 
المقامات 
المقام الأساسي ري مينير (نهاوند مصور) 
شاهناز 
كورد 
نوا أثر 
الإيقاعات 
رباعي متوسط (مصمودي صغير / مقسوم) 
ثنائي (فوكس) 
الحركات 
1. الحركة الأولى 
سولو كمان حر مقام نهاوند 
سولو أبوا حر مقام نهاوند 
سولو كمان حر مقام نهاوند يتحول إلى شاهناز في ختامه مع تأكيد المقام بالأوركسترا 

2. الحركة الثانية 
مقام شاهناز على إيقاع رباعي متوسط 
إيقاع نغمي 
سولو لثنائي الأبوا / الفلوت موقع ينتهي في مقام الكورد 
إعادة لنفس السولو مع دخول الوتريات بلحن معاكس (كاونتر بوينت) 
إعادة بالأوركسترا لنفس الميلودي مع دخول آلات البوق الفرنسي في الخلفية باللحن المعاكس يتوقف الإيقاع بنهايتها 
فقرة ختامية متسارعة تعيد المقام الأساسي (ري مينر)، يتبادل أداءها آلات النفخ الخشبية والوتريات والآلات النحاسية، تتباطأ في النهاية لتستقر على خامسة المقام الدنيا 

3. الحركة الثالثة 
مقام ري مينير على إيقاع رباعي متوسط 
سولو فلوت حر في المقام الأساسي بمصاحبة آلات الشللو بلحن معاكس ينتهي بجملة قصيرة تؤديها الأبوا والكلارينيت 
إيقاع نغمي رباعي متوسط بتفاعيل شرقية (مقسوم) 
جملة مميزة تؤديها الوتريات بالتبادل مع آلات النفخ الخشبية والنحاسية 
حوار بين آلة القانون والأوركسترا على نفس الإيقاع مع مؤثر صوتي بصوت الفلوت المرتجف بين ضربات الإيقاع التي تميزها الدفوف 
حوار متسارع دون إيقاع بين الوتريات والآلات النحاسية 
حوار بين الوتريات والآلات النحاسية على إيقاع رباعي بضربات مختلفة تحول إلى مقام نوا أثر 
رد لحني على الفقرة السابقة دون إيقاع يستعيد أنغام سولو ثنائي الأبوا / الفلوت ولكن في مقام كورد الحسيني، تؤديه الوتريات تصاحبها الأبوا بلحن عكسي ينتهي بتصاعد سريع إلى قمة السلم بمصاحبة رعشات متصاعدة من آلة التيمباني الإيقاعية 

4. الحركة الرابعة 
مقام نوا أثر على إيقاع ثنائي 
إيقاع نغمي ثنائي سريع (فوكس) 
حوار موقع بين ثنائي الأوبوا / الفلوت والوتريات مقام نوا أثر يتخلله دخول الأوركسترا بجملة اعتراضية تصاعدية إلى جواب الدرجة الثالثة يتوقف الإيقاع بنهايتها 
دوران حول الدرجة الخامسة تؤديه الوتريات دون إيقاع بينما تتدخل آلات النفخ الخشبية والنحاسية لتصنع ختاما أوبراليا متباطئ الخطوات ينتهي في مقام ري مينير 
إعادة للفقرتين الأخيرتين من الحركة الثالثة 

الختام 
مقام نوا أثر 
حوار بين الآلات النحاسية وباقي الأوركسترا دون إيقاع 
ضربات ختامية حادة لكامل الأوركسترا تنهي الموسيقى بختام سيمفوني 

القالب الموسيقي 
لم يتقيد المؤلف بقالب بعينه، شرقي أو غربي، ورغم أن تمحور الموسيقى حول آلة القانون يجعل الشكل يميل بعض الشيء إلى الكونشرتو فهناك أكثر من آلة تعزف أداء منفردا مثل الكمان والأوبوا مما يجعل الموسيقى تخرج عن هذا القالب. أيضا لا يكفي الختام السيمفوني القوي لجعل الموسيقى في قالب السيمفونية لاختلاف التكوين العام لكنها أقرب إلى قالب القصيد السيمفوني الذي يتمتع بحرية أكبر في التأليف والبناء الفني 

التعبير 
تعبر الموسيقى في مجملها عن سير القافلة العربية في عدة صور .. فالقافلة تعتد وتستعد، تتحرك وتستريح، تسرع وتبطئ .. وهي حركة جماعية، لها قائد ودليل، وتشهد مطلع النهار وهبوط الليل .. تثقل بالأحمال وتخف بالآمال .. وتتوزع فيها المهام إلى أن تصل مقصدها بسلام 
والقافلة ظاهرة كونية، لكنها في المنطقة العربية لها خصوصية .. خطوات الجمال، والصحراء الممتدة بلا معالم سوى الرمال، ومسافرون على وقع مزيج من سير القافلة والأنغام العربية 

أدوات التعبير 
التمهيد بتوظيف سولو الكمان الحر في البداية 
الإيقاع باستخدام الإيقاع الشرقي الأصيل (الرباعي المقسوم) في الوسط، والثنائي السريع قرب النهاية 
التسارع والتباطؤ للآلات المنفردة والأوركسترا Acceleration & Deceleration  
•       التصاعد والتخافت Crescendo / Diminuendo 
المقامات باستخدام المقامات الشرقية التي يتميز بها الشرق مثل الشاهناز والنوا أثر والكورد، بجانب المقام الرئيسي، نهاوند، وهي وإن كانت تتميز بخصوصية شرقية لا تحتوي على ربع التون مما يؤهلها للدخول في منظومة أوركسترالية بتوافق تام. وحتى مقام النهاوند تم الاعتماد أكثر على صيغته الشرقية أي جنس الحجاز الموجود فيه وهو يشترك مع الشاهناز والنوا أثر في بعد طويل مقداره ½1 تون لا يستخدم إلا نادرا في الموسيقى الغربية 
الحوار الموسيقي بين الجمل وبين الآلات والأوركسترا 
اختيار الآلات 
  o ينم اختيار الآلات عن ذكاء موسيقي بالغ، فرغم انتماء الآلات إلى الأوركسترا السيمفوني هناك آلة واحدة لا تنتمي إلى هذا الجمع هي آلة القانون، وهي آلة شرقية استطاعت أن تجد لها مكانا مركزيا في الأوركسترا السيمفوني بفضل رؤية المؤلف وحرصه على التعبير عن الجو الشرقي بآلة شرقية وثقته التامة في إمكانية ذلك. 
  o اختيار آلتي الأوبوا والفلوت منفردتين أو كثنائي يعكس آلتي المزمار والناي الشرقيتين ولكن بأداء سيمفوني. ونتذكر هنا أداء آلة الأبوا خاصة في أوبريت "مجنون ليلى" الذي يرتكز على خلفية درامية ذات ملامح عربية صرفة 
التوزيع الموسيقي الآلي والهارموني والكاونتربوينت مع توظيف دقيق لإمكانيات الأوركسترا الكلاسيكي العالمي المستخدم في أداء السيمفونيات 

إسقاطات 
تستحق موسيقى القافلة مقارنتها ببعض الأعمال العالمية لتقارب الأسلوب والأداء رغم اختلاف الألحان 
1. موسيقى مارش سلاف، الموسيقار الروسي تشايكوفسكي 1876 Tchaikovsky 
استخدام مقام النوا أثر الشرقي كمقام رئيسي، وهو فرع من النهاوند (المينير) ونادر الاستخدام في الموسيقى الكلاسيكية العالمية 
استخدام ثنائي الأوبوا / الفلوت 
توظيف الإيقاع كعنصر رئيسي في العمل 

2. موسيقى شهرزاد، الموسيقار الروسي ريمسكى كورساكوف 1888 Rimsky Korsakov 
استخدام سولو الكمان في الاستهلال بأسلوب مشابه، وهنا يجب التنويه إلى براعة عازف الكمان وإجادته للتعبير عن الموسيقى الشرقية بأسلوب كلاسيكي عالمي، وهو ما عرف عن عازف الكمان الأول في مصر، أنور منسي، والذي قام بعزف سولو الكمان في أعمال كثيرة لعبد الوهاب أشهرها مقدمة "الفن"، وهو شقيق عازف القانون الأشهر عبد الفتاح منسي الذي ربما يكون عازف سولو القانون في هذا العمل "القافلة" 
شرقية الملامح الموسيقية وأهمها تكريس الميلودية الغنائية في بعض المقاطع مما يكسبها القابلية للحفظ والتذكر. ورغم عدم استخدام مقامات شديدة الشرقية مثل النوا أثر إلا أن مقام النهاوند المستخدم يمكنه إضفاء الجو الشرقي على الموسيقى بسهولة 
تشترك المقطوعتان في اتباعهما أصول العمل السيمفوني دون التقيد بقالب السيمفونية، وبينما تميل "القافلة" إلى القصيد السيمفوني تميل "شهرزاد" إلى المتتابعة الموسيقية 
3. موسيقى فيلمي الرسالة 1976 وعمر المختار 1981، الموسيقار الفرنسي موريس جار Maurice Jarre 
استخدام مقامي النوا أثر والحجاز الشرقيين إلى جانب النهاوند والكورد 
استخدام ثنائي الأوبوا / الفلوت 
توظيف الإيقاع كعنصر رئيسي في العمل 
ونظرا لحداثة تاريخ هذه الموسيقى التصويرية، يبدو أن المؤلف قد تأثر على نحو ما بموسيقى الشرق، ومنها موسيقى عبد الوهاب، أو قصد ذلك في طريق دراسته للموسيقى الشرقية ليتمكن من التعبير عن الجو الشرقي وحركة القوافل في الصحراء العربية 
وبينما اختار محمد عبد الوهاب إيقاع المصمودي الرباعي "المقسوم" للتعبير عن الجو العربي، اختار موريس جار في عمر المختار إيقاعا عربيا أيضا من التراث الأندلسي يسمى "نوخت" وميزانه 4/7 للتعبير عن خصوصية نفس الجو. 

بهذا المؤلف ارتقى عبد الوهاب بالموسيقى العربية إلى أعلى درجة في تاريخها، لكن بالطبع ساهمت عناصر أخرى في إخراج العمل الفني بهذا الشكل المتقن مثل تكوين الأوركسترا والتوزيع الموسيقي ومهارة العازفين وحرفية التسجيل والهندسة الصوتية، وهي عناصر تعكس ثقافة فنية عالية لجميع مستويات الإنتاج، نقد وتحليل د أسامة عفيفي موسيقى القافلة، مؤلفات محمد عبد الوهاب الموسيقية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق