كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الجمعة، 10 يناير 2025

الموشحات المستحدثة

الموشحات المستحدثة
بحث وتحرير د.أسامة عفيفي

الموشحات في الأصل فن أندلسي عمره أكثر من ألف عام، ظل بعضها محفوظا بنصوصه وألحانه، بينما اندثرت ألحان كثير منها وتم حفظها كنصوص فقط. تشكل الموشحات المستحدثة معظم الموشحات المتداولة في القرن 19، 20، 21، وهي نوعان

  • موشحات مستحدثة لحنا فقط
  • موشحات مستحدثة نصا ولحنا

من ملحني هذه الموشحات محمد عثمان، أبو خليل القباني، عثمان الموصلي، كامل الخلعي، سيد درويش، محمود صبح، درويش الحريري، ومحمد عفيفي. ومنها ما تم دمجه في ألحان أغان حديثة على يد الملحنين الجدد مثل بليغ حمدي، محمد الموجي، ومحمد سلطان كما في قدك المياس، كامل الأوصاف، والعيون الكواحل

كيف ظهرت الموشحات المستحدثة؟
نبعت الحاجة لصياغة ألحان جديدة للموشحات من مصدرين:
1. وجود مئات من النصوص مدونة في كتب التراث مع ذكر مقاماتها أو ضروبها على الأقل لكن دون ألحانها. وهي تسجل تراثا كان حيا ومتداولا لمئات السنين وانتشر من الأندلس إلى غيرها واستمر انتشاره حتى بعد زوال دولة الأندلس في نهاية القرن الخامس عشر. لم تستطع الكتب حفظ الألحان التي تم وضعها قبل ظهور تقنية تسجيل الصوت، ورغم نجاح بعضها في الاستمرار شفويا وسماعيا في ذاكرة الشعوب ظل الباقي مختزنا كتراث أدبي غير مسموع
2. اهتمام الجمهور العربي باسترجاع فن الموشحات من خلال موجتين، الأولى موجة النهضة الفنية في أواخر القرن 19 وأوائل القرن العشرين على يد محمد عثمان وكامل الخلعي وسيد درويش، والثانية موجة العودة للتراث في ستينات القرن العشرين التي ساهمت فيها عدة مؤسسات

  • فرقة الموسيقى العربية / عبد الحليم نويرة / القاهرة
  • كورال سيد درويش / محمد عفيفي / الإسكندرية
  • صباح فخري وفرقته / سوريا
  • الأخوان رحباني وفيروز / لبنان
  • فرق التراث الأندلسي المغربية

اشتد شغف الجمهور الجديد بالموشحات إلى أنه رحب بالاستماع إلى كافة أنواعها، القديم والحديث، وكما أقبل على حفلاتها أقبل أيضا على شراء اسطواناتها وشرائطها

التدوين الموسيقي للموشحات
مع غياب ألحان كثير من النصوص الأندلسية نتساءل لماذا لم يتم تدوينها بالنوتة الموسيقية كما حدث مع الموسيقى الأوربية؟
لا توجد إجابة مباشرة لهذا السؤال، ولكن يمكن عرض بعض ملامح تلك الفترة لنستطلع ماذا حدث
1. تم ابتكار التدوين الموسيقي الغربي
(دو ري مي) في أوائل القرن 11 (1025) على يد الموسيقار الإيطالي جويدو. وبدأت الموسيقى الأوربية استخدامه في القرن 12 بعد استكمال نظامه
2. نشأت دولة الأندلس في القرن الثامن 8 والموشحات في القرن التاسع 9 ( من عام 800م
) واستمرت حتى القرن 15 (بداية عصر النهضة)
3. يفهم من هذا أنه عند ظهور التدوين الموسيقي كان عمر دولة الأندلس (711 – 1492) أكثر من 300 عام، وعمر الموشحات أكثر من 200 عام واستمرت بعده أكثر من 400 عام أخرى
تجمع المراجع على انتشار فنون الأندلس عبر فرنسا وألمانيا إلى سائر أنحاء أوربا، بما فيها الالآت الموسيقية التي اتخذت أسماء مشتقة من أسماء الآلات العربية. كانت أوربا تحيا حياة القرون الوسطى، حيث لا فن ولا إبداع، حتى تدوين السلم الموسيقى تذكر بعض المصادر انه ذو أصل أندلسي. هذا يعني أن انتشار الحركة الفنية كان في اتجاه واحد وأن الأندلس كانت لا تستورد ثقافة بل تصدر فقط

4. شيء ما استعصى على الطرفين نقله أو استخدامه

  • لم تستطع أوربا أداء وتدوين الألحان الشرقية التي تستخدم ربع التون وثلاثة أرباعه حيث يتألف السلم الغربي من 12 علامة، نصف درجة بين كل علامتين ولا مكان للأرباع
  • لم يمكن للأندلسيين استخدام النظام الغربي الخالي من الأرباع في تدوين المقامات الشرقية التي يتألف سلمها من 24 علامة، ربع درجة بين كل علامتين، فلم يدون به إلا الألحان الخالية من ربع التون مثل "لما بدا يتثنى"، وربما كان هذا سبب شهرته

5. نتج عن هذا الوضع كم ضخم من الألحان الشرقية لم يمكن تدوينه أو عزفه على السلم الغربي
6. مع بداية عصر النهضة في القرن 15 أخذت أوربا في التطور بينما أفل نجم الأندلس بسقوط غرناطة عام 1492. دون الأوربيون موسيقاهم التي تطورت كثيرا، وما طالوه من موسيقى الأندلس أيضا، بينما هاجرت الفنون الأندلسية إلى جنوب البحر المتوسط، غالبا دون تدوين، وتم تداولها شفهيا عبر الأقطار العربية

7. هذا عن التدوين بالطريقة الغربية، لكن كان هناك تدوين بطريقة أخرى هي الطريقة الأبجدية التي وضعها صفي الدين الأرموي البغدادي (1216 – 1294) أيام الخلافة العباسية في فترة موازية لازدهار فنون الأندلس (القرن 13) وربما ساهمت في حفظ المتداول من الألحان حتى تم تدوينها بالطريقة الحديثة وظهور تقنية تسجيل الصوت
8. استمرت الأوضاع على هذا النحو إلى أن بدأت تظهر الحلول في العصر الحديث


نموذج موشح قابل للتدوين بالسلم الغربي
لما بدا يتثنى/ مقام نهاوند / فرحفزا
(صول مينير)


نموذج موشح غير قابل للتدوين بالسلم الغربي
يا غصن نقا / مقام هزام

تطور نظام التدوين الشرقي
1. توصل الموسيقيون الشرقيون الأتراك إلى حل معضلة تدوين الأرباع بإضافة علامتي تحويل على السلم الغربي إحداهما تنقص الدرجة ربع تون
(نصف بيمول) والأخرى ترفعها ربع تون (نصف دييز) ويمكن وضع أي منهما على أي علامة ثابتة في طريق النوتة. بذلك احتفظ الغرب بسلمه بينما طوره الشرقيون ليستوعب نغمات الشرق والغرب، مع ملاحظة أن هذا الإجراء صالح فقط للغناء والآلات الوترية

2. نظرا لوجود نغمات ربع التون وثلاثة أرباعه في التراث الموسيقي لأوربا الشرقية بدءا من بلاد التشيك، استحدث الأوربيون الشرقيون تقنيات تطوع الآلات الغربية الكلاسيكية مثل الكلارينيت والأوبوا والترومبيت بحيث تستطيع أداء الموسيقى الشرقية، غير أن هذه الآلات لم تجد طريقا إلى الشرق العربي الذي ساد فيه استعمال التخت التقليدي
3. لكن هذه التطورات لم تحل مشكلة الموشحات تماما، إذ أنها كانت جميعها بالعربية ولم تكن ضمن التراث التركي أو الأوربي الشرقي. ولم يكن الفرق بين هذه القوميات في اللغة فقط بل كان موسيقيا أيضا، فعلى سبيل المثال يختلف موضع ربع التون التركي عن ربع التون العربي في العزف والصوت، ولذلك فإن استخدامه ينتج موسيقى تركية وليست عربية ولهذا كان على الموسيقى العربية أن تجد حلا خاصا بها
4. التقت جميع الأطراف المهتمة بالموسيقى العربية في المؤتمر الدولي الذي عقد بالقاهرة عام 1932 بحضور فنانين وعلماء من الشرق والغرب، وكان من نتائجه: 

  • اعتماد السلم العربي المكون من 24 درجة تقسم المسافات بينها إلى أرباع 
  • اعتماد مسافة ثلاثة أرباع بتقسيم مسافة قدرها تون ونصف في السلم الطبيعي الغربي (ري/ مي/ فا ، لا/ سي/ دو) إلى مسافتين متساويتين كل منهما 4/3 تون (بدلا من تون كامل يتبعه نصف تون)، وينتج عن ذلك درجة جديدة (مي الجديدة ، سي الجديدة) تقع تماما في المنتصف الرياضي بين الدرجتين السابقة واللاحقة (ري/ فا ، لا/ دو)، مع تطبيق نفس التقسيم في أي مناطق مشابهة على أي سلم بنسق نغمات ثانية/ ثالثة/ رابعة، وسادسة/ سابعة/ ثامنة، (خلافا للنظام التركي الذي يقسم المسافة قسمين غير متساويين)
  • اعتماد التدوين الموسيقي الغربي مع إضافة علامات التحويل في المقامات الشرقية
  • توحيد المنطقة الصوتية للسلالم الشرقية والغربية (كان الفرق 5 درجات في النظام التركي القديم)
  • تسجيل نماذج للمقامات العربية وأصواتها

فروق التدوين بين النظامين الشرقي والغربي
1. يتضح من هذا العرض أن الفرق بين السلم الشرقي والغربي الطبيعي ينتج عن خفض الدرجتين الثالثة والسابعة
(مي، سي) بمقدار ¼ تون
2. عند إنشاء سلم جديد
(مقام) من أي درجة بنفس الأبعاد، ستظهر الحاجة لخفض درجات أخرى غير "سي" و "مي" تبعا لموقعها في السلم (الثالثة والسابعة)

3. نماذج علامات التحويل في السلالم الشرقية الرئيسية

  • سلم الدرجة الأولى/ راست: علامتان، سي ½ بيمول، مي ½ بيمول
  • سلم الدرجة الثانية / بياتي :علامتان، سي ½ بيمول، مي ½ بيمول (أو سي ½ بيمول فقط)
  • سلم الدرجة الثالثة/ سيكاه : علامتان، سي ½ بيمول، مي ½ بيمول

4. يلاحظ أن علامات التحويل توضع لنفس الدرجات (سي، مي) في السلالم الثلاثة، وهذا يؤكد أن هذه السلالم هي في الحقيقة سلم واحد ولا تختلف إلا في درجة الركوز (البداية)

5. أما في السلالم الشرقية غير المشتملة على ربع تون فلا فرق على الإطلاق بينها وبين السلالم الغربية سواء في التدوين أو الأداء
6. على أي حال مهما بدت هذه الفروق بسيطة نظريا فإنها تحدث فارقا كبيرا في السماع والتذوق والإحساس، وهو ما يرقى إلى درجة الاختلاف الثقافي الشامل بين نظامين، وأسلوبين، وحضارتين

مقام الراست

مقام البياتي
مقام السيكاه
روابط 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق