11. الموسيقى العربية المعاصرة - انتهاء عصر الطرب
خصائص الغناء الجديد
خصائص الألحان الجديدة
سارت في الطريق الجديد مجموعة أصوات متميزة مثل كارم محمود ، محمد قنديل ، محرم فؤاد ، نور الهدى ، أحلام ، نازك ، هدى سلطان ، شادية ، صباح ، نجاح سلام ، ، وردة الجزائرية ، فايزة أحمد ، نجاة الصغيرة ، يقودهم مجموعة ملحنين متميزين مثل محمد الموجي وكمال الطويل ، بليغ حمدي ومحمد فوزي بالإضافة إلى محمد عبد الوهاب والقصبجي، والمطربة فيروز بألحان الأخوين رحباني
أدى ظهور عبد الحليم حافظ ومعه جيل جديد من الملحنين والمطربين في أواسط القرن العشرين إلى انتهاء عصر الطرب.
تجرد أداء عبد الحليم من الأسلوب المطرب وتفرد بخصائص جديدة. لم يقتصر الأمر على غناء عبد الحليم بأسلوب جديد بل امتدت موجة من التجرد والحداثة إلى أصوات أخرى جديدة إلى جانب تأثر المطربين القدامى بها أيضا فغيروا من أسلوبهم
تجرد أداء عبد الحليم من الأسلوب المطرب وتفرد بخصائص جديدة. لم يقتصر الأمر على غناء عبد الحليم بأسلوب جديد بل امتدت موجة من التجرد والحداثة إلى أصوات أخرى جديدة إلى جانب تأثر المطربين القدامى بها أيضا فغيروا من أسلوبهم
خصائص الغناء الجديد
1. صوت مستقيم ليس فيه تجويد ولا زخرفة ، اختفى من أدائه ما يسميه الموسيقيون " العرب " ، بضم العين ، وأصبح الغناء على طريقته أقرب إلى الكلام منه إلى الغناء
2. الاعتماد على الميكروفون ، لم تعد قوة الصوت مطلوبة مع ظهور الميكروفون
3. الابتعاد عن أداء الموال والارتجال في الغناء
4. توظيف الألحان الخفيفة ، ساعده في ذلك الملحنون الجدد مثل محمد الموجي وكمال الطويل
5. استخدام أقل للمقامات العربية ، بفضل لجوء الملحنين الجدد إلى استخدام المقامات السهلة
6. محدودية المدى الصوتي ، فجميع ألحان عبد الحليم تقع في المنطقة الصوتية الوسطى
7. الالتزام بالطريقة الجديدة وعدم العودة مطلقا إلى الطرق القديمة ، بل إنه في إحدى أغنياته يغني عبد الحليم مقطعا من الغناء القديم في وسط الأغنية ويتبعه متهكما بقوله " وباغني قديم وانا إيه ذنبي !" هذا لم يؤد فقط إلى انتهاء عصر الطرب بل إلى ازدرائه أيضا
حبك نار - غناء عبد الحليم حافظ
ألحان محمد الموجي - كلمات مرسي جميل عزيز
1. التعبير الكلي
حل التعبير عن الموضوع محل التعبير عن الكلمات ، وأصبح الجو السائد في اللحن هو مقياس التعبير مقاما وإيقاعا بدلا من التعبير عن الألفاظ
2. سرعة الإيقاع
أصبح الإيقاع السريع أكثر استخداما مسايرة لأشياء كثيرة تغيرت فى الحياة فيما وصف بعصر السرعة
3. قصر الألحان
اقتصرت معظم الألحان على بضع دقائق
4. التجريد مقابل الميلودية
بداية من الخمسينات ظهرت ألحان جديدة بعدت كثيرا عن الطرب ، بل ولا يمكن استعادتها أو حفظها من قبل الجمهور. وبينما كان للموسيقى فيها دور بارز ، تخلت ألحان كثيرة عن الطرب في الغناء أيضا ، مثل هذا الاتجاه بوضوح الملحن محمد الموجي
5. تطوير التخت الشرقي
زاد استخدام الآلات الغربية في الفرق الموسيقية وأصبح للفرق الموسيقية عدة أشكال حسب جو اللحن ، فمنها ما اقترب من الأوركسترا الغربي بتكويناته الكبيرة التي تسمح باستخدام الهارموني في بعض الأجزاء ، ومنها ما يشبه فرق الجاز ، ومنها فرق تقليدية أضيفت إليها الآلات الجديدة مثل ، الوتريات الكبيرة كالشيللو والكونترباص ، الماندولين ، ، الجيتار ، وبعض الآلات الهوائية كالكلارينيت والأوبوا بالإضافة إلى آلات إيقاعية غربية ، وساد هذا النوع الأخير أو "المختلط" شكل الفرق لعقود عديدة
6. استخدام المقامات
رغم هذه التغيرات فإن المقامات المستخدمة كانت تضم مقامات شرقية خالصة مثل البياتي والراست والصبا والحجاز والنهاوند والسيكاه ، لكن مقامات كثيرة اختفت تقريبا من الوجود مثل الحجاز كار ، النوا أثر ، بستة نكار ، زنجران ، ربما لصعوبة أدائها واحتياجها إلى أصوات كبيرة ذات مدى واسع لم تتوافر للجيل الجديد ، وكانت النتيجة تقلص عدد المقامات المستخدمة
.
لم يقاوم هذه التيارات غير أم كلثوم وملحنوها ، أما محمد عبد الوهاب فقد بدأ وحده تلك المرحلة قبل الجميع في طريق بحثه عن أساليب جديدة في التلحين مع حفاظه على شرقية ألحانه.
المفارقة الكبرى هي احتفاظ محمد عبد الوهاب بالريادة في هذا الاتجاه أيضا ، فرغم تربعه على عرش الطرب كان هو نفسه الذى بدأ التغيير من الميلودية الغنائية إلى التجريد ، وظهرت ميوله إلى التغيير في عصر مبكر جدا كما نسمعه في لحن "أهون عليك" عام 1928 ، ثم لحقه محمد القصبجي في ألحان أسمهان وليلى مراد فى الأربعينات ثم الملحنين الجدد في الخمسينات
المفارقة الكبرى هي احتفاظ محمد عبد الوهاب بالريادة في هذا الاتجاه أيضا ، فرغم تربعه على عرش الطرب كان هو نفسه الذى بدأ التغيير من الميلودية الغنائية إلى التجريد ، وظهرت ميوله إلى التغيير في عصر مبكر جدا كما نسمعه في لحن "أهون عليك" عام 1928 ، ثم لحقه محمد القصبجي في ألحان أسمهان وليلى مراد فى الأربعينات ثم الملحنين الجدد في الخمسينات
ورغم أن ملحني أم كلثوم قد ساروا في الاتجاه المحافظ تأثرا برغبتها الاستمرار فى الأداء الشرقي التقليدي الباحث عن الطرب ومنهم محمد الموجي ، كمال الطويل وبليغ حمدي فإن هؤلاء الملحنين انقسموا في أعمالهم عامة إلى وجهين:
1. وجه كلاسيكي عندما يلحنون لأم كلثوم
2. وجه آخر بألحان خفيفة للمطربين الصغار
سارت في الطريق الجديد مجموعة أصوات متميزة مثل كارم محمود ، محمد قنديل ، محرم فؤاد ، نور الهدى ، أحلام ، نازك ، هدى سلطان ، شادية ، صباح ، نجاح سلام ، ، وردة الجزائرية ، فايزة أحمد ، نجاة الصغيرة ، يقودهم مجموعة ملحنين متميزين مثل محمد الموجي وكمال الطويل ، بليغ حمدي ومحمد فوزي بالإضافة إلى محمد عبد الوهاب والقصبجي، والمطربة فيروز بألحان الأخوين رحباني
.
بين عصر الطرب والأغنية الفردية
غير أن انتهاء عصر الطرب لا يعني على الإطلاق انتهاء عصر الأغنية الفردية فهذا مقام وذاك مقام آخر. وقد استمر عصر الغناء الفردي وترعرع من الثلاثينات وحتى أواخر القرن العشرين بعنصريه الطربي واللاطربي ، وأهم ما تركه أعمال عبد الوهاب وأم كلثوم وفيروز
والواقع أن مرحلة الثلاثينات لم تكن بدايته بل فى الحقيقة عودة إلى ما كان عليه الغناء فى القرن التاسع عشر أيام عبده الحامولي وكوكبة المشايخ الفنانين التي ظهرت في أوائل القرن العشرين.
وما فعله عبد الوهاب وأم كلثوم هو بالفعل عودة إلى عصر الغناء الفردي ، الطربي بالذات ، وليس بداية له ، وبذلك تبدو مرحلة المسرح الغنائي التي كان رائدها سيد درويش جملة اعتراضية في سياق طويل. لكنها يجب ألا تبدو كذلك بعين الناقد فمسرح سيد درويش الغنائي كان تطورا إيجابيا في طريق تقدم الموسيقى والغناء وما حدث بعد وفاته يمكن أن يعتبر حركة إلى الخلف رغم كل إيجابيات الإبداع الفردي
وما فعله عبد الوهاب وأم كلثوم هو بالفعل عودة إلى عصر الغناء الفردي ، الطربي بالذات ، وليس بداية له ، وبذلك تبدو مرحلة المسرح الغنائي التي كان رائدها سيد درويش جملة اعتراضية في سياق طويل. لكنها يجب ألا تبدو كذلك بعين الناقد فمسرح سيد درويش الغنائي كان تطورا إيجابيا في طريق تقدم الموسيقى والغناء وما حدث بعد وفاته يمكن أن يعتبر حركة إلى الخلف رغم كل إيجابيات الإبداع الفردي
.
وهنا يجب الإشارة إلى أن سيد درويش هو أول من اتجه إلى تغيير التركيز على التطريب إلى التعبير وهو رائد المدرسة التعبيرية بكل المقاييس كما ذكرنا فى أكثر من مقال د.أسامة عفيفى ، ويظهر ذلك بوضوح فى ألحانه المسرحية التي تعيش في جو مختلف عن أدواره وموشحاته التي هي من تراثه فى الألحان التقليدية. ورغم أن ألحانه المسرحية تعتبر غنية بالجو الطربي الذي لم يتخل عنه تماما لإيمانه بثقل هذا الموروث في وجدان الناس فقد بلغ بالمسرح أوجا جديدا في التعبير في أوبريت "الباروكة" التى قصد فيها توصيل رسالته بأقل قدر من التطريب. أما لماذا فقد وصف سيد درويش هذا الاتجاه بأنه يهدف إلى الوصول إلى المجتمع الإنساني أينما كان ، ولهذا عليه تقليل الاعتماد على اللكنة الموسيقية المحلية حتى يفهمها ويستوعبها كل إنسان مهما كانت ثقافته
ويظهر من هذا الوصف أنه كان بصدد حركة تطوير كبرى لم يمهله القدر لإكمالها بوفاته المبكرة، تمثلت في أبعاد جديدة على الفن العربى هي المسرح الغنائى ، الغناء الجماعي والحواري ، المدرسة التعبيرية ، وإعادة صياغة التراكيب اللحنية بما يقلل الاعتماد على الثقافة المحلية ويقدم الفنون العربية إلى العالم كما يقدم العالم فنونه إلينا
د.أسامة عفيفى ، نتابع رحلة الغناء والموسيقى فى المقال القادم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق