هذا الموضوع مأخوذ من الموسيقى الغربية، سوف أتناوله بالطريقة الغربية لأن ذلك سوف يساعدنا لاحقا على فهم وتحليل الجمل في الموسيقى العربية।
سوف أبدأ بأبسط أنواع الجمل الشائعة وبعد ذلك أتطرق قليلا للجمل الأكثر تعقيدا.
سأتوخى عدم التعقيد في الشرح ما أمكن وسوف أبدأ ببعض التعريفات لبعض المصطلحات التي سوف أستخدمها في شرحي:
القفلة الموسيقية Cadence: هي عبارة عن تتابع تآلفين أو كوردين بشكل أو نسق معين، وتأتي عادة في نهاية العبارة أو الجملة (بعض القفلات تأتي في وسط العبارة أو الجملة)।
الكورد أو التآلف Chord or Triad: هو عبارة عن ثلاث أو أربع نوتات أو أكثر وتكتب بشكل عمودي أي نوتة فوق أخرى لكي تعزف في آن واحد।
البار الموسيقي Bar or Measure : هو عبارة عن مجموعة من النوتات تكتب على المدرج الموسيقي وفي حالة عدم تغيير الميزان الموسيقي فإن مساحة أو طول البارات تكون متساوية (أي أن ما يحويه البار من نوتة أو مجموعة من النوتات تكون متساوية في كل البارات)।
مثل اللغة والشعر تتكون الموسيقى من جمل وعبارات، ففي الشعر كل قصيدة (عمودية) تتكون من أبيات وكل بيت يتكون من شطر وعجز، وكذلك الحال مع اللغة فكل كتاب مكون من فصول وكل فصل مكون من أجزءا وكل جزء مكون من جمل وعبارات، وكل جملة ممكن أن تتكون من عبارتين أو أكثر।
الحال هو نفسه مع الموسيقى فلو كان لدينا عمل موسيقي كبير كأن تكون سيمفونية على سبيل المثال فهذه السيمفونية تتكون من عدة حركات (أربعة في العادة) وكل حركة تتكون من عدة أقسام (بحسب القالب المبني عليه ذلك العمل)، وكل قسم يتكون من جمل وكل جملة تتألف من عبارتين (أو أكثر)
الجمل الاعتيادية البسيطة مكونة من عبارتين وهتين العبارتين تكونان متساويتين في الطول في حالة كون الجملة بسيطة ومنتظمة.
الجملة البسيطة المنتظمة Simple Regular Period :
موسيقيا الجملة الموسيقية البسيطة المنتظمة (التقليدية) تتكون من ثمان بارات وهذه الجملة تقسم إلى عبارتين كل عبارة تتكون من أربع بارات (في أحيان أخرى يكون طول الجملة 16 بار بدلا من 8 بارات كالمثال الأول لبيتهوفن الذي سوف نسمعه في الفيديو)
تنتهي كل عبارة موسيقية (في الموسيقى الغربية) بقفلة، هذه القفلة تكون وظيفتها كوظيفة النقطة أو الفارزة أو علامة الاستفهام أوعلامة التعجب في هناك عدة أنواع من القفلات وهي أربعة رئيسية "تقسم لأنواع أخرى" لكنني سوف أتطرق لنوعين منها فقط
القفلة التامة Perfect Cadence: وهي قفلة توحي بانتهاء الجملة أو العمل وتضفي للسامع إيحاءا بالارتياح، أما نظريا فهي عبارة عن تتابع كوردين (أو تآلفين) حيث يكون الكورد الأول هو كورد الدرجة الخامسة والثاني كورد الدرجة الأولى (أحيانا يستبدل كورد الدرجة الخامسة بكورد بديل يؤدي نفس الوظيفة، في هذه الحالة وفي بعض المدارس أو المناهج الموسيقية لا يتم تسميتها بالقفلة التامة)
القفلة غير التامة "أو النصفية كما تدعى أحيانا" Imperfect or Half Cadence : عادة ما تستخدم في نهاية العبارة الأولى وهي تعطي السامع إحساساً بعدم الارتياح ولا تعطيه الإحساس بالنهاية بل توحي بنوع من التساؤل ويتطلب وجود جواب لهذا السؤال। نظريا فهي القفلة التي تنتهي بالدرجة الخامسة (أحيانا يستبدل تآلف الدرجة الخامسة بتآلف بديل يؤدي نفس الوظيفة كتآلف الدرجة السابعة)
العبارة الأولى تسمى عبارة قَبْليّة والعبارة الثانية تسمى عبارة بَعْديّة.
سوف نلاحظ من خلال الجمل التي سوف نستمع لها في الفيديو التالي أنها مقسمة إلى عبارتين متساويتين في الطول وسوف نلاحظ أيضا أن بداية العبارة الأولى تشبه بداية العبارة الثانية
تحيات: أحمد الجوادي ।
عرض أكثر من رائع .. علمى ومبسط وواضح .. والنموذج الصوتى لا يمكن أن يكون أكثر وضوحا ..
ردحذفتحياتى إليك أستاذ جوادى وفى انتظار بقية السلسلة بشغف شديد ، والتى أعتقد أنها ستكون مطولة ومفصلة ومفيدة للمتخصص والهاوى على السواء
إشارتك إلى المدخل الغربى فى التحليل إشارة واقعية إلى المدخل العلمى المنهجى الذى أخذ حقه فى الغرب منذ زمن طويل بحيث استقرت القواعد والنظريات ، وهو فى الواقع قابل للتطبيق على الموسيقى الشرقية ، ويؤكد ذلك أن الموسيقى تنبع من نفس المنبع الوجدانى والعقلى لكل الإنسانية وإنما قد وجدت القواعد بعد تأمل ومعرفة "كيف تتألف الموسيقى" بصرف النظر عن المكان والزمان
بقى القول بأن النماذج التى أوردتها تمثل ، مع هذا، كيفية التأليف الموسيقى "الكلاسيكى" والذى امتدت قواعده إلى العصر الرومانسى وتأثرت به الموسيقى الشرقية كثيرا فى القرن العشرين بينما كانت الموسيقى الغربية تأخذ طريقا آخر مع بدايات القرن بعيدا عن هذه الطرق التقليدية موظفة اتجاهات جديدة تكسر النمطية والنمذجة بعد ما تعرضت له الإنسانية من عصور الاستبداد وصدمات الحروب وانطلقت إلى طرق أكثر حرية فى التعبير .. وكثيرا ما وصفت تلك الاتجاهات بأنها تسير فى طريق تطوير الموسيقى بينما وصفت أحيانا بأنها مسار إجبارى بعد حالة التشبع والتفوق التى وصلت إليها الموسيقى الغربية فيما سبق من عصور ، وبينما لم تتبع خطاها موسيقى الشرق التى ترتكز أساسا على العاطفة والوجدان مع ميلها التقليدى إلى المحافظة على التراث
تحياتى وتوقعاتى بسلسلة رائعة ومشوقة
عزيزي دكتور أسامة المحترم
ردحذفشكرا جزيلا لك على كلماتك الجميلة،
سيكون هناك حلقة ثانية فقط فأنا كنت قد فكرت بأن تكون هناك حلقات لاحقة وهي عن الموسيقى العربية لكن وقتي لم يساعدني على عمل المزيد، لكن يوجد لدي موضوع آخر سوف أنشره بعد هذا الموضوع وهو موضوع فيه نوع من الغرابة ولم أجد أحدا قد كتب فيه سوى عازف بيانو أمريكي في اليوتيوب ولكنه لم يكن بالمستوى المطلوب.
نعم هناك فارق بين بناء الجملة الموسيقية الغربية والعربية أو الشرقية بسبب وضوح الجملة الغربية وسبب هذا الوضوح هو القفلات الموسيقية التي تساعد كثيرا على فهم وتحليل الجملة، لكن موسيقانا هي موسيقى حسية وتخلو من الهارموني، هذا السبب الذي يجعل تحليلها ليس سهلا وليس تقليديا، لكن ممكن أن نعتمد الأسلوب الغربي في تحليل الجملة الموسيقية لفهم الجمل الموسيقية العربية أو الشرقية.
سوف أنشر الحلقة الثانية قريبا جدا، ربما اليوم إنشاء الله.
خالص تحياتي
أحمد الجوادي