أراد جورج أبيض الذى اعتاد المسرح الجاد أن يجرب المسرح الخفيف تحت ضغط الفرق الكوميدية المنافسة. لم تنجح التجربة المسرحية لكن شيئا آخر جذب الجمهور بشدة هو ألحان سيد درويش. فقد أحس الجمهور بأنه أمام تيار فني جديد، وسرعان ما انتقلت هذه الأخبار إلى الفرق الأخرى التي خشيت المنافسة بالألحان فتسابقت لاكتساب سيد درويش إلى جانبها
فى خلال أشهر قليلة أصبح سيد درويش يلحن لجميع الفرق المسرحية بالقاهرة، مثل نجيب الريحانى، على الكسار، ومنيرة المهدية، وبلغ من غزارة إنتاجه أن قيل عنه أن باستطاعته تلحين خمس روايات في شهر واحد
أوبريت العشرة الطيبة - ألحان سيد درويش
في غضون عامين اندلعت ثورة 1919 وانطلق سيد درويش في إذكاء روح الثورة بالأناشيد والأغانى الوطنية، وساهم المسرح الغنائي كثيرا في الثورة على القصر الفاسد والاحتلال الأجنبى بنصوص تحارب الاستبداد وتعلي من شأن الرموز الوطنية والشعبية، وكان القاسم المشترك في نجاحها هو ألحان سيد درويش بانتشارها الهائل بين الناس
كان السبب الرئيسي في نجاح سيد درويش هو قدرته على التعبير عن الكلمات والمضمون تعبيرا موسيقيا لحنيا وبأدق ما يمكن من خيال وتصوير، ولم تكن الألحان قبله على أدنى صلة بالكلمات والموضوع
لم يكن سيد درويش وحده فى الساحة الفنية وقتها، بل كان هناك عمالقة المدرسة الطربية القديمة مثل داود حسنى وكامل الخلعى وابراهيم القباني، لكن كان على سيد درويش منافستهم أراد أم لم يرد، وخرج من تلك المنافسة متفوقا وبسلام
وربما كان سر ذلك أن الفن عند سيد درويش لم يكن مهنة لكسب القوت، وإنما كان عشقا للحرية والتعبير، ورسالة وطنية رفع لواءها عن جدارة واستحقاق، وقد جعل الفن للشعب بعد أن كان مقصورا على النخب والسلاطين
لم يعش سيد درويش طويلا فقد توفي في ريعان شبابه وهو في الحادية والثلاثين من عمره لكنه فجر ثورة فنية مازالت أصداؤها تتردد حتى اليوم، ويكفي لاعتباره الرائد الأول والأكبر اعتراف جميع ملحنينا الكبار مثل عبد الوهاب وزكريا والقصبجي والسنباطي بأنهم قد تعلموا في مدرسته
روابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق