رحلت كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي أم كلثوم عن الدنيا في 3 فبراير عام 1975، بعد نصف قرن من العطاء والنجاح قدمت خلاله لأفضل ما تغنى به العرب.
قيل في أم كلثوم أنه لم يجتمع العرب على شيء مثلما اجتمعوا في صوت أم كلثوم ، وأضحى الغناء بصوتها رمزا للعروبة، فقد حرصت على تقديم شعر كبار الشعراء قديمهم وحديثهم، واستطاعت توحيد الوجدان العربي بما قدمته من أشعار وألحان وبصدقها الشديد في التعبير عن هوية أمتها.
وعرفت أم كلثوم بشخصيتها القوية واحترامها لنفسها ولفنها، ولذلك نالت احترام الجميع، الشعوب والحكام والبسطاء والوجهاء. وتفردت بمكانة عالية في الفن والمجتمع.
أم كلثوم - ملحنون وشعراء |
سارت أم كلثوم في رحلتها من فلاحة بسيطة إلى كوكب الشرق، تحلت خلالها بالصبر والكفاح والإصرار على التفوق. ورغم الحروب والصراعات وتبدل الدول والحكام غنت أم كلثوم وأنشدت فحركت مشاعر العرب على اختلاف مشاربهم.
انتمى فن أم كلثوم منذ البداية إلى القصائد والتواشيح التي غنها وهي طفلة في قريتها. وبدأت خطوات مشوارها الكبير عام 1916 بتعرفها على الشيخين الملحنين زكريا أحمد وأبو العلا محمد اللذين أقنعا والدها بالانتقال إلى القاهرة. لكنها لم تستقر بالقاهرة إلا عام 1923 وهو عام رحيل الفنان سيد درويش، ولذلك لم تلتق به ولم تغن من ألحانه.
أم كلثوم مع جمال عبد الناصر وأنور السادات |
شكل عام 1924 نقلة كبيرة في حياة أم كلثوم الفنية، ففي ذلك العام تعرفت إلى ثلاثة شخصيات مهدوا لها الطريق للاحتراف والنجومية. الأول كان طبيب أسنان يهوى الموسيقى هو أحمد صبري النجريدي وهو أول ملحن يلحن لأم كلثوم ألحانا خاصة بها، ثم تعرفت على الشاعر أحمد رامي عن طريق الشيخ أبو العلا، ثم سمعها الملحن محمد القصبجي الذي بدأ في إعداد أم كلثوم فنيا ومعنويا وشكل لها فرقتها الخاصة.
عام 1928 قدمها محمد القصبجي في مونولوج "إن كنت أسامح وأنسى الأسية" الذي لاقى رواجا هائلا. وفي عام 1935 كان أول تعاونها مع الملحن رياض السنباطي حيث غنت من ألحانه "علي بلد المحبوب وديني ".
في الأربعينات كان فن أم كلثوم يعتمد على ثلاثة ملحنين كبار هم محمد القصبجي وزكريا أحمد، ورياض السنباطي، وقدمت لهم أغنيات رائعة مثل "رق الحبيب" للقصبجي و"أنا في انتظارك" و"حبيبي يسعد أوقاته" للشيح زكريا، وقصائد أم كلثوم الشهيرة لأمير الشعراء أحمد شوقي من ألحان السنباطي وهي "نهج البردة" و"ولد الهدى" و"سلوا قلبي"، بالإضافة إلى قصيدة "رباعيات الخيام" من ألحان السنباطي التي ترجمها الشاعر أحمد رامي عن الفارسية عام 1949. وقدمت أم كلثوم لهؤلاء الثلاثة عشرات الأغاني في ستة أفلام سينمائية بين عامي 1936 و1947 معظمها من كلمات الشاعرين بيرم التونسي وأحمد رامي. أما في الخمسينات فقد كان السنباطي تقريبا ملحنها الوحيد.
وعندما قامت ثورة 1952 تم منع إذاعة أغاني أم كلثوم باعتبارها من مطربي العهد البائد، لكن القرار ألغي بتدخل من جمال عبد الناصر.
أم كلثوم - إنت عمري - ألحان محمد عبد الوهاب - كلمات أحمد شفيق كامل
عام 1964 تغير خط أم كلثوم تغيرا حادا من التقليدية المحافظة إلى التجديد والابتكار بفضل تعاونها مع محمد عبد الوهاب حين قدما لأول مرة عملا مشتركا هو "إنت عمري"، فكانت فاصلا أهم ما أحدثه من تغيير هو انضمام الشباب والصغار إلى جمهور أم كلثوم الذي اقتصر على الكبار حتى ذلك التاريخ. السبب كان ذلك الإبهار الموسيقي الذي صاحب ألحان عبد الوهاب والذي تلقفه الشباب والكبار على السواء بكثير من الإعجاب. وقد أصبحت الموسيقى، وليس فقط لحن الكلمات، هي معيار التنافس الأول بين ملحني أم كلثوم بعد ذلك التاريخ. وانضم إلى ذلك الاتجاه رياض السنباطي، رغم كونه رائد المدرسة التقليدية، وكذلك بليغ حمدي الذي تغيرت ألحانه لأم كلثوم من مدرسة السنباطي إلى مدرسة عبد الوهاب. ظلت أم كلثوم تقدم أفضل ما يمكن من فن حتى عام 1973، وعند وفاتها عام 1975 شارك في توديعها أكثر من 4 ملايين مودع. روابط: صفحة أم كلثوم - كلاسيكيات الموسيقى العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق