كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الأربعاء، 19 ديسمبر 2018

فن التقاسيم .. هل ينقرض في القرن 21 ؟

فن التقاسيم أحد الأشكال الموسيقية طالما حاز إعجاب الجماهير، وارتبط بأسماء مشاهير الملحنين والعازفين، لكن استخدامه أخذ في الانحسار تدريجيا. هل كان ذلك بسبب رحيل الفنانين الكبار أم بسبب عزوف الجمهور عن هذا الشكل التقليدي من الموسيقى؟ قبل الإجابة على هذا السؤال نلقي بعض الضوء على هذا الفن الجميل الذي يكاد أن ينقرض بعد حياة ويخبو بعد توهج

التقاسيم
الأصل في التقسيم هو ارتجال فوري على آلة موسيقية دون سبق تدوين أو أداء. ويظهر التقسيم قدرة العازف على ابتكار الجمل الموسيقية والأنغام وكفاءة استخدامه للمقامات والإيقاعات وإمكانيات الآلة. وهو يقابل الموال في الفنون الغنائية حيث أنهما يشتركان في كونهما فنا مرتجلا في الأساس. والفرق بين موسيقى التقاسيم وغيرها كالفرق في الشعر بين شاعر يلقي قصيدة مكتوبة وآخر يرتجل أبياتا جديدة تماما أمام جمهوره في التو واللحظة  

أنواع التقاسيم
والتقسيم نوعان الأول حر مرسل دون وحدة زمنية، والآخر موقع على إيقاع يختاره العازف
وقد يكون التقسيم على آلة منفردة أو قد يشترك فيه عازفان أو أكثر فيما يعرف بالحوار بين الآلات، وقد يؤدى هذا الشكل في قالب "التحميلة" الذي يقدم عدة تقاسيم لآلات مختلفة، غالبا على إيقاع، يفصل بينها، أو يربطها، أداء الفرقة بجملة مشتركة 

التقاسيم المسجلة
يقصد بالتقسيم المسجل التقسيم الذي يعاد عزفه كما قدم لأول مرة. هذا النوع من التقاسيم لم يظهر إلا بعد ظهور الاسطوانات التي أمكن بها الاحتفاظ بالتقسيم المرتجل ومن ثم إعادة تقديمه

آلات التقاسيم
آلات التقاسيم المعتادة في الموسيقى الشرقية هي العود والقانون والناي والكمان، لكن من الممكن أداء التقاسيم على أي آلة موسيقية



أساليب التقاسيم
بصفة عامة ظهرت مدرستان في أداء التقسيم، الأولى مقامية تعتمد على الاستخدام الأكثر للمقامات والتحول بينها، وهي المدرسة الأكثر طربا، والثانية تعتمد على إبهار الأداء حتى لو اقتصر على مقام واحد. 
من أساتذة المدرسة الأولى في العود محمد القصبجي ورياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب، ومن أساتذة المدرسة الثانية فريد الأطرش بما عرف عنه من تكنيك الريشة أو اليد اليمنى المستوحى من عزف الجيتار الأسباني، وعرف عن فريد أيضا ربطه تقسيمات معدة سلفا بأغنيات معينة له، وتقديمه لنفس التقسيم في كل مرة، وقد كسر بذلك قاعدة الارتجال

الفرق بين التقسيم والسولو
يشترك التقسيم مع السولو في كونهما عزفا منفردا على إحدى الآلات، لكن لا يجب الخلط بينهما حيث يكون السولو دائما جزءا من لحن أو مقطوعة موسيقية، بينما يمكن أداء التقسيم كشكل فني مستقل
من ناحية الصياغة فإن السولو يضع لحنه الملحن وبذلك يكون مكتوبا سلفا، ويجب على العازف الالتزام به كما جاء في النوتة المكتوبة، بينما يكون التقسيم من خيال العازف وهو حر التصرف فيه. وفي بعض الأحيان يترك الملحن للعازف حرية أداء السولو، أي لا يكتبه مسبقا، وهنا يتحول إلى تقسيم ويصبح الأمر في يد العازف إما أن يبتكر جديدا في كل مرة أو يكرر ما عزفه سابقا

التقسيم في الموسيقى الغربية
ولفن التقاسيم مقابل في الموسيقى الغربية يسمى "كادنزا" أي "ارتجالات"، وقد ظلت تؤدى بارتجال حقيقي حتى في مقاطع وسط أعمال أكبر مثل الكونشرتو إلى أن أدخل عليها الكتابة المسبقة كما فعل موتسارت وبيتهوفن. وفي الموسيقى الحديثة ينتشر فن الارتجال في موسيقى الجاز أكثر من غيرها من الأنواع  

أشهر العازفين
اشتهر عازفون مهرة عرفوا ببراعتهم في تقديم التقاسيم، منهم على الكمان سامي الشوا، أنور منسي، وأحمد الحفناوي. وعلى القانون محمد العقاد، عبده صالح، إبراهيم العريان، وعبد الفتاح منسي. وعلى الناي سيد سالم، محمود عفت، ورضا بدير. وعلى العود محمد القصبجي، رياض السنباطي، محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، جورج ميشيل، محمد عفيفي، منير بشير، عبد الفتاح صبري، عبادي الجوهر، ممدوح الجبالي، وغيرهم كثيرون
 
وللتقاسيم جمهور كبير في العالم العربي حيث يميل المستمع إلى الطرب ويظهر الجمهور تفاعله سريعا مع أداء العازف بإبداء الإعجاب الفوري إذا أحسن العزف والتصرف، وكثيرا ما تقدم التقاسيم كتمهيد قبل الغناء لتركيز الإحساس بالمقام
وغني عن القول أن فن التقاسيم يحتاج إلى عازف ماهر، لكن خيال العازف وقدرته على استحضار المقامات والتحول من جملة إلى أخرى ومن مقام إلى آخر هي أكثر ما يجذب المستمع

هل يمكن إجادة التقاسيم بالتعلم؟
الجواب هنا نعم ولا .. فالمتعلم يمكنه إجادة العزف والتمكن من الآلة والاطلاع على الأساليب المختلفة في الأداء، لكن قدرته على الارتجال تظل قيد موهبته في الارتجال أي التأليف الفوري للموسيقى وهذه موهبة خاصة لا يمكن اكتسابها بالتدريب فقط. 

وهذا يفسر لماذا تفوق الملحنون على العازفين في التقسيم على العود، والفرق يكمن في تمتعهم بملكة التأليف، وقد يلاحظ المستمع جودة أعلى في أداء نفس العازف لسولو في ألحان غيره مقارنة بأدائه لتقاسيم ارتجلها بنفسه، والسر يعود لنفس السبب

إلى أين يتجه فن التقاسيم في القرن 21 ؟
رغم أن فن التقسيم يبدو في طريق الانقراض على مستوى العروض الفنية فإنه ليس كذلك على الإطلاق لدى الجمهور، القديم والجديد على السواء، فالجمهور ما زال يعشق هذا الفن ويستمتع به. وربما فقط قل تقديم هذا النوع من الفن لكونه مرتجلا أساسا بينما يعتمد 99% من الفن الموسيقي المقدم على مواد جاهزة لا تعطي فرصة لتقديم التقاسيم.

وربما يجيء هنا دور وسائل الإعلام بتقديم العزف المنفرد كمادة فنية مستقلة تظهر مواهب العازفين وتنشط خيالهم وتكون حافزا للإجادة لدى الأجيال الجديدة، وتساهم أيضا في تشكيل ثقافة الجمهور الموسيقية. ولا يمكن فصل هذا عن إحجام الإعلام عموما عن تقديم الموسيقى البحتة في أي من أشكالها وتفضيل المواد المغناة دائما. 

وقد يقال أن وسائل الإعلام تنقل ما هو موجود بالساحة، لكنها بالتأكيد يمكنها تقديم الموسيقى دون الاعتماد على المواد المسجلة أو الحفلات. والواقع أن الفرق بين إعلامنا والإعلام الغربي يكمن أساسا في إدراك أهمية تذوق الموسيقى البحتة وقدراتها غير المحدودة في إطلاق الخيال ومخاطبة المشاعر، عرض وتحرير د. أسامة عفيفي، فن التقاسيم 
روابط 
عزف منفرد .. محمد القصبجي
تقاسيم عود بياتي - رياض السنباطي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق