رحلت كوكب الشرق أم كلثوم في مثل هذه الأيام قبل 45 عاما، تحديدا عام 1975، لكن فنها لم يرحل. فهو ليس فقط فنا حاضرا ومنتشرا وإنما مازال حتى الآن على القمة الفنية التي اعتلتها أم كلثوم عبر كفاح طويل لإعلاء شأن الفن في المجتمع ولمد الشعوب العربية بكنوز من الإبداع والتعبير أصبحت جزءا من الثقافة والهوية العربية في العصر الحديث
كيف أعلت أم كلثوم من شأن الفن؟ الجواب ببساطة أنها اختارت أفضل ما يغنى من كلمات واختارت لها أفضل الألحان من أكبر الملحنين. اختارت أيضا أن تلبي نداء الأمة في أوقات الشدة وأوقات الرخاء لتعبر بأعانيها الوطنية عن وجدان الشعب ومشاعره، كما اختارت أن تحتفظ دائما بصورة الفن المحترم والفنان المحترم الذي يعتد بنفسه ويحترم أمته وثقافتها وتاريخها الطويل
لم تصبح أم كلثوم أيقونة في عالم الفن من فراغ، فقد كانت رحلتها رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر السياسية والاجتماعية والصحية، والفنية أيضا إذا نظرنا إلى المنافسة القوية التي أحاطت بأم كلثوم من الفنانين القدامى والجدد، واستطاعت أن تثبت أنها جديرة بالقمة طوال الرحلة. اعترت فن أم كلثوم فترة وجيزة من الفن التجاري في عشرينات القرن العشرين إبان موجة خططت لها سلطات الاحتلال كما حدث مع معظم الفنانين في ذلك الوقت، لكنها سرعان ما انتبهت إلى المخطط ونبذته للأبد، بل انطلقت تفتش في كنوز الشعر العربي المليئ بالحكمة والسمو، لتمد به جسور خلاقة بين الماضي والحاضر
بدأت أم كلثوم احتراف الغناء عام 1924 وسجلت آخر لحن لها عام 1973 وبذلك يتم لها نصف قرن من الغناء. لم يمنعها تقدم السن من مواصلة العطاء، بل ربما اكتسب صوتها رنينا أكثر سحرا في أواخر أعمالها
روابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق