تأتي أنشودة أنا المصري من ألحان سيد درويش في سياق أوبريت شهرزاد التي ضمت عدة ألحان وطنية مثل دقت طبول الحرب، أحسن جيوش، واليوم يومك يا جنود
تتشابه قصة أوبريت شهرزاد مع أوبرا عايدة للموسيقار الإيطالي فيردي في أنها تدور أحداثها حول الحرب بين مصر ودولة أجنبية تحددت بإثيوبيا في عايدة بينما لم تحدد في شهرزاد. ويقوم قائد الجيش المصري المنتصر بدور بارز في القصتين، فبجانب تحقيق النصر يكون طرفا في قصة غرامية درامية مع بطلة الرواية. ولكن ربما في سياق الرد على أوبرا عايدة يظهر البطل المصري مفضلا حب بنت وطنه بينما تعلق بطل عايدة بحب أجنبية بل بنت ملك الأعداء مما عرضه للمحاكمة والحكم عليه بالموت
ولهذا السبب تتألف أنشودة أنا المصري من جزئين أولهما خطاب الوطنية وثانيهما خطاب غرامي. وبالتالي يتركب لحن الأنشودة من جزئين متباينين فنيا وتعبيريا، لكنهما يتحدان في نسيج متجانس ويكونان معا عملا مسرحيا غاية في الجمال والإتقان، بل نموذجا يحتذى للغناء المسرحي
سبق لنا وصف قالب الأنشودة بأنه يتوسط بين النشيد والأغنية ويجمع بين الزهو الحماسي والعاطفة، وبين الفصحى والعامية، وبين القوة والرقة، لكن نضيف هنا أيضا أن هذه الأنشودة تجمع بين الغناء الحر والغناء الموقع
الأنشودة بالكامل مقام عجم مصور وهو ما يمكن أن يكون "فا ماجير" أو "صول ماجير" لكن في هذا التسجيل نستمع إلى المقام مصورا على درجة أقل شيوعا وأعلى منهما هي "لا بيمول". يقوم بالغناء ودور بطل الرواية الفنان إبراهيم حمودة، وهو أفضل من غناها، بمصاحبة أوركسترا الإذاعة المصرية بقيادة الموسيقار محمد حسن الشجاعي وتوزيع الموسيقار عبد الحليم علي
وتلخص الأنشودة أسلوب سيد درويش في الاهتمام بالتعبير كهدف أساسي للألحان، وفي أقل من دقيقتين يأخذنا من أجواء بالغة الثراء من الفخامة والفخر إلى العاطفة الرقيقة، ثم إلى ختام مسرحي غاية في الإحكام
روابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق