كلمات مرسي جميل عزيز / ألحان بليغ حمدي
مقام راحة أرواح 1964 / نقد وتحليل د.أسامة عفيفي
أغنية سيرة الحب من أشهر ما غنت أم كلثوم وربما ساهم في نجاحها حالة التفاؤل الشديد التي يصورها النص، ووصف المشاعر العاطفية في جو رومانسي بعيدا عن حديث الهجر والفراق الذي سكن في أغنيات أم كلثوم لقرون طويلة. صاحب ظهور الأغنية بعض الانتقادات حول النص الذي رآه البعض يفتقد الوقار الذي تعود عليه جمهور أم كلثوم. لكن الجو العام للنص استطاع عبر الزمن تغليب عاطفيته، كما ساهمت بساطة اللحن وتعبيريته في احتفاظه بجاذبيته. لحد هذا اللحن، الخامس من ألحان بليغ لأم كلثوم ما زلنا نتابع خط بليغ التقليدي الذي بدأه معها عام 1960، وهو الخط الذي اقتفى خطى السنباطي في التلحين لأم كلثوم، وهو أيضا الخط الذي أحبه الجمهور وعشقه لجمعه بين التعبير والتطريب. نلاحظ أبضا تجانس اللحن وتجنب القفز إلى مقامات غير متصلة بالمقام الأساسي كما حدث في المثالين السابقين
ومع ذلك لا ننسى أن نذكر الفارق الكبير بين "سيرة الحب" التي غنتها أم كلثوم في أواخر 1964 وما قبلها من ألحان بليغ لأم كلثوم، والمتمثل في إقبال الشباب على ترديدها وغنائها بل وحفظها نصا ولحنا .. وإذا أرجعنا هذا إلى ما ذكرناه من تصوير حالة التفاؤل والأجواء العاطفية الرقيقة نصا ثم إلى البساطة والتعبيرية لحنا، فقد قدمت أم كلثوم أعمالا لا تقل في ذلك عن "سيرة الحب"، لكنها لم تحظ بنفس الإقبال، يبقى عنصر آخر هام هو أن هذا الإقبال لم يخص هذه الأغنية وحدها بل جاء في خضم موجة كبيرة بدأت في مستهل عام 1964 في وقت عزف فيه الشباب الصغير عن الاستماع إلى أغانيها، وكانت بداية الموجة تغير تاريخي في ألحان أم كلثوم جذب الجمهور بكل فئاته صغارا وكبارا، فقد بدأ ذلك العام بدخول محمد عبد الوهاب ساحة أم كلثوم مقدما أول ألحانه لها "إنت عمري" في ثوب موسيقي عصري جذاب، ومنذ ذلك الوقت دخل جمهور أم كلثوم فئة جديدة تحت العشرين عاما تردد أغانيها في كل مكان.كان من قوة هذه الموجة أن امتد أثرها إلى أي شيء قدمته أم كلثوم بعد ذلك
المقدمة
نسيج متجانس من نفس المقام، راحة أرواح، دون تحولات مقامية
المدخل
يتكون المدخل من 3 أبيات تبدأ بغناء حر من نفس المقام لبيتين، يتحول إلى غناء موقع على إيقاع الوحدة الكبيرة في البيت الثالث الذي يتحول مقامه أيضا إلى البياتي تمهيدا للدخول في لحن المذهب
المذهب
يتألف المذهب من 3 أبيات، مقام عجم في أول بيتين ثم بياتي في البيت الثالث يختتم براحة أرواح
المذهب اللفظي والمذهب اللحني
يتألف مذهب أي أغنية عادة من بيتين أو أكثر ويتكرر بين المقاطع بنفس اللحن وأهم مقطع فيه هو ختامه وهو ختام الأغنية كلها، ودائما ينتهي في المقام الأساسي
بينما يظل لحن المذهب ثابتا بعد كل مقطع يمكن أن تختلف كلماته، وفي هذه الحالة يطلق عليه "المذهب اللحني" إشارة إلى ثبات اللحن مع اختلاف الكلمات وهو ما أتى في نموذج "سيرة الحب". في هذه الحالة قد يكون المذهب كله من صنع الملحن إذا اختار الأبيات الأخيرة من كل كوبليه ليضع لها لحنا واحدا يختم به الكوبليه. وهو تصرف احترافي من الملحن لأنه بهذا يحفظ للأغنية شكلها الأساسي، ولو سار على مسار الكلمات دون صياغة مذهب لخرج العمل من قالب الأغنية إلى قالب المونولوج، والفرق بينهما تكرار مقطع المذهب في الأغنية وعدم وجوده أصلا في المونولوج. قد يبدو هذا الاختلاف للقارئ مسألة أكاديمية لا تهم الجمهور لكن الواقع عكس ذلك تماما، إذ أن جمهور الأغاني يتطلع دائما إلى الاستماع إلى نفس الختام في كل مقطع، وهذا ما يجعل قالب الأغنية جذابا وممتعا، العكس نسمعه في قالب المونولوج الذي تتوالى كلماته في سردية متصلة مثل القصائد أولها في واد وآخرها في واد آخر
وصناعة المذهب اللحني قصة قديمة عمرها نحو 100 عام، وبالتحديد شهد عام 1928 تجربتين شهيرتين. الأولى في مونولوج "أهون عليك" من تلحين محمد عبد الوهاب والثانية في مونولوج "إن كنت اسامح" تلحين محمد القصبجي وغناء أم كلثوم
جاء مما ذكرنا في نقد وتحليل لحن "أهون عليك" تحت عنوان "تطويع الأبيات للصياغة اللحنية":
"فى البيت: رضيت أنا بما ترضاه يا روحى، وموقعه فى وسط الأغنية تماما، يعود اللحن على نفس أنغام البيت الأول بالتمام، مكونا بذلك ما يشبه المذهب وقد مهد له بلازمة موسيقية قصيرة ، أي أنه يعيد تكرار الاستهلال، وهذا غريب على التعامل مع المونولوج الذي ليس له مذهب أو مطلع يتكرر كما فى الطقطوقة أو الأغانى الشائعة، وربما أراد عبد الوهاب بهذا ربط المستمع بما كان يقوله سابقا فى أول الغناء، لكن اللحن اختلف بعد ذلك إلى النهاية"
وجاء في تحليل لحن "إن كنت اسامح":
"رغم وضوح القالب النصي للمونولوج اختلف تعامل الملحنين معه، فأحيانا يتكون اللحن من خط واحد متماشيا مع أسلوب النص، وفي أحيان أخرى نجد الملحن قد أعاد تكرار بعض الأبيات في وسط النص ليصنع بذلك نسيجا يشبه النصوص الغنائية ذات المذهب. وترجع سيطرة فكرة العودة إلى البداية على فكر الملحن في هذه الأحوال إلى علمه بسيطرتها أصلا على مزاج الجمهور الذي يعشق هذا الأسلوب، في هذه الحالة يصبح المونولوج قالبا نصيا فقط دون اللحن
وفي حالات مسايرة اللحن لاسترسال النص والمعاني قد يبدو للملحن أيضا أن ينهي اللحن في مقام وأنغام غير التي بدأ بها وبذلك يكتمل شكل المونولوج كقالب نصي وقالب غنائي
في مونولوج "إن كنت اسامح" يتبع القصبجي أسلوب تلحين الأغنية فيعيد اللحن في المقطع "تقول لي إنسى واشفق عليّ" ولكن السبب هنا ليس تصرف الملحن فالكلمات قد كتبت هكذا بالفعل وباختلاف حرف واحد فقط في أول المقطع فهو مرة يعبر عن حديث العين ومرة أخرى عن حديث القلب وإن كان الحديث بنفس الكلمات في الحالتين
لكن فهم الملحن لقالب المونولوج جعله يضع النهاية في لحن مختلف، مسايرا بذلك نص المونولوج الذي انتهى دون تكرار المقطع السابق، وإن كان في نفس مقام البداية، وهذا طبيعي وجائز جدا، وبذلك يكون القصبجي قد وضع لحنه على نفس خط النص في الحالتين"
ورغم ما ذكرناه من ميزات صناعة المذهب اللحني، فإنه يؤدي إلى غياب سمة أساسية في عملية التلحين وهي التعبير. فحسب المدرسة التعبيرية الحديثة يجب أن يعبر اللحن عن مضمون الكلمات ويوحي بمعانيها وبالتالي لا يناسب لحن معين إلا كلمات بعينها. فإذا اختلفت الكلمات يجب أن يختلف لحنها، لكن في حالة المذهب اللحني نجد اللحن يتكرر على كلمات مختلفة
الكوبليه الأول
- فاصل موسيقي مقام فرحفزا "فات من عمري سنين .."
- البيت الأول غناء من نفس المقام
- البيت الثاني والثالث مقام بياتي
- البيت الثالث مقام حجاز "ياما الحب .."
- البيت الرابع مقام حجاز
- البيت الخامس "ياما الشوق" امتداد للبيت الرابع مع التحول إلى راست النوا في نهاية البيت
- عودة للمذهب اللحني على كلمات مختلفة "ياما عيون شاغلوني .." مرورا بنفس المقامات، عجم / بياتي / راحة أرواح
الكوبليه الثاني
- فاصل موسيقي مقام فرحفزا
- البيت الأول غناء مقام كورد لبيتين "ياللي ظلمتوا الحب .."
- البيت الثالث والثالث مقام راست النوا
- البيت الرابع والخامس مقام حجاز "ياسلام ع القلب .."
- البيت الخامس امتداد لمقام الحجاز
- عودة للمذهب الحني مع تغير الكلمات "يا سلام ع الدنيا .." مرورا بنفس المقامات، عجم / بياتي /
الكوبليه الثالث
- فاصل موسيقي مقام راست النوا
- البيت الأول والثاني غناء من نفس المقام "ياللي مليت بالحب .."
- البيت الثالث غناء حر مقام حجاز "صوتك.. نظراتك"
- البيت الرابع امتداد لمقام الحجاز مع التحول إلى الغناء الموقع فس الشطرة الثانية وتحول المقام إلى راست النوا
- البيت الخامس مقام راست النوا
- البيت السادس مقام حجاز "ولا دمعة عين جرحت قلبي"
- عودة للمذهب اللحني على كلمات مختلفة "ما باقولش ف حبك.." مرورا بنفس المقامات، عجم / بياتي / راحة أرواح
طول عمري بخاف من الحب وسيرة الحب وظلم الحب لكل اصحابه
وأعرف حكايات مليانة آهات ودموع وأنين والعاشقين دابوا ما تابوا
طول عمري باقول لا انا قد الشوق وليالي الشوق ولا قلبي قد عذابه
وقابلتك انت لقيتك بتغير كل حياتي
ما اعرفش ازاي حبيتك ما اعرفش ازاي يا حياتي
من همسة حب لقيتني باحب وادوب في الحب وصبح وليل وليل علي بابه
فات من عمري سنين وسنين شفت كتير و قليل عاشقين
اللي بيشكي حاله لحاله واللي بيبكي علي مواله
أهل الحب صحيح مساكين
ياما الحب نده على قلبي ما ردش قلبي جواب
ياما الشوق حاول يحايلني واقول له روح يا عذاب
ياما عيون شاغلوني لكن ولا شغلوني
إلا عيونك انت دول بس اللي خدوني وبحبك أمروني
أمروني أحب لقيتني باحب وادوب في الحب وصبح وليل على بابه
ياللي ظلمتوا الحب وقلتوا وعدتوا عليه قلتوا عليه مش عارف إيه
العيب فيكم يا ف حبايبكم أما الحب يا روحي عليه
في الدنيا ما فيش أبدا أبدا أحلى من الحب
نتعب نغلب نشتكي منه لكن بنحب
ياسلام ع القلب وتنهيده في وصال وفراق
وشموع الشوق لما يقيدوا ليل المشتاق
يا سلام ع الدنيا وحلاوتها في عين العشاق
يا سلام يا سلام على حلاوتها يا سلام يا سلام
أنا خدني الحب لقيتني باحب وادوب في الحب وصبح وليل علي بابه
يا اللي مليت بالحب حياتي أهدي حياتي إليك
روحي.. قلبي.. عقلي.. حبي كلّي ملك ايديك
صوتك.. نظراتك.. همساتك شيء مش معقول
شيء خلا الدنيا زهور على طول وشموع علي طول
الله يا حبيبي على حبك وهنايا معاك الله يا حبيبي يا حبيبي الله الله
ولا دمعة عين جرحت قلبي ولا قولة آه
ما باقولش ف حبك غير الله
الله يا حبيبي على حبك الله الله
من كتر الحب لقيتني باحب وادوب في الحب وصبح وليل علي بابه
روابط
كلاسيكيات أم كلثوم / بليغ حمدي
كلاسيكيات أم كلثوم / السنباطي
كلاسيكيات أم كلثوم / زكريا أحمد
مونولوج "أهون عليك" / محمد عبد الوهاب
مونولوج "إن كنت اسامح" / محمد القصبجي / أم كلثوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق