فى الذكرى الـ 120 لميلاد أمير شعراء العامية بيرم التونسى يقيم الصالون الثقافى لمركز إعداد القادة لإدارة الأعمال بالقاهرة احتفالا ضمن سلسلة احتفاليات "قادة الإبداع" التى ينظمها المركز احتفاءً بقادة الإبداع الراحلين والحاليين مساء الجمعة القادم 1 مارس 2013 بقاعة المركز بالعجوزة
ويقول المشرفون على الاحتفالية أن هذا "جزء من واجبنا الثقافى الوطنى الذى نقوم به لصالح مالك مركز إعداد القادة وهو الشعب المصرى". يشارك فى الاحتفالية عدد من الشعراء منهم أحمد فؤاد نجم وسيد حجاب وجمال بخيت وأمين حداد وبهاء جاهين الذى سيتبادل مع الفنان محمود حميدة إلقاء عدد من أشهر قصائد بيرم.
كما يتحدث الروائى محفوظ عبد الرحمن مؤلف مسلسل "أهل الهوى" الذى يتناول المرحلة الأولى من حياة بيرم، وقد تم دعوة أسرة مسلسل أهل الهوى فاروق الفيشاوى وسميرة عبد العزيز وإيمان البحر درويش وآخرون. وتُختتم الاحتفالية بفقرة غنائية تتضمن عدداً من أغانى بيرم منها أغنيات لأم كلثوم.
قال أمير الشعراء أحمد شوقى فى بيرم "أخشى على الفصحى من عامية بيرم" ، نظرا لسيطرته التامة ليس فقط على التراكيب والألفاظ وإنما لأن بيرم كان يصوغ أشعاره من أفواه الناس كما كان يفعل زميله سيد درويش فى ألحانه، وكان مبدعا فى تصوير الواقع متعمقا فى تأمله فيخرج شعره وكأنه يتحدث عن النفس البشرية فى أزمان مختلفة وليس فقط فى زمانه. وكثير من أشعاره لا زالت تعبر عن المجتمع العربى كما هو الآن رغم مرور عقود طويلة على تلك الأشعار. ويكفى أن نتذكر له قصيدته "لورى البلدية" التى كان يتهكم فيها على سلوك أفراد البلدية الهمجى فى إيذاء الباعة الجائلين والاستيلاء على أدواتهم بضائعهم عنوة .. ولن أشرح أكثر فإن الشرارة التى ولدت ثورات الربيع العربى بعد أكثر من خمسين عاما اندلعت بسبب لورى البلدية هذا ..
جاءت الثورة فى بلدان الربيع العربى، فى تونس ومصر بالذات، معبرة عن آلام وآمال الشاعر الثائر، وهو مصرى المولد تونسى الجد، ورغمهذا، فإن الواقع لا يزال مريرا، حتى بعد قيام الثورات!
يوم 20 يناير 2011 ، وقت الثورة التونسية، كتبت هذه الكلمات عن بيرم، ولم تكن الثورة فى مصر قد بدأت بالفعل، لكنها كانت فى طور الغليان، وعلى وشك أن تثور ..
بيرم التونسى
أمير شعراء العامية
مصرى المولد مصرى الأب ، تونسى اللقب
واقع بيرم التونسى كما هو بعد عشرات السنين من قصيدته هذه ..
يصف بيرم ذلك السيناريو المعاد والمكرر بصفة يومية فى كل بلد عربى ..
يسخر من سلطة البلدية التى تعتدى على بسطاء الباعة وتعاديهم فى أرزاقهم
ويعجب لماذا لا يتعرض باعة الشارع فى باريس لمثل هذأ ..
وما رصدته عين بيرم وسجله قلمه يظل قائما دون أدنى خجل أو تفكير ..
إلى أن أشعل أحدهم النار فى نفسه يأسا ، وأشعل بذلك شرارة ثورة شعب بأكمله فى تونس
أكثر من ستين عاما لم يستمع فيها أحد ولا سلطة لكلام بيرم
ذهبت نظم وتغيرت نظم ورحل حكام وجاء غيرهم والحال هو الحال ..
الشعب يعانى والسلطات تمارس نفس الأساليب وتفكر بنفس الطرق ..
إلى أن دفع الثمن أحد الحكام ، وفر هاربا من غضب الشعب ..!
لنتأمل هذه الكلمات الساخرة الحزينة لبيرم التونسى ..
لـورى البلديـــــة ... عامــــل دوريـــــــة
ومقدر روحـــــه ... على كل أذيـــــــــــة
قوم شوف إيه خاطف مواجير ومقاطف
ومشــنة حلبــــة ... صــاحبتها وليــــــة
قوم شــوف إيه لامم ..خرفان وســلالم
متـــاخدة غنـايم ... وياريت حربيــــــــة
وكراسى قهاوى .. وحــلل وبــــــــلاوى
عملوا لها دعاوى .. وحاجات رســــمية
ويشوف الخضرى ... ببضاعته بيــجرى
يدلقهــــا ودوغرى ... ياخـــد العربيـــــة
فى باريس الشارع ... فيه ألفيــن بايـــع
واقفيـــن ببضــايع ... من طايبة ونيــــة
واشمعنى جنــــابنا ... نبـرم فى شــنابنا
على بيــاع جبنـــة ... وبتـــاع طعميـــة
لورى البلديــــــــة ... عامــل دوريـــــة
وقال فى الشرق
يا شـرق فيك جو منــور .. والفكـر ظــلام
وفيك حراره يا خســارة .. وبرود أجسـام
فيك تسعميت مليون زلمه .. لكن أغنــــام
لا بالمسيح عرفوا مقامهم .. ولا بالإسلام
هي الشموس بتخلي الروس كدا هو بدنجان؟
ولد الشاعر محمود بيرم التونسي في الإسكندرية في 4 مارس 1893م، وعاش جزءا من حياته فى المنفى بأمر الملك وسلطات الاحتلال، وعاصر سيد درويش وكان زميل داسته فى المعهد الدينى بالإسكندرية، ولاحقا كتب أشعار أوبريت شهرزاد التى لحنها سيد درويش، ويروى أن بيرم قد تسلل عائدا إلى مصر من منفاه من على سطح مركب كان يعبر قناة السويس، وما أن اقترب المركب من بورسعيد حتى أدمعت عيناه بلوعة الفراق، لكنه نجح فى الدخول إلى مصر
الشيخ زكريا وبيرم التونسى
لا يمكن أن يأتى بيرم التونسى دون ذكر زكريا أحمد، والعكس صحيح ، فقد تلازم الاثنان تلازما شخصيا وفنيا وكونا معا ثنائيا غزير الإنتاج عميق التأثير فى الناس والمجتمع ، ولا تزال أعمالهما المشتركة تردد للآن وكأنها صنعت بالأمس القريب
ومن أعمال زكريا وبيرم المشتركة ..
أغانى أم كلثوم ، أجمل أغانيها ومنها بكرة السفر ، يا فرحة الأحباب ، أنا فى انتظارك ، الآهات ، الأوله فى الغرام ، حبيبى يسعد أوقاته ، أهل الهوى ، غنى لى شوى شوى ، عن العشاق سألونى ، قوللى ولا تخبيش يا زين، الأمــل ، حبيب قلبى وافانى (الحلم) ، نصرة قوية ، الورد جميل ، هوه صحيح
ومن الطقاطيق حاتجن ياريت يا اخواننا مارحتش لندن ولا باريس ، ياهل المغنى دماغنا ، آدى وقت البرنيطة ، قدر ده وده
ومن الأوبريتات عزيزة ويونس
واقترب زكريا وبيرم كثيرا حتى فى قدرهما ، فقد عاشا تقريبا لنفس العمر وتوفى الشيخ زكريا فى ذكرى الأربعين لوفاة بيرم فى 5 يناير 1961
رحم الله محمود بيرم التونسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق