كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الاثنين، 20 يناير 2014

الكتابة للجيتار والأوركسترا/ كيف يمكن للجيتار أن يواجه الأوركسترا؟ بقلم أحمد الجوادي

كنت أتصفح الإنترنيت وإذا بي أصادف عازف جيتار هاوي وضع فيديو وكتب ما معناه:

هل تلاحظون كيف أن صوت الجيتار السولو قد غطى على أصوات جميع آلات الأوركسترا وأن الجيتار هو من يقود الأوركسترا!!

سوف أطرح سؤالاً وهو:

هل أن صوت الجيتار فعلاً ممكن أن يطغى على صوت الأوركسترا كلها؟

وأنا من سيرد، وردي هو:

بالطبع لا، هذا كلام خاطئ وبعيد عن الصحة!

الأمر يتعلق بموضوع التأليف الموسيقي وموضوع علم الآلات أي (The Orchestration) وهذا العلم يدرسه جميع طلاب التأليف الموسيقي وعلى كل مؤلف موسيقي أن يكون ملما تماما بهذا العلم.

آلات الأوركسترا:
علينا أن نعرف أولا ما هي آلات الأوركسترا!
تقسم آلات الأوركسترا إلى أربعة مجاميع رئيسية، وهي:

مجموعة الوتريات (String Instruments):
وتشمل مجاميع آلات الكمان الأول والكمان الثاني والفيولا والشيللو والكونتراباص والهارب (بحسب حاجة المؤلف).

مجموعة آلات النفخ الخشبية (Wood Wind Instruments):
وتتضمن آلات البيكولو والفلوت والأوبوا، والكلارينيت، والباسسون (الفاجوت) وممكن أن تضاف آلات أخرى مثل الباص كلارينيت والكونترباسسون، والهورن الإنجليزي أو ما يدعى (كورانجلي)، وأحيانا في الأعمال الحديثة نسبيا ممكن إضافة الساكسوفون والذي هو ليس عضوا أساسيا في الأوركسترا التقليدي، وغيرها، كل ذلك يعتمد على حاجة المؤلف.

مجموعة آلات النفخ النحاسية (Brass Instruments):
وتتضمن الآلات، هورن فرنسي (French Horn) أو ما يدعى (كورنو) بالإيطالية، والترومبيت، والترومبون، والتيوبا، وممكن إضافة آلات أخرى مثل الكورنيت، وأنواع الترومبون مثل باص ترومبون، وباص تيوبا، وغيرها بحسب حاجة المؤلف.

مجموعة آلات النقر، أو اللآلات الإيقاعية (Percussions):
هذه المجموعة تتضمن مجموعة كبيرة جدا من الآلات. في العصر الكلاسيكي كان المؤلفين يستخدمون غالبا آلة واحدة من هذه المجموعة وهي آلة التيمباني (Timpani or Kettle Drum)، وهي آلة إيقاعية لها طبلين في العادة وممكن أن يزداد عدد الطبول بحسب حاجة المؤلف، كل طبل يصدر صوتا فيه نغمة معينة. بعد ذلك بدأ المؤلفين بإدخال آلات أخرى مثل السنير درام، والباص درام، والصنوج، والمثلث، والجونج، والسوط، والأجراس، وال (Wood Block) والزايلوفون أو الفايبروفون، والكاستانيت، والدف الصغير (Tambourine)، وغيرها من الآلات التي ممكن إضافتها كل ذلك بحسب حاجة المؤلف. هذا لا أن كل عمل أوركسترالي يجب أن تكون جميع هذه الآلات متواجدة.
بعض هذه الآلات تصدر أصواتا فيها نغمات مثل التيمباني (Kettle Drum) والفايبروفون، والبعض الآخر لا تصدر نغمة معينة، مثل المثلث والطبل الكبير أو الباص درام والصنوج وغيرها.

أحيانا في بعض الأعمال يدخل البيانو في الأوركسترا كآلة من ضمن الأوركسترا (لا أقصد كونشيرتات البيانو). في عصر الباروك كانوا يدخلون في الكثير من الأعمال آلة الهاربسيكورد، وهي آلة شبيهة بالبيانو ظهرت قبل البيانو، لكن طريقة إصدار الصوت فيها وميكانيكيتها مختلفة.

كما لاحظنا فإن الجيتار ليس من ضمن آلات الأوركسترا، أو أنه ليس آلة أوركسترالية.

لن أركز على السيمفونيات والقصائد السيمفونية والافتتاحيات وغيرها من الأعمال السيمفونية البحتة بل سيكون تركيزي على الأعمال التي تكون فيها آلة رئيسية تعزف السولو بمصاحبة الأوركسترا ويجلس أو يقف عازل السولو إلى أمام الأوركسترا وإلى جانب المايسترو، وعلى الأخص الكونشيرتات أو أي أعمال أخرى مكتوبة لآلة سولو بمصاحبة الأوركسترا.

النصيب الأكبر للآلات التي كتب لها كونشيترتات (وحتى السوناتات) هي آلة البيانو، ويلي ذلك آلة الكمان، وكذلك آلة الشيللو نالت نصيباً جيداً. وهناك الكثير من الآلات الأخرى التي نالت نصيبا جيدا أو لا بأس به من الكثير من المؤلفين مثل الفلوت والكلارينيت والهورن الفرنسي والترومبيت.

من الآلات التي لم تنل حظا واسعا من الكونشيرتات هي آلة الجيتار (الكلاسيكي)، بالرغم من السحر والجمال التي تتمتع به هذه الآلة.

الأسباب التي جعلت أن يكون الحظ الأوفر للبيانو يعود إلى أن كل المؤلفين الموسيقيين (تقريباً) هم أصلا عازفي بيانو، وبالنسبة للكمان بسبب أهمية صوتها وتعبيرها غير المحدود وقرب صوتها من الصوت البشري، وأيضا فإن الكثير من المؤلفين كانوا يعزفون الكمان، مثل باجانيني وفيفالدي، وحتى بيتهوفن وموتسارت، وغيرهم.

الكتابة للأوركسترا تتطلب معرفة تامة في تناسق الأصوات بين الآلات ويتطلب أيضا معرفة أين تكمن مواقع القوة والضعف في كل آلة. وعلى المؤلف أن يعرف أين يكمن التزاوج الجيد بين أصوات الآلات، وأي الآلات يكون التزاوج بين أصواتها سيئا أو غير مستحب.

الكتابة لآلة منفردة بمصاحبة الأوركسترا.
على المؤلف أن يعرف ما هي مناطق القوة والضعف في الآلة التي يكتب لها السولو، وعليه أن يعرف كيف يبرز هذه الآلة في أماكن معينة بحيث يكون طاغيا على الأوركسترا.
مثلا لو أن مؤلفا كتب للكمان السولو جملة غنائية تعزف بلين وكتب المصاحبة لآلات النفخ النحاسية والخشبية تعزف بصوت عالي جدا (fff)، فبالتأكيد لن يُسمع صوت الكمان السولو في الصالة، ربما حتى العازف نفسه لن يسمع ماذا يعزف.
ولو كتب المؤلف سولو يعزف من الكمان بنعومة على وتر ري (مثلاً)، وكتب نفس الميلودي لجميع الآلات الوترية، وطلب من مجموعتي الكمان أن تعزف نفس اللحن ليعزف على وتر صول (في الموقع الرابع أو الخامس)، وفعل نفس الشيء مع الفيولا، وكتب نفس اللحن للشيللو والكونتراباص، وكتب لعازف السولو أن يعزف بصوت نصف قوي mf بينما كتب لباقي الوتريات أن تعزف بشدة ff فبالتأكيد لن يسمع أحد في الصالة ماذا يعزف عازف الكمان السولو.

كل هذه أمثلة للكتابة والمصاحبة السيئة لمؤلفين ليست لديهم خبرة.

بعد كل تلك المقدمة الطويلة أعود للكتابة للجيتار.

هل يستطيع كل المؤلفين أن يكتبوا كونشيرتو أو عملا للجيتار بمصاحبة الأوركسترا؟
الجواب هو: لا.
السبب هو أن غالبية المؤلفين الموسيقيين حتى الكبار منهم لا يعزفون الجيتار، لأن الجيتار الكلاسيكي تحديدا يحتاج لمعرفة تامة بكيفية الكتابة له، لذا فإن أفضل من يكتب لآلة الجيتار هو عازف الجيتار نفسه، لأنه يعرف أسرار آلته ويعرف كيف يكتب لها، وبالمناسبة فهذه الحالة لا تنطبق فقط على الجيتار، بل على آلات كثيرة بما فيها الكمان، لذا تجد أن هناك أماكن صعبة جدا وغير منطقية في العزف في بعض الكونشيرتات الشهيرة لآلة الكمان، مرد ذلك غالباً هو أن المؤلف لا يعزف هذه الآلة، (مثال لذلك كونشيرتو تشايكوفسكي للكمان والأوركسترا، حيث هناك أماكن غير مصممة للكمان، وسبب ذلك أن تشايكوفسكي لم يكن يفكر بتكنيك الكمان بقدر ما يفكر بالموسيقى التي في ذهنه، وهناك أمثلة أخرى كثيرة).
أما لو كان عازف الجيتار قد درس التأليف الموسيقي فهو ممكن أن يكتب العمل للجيتار والأوركسترا، أما إذا لم يتمكن من الكتابة للأوركسترا فممكن أن ينوط العمل لمؤلف موسيقي يجيد ذلك.

هنا علينا أن نتذكر بأن آلة الجيتار (حالها حال بعض الآلات الأخرى) صوتها ناعما ويفتقد لشدة العزف أو (Power)، ولا تمتلك القوة الكافية لوحدها وبدون مساعدة. وليس مثل أغلب آلات الأوركسترا، حيث ممكن العزف بلين وبشدة.
أما الجيتار فممكن أن يعزف بلين وبخفوت لأنه أصلا آلة لينة لكن بالنسبة للشدة فهي محدودة جداً عند هذه الآلة، فمهما كانت شدة العزف لا يمكن أن توازي آلة مثل الأوبوا أو الفلوت أو الكلارينيت. ومن المستحيل على عازف الجيتار مهما كانت براعته ومهما كانت آلته ثمينة الصنع أن يضاعف صوت الجيتار ليتمكن من العزف بشدة تعادل شدة صوت الترومبيت. وشدة الصوت الصادر من الجيتار لا يمكن أن يوازي شدة صوت البيانو، أو الكمان أو الشيللو، فالجيتار (الكلاسيكي) آلة ناعمة بطبيعتها وهي ليست مصممة لأن تواجه أوركسترا كبير الحجم بعزف سولو (بدون أي مساعدة).

هنا يأتي دور المؤلف الموسيقي (أو موزع العمل) الذي يكتب بارت الأوركسترا، حيث عليه أن يراعي أن لآلة الجيتار صوت ناعم، فمن غير الحكمة أن يضيف آلات قوية تصاحب الجيتار أثناء عزفه للسولو، كأن تكون مجموعة كبيرة من الآلات النحاسية، أو حتى آلات وترية تعزف بشدة أثناء عزف الجيتار للسولو. فلو فعل ذلك فلن يسمع من في الصالة صوت الجيتار السولو.

هذا هو السبب في أن أغلب المصاحبة تكون للآلات الوترية التي تعزف صوت خفيف piano أو p لكي يظهر سولو الجيتار جليا.

كونشيرتو رودريجو للجيتار والأوركسترا:
سوف أتناول قليلا هذا الكونشيرتو كمثال وسيكون تركيزي على التعبير الموسيقي من ناحية القوة والضعف في شدة الصوت (f – p).
بداية علينا أن نعرف شيئا عن هذا العمل وكيف كُتِبَ.


أكثر عملا كتب للجيتار والأوركسترا نال شهرة هو كونشيرتو رودريجو وعلى الأخص الحركة الثانية، حيث أنها نالت قسطا كبيرا من الشهرة ونالت حظا واسعا من أنواع التوزيع، حتى أن الحركة الثانية أصبحت أغنية شهيرة جدا، (ربما زادت شهرة الأغنية عن شهرة الكونشيرتو الأصلي لدى عامة الناس الذين لا يعرفون شيئا عن الموسيقى الكلاسيك).

لقد كان رودريجو كان ضريرا (أعمى)، وكان يستخدم طريقة البرايل للكتابة، لكنه كتب أشهر كونشيرتو للجيتار وأخص تحديدا الحركة الثانية التي نالت شهرة عالية جدا في القرن المنصرم ولا زالت تعزف بكثرة حتى يومنا هذا، وهي مطلوبة كثيراً في الحفلات الموسيقية.
رودريجو لم يكن في البداية عازف جيتار، كان عازف بيانو ودرس الكمان والتأليف والمواد النظرية. لكن كونه درس التأليف ساعده كثيرا في كتابة أو تأليف هذا الكونشيرتو الرائع.

بداية ما هي الآلات التي اختارها رودريجو لبناء هذا العمل؟

لقد اختار الآلات التالية (بحسب تسلسلها في سكور المايسترو):
إثنين فلوت وبيكولو.
إثنين أوبوا (أحدهما يتحول لعزف الهورن الإنجليزي، أو الكورنجلي).
إثنين كلارينيت.
إثنين باسسون أو (فاجوت).
إثنين هورن فرنسي أو (كورنو).
إثنين ترومبيت.
جيتار سولو.
مجموعة الكمان الأول.
مجموعة الكمان الثاني.
مجموعة الفيولا.
مجموعة الشيللو.
مجموعة الكونتراباص.
نلاحظ أنه لم يستخدم من آلات النفخ النحاسية سوى آلتين هما: هورن فرنسي عدد 2 وترومبيت عدد 2.

سأتكلم قليلاً عن الحركة الثانية أولاً:
تبدأ الحركة الثانية في الوقت (6:46).
في بداية الحركة الثانية استبدل العازف الثاني لآلة الأوبوا آلته بآلة الهورن الإنجليزي أو (الكورانجلي)، وسيكون لهذه الآلة الصدارة في هذه الحركة، حيث أن الميلودي سيبدأ من البار الثاني من العمل ويعزف من هذه الآلة الجميلة.

يبدأ الجيتار هذه الحركة بعزف كوردات مستمرة لستة بارات، البار الأول هو تمهيد أو مقدمة ليبدأ الهورن الإنجليزي بعزف السولو الشهير. في البارات الثالثة الأولى لا تتغير الكوردات التي يعزفها الجيتار عدى أنه في البار الثاني يغير الكورد الرابع، أهمية هذه البارات الستة هي مصاحبة المليودي الذي يعزف من الهورن الإنجليزي.
كتب المؤلف علامة نصف قوي أي mf للجيتارأي العزف بقوة متوسطة. هذه الكوردات المستمرة من الجيتار تصاحبها نوتة طويلة تعزف من مجموعتي الشيللو والكونتراباص، كتب المؤلف لهذه الآلات أن تعزف بلين جدا أي pp  بعد ذلك وفي البار الثالث يضيف مجموعة الكمان الأول لكن كتب لها ثلاثة بيانو أي خافت للغاية ppp وقد كتب لكل هذه الآلات أن تستخدم الكاتم Sordina أثناء العزف للحصول على صوت أخف وذات طبيعة مختلفة.
في البار الثاني أي بعد المقدمة القصيرة من الجيتار تدخل آلة الهورن الإنجليزي لتعزف السولو الشهير للغاية والذي هو اللحن الأساسي لهذه الحركة. كتب المؤلف لهذه الآلة أن تعزف بلين p وأضاف كلمة dolce والتي تعني أن تعزف بحلاوة أو عذوبة، والكلمة هي كلمة إيطالية وتعني (حلو).

في البار السابع وبعد أن يفرغ عازف الكورانجلي من عزف السولو، يتحول نفس اللحن ليعزف من قبل الجيتار السولو. نلاحظ أن الملحن كتب حليات كثيرة للجيتار، أغلبها ليست موجودة في بارت الهورن الإنجليزي. حينما يبدأ الجيتار بعزف السولو كتب المؤلف له بأن يعزف متوسط القوة أي mf وهي درجتين أعلى من البيانو التي كتبها لآلة الهورن الإنجليزي (لكي يبرز صوت الجيتار أكثر).

في نفس المكان الذي يبدأ فيه سولو الجيتار كتب للآلات الوترية ثلاثة بيانو ppp، أي العزف بخفوت شديد، لم يكتفي المؤلف بهذا بل اضاف كلمة Sordina, or Con Sord. والتي تعني أن يضع العازفين كاتم صوت على آلاتهم لكي يخفض صوت الآلة أكثر من الطبيعي ويعطي نكهة أخرى للآلة. توضع هذه الكواتم على جسر الآلة الذي يحمل الأوتار، وتسمى سوردينة أو Mute الكلمة الشائعة هي Sordino or Sordina (السوردينا ليست مستخدمة فقط في الآلات الوترية بل هي مستخدمة في الكثير من الآلات، حتى البيانو فيه بيدال للسوريدنا).

نلاحظ أن المؤلف في هذه الحركة استخدم آلة هورن فرنسي واحدة تعزف نوتات قليلة وكتب لها أن تعزف بصوت خافت جدا pp واستخدم هذه الآلة في نهاية الجملة التي بدأها الجيتار السولو، وجعل هذه النوتات كرابط بينها وبين آلة الهورن الإنجليزي التي تعاود عزف نفس اللحن لكن على طبقة أخرى غير الطبقة التي بدأ بها والتي عزفها الجيتار السولو. في حين أن الجيتار مستمر بعزف المصاحبة على شكل كوردات.

استخدم المؤلف آلتي الهورن الفرنسي ليعزفا سويا لكن بعد انتهاء الجيتار من عزفه للسولو الثاني وكتب للآلتين أن يعزفا بلين شديد pp.


لن أكمل تحليل هذه الحركة الرائعة لئلا أطيل عليكم.

لو عدنا للوراء قليلا، إلى الحركة الأولى من نفس الكونشيرتو، أي من بداية الفيديو:

يبدأ الجيتار عزف السولو اللحن الرئيسي، تصاحبه مجموعة الكونتراباص فقط بنوتات طويلة.
كتب المؤلف للجيتار وللكونتراباص أن يعزفوا بلين شديد PP، كتب المؤلف للكونتراباص نوتتين تعزفان في آن واحد، وكتب لهم أن يعزفوا divisi أي أن يتقاسم العازفين عزف هتين النوتتين، أي العازف الذي على اليمين يعزف نوتة والذي على الشمال يعزف الثانية. هذا سيخفف من شدة الصوت الصادر من آلة الكونتراباص لأن كل عازف سيعزف نوتة واحدة وليست النوتتين.

تتصاعد شدة الصوت تدريجيا حينما كتب المؤلف cresc. والتي تعني تصاعد في شدة الصوت، وفي نهاية الجملة تساعد آلات النفخ بعزف أربعة نوتات في بداية كل ثالث بار كتب المؤلف لهذه الآلات أن تعزف بلين pp في حين أنه كتب للجيتار أن يعزف بشدة أي f وخصوصا وأنه يعزف اللحن على شكل نوتات منفردة وليس كوردات، إذ يجب أن تبرز هذه النوتات التي يعزفها الجيتار.

بعد ذلك تدخل مجموعة الوتريات لتعزف نفس اللحن، كتب المؤلف لهم أن يعزفوا بمنتهى اللين ppp، نلاحظ أن العازفين يعزفون في الطرف العلوي من القوس. هذا النوع من التكنيك اسمه سبيكاتو، وعادة يعزف في وسط القوس أو أحيانا في الطرف القريب من الوسط السفلي، لكن وبسبب أنه طلب من العازفين أن يعزفوا بمنتهى اللين حيث أنه كتب ppp توجب عليهم أن يعزفوا في طرف القوس العلوي، في حين أن السلم الذي يعزف من الجيتار السولو كتب أن يعزف بشدة ff الذي هو جسر صغير جداً يوصل اللحن للوتريات لكنه أضاف علامة (ديمينويندو) والتي تعني أن يخفض شدة الصوت في نهاية السلم.

أما بالنسبة لآلتي الترومبيت، نلاحظ أنه لم يستخدمها لمصاحبة الجيتار بل استخدم هتين الآلتين حينما تعزف الأوركسترا لوحدها ويكون شدة الصوت عاليا في كل الأوركسترا.

الآن وبعيدا عن كونشيرتو رودريجو، نلاحظ شيئا غاية في الأهمية، ربما لم ينتبه له أغلب الشباب الذين في المنتدى والذين هم عشاق لهذه الآلة الرائعة.
لو لاحظنا الأعمال التي تكون فيها آلة الجيتار هي الآلة السولو الرئيسية، فأثناء العرض على المسرح يضعون مايكروفون صغير قريب من آلة الجيتار لكي يكون صوت الآلة مسموعا بشكل واضح. لأنه بدون هذا المايكروفون ممكن أن لا تسمع أجزاء كثيرة من العمل.

إذا بعد كل ما تقدم، هل عرفنا بأن من كتب: (هل ترى قيادة الجيتار وتغطيته على جميع آلات الفرقة؟ أنه مخطئ فيما كتب؟ وسبب أن صوت الجيتار واضحا يعود للمايكروفون وليس لآلة الجيتار.

لنشاهد بعض الفيديوات للجيتار مع الأوركسترا، لاحظوا وجود المايكروفون باستمرار، (ممكن الاستغناء عن المايكروفون في حالة كون الأوركسترا صغيرة جدا أو في حالة أن صالة العرض صغيرة بحيث ممكن أن يسمع صوت الجيتار بدون مكبرات للصوت).

هذا الفيديو بالرغم من وجود مايكروفون فصوت الجيتار غير واضح، السبب هو سوء هندسة الصوت:


وهذا الفيديو أيضا المايكروفون موجود أمام العازف:



وهذا الفيديو الذي وضعه في الموضوع وكتب عليه الكلام أعلاه، نلاحظ وجود المايكروفون أيضا، نلاحظ وجود نوتات على شكل (فلاجيوليت) أو (Harmonics)، بعضها تعزف باليد اليمنى والأخيرة باليد اليسرى. ولولا وجود المايكروفون من الجمهور كان سيتمكن من سماع هذه النوتات ونوتات أخرى كثيرة غيرها؟


وهذا كونشيرتو لأربعة جيتارات، أمام كل جيتار يوجد مايكروفون:


لنقارن مع كونشرتات لآلات أخرى، سنجد أنه لا يوجد أي مايكروفون أمام العازف السولو:

كونشيرتو سيبيليوس للرائع فنجروف:


كونشيرتو دفورجاك للشيللو، عزف أشهر عازف في العصر، يو يوما:


وهذا كونشيرتو الفلوت والهارب لموتسارت الذي تكلمت عنه في بداية المقال:


مع كونشيرتو بيتهوفن رقم 3 من مقام دو ماينر، من عزف ساحر البيانو زيمرمان وقيادة العظيم بيرنستاين:


أخيرا قصدي من مقالي هذا هو أن أزيل الغشاوة وسوء الفهم عن عيون البعض من الموسيقيين الشباب الهواة وأتمنى أن تكون قد اتضحت الرؤية أكثر بعد قراءة هذا المقال.

خالص تحيات/ أحمد الجوادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق