كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

السبت، 22 سبتمبر 2018

مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - المماليك

موسيقى المماليك
محمد عبد الوهاب
مقام حجازكار كورد 1948
العنوان
هذه هي المرة الأولى، والأخيرة، التي يطلق فيها محمد عبد الوهاب اسما تاريخيا على إحدى مقطوعاته.
وبينما يسهل تحليل موسيقى المماليك على نحو فني يصعب تفسير مدلولاتها على نحو تعبيري لسببين
·       البعد التاريخي لا يتضح أبعد من عنوان المقطوعة
·     التباين التام والمطلق بين موسيقى الحركة الأولى والحركة الثانية والفاصل بينهما (الأصوات البشرية)

المماليك كما هو معروف جماعات من الفرسان المحترفين أقاموا دولة قوية في مصر في القرون الوسطى أثبتت قوتها خاصة في هزيمة جيوش التتار القادمة من الشرق والجيوش الصليبية القادمة من الغرب واستمر حكمهم مئات السنين
ولكن منذ نهاية عصر المماليك الكبار، وتحديدا بعد الغزو العثماني لمصر عام 1517 ضعفت شوكتهم بشكل كبير كقوة سياسية وأصبحوا تابعين للدولة العثمانية التي استغلتهم في فرض الإتاوات والاستيلاء على أملاك وأموال الشعب بالقوة، مما أثار الشعور بفساد الحكم
من هنا يظهر أن لقب "المماليك" على إطلاقه يشير إلى حكمين مختلفين في زمنين مختلفين استمر كل منهما نحو 300 عام، الأول يثير التأييد والإعجاب ويؤدي بالضرورة إلى مشاركة شعبية في التعبئة والبناء، والثاني يثير السخط والشعور بضرورة التخلص من المماليك، وهذا ما حدث بالفعل بانتهاء عصر المماليك بمأساة رهيبة لم يجرؤ على تنفيذها غير محمد علي باشا وجنوده.

المقام الموسيقي
مقام حجازكار كورد أحد المقامات المثيرة للجدل من ناحية كيفية التسمية، وهو أساسا مقام كورد مصور على درجة الراست "دو"، وله تسمية أخرى هي "كورديللي حجازكار"، بينما يرتكز مقام الكورد (الأصل) على درجة الدوكاه "ري".
في الأعمال الغنائية يستخدم هذا التصوير لخفض طبقة السلم بمقدار تون كامل أو درجة كاملة عن الطبيعي لمساعدة الصوت البشري في التحكم في الدرجات العليا من السلم. في أعمال الموسيقى البحتة لا يبدو هذه التصرف ضروريا ويمكن الالتزام بالسلم الأصلي دون حاجة للتصوير أو خفض الطبقة الصوتية.
يشتمل هذا العمل "المماليك" على أصوات بشرية تؤدى جملا تصويرية تنازلية تبدأ من قمة السلم، وربما رأى المؤلف أن أداء الصوت البشري في قمة السلم يحتاج إلى خفض هذه القمة

التكوين الفني
·       تنقسم موسيقى المماليك إلى حركتين رئيسيتين 
1. الحركة الأولى
موسيقى لحنية هادئة للأوركسترا على إيقاع رباعي في المقام الأساسي (حجازكار كورد)
2. الحركة الثانية
موسيقى متسارعة للكمان بمساندة إيقاع نغمي من الوتريات على إيقاع ثنائي في مقام نهاوند مصور على الدرجة الرابعة (نهاوند الجهاركاه)
·       الأصوات البشرية / فاصل بين الحركتين
·       استعادة الحركة الأولى في نهاية المقطوعة
التعبير
1. موضوع التعبير
لا أحد يعرف على وجه التحديد ماذا كان يدور في ذهن عبد الوهاب عندما قام بتأليف هذه المقطوعة ذات البعد التاريخي.
أيهما قصد المؤلف من هاتين الفترتين؟ كعادته ترك عبد الوهاب التخصيص والتفصيل والإفصاح واستبدل بها الغموض والخيال والاحتمال
هل جاءت المقطوعة تعبيرا عن أي نوع من التعاطف مع المماليك، سواء في فترة أمجادهم أم في نهايتهم المأساوية، أم تعبيرا عن التعاطف مع الشعب المصري الذي عاني كثيرا من استبدادهم؟

القصة التاريخية لنهاية العصر المملوكي تقول أن محمد علي عندما كلفه المصريون بقيادة مصر عام 1805 في مواجهة المماليك من ناحية والغزو الأوربي من ناحية أخرى وجد أنه لن يستطيع توحيد البلاد وإنشاء قوة إقليمية جديدة دون التخلص نهائيا من كل أثر للمماليك. ومن أجل ذلك احتال عليهم بمائدة كبيرة دعا إليها قادتهم جميعا في قلعة القاهرة، فلما اجتمعوا أغلقت عليهم الأبواب وطاح فيهم رجال محمد علي تقتيلا حتى قتلوا عن آخرهم إلا واحدا حاول هرب قفزا من أعلى أسوار القلعة وهو الذي أطلق عليه "المملوك الهارب". بهذه النهاية فتحت صفحة جديدة في تاريخ مصر وأصبحت مصر بعدها مختلفة تماما عنها في القرون السابقة.

ويذكر أن نابليون بونابرت حاول استمالة المصريين خلال الحملة الفرنسية عام 1798 بقوله أنه إنما أتى لتخليص المصريين من حكم المماليك. وواقع الأرض المصرية في ذلك الوقت يقول بأنه كان هناك 4 جيوش تتقاتل على أرض مصر ليس من بينها جيش مصري، الأتراك، الانجليز، الفرنسيون، المماليك.

عودة إلى ما كان يدور في ذهن عبد الوهاب، يمكن تخيل أنه كان تصورا أو "تصويرا" للأحداث في مقطع معين. ولكن ربما تخطى هذا التصوير النهاية الدرامية للمماليك إلى سيناريو أشمل وأعمق رؤية، وهو تصوير أن قصة المماليك هي قصة عرضية، بما لها وما عليها، في تاريخ بلد عريق تعود الحياة فيه بعدها إلى سيرتها الأولى التي تعني الاستقرار والهدوء كما تعودت مصر أن تكون.
يؤيد هذا التخيل أن المقطوعة منقسمة تماما إلى نصفين. الأول موسيقى هادئة ذات إيقاع ممتد يمكن اعتبارها موسيقى "سمعية" أي يمكن الاستمتاع بسماعها كموسيقى لحنية، والثاني موسيقى مندفعة متسارعة لا تثير الرغبة في الاستماع بقدر ما تثير القلق والتوتر، وتتحرك مقاطعها فلا تكاد تستقر كأنها تصف معركة حربية مما يجعلها موسيقى "تصويرية". لكن هذا ليس كل شيء

2. إشارات تعبيرية
·       الأصوات البشرية 
ما بين النصفين تسمع آهات وأنات بشرية ليس لها لحن واضح (على درجات السلم الملون)
هذا بالضبط ما يجعلك تفكر في "مذبحة المماليك"، لكنها على وجه آخر قد تكون أنات الشعب الذي عانى الأمرين من حملات وهجمات المماليك عي بيوتهم وممتلكاتهم
·       العودة بعد القسم الثاني إلى القسم الأول "اللحني"، تقريبا كما هو، وإنهاء المقطوعة به هي عودة نهائية لا يسمع بعدها كر الفرسان ولا أنات الضحايا
·       تسمع الأصوات البشرية في "المماليك" في نقطتين، أولاهما بعد الحركة الأولى الهادئة، والثانية بعد الحركة الثانية الصاخبة.
فإذا افترضنا أنها أنات الضحايا من المماليك فسيكون ترتيبها منطقيا بعد الحركة الصاخبة إذا كانت إشارة إلى أحداث القلعة.
ولكن كيف نفسر ورودها قبلها إلا إذا كانت إشارة إلى معاناة "ضحايا المماليك" أو بعبارة أخرى "الضحايا من الشعب"
في هذه الحالة لن تكون الحركة السريعة تعبيرا عن "مذبحة القلعة" بل ربما عن حملات ومداهمات فرسان المماليك ضد السكان الآمنين، وبهذا نعود إلى التصور التاريخي الأشمل باعتبار أن قصة المماليك قصة عرضية تعود الحياة بعدها إلى سيرتها المستقرة
على أي حال فإن القفز إلى تصور معين يحدد موضوع التعبير قد لا يخدم الخيال الذي قدمه عبد الوهاب، فهو وقد أبقى الموضوع غامضا ترك حرية التأمل للمستمع

3. أدوات التعبير
·       الإيقاع
§       الزمن الرباعي الطويل في الحركة البطيئة
§       الزمن الثنائي القصير في الحركة السريعة (الكمان)
§       تسريع الإيقاع
§       توقف الإيقاع
§       استعادة الإيقاع
·       الميلودية اللحنية في المقدمة
·       الحوار الموسيقي في الحركة السريعة
·       السلم الملون (الكروماتيك)
·       الصوت البشري
·       استعادة المقدمة في النهاية

أصداء في موسيقات أخرى
·       موسيقى فكروني (أم كلثوم) / الكوبليه الثالث
هناك تشابه كبير في الصياغة الموسيقية بين الحركة الثانية من موسيقى المماليك وموسيقى الكوبليه الثالث في أغنية "فكروني" ناتج عن استخدام نفس الفكرة وهي تسارع اللحن والانتهاء بوقفة حادة وصوت بشري دون إيقاع

·       الموسيقى اليونانية / ديميس روسوس
هناك تشابه بين أول جملة في الحركة الثانية من موسيقى المماليك والتيمة الأساسية في أغنية للمغني العالمي ديميس روسوس، وهو يوناني الأصل مصري المولد والنشأة
ولا يمكن أن يكون عبد الوهاب قد اقتبسها عام 1948 من روسوس الذي ولد عام 1946
لكن موسيقى روسوس هذه مقتبسة أصلا من الفولكور اليوناني القبرصي عن أغنية بعنوان Ta Rialia يمكن الاستماع إليها من هذا الرابط
هل اقتبس عبد الوهاب هذه التيمة المكونة من مازورة واحدة ليبني عليها دراما موسيقية كاملة مؤلفة من 8 مازورات؟ الواقع أنها جملة شعبية راقصة تتكرر بصور مختلفة بينما موسيقى عبد الوهاب حوار موسيقي درامي متكامل في بناء محكم أعقد بكثير من أي تيمة موسيقية وذات إيقاع مختلف تماما. ولذلك يبقى التشابه في حدود التشابه البسيط الذي لا يرقى إلى درجة الاقتباس، نقد وتحليل د أسامة عفيفي، مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية، المماليك 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق