مالاجينا - موسيقى أسبانية - إرنستو ليكيونا
Malagueña - Ernesto Lecuona
"مالاجينا" أشهر موسيقات الموسيقار الكوبي "إرنستو ليكيونا"
تقدمها أوركسترا أوبرا القاهرة
بقيادة المايسترو اليونانية ليزا سانثوبولو Lisa Xanthopoulou
مالاجينا: نسبة إلى مدينة مالاجا (ملقة) في مقاطعة الأندلس جنوب أسبانيا على ساحل البحر الأبيض بالقرب من جبل طارق، وهي اسم مفرد لنوع من الموسيقى يسمى المالاجينات Malagenas نشأ في المقاطعة واقترن بها
قدم ليكيونا (1895-1963) أول عروضه في نيويورك عام 1916 وعمره 21 عاما، واستمرت عروضه في أميركا كمؤلف وكعازف بيانو إلى أن استقر نهائيا في فلوريدا عام 1960 . أسس أوركسترا هافانا السيمفوني، وله نحو 700 مؤلف موسيقي من مختلف الأنواع، ومن أسماء مقطوعاته: قرطبة، أندلسية، وأرابيسك
أصول مالاجينا
هناك انتقاد للمؤلف بأن اللحن الأساسي ليس من إبداعه، وأنه يمكن سماع الميلودي المميزة في موسيقى "ذكريات الأندلس" للموسيقي الأمريكي لويس موريو جوتشوك المؤلفة في القرن التاسع عشر، ويمكن أن تكون قد وصلت إلى أسماع "ليكيونا" ليضمها، عن قصد أو غير قصد، إلى أشهر مقطوعاته. لكن هناك انتقاد أيضا للاثنين بأن اللحن الأساسي في المقطوعتين قد ترجع أصوله إلى الفولكلور الأسباني. وحسب هذا النقد فإن الأمر يتطلب مزيدا من البحث لإثبات ذلك، خاصة أن جوتشوك الذي ارتفع نجمه في أميركا وأوربا، غادر الولايات المتحدة إلى أمريكا الجنوبية ذات الثقافة الأسبانية والبرتغالية، وقدم عروضا تحمل سمات الموسيقى اللاتينية في كولومبيا والإكوادور والبرازيل حتى وفاته
Louis Moreau Gottschalk لويس موريو جوتشوك |
ونحن نقدم هنا خطوة على طريق البحث المطلوب بالإشارة إلى علاقة هيكلية بين هذه الموسيقى والموشح الأندلسي "بالذي أسكر"، و"جادك الغيث" على نفس اللحن. يسير الموشح على الإيقاع الثلاثي العربي "الدارج" الشبيه بثلاثي الفالس مع اختلاف تفاعيله، وعلى نفس النمط والتفاعيل تسير موسيقى مالاجينا وذكريات الأندلس
*****
يتميز اللحن الأساسي للموشح بتركيبة خاصة من ثلاث جمل متساوية زمنيا لكل شطرة، وست جمل لكل بيت، مسايرة للكلمات وللإيقاع الثلاثي، بينما تتركب الموسيقى الكوبية / الأمريكية، بنفس الإيقاع ونفس التفاعيل، من أربع جمل متساوية في كل مقطع ثم مضاعفتها إلى ثمانية
ولا غرابة في علاقة الميلودي الأساسية بالموشح، فقد نسب المؤلف الكوبي موسيقاه إلى مدينة أسبانية تقع داخل مقاطعة الأندلس، وهو له مقطوعة أخرى بعنوان صريح "أندلسية"، ونسب المؤلف الأمريكي موسيقاه مباشرة إلى الأندلس بالإشارة إليها في عنوان المقطوعة. والحقيقة أن الموسيقى الأندلسية ظهرت آثارها في موسيقى موتسارت وبيتهوفن وليس مستبعدا أن تظهر في موسيقات آخرين خاصة عندما يشيرون إلى الأندلس في عناوين موسيقاهم
أود أن أضيف نقطة
هامة، وهي أن خاطر التشابه مع الموشحات الأندلسية قد خطر لي قبل أن أطلع على هذه
المعلومات وآراء النقاد الغربيين، فقط قررت إرجاء الحديث عنه. وعندما توفرت لي هذه
المعلومات وعلمت أن هناك غيري ممن رأوا احتمال كون الموسيقى مستوحاة من أصل أندلسي
ومن قرروا بجرأة أن هذه الموسيقى ليست من إبداع المؤلف الكوبي، وأنه نقلها من
المؤلف الأمريكي ثم ألمحوا إلى احتمال وجود أصل أسباني "فولكلوري"
للاثنين، يعني موسيقى قديمة متوارثة، رأيت أن أطرح الموضوع للاطلاع والنقاش
سبق لنا طرح قضية الاقتباس في الموسيقى الشرقية من أعمال في الموسيقى اللاتينية، وتحدثنا عن ذلك بالتفصيل في "أعطني الناي" لفيروز وعلاقتها بتانجو كومبرزيتا الشهير، وعن الاقتباس في "يا أنا يا أنا" لفيروز من لحن السيمفونية رقم 40 لموتسارت، وعن تأثر موتسارت نفسه بلحن الموشح الأندلسي "لما بدا يتثنى" كما ظهر في الحركة الثالثة من نفس السيمفونية، وأن آثارا من هذه الحركة وجدت في نوتات بيتهوفن. وكان تعليقنا أن الموسيقى يتم تداولها بين الشعوب دلالة على أنها نشاط إنساني عام ولغة عالمية يستطيع الإنسان في أي مكان تذوقها والتفاعل معها دون ارتباط مكاني أو مجتمعي، وأنها كما تستطيع الانتشار جغرافيا تستطيع أيضا الاستمرار زمانيا ولمئات السنين
وذكرنا في معرض الحديث عن اقتباسات الرحبانية وعبد الوهاب أن هؤلاء يقتبس منهم كما يقتبسون، وضربنا أمثلة لذلك منها لحن "لأ مش أنا اللي ابكي" لعبد الوهاب الذي اقتبسه فرانك سيناترا في "غرباء في الليل Strangers in the night". وأشرنا إلى أن اقتباس الألحان شيء واقتباس القالب أو التركيب أو الإيقاع شيء آخر. في الأولى هناك شبهة سرقة، أما الثانية فليست مجرمة أو محرمة بل مطلوبة كأداة من أدوات التفاعل بين الثقافات نستطيع من خلالها التجديد والتطوير وإضافة قيم جديدة إلى ما قد يتعرض للتجمد مع مرور الزمن
وفي حديثنا اليوم عن موشحات الأندلس وظهور تراكيبها في موسيقات غربية، نقد وتحليل د.أسامة عفيفي، أصول مالاجينا وعلاقتها بموسيقى الأندلس، إذا لم يكن هناك اقتباس للحن ما وإنما فقط تطبيق لتركيب أو أسلوب مختلف عن الأساليب التقليدية في موسيقى الغرب، يأتي التساؤل "من أين لك هذا؟"وهي دعوة للنظر في الأصول والجذور
ومع ذلك يهمنا النظر فيما إذا كان هناك شيء منسوخ بالفعل من لحن الموشح بالإضافة إلى استعارة التركيب والأسلوب .. الحقيقة أنه توجد جمل أساسية تم نسخها، وهي الجملة الثانية والثالثة من مثلث جمل الموشح، أضيف إليها رد من جملتين مكافئتين من صياغة المؤلف، ثم مضاعفة الجميع لتكون النتيجة 8 جمل بدلا من 6، منها 4 منسوخة، و 4 في شكل ردود من صياغة الملحن، مع ملاحظة أن الجملة الثالثة تم خفضها درجة واحدة على السلم، وبذلك يحق القول بأن أصل الموسيقى الأسبانية هو الموشح الأندلسي بلا أدنى شك
مراجع
https://en.wikipedia.org/wiki/Malague%C3%B1a_(song)
https://en.wikipedia.org/wiki/Ernesto_Lecuona
https://en.wikipedia.org/wiki/Louis_Moreau_Gottschalk
روابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق