رياض السنباطي أحد الخمسة الكبار في تاريخ الموسيقى العربية ومن الرواد المؤسسين لها في العصر الحديث. ورياض الملحن والموسيقار صاحب رصيد ثمين من الألحان، وله أكثر من 500 لحن في عديد من الأشكال أهمها الأغنية، خاصة القصيدة. وإذا ذكر تلحين القصيدة ذكر رياض والعكس صحيح. كما أن له رصيد كبير في التلحين للسينما. خاض رياض السنباطي تجربة التمثيل مرة واحدة في حياته في فيلم "حبيب قلبي" أمام هدى سلطان، لكنه لم يكررها وتفرغ بعدها تماما للتلحين.
لرياض أيضا عديد من المؤلفات في الموسيقى البحت أشهاها "لونجا رياض" التي قلما لا يمر بها دارس أو هاو. ولحن السنباطي كلمات عشرات الشعرات لكن أشهر وأكثر من تعامل معهم كان أحمد شوقي أمير الشعراء صاحب قصائد أم كلثوم الكبرى، والشاعر أحمد رامي مؤلف معظم أغنيات أم كلثوم الرومانسية.
ولغير أم كلثوم لحن رياض لأصوات شهيرة في عالم الغناء مثل منيرة المهدية، فتحية أحمد، صالح عبد الحي، محمد عبد المطلب، عبد الغني السيد، سعاد محمد، هدى سلطان، فايزة أحمد، وردة، ونجاة
شمس الأصيل - أم كلثوم رياض السنباطي - بيرم التونسي
وتنم أعمال السنباطي الوطنية عن حبه الشديد للوطن وحماسه الواضح لثورة يوليو وألهمت ألحانه الوطنية، ولا تزال، الشعب المصري والعربي في طريق نضاله الطويل من أجل الحرية والاستقلال. ومن أجمل ألحانه "مصر التي في خاطري" لأحمد رامي ، و"مصر تتحدث عن نفسها" لحافظ إبراهيم و"طوف وشوف" و"حبنا الكبير" لعبد الفتاح مصطفى، و"ثــوار" لصلاح جاهين و"حق بلادك" لعبد الوهاب محمد.
ولد رياض السنباطي عام 1906 ونشأ، عكس معظم فناني العصر، في وسط موسيقي وكان والده مقرئا ومنشدا في الموالد والأعياد. وانتبه والده إلى موهبته عندما لاحظ غناءه لألحان سيد درويش، فقرر اصطحابه معه للغناء في المناسبات، في مدينة المنصورة، وتعليمه قواعد الموسيقى.
عام 1928 انتقل السنباطي إلى القاهرة مع والده حيث أتيحت له الفرصة لاحقا مقابلة أم كلثوم وهي أيضا بنت المنصورة. في ذلك العام تقدم للالتحاق بمعهد الموسيقى العربية، حيث تعرف بالأستاذ القصبجي ثم عين بالمعهد أستاذا لآلة العود والأداء. وقد تأثر السنباطي في كثير من ألحانه بالقصبجي وانتمى إليه في مدرسة العود.
في مطلع الثلاثينيات قرر السنباطي التوجه للتلحين، وقدمته شركة أوديون قدمته كملحن حيث غنى له كبار المطربين وقتها مثل عبد الغني السيد، ورجاء عبده، ونجاة علي، وصالح عبد الحي.
عام 1935 جاءت الفرصة الأكبر في حياة السنباطي بلقائه بأم كلثوم التي سطع نجمها، وسار معها رحلة طويلة من الفن الراقي بدأت بأغنية "على بلد المحبوب وديني" بنجاح كبير، وبذلك انضم السنباطي إلى كبار ملحني العصر مثل القصبجي وزكريا أحمد. قدم السنباطي لأم كلثوم حوالي 90 لحنا وهو بذلك صاحب أطول قائمة من ألحان أم كلثوم. وتميز السنباطي في تلحين القصيدة العربية تميزا كبيرا جعله يستحق لقب "ملك القصائد".
توالت ألحان السنباطي لأم كلثوم وانتقلا معا من نجاح إلى نجاح، وتعتبر ألحانه لها من كلاسيكيات الموسيقى العربية، خاصة قصائد شوقي، ولد الهدى، ونهج البردة، وسلوا قلبي، ولأحمد رامي "رباعيات الخيام" التي ترجمها عن الفارسية، بينما وصل إلى قمة ألحانه في القصيدة العاطفية في لحن "الأطلال" للشاعر إبراهيم ناجي. أما في شعر العامية فيذكر له سلسلة طويلة من أشعار رامي العاطفية، وألحان لأمير شعراء العامية بيرم التونسي منها الأغنية الساحرة "شمس الأصيل" و"القلب يعشق كل جميل".
ويذكر للسنباطي محافظته على المدرسة الشرقية الأصيلة في التلحين دون تجريب أو تغريب. لكنه دخل قطار المنافسة في التحديث خاصة موسيقى المقدمات، الذي قاده محمد عبد الوهاب بأغنية "إنت عمري" عام 1964، ونجح السنباطي في مهرجان تحديث ألحان أم كلثوم أيضا بدءا بقصيدة "أقبل لليل" عام 1969، ولحق بعبد الوهاب وبليغ حمدي كان قد تحول أيضا من المدرسة التقليدية إلى المدرسة الحديثة في التلحين لأم كلثوم بأغنية فات الميعاد عام 1967
نال رياض السنباطي عدة أوسمة وجوائز، منها وسام الفنون من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من الرئيس محمد أنور السادات، وجائزة المجلس الدولي للموسيقى في باريس، وظل يعمل بإخلاص شديد لترقية الفن حتى رحل عن عالمنا في 10 سبتمبر 1981.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق