كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الجمعة، 18 مارس 2011

الجمل الموسيقية 1

هذا الموضوع مأخوذ من الموسيقى الغربية، سوف أتناوله بالطريقة الغربية لأن ذلك سوف يساعدنا لاحقا على فهم وتحليل الجمل في الموسيقى العربية।
سوف أبدأ بأبسط أنواع الجمل الشائعة وبعد ذلك أتطرق قليلا للجمل الأكثر تعقيدا.
سأتوخى عدم التعقيد في الشرح ما أمكن وسوف أبدأ ببعض التعريفات لبعض المصطلحات التي سوف أستخدمها في شرحي:
القفلة الموسيقية Cadence: هي عبارة عن تتابع تآلفين أو كوردين بشكل أو نسق معين، وتأتي عادة في نهاية العبارة أو الجملة (بعض القفلات تأتي في وسط العبارة أو الجملة)।
الكورد أو التآلف Chord or Triad: هو عبارة عن ثلاث أو أربع نوتات أو أكثر وتكتب بشكل عمودي أي نوتة فوق أخرى لكي تعزف في آن واحد।
البار الموسيقي Bar or Measure : هو عبارة عن مجموعة من النوتات تكتب على المدرج الموسيقي وفي حالة عدم تغيير الميزان الموسيقي فإن مساحة أو طول البارات تكون متساوية (أي أن ما يحويه البار من نوتة أو مجموعة من النوتات تكون متساوية في كل البارات)।
مثل اللغة والشعر تتكون الموسيقى من جمل وعبارات، ففي الشعر كل قصيدة (عمودية) تتكون من أبيات وكل بيت يتكون من شطر وعجز، وكذلك الحال مع اللغة فكل كتاب مكون من فصول وكل فصل مكون من أجزءا وكل جزء مكون من جمل وعبارات، وكل جملة ممكن أن تتكون من عبارتين أو أكثر।
الحال هو نفسه مع الموسيقى فلو كان لدينا عمل موسيقي كبير كأن تكون سيمفونية على سبيل المثال فهذه السيمفونية تتكون من عدة حركات (أربعة في العادة) وكل حركة تتكون من عدة أقسام (بحسب القالب المبني عليه ذلك العمل)، وكل قسم يتكون من جمل وكل جملة تتألف من عبارتين (أو أكثر)
الجمل الاعتيادية البسيطة مكونة من عبارتين وهتين العبارتين تكونان متساويتين في الطول في حالة كون الجملة بسيطة ومنتظمة.
الجملة البسيطة المنتظمة Simple Regular Period :
موسيقيا الجملة الموسيقية البسيطة المنتظمة (التقليدية) تتكون من ثمان بارات وهذه الجملة تقسم إلى عبارتين كل عبارة تتكون من أربع بارات (في أحيان أخرى يكون طول الجملة 16 بار بدلا من 8 بارات كالمثال الأول لبيتهوفن الذي سوف نسمعه في الفيديو)
تنتهي كل عبارة موسيقية (في الموسيقى الغربية) بقفلة، هذه القفلة تكون وظيفتها كوظيفة النقطة أو الفارزة أو علامة الاستفهام أوعلامة التعجب في هناك عدة أنواع من القفلات وهي أربعة رئيسية "تقسم لأنواع أخرى" لكنني سوف أتطرق لنوعين منها فقط
القفلة التامة Perfect Cadence: وهي قفلة توحي بانتهاء الجملة أو العمل وتضفي للسامع إيحاءا بالارتياح، أما نظريا فهي عبارة عن تتابع كوردين (أو تآلفين) حيث يكون الكورد الأول هو كورد الدرجة الخامسة والثاني كورد الدرجة الأولى (أحيانا يستبدل كورد الدرجة الخامسة بكورد بديل يؤدي نفس الوظيفة، في هذه الحالة وفي بعض المدارس أو المناهج الموسيقية لا يتم تسميتها بالقفلة التامة)
القفلة غير التامة "أو النصفية كما تدعى أحيانا" Imperfect or Half Cadence : عادة ما تستخدم في نهاية العبارة الأولى وهي تعطي السامع إحساساً بعدم الارتياح ولا تعطيه الإحساس بالنهاية بل توحي بنوع من التساؤل ويتطلب وجود جواب لهذا السؤال। نظريا فهي القفلة التي تنتهي بالدرجة الخامسة (أحيانا يستبدل تآلف الدرجة الخامسة بتآلف بديل يؤدي نفس الوظيفة كتآلف الدرجة السابعة)
العبارة الأولى تسمى عبارة قَبْليّة والعبارة الثانية تسمى عبارة بَعْديّة.
سوف نلاحظ من خلال الجمل التي سوف نستمع لها في الفيديو التالي أنها مقسمة إلى عبارتين متساويتين في الطول وسوف نلاحظ أيضا أن بداية العبارة الأولى تشبه بداية العبارة الثانية
تحيات: أحمد الجوادي

الجمعة، 18 فبراير 2011

العود العربي أقانيم الثورة و الوتر -2-


التجريبية في التأليف، "مارسيل خليفة" نموذجا
يمكن أن نحدد تجربة مارسيل خليفة المؤلف و العازف اللبناني (1950) في مسارين اثنين، مساره كمغني، ومساره كمؤلف موسيقي، و كمؤلف لآلة العود خصوصا. و إن كانت صورة مرسيل كمغني هي الأشهر، فإن صورته كمؤلف هي الأهم رغم كون الصفة الأولى تغمر صفته الثانية، إذ غالبا ما يتم اختزال الرجل في الغناء، بل و في الغناء النضالي، ولا يهتم إلا بما هو قومي و ثوري في أعماله، و يضرب صفحا عن أعماله الإنسانية والعاطفية ، رغم أن هذه الأعمال لا تقل أهمية، بل تتجاوز في كثير منها أعماله الحماسية النضالية.
كانت بداية مرسيل خليفة مع الغناء، و لم يتعاطى الرجل للعمل الموسيقي الخالص إلا في وقت متأخر، غير أن المتتبع المنتبه لبداياته كان سيدرك و لا شك أن طموحات مارسيل وطاقاته الموسيقية تتجاوز حدود الغناء، إذ لم يكن الرجل يكتفي بالتأليف الخطي أو الأداء اللحني، بل كان يحول الأغاني إلى تجارب موسيقية، فيغامر بتلحين قصائد يعسر تلحينها، و يصوغ مقدمات و فصول و خواتم "أركسترالية"، بتوزيع يجعل من أغنياته معماريات لحنية يستحضر فيها عددا كبيرا من الآلات، صوتية ونحاسية و وترية وإيقاعية، و هو أمر غير معهود في الموسيقى العربية ؛ و يكفي الإنصات إلى أعمال من مثل "الجسر" أو "تصبحون على وطن" أو "أحمد العربي" أو غيرها ليتبين أن هذه الأعمال لم تكن مجرد أغنيات، بل كانت "ورشات" نغمية تعد بالآتي.
من الصعب توثيق البداية التأليفية الخالصة لمارسيل خليفة كما قلنا، لأنه كان ومنذ البداية، يُضمّن ضمائمه الغنائية بعض المقطوعات اللحنية الخالصة؛ غير أنه من الممكن أن نقول، خصوصا فيما يخص آلة العود، أن بدايته كانت مع عمله "مداعبة"، وهو تأليف لثنائي عود، قوامه حوارات بين أربعة عازفين يتوزعون العزف فيما بينهم، وقد أعلن مارسيل، بعد هذه المحاولة، أنه يشتغل مع مجموعة من صناع آلة العود لإنجاز رباعي لآلة العود، و ذلك على صورة ما هو حاصل في آلة الكمان، حيث نجد (الكمان و الآلتو والفيولونسيل و الكونترباص)، غير أن هذا المشروع لم ينته إلى شيء على ما يبدو.

سيتوج هذا الاجتهاد بإنجاز عمل آخر ثنائي (Duo) هو "جدل" و الذي شكل حينها ثورة في تقليد التعامل مع آلة العود، و هو ما يزال إلى اليوم أحد أهم ما كتب لآلة العود على مستوى التأليف.
و الحقيقة أن المتتبع سيجد أن "جدل" هو وفاء للوعود التي قطعها مارسيل في "مداعبة"، و لم يكن العزف الذي قام به مارسيل نفسه لهذا العمل رفقة العازف "شربل روحانا" وآخرين بأقل قيمة من التأليف، والحق إن "جدل"، يبقى، أمام فقر التأليف العربي الهارموني، إنجازا إستثنائيا.
سيتوج مارسيل خليفة جهده هذا بعمل آخر حاول فيه أن يخلق حوارا بين آلة العود و بين أوركسترا سمفونية وهو متتالية "كونشرتو الأندلس". و الواقع أن هذا العمل كان - كما يعرف المختصون- مغامرة محفوفة بالمخاطر لآلة العود، فإنتاج الكونشرتو الذي هو في أصله الكلاسيكي الغربي "سجال" تدخل فيه الآلة مع أوركسترا، معناه أن آلة العود قادرة صوتيا وموسيقيا على تحمل ثقل قيادة و منافسة فرقة موسيقية كاملة، و هو أمر إن كان ممكنا بالنسبة لآلات راسخة في هذا الباب (البيان، الكمان، الكلارينيت)، فقد كان مشكوكا فيه بالنسبة لآلة وثرية منقورة أولا، و لآلة شرقية غنائية ثانيا. غير أن هذا العمل، في نظرنا، نجح في رفع جزء من هذا التحدي و أبان أن آلة العود ليست أقل من الكمان أو البيان قدرة؛ و أن العجز لا يلحق بالعود في ذاته كآلة، بل بالقصور في التأليف لها.
كونشرتو الأندلس يتكون من 12 قطعة، تتوزع بين اللونغا و الفالس و المارش و أشكال أخرى، و الجميل في هذا العمل أنه استدخل أعمالا عربية قديمة من مثل طقاطيق سيد درويش و بعض الموشحات، بعد أنه جدد بنيتها و أعاد توزيعها، لتتحول من صورتها البسيطة إلى أعمال فنية قوية.
أدى مارسيل متتالية (suite) "كونشرتو الأندلس" في أماكن عدة و رفقة فرق موسيقية عريقة مثل اوركسترا"مدينة بولون" الفرنسية تحت إدارة ألفرد هرزوك، و أركسترا مدينة كييف و فرقة مدينة سان فرانسسكو الأمريكية لموسيقى الصالة. ولهذا كان هذا العمل قفزة في مسار آلة العود، فلم يعد العود قبل "كونشرتو الأندلس" هو نفسه العود بعده، بل صارت الطرق أمامه ممتدة لملاقاة آفاق رحبة واسعة، و هذا ما زكاه مارسيل نفسه حين اشتغل على إنتاج "ديو" جديد يجمع آلة العود بآلة الكونترباص رفقة العازف الألماني (بتير هربرت)، و ما فتح الباب أمام مؤلفين آخرين للعمل في نفس الوجهة.
يبقى أن نشير بخصوص مارسيل إلى أن الأعمال المذكورة ليست وحدها المخصوصة بالموسيقى الخالصة؛ بل هناك أعمال أوركسترالية أخرى من مثل مجموعة "بساط الريح" و "حلم ليلة صيف"، أضف إلى ذلك مجموع القطع المبثوثة في ضمائمه المختلفة لم نتطرق إليها من مثل مقطوعة "فرح" و "حلم" و "طلع الضو" و "صرخة"...لأن حديثنا في هذه الدراسة كان مقصورا على الأعمال المتعلقة بآلة العود، و لأن مثل هاته الأعمال تحتاج مساحة أوسع.

الخميس، 6 يناير 2011

اسلمى يا مصر

اسلمي يا مصر - كلمات مصطفى صادق الرافعي - ألحان صفر علي



لك يا مصر السلامة
كلمات مصطفى صادق الرافعي
ألحان صفر علي

اسلمي يا مصر إنني الفدا
ذى يدي إن مدت الدنيا يدا
أبدا لن تستكيني أبدا
إنني أرجو مع اليوم غدا
ومعي قلبي وعزمي للجهاد
ولقلبي أنت بعد الدين دين
لك يا مصر السلامة
وسلاما يا بلادي
إن رمى الدهر سهامه
أتقيها بفؤادي
واسلمي في كل حين

أنا مصري بناني من بنى
هرم الدهر الذي أعيا الفنا
وقفة الأهرام فيما بيننا
لصلوف الدهر وقفتي أنا
في دفاعي وجهادي للبلاد
لا أميل لا أملّ لا ألين
لك يا مصر السلامة
وسلاما يا بلادي
إن رمى الدهر سهامه
أتقيها بفؤادي
واسلمى في كل حين

ويك يا من رام تقييد الفلك
أي نجم في السما يخضع لك
وطن الحر سمًا لا تمتلك
والفتى الحر بأفقه ملك
لا عدا يا أرض مصر بك عاد
إننا دون حماكي أجمعين
لك يا مصر السلامة
وسلاما يا بلادي
إن رمى الدهر سهامه
أتقيها بفؤادي
واسلمي في كل حين

للعلا أبناء مصر للعلا
وبمصر شرفوا المستقبلا
وفدًا لمصرنا الدنيا فلا
نضع الأوطان إلا أولا
جانبي الأيسر قلبه الفؤاد
وبلادي هي لي قلبي اليمين
لك يا مصر السلامة
وسلاما يا بلادي
إن رمى الدهر سهامه
أتقيها بفؤادي
واسلمي في كل حين

.

الأحد، 2 يناير 2011

محمد عبد الوهاب - إيه انكتب لى

محمد عبد الوهاب - إيه انكتب لي - فيلم يوم سعيد 1940

"إيه انكتب لي" نموذج لألحان عبد الوهاب التي مزج فيها موسيقى الشرق والغرب بطريقته الخاصة في لحن واحد
تحليل موسيقي - د.أسامة عفيفي
في المقدمة نستمع إلى مقطع لحني من جملتين تستدرجان السامع إلى تكوين حوار موسيقي يكتمل بإضافة "رد" على الاستهلال بجملتين تكملان الحوار ، إذ لا يمكن إنهاء المقطع في نهاية أول جملتين حيث لم يكتمل بعد استقرار مقام اللحن الأساسي
المفاجأة في الرد تأتي من خروج اللحن من المقام القريب وهو المينير أو النهاوند إلى مقام بعيد تماما وغير متوقع وهو مقام البياتي الشرقي الذي يستخدم ربع التون ، أقرب مقام كان يمكن توقعه هو مقام الكورد وهو لا يحتوى على ربع تون ويستخدم فى الشرق والغرب ، بهذا استخدم عبد الوهاب تراكيب مستوحاة من ألحان التانجو الغربية وأدخل عليها نغمات شرقية في أقل من عشرين ثانية ، وهكذا فتح الخيال لتركيب جديد على الأذن العربية
الغناء في المذهب يسير على نفس النمط ثم يدخل مباشرة إلى البياتي الشرقي الصريح في جملة "لما سلمتي علي" ليكمل ويختم به الغناء التمهيدي

*

فى الكوبليه الأول يعود عبد الوهاب بالموسيقى والغناء إلى مقام المينير وإيقاع التانجو، وهذه المرة يستغرق فيه للنهاية ، مستخدما فيه ما أمكن من تلوينات ألحان التانجو الشائعة ولا ينسى استعمال آلة التانجو  الأساسية وهى الأكورديون لتكتمل الصورة

في الكوبليه الثاني يتناسى التانجو تماما ويعتمد على طرب مقام الراست الشرقي وهو أقرب الاشتقاقات إلى مقام البياتي ، وبهذا تصبح الأغنية مكونة من جزءين أولهما غربي والآخر شرقي ، بالإضافة إلى المذهب الذي قسم إلى جزءين أيضا شرقي وغربي
وفي جميع المقاطع ينساب صوت عبد الوهاب فيما يبدو أنه تلقائية شديدة لكن الحقيقة أن هذا اللحن قد تم صنعه و "هندسته" بطريقة منطقية تماما إن لم تكن "رياضية" .. ولهذا وصف عبد الوهاب بأنه "مهندس ألحان" وليس ملحنا فقط
ولا يخفى أنه بدا في لحن "إيه انكتب لى" يحضر لسلسلة من الألحان التي استخدم فيها نفس الأسلوب وامتازت بها ألحان أفلامه في الأربعينات ، بعين على التجديد من ناحية وبالعين الأخرى على ذوق الجمهور الشرقي الذى يحرص عبد الوهاب على إرضائه دائما وقد نجح في ذلك
لنستمع إلى عبد الوهاب في أحد ألحانه التي تعتبر من مفاتيح وأسرار صناعته للموسيقى والغناء .. إيه انكتب لى .. تحياتى

الخميس، 9 ديسمبر 2010

16.الموسيقى العربية المعاصرة - عصر النكسة


16. الموسيقى العربية المعاصرة - عصر النكسة
جاء عام 1967 بهزيمة يونيو العسكرية التى ألقت بظلال كثيفة على كل مناحى الحياة العربية ومن ضمنها الفنون، استمرت فترة النكسة ست سنوات حتى حرب أكتوبر عام 1973
اختفت الأغانى الوطنية المتفائلة التى كان يقدمها عبد الحليم حافظ مسايرة لثورة يوليو بعد أن جمعت حولها جمهورا كبيرا ، بل  اعتزلها ملحنها كمال الطويل التلحين ، وسكتت أشعار مؤلفها صلاح جاهين

أما عبد الحليم فلم يعتزل ولم يسكت ، لقد تحول بغنائه إلى شيء آخر .. الأغانى العاطفية ، وفى سبيل ذلك كون ثنائيا جديدا مع الملحن بليغ حمدى وانضم  إليهما بعض الشعراء الجدد مثل محمد حمزة وعبد الرحمن الأبنودى وعبد الرحيم منصور  
أعلن عبد الحليم اعتزاله الأغانى الوطنية بكلمات عبد الرحمن الأبنودى فى أغنية تقطر حزنا هى "عدى النهار" يقول فيها :
"وبلدنا على الترعة بتغسل شعرها .. جانا نهار ماقدرش يدفع مهرها"  ، لكنه ربما فوجئ مثل غيره بنجاح حرب أكتوبر عام 1973 فأنشد يقول "عاش اللى قال"  فى تحية واجبة لصانع النصر أنور السادات ، كما لم يفت كمال الطويل الاشتراك فى  حمل لواء النصر فقدم مع عبد الحليم "خلى السلاح صاحى" فى نفس العام 
استمر عبد الحليم بعدها فى تقديم الأغانى العاطفية ثم توفى عام 1977 وترك كل من يهوى الغناء يحلم بأن يكون عبد الحليم حافظ آخر

ماذا حدث مع غيره من النجوم؟ لم تتوقف أعمالهم الوطنية لكنها  تحولت إلى اتجاه مختلف يحاول أن يلم الجراح ويبعث على النهوض من جديد ولم تعد تسير وفق ما كان سائدا قبل النكسة 
أمثلة ذلك فى لحن عبد الوهاب لأم كلثوم "أصبح عندى الآن بندقية" 1969 ، ولحنه لنفسه "حى على الفلاح" ، لكن هذه الأعمال توقفت تقريبا بوفاة مؤسس الثورة ورائد القومية العربية جمال عبد الناصر عام 1970 مما يؤكد الارتباط الوثيق بين الحركة الوطنية للثورة وشخصية زعيمها 

وهنا يجب أن نتوقف قليلا لتحليل ما حدث ومحاولة فهم انعكاساته التى بدت غريبة بعض الشيء عن المتوقع
من المعروف أن الشعوب عندما تصاب بالأزمات تجد سلواها فى فنونها ، والأغانى بالذات هى أسرع وأقرب وسيلة للتسرية عن النفس وبث الأمل فى الأوقات الحالكة ، لكن ما حدث بعد عام 1970 (وليس عام النكسة) من توقف الفنانين تقريبا عن إنتاج أغان وطنية جديدة حتى قيام حرب أكتوبر 1973 يجعلنا نتساءل هل كان ذلك وقفة مع النفس والعقل ومع المجتمع والنظام العام نتيجة للشعور بالانهزام ، أم كان نتيجة لفقدان زعيم الحركة الشعبية وملهمها؟

الحقيقة أن انسحاب الفن من دوره الرائد فى التعبئة هو عكس المتوقع فى زمن الأزمة ، فالأزمة هى الأولى باستدعاء التعبئة عن زمن الرخاء والاستقرار ،  وليس  صحيحا أن النكسة قد أشاعت اليأس فى النفوس  ، فقد استمر تقديم الأغانى الوطنية التعبوية كوضع طبيعى متوقع لثلاث سنوات فقط بين عام النكسة وعام وفاة عبد الناصر ثم توقفت بعد ذلك ، وهذا يؤكد اعتماد حركة المجتمع بصفة أساسية على شخصية الزعيم التى لا تعرف اليأس ، ثم بوفاته تسلل اليأس إلى كافة الفئات والشرائح إلى درجة عدم ثقة الناس فى إمكان الرد بحرب تسترد الأرض والكرامة ، وبعبارة أخرى كانت صدمة الشعب فى وفاة زعيمه أكبر من صدمته فى حدوث النكسة

هكذا يمكن تقسيم مرحلة النكسة إلى وجهين متباينين ، الأول الهزيمة العسكرية التى ولدت لدى الشعب الدافع للحركة نحو الرد بحرب انتقامية أملا فى  تعويض خسارته ، والثانى وفاة الزعيم التى بدا له أنه قد لا يمكن تعويضها 

وقد لا يخدم هذا التحليل الانسحاب المبكر للثلاثى النشط عبد الحليم حافظ وكمال الطويل وصلاح جاهين لكن يجب أن نذكر هنا عاملا آخر وهو ارتباطهم بالوثيق بنظام الحكم الذى تغير فى الواقع رغم وجود نفس الرئيس على قمته ، فقد غير عبد الناصر أدواته ورجاله بل قام بإقصائهم ووضع معظمهم فى السجون بعد أن اتضحت له أبعاد الإهمال وطالبه الشعب برؤوسهم رغم مطالبته له شخصيا بالاستمرار فى الحكم والقيادة التى تخلى عنها طواعية فى عام النكسة تحت وطأة الشعور بالمسئولية ، وهكذا اختفت الرموز السياسية والعسكرية التى كانت تصنع هالات الدعاية وحل محلها قيادات جادة أعادت البناء وهى التى قادت المسيرة إلى حرب أكتوبر

عام 1967 قدمت أم كلثوم فى أول حفلاتها ذلك العام أغنية على المسرح عمرها حوالى ربع قرن هى "سلوا قلبى" من أشعار أمير الشعراء أحمد شوقى وألحان رياض السنباطى ، كانت هذه أول إشارة إلى ضرورة العودة للجذور والقيم الأصيلة بعيدا عن أغانى التهليل والتصفيق التى كان رائدها عبد الحليم حافظ ، بعدها قدمت من ألحان السنباطى "الصوفية" حديث الروح 1967 ، ومن أغنياتها الوطنية فى تلك الفترة كما ذكرنا "أصبح عندى الآن بندقية" 1969 لحن محمد عبد الوهاب

نتج عن عصر النكسة نتائج هامة
1-  تراجع الأغانى الوطنية
2- عودة إلى ألحان التراث
3- عودة إلى الفولكلور الشعبى
4-  ظهور الأغانى الهابطة
وسنأتى لذكر هذه الظواهر بالتفصيل فى مقالات تالية د.أسامة عفيفى ، نتابع فى المقال القادم

السبت، 4 ديسمبر 2010

15. الموسيقى العربية المعاصرة – التليفزيون


15. الموسيقى العربية المعاصرة – عصر التليفزيون
بدخول عصر التليفزيون فى الستينات انتقلت الفنون المرئية من المسرح والسينما إلى المنازل والنوادى والمقاهى ، وهذا هو الحال إلى اليوم
قامت أجهزة التليفزيون الرسمية فى كل بلد عربى بتسجيل كل ما استطاعت الوصول إليه من عروض فنية من المسرح ومن الاحتفالات العامة وعروض الفنون الشعبية وحفلات المطربين الكبار مثل أم كلثوم فى حركة تسجيلية كبيرة امتدت من الكويت شرقا حتى المغرب ، كما تشكل فى مصر ما عرف بمسرح التليفزيون بتمويل رسمى قدم العشرات من المسرحيات اعتمد فيها نصوص جيدة لكتاب المسرح التقليديين ولأدباء كبار إلى جانب نقل المسرحيات التى قدمها المسرح القومى فى مصر لأدباء مثل توفيق الحكيم ويوسف إدريس وعبد الرحمن الشرقاوى وغيرهم مما ساهم فى تنمية الحركة المسرحية والثقافية بشكل عام بما فى ذلك اتجاهات الجمهور

قام التليفزيون أيضا بإعادة عرض الأفلام السينمائية القديمة بما فيها من عناصر غنائية وموسيقية وساهم كثيرا بذلك فى الحفاظ على الذاكرة الفنية وتعريف الجمهور الجديد بما لم يتح له مشاهدته من أفلام أثناء عرضها فى السينما ، فأصبح باستطاعة المشاهد الجديد التعرف على نشاط نجوم الفن القدامى فى أى وقت كما أتاح الاستماع إلى الأعمال إلى الأعمال الموسيقية الأقدم والتى كادت تضيع فى زحام النهضة الموسيقية الكبرى التى شهدها ذلك العصر بقيادة محمد عبد الوهاب ومحمود الشريف وكمال الطويل ومحمد الموجى والأخوان رحبانى
لكن الحركة التليفزيونية لم تشهد عودة للمسرح الغنائى الممول جيدا أو رعاية خاصة للفرق الموسيقية العربية وانحصر نشاطه فى تسجيل ما هو موجود من فنون 
استعراض نشيد وطني الأكبر - ألحان محمد عبد الوهاب
القنوات الفضائية
نشأت القنوات الفضائية فى التسعينات مع دخول تكنولوجيا جديدة إلى السوق وهى القدرة على البث عبر الأقمار الصناعية إلى أى بقعة على الأرض فى مدار القمر ، والتى اعتمدت فى ظهورها أساسا على انتشار التليفزيون كوسط إعلامى  
وبينما خصصت محطات التليفزيون الرسمية قنوات فضائية للوصول إلى المناطق النائية فى كل بلد لم تخرج المواد المذاعة عن البرنامج المصمم سلفا للمحطات الأرضية ، ولهذا لم تقدم عناصر جديدة
لكن ظهور القنوات الخاصة فتح الباب أمام سيل من الإنتاج الجديد زاد مع تعدد القنوات التى كثرت عندما انتشرت التكنولوجيا الجديدة وأصبحت متاحة أكثر للمستثمرين وبتكلفة أقل وأرست تقليدا جديدا هو البث على مدار الساعة بدون توقف ، مع هذا اصطبغت معظم القنوات بالصبغة التجارية كونها مؤسسات تهدف إلى الربح وانعكس ذلك سلبا على المواد المقدمة على شاشاتها ، وسنأتى للحديث عن ذلك أكثر عند الحديث عن "عصر الكليب"

مع المنافسة المتوقعة بين القنوات الخاصة اتجه كثير منها إلى التخصص ، فأصبح هناك قنوات إخبارية وقنوات للأفلام وأخرى للأغانى وغيرها للإعلان والتسويق وهكذا .. ، لهذا انحصرت المنافسة فى الفن بين القنوات الفنية التى مع الأسف أصبحت تنافس بعضها بالصورة وليس بالمادة المسموعة مما أدى إلى التسابق فى استخدام وسائل الإغراء البصرى لجذب المشاهد دون أدنى اهتمام بالفن الذى تعمل تحت اسمه وغطائه ، ولذلك تأثرت الحركة الفنية بالسلب تحت ضغوط المنتجين وظهرت صور مشوشة بل معيبة أحيانا باسم الفنون 

يبقى التليفزيون فى النهاية هو اللاعب الأساسى فى الوسائط الإعلامية  وهو الأداة القادرة على الوصول مباشرة وبسرعة إلى الجماهير فى كل مكان  ولا شك  أن تأثيره الإعلامى هو الأهم على مستوى العالم  ، وإن خفف من ذلك التأثير فى القرن الواحد والعشرين تعدد القنوات إلى عشرات ومئات جعلت الجمهور ينقسم هو الآخر إلى فئات واتجاهات كل  يرى ما يفضل أن يراه ، د.أسامة عفيفى ، نتابع فى المقال القادم

الخميس، 25 نوفمبر 2010

موسيقى رقصة أبو الهول فى المركز الأول

موسيقى رقصة أبو الهول فى المركز الأول
ظهرت موسيقى رقصة أبو الهول Sphinx Dance لأول مرة على الإنترنت فى 20 نوفمبر 2010
حققت المركز الأول للموسيقى العربية التقليدية فى مسابقات ساوند كليك إنترناشيونال فى 25 نوفمبر 2010 أى فى خلال خمسة أيام من ظهورها ، وهى من تأليف د.أسامة عفيفى
تتكون الموسيقى من مقطعين أساسيين يؤلفان فيما بينهما مزجا بين الموسيقى الكلاسيكية العالمية والموسيقى العربية التقليدية ويظهر فيها الإيقاع الشرقى التقليدى بينما يصاحب اللحن الأساسى خلفية هارمونية من تراكيب مختلفة
يمكنك الاستماع إلى رقصة أبو الهول من هنا

للمؤلف مقطوعات أخرى حققت مراكز متقدمة خلال الأعوام الثلاثة الماضية منها موسيقى "الضحايا Victims" وموسيقى "ليلة رقيقة Tender Night" وهى تندرج تحت الموسيقى التعبيريةExpressive  

الجمعة، 5 نوفمبر 2010

14.الموسيقى العربية المعاصرة - الفنون الشعبية

14. الموسيقى العربية المعاصرة - الفنون الشعبية
ازدهرت فى الستينات حركة خاصة بالفنون الشعبية تميزت بالبحث عن الفولكلور وتقديمه من خلال عروض رقصات شعبية وتكونت فرق كثيرة لهذا الغرض كانت الريادة فيها لفرقتين هما فرقة رضا والفرقة القومية. تبارت الفرقتان فى العروض فى تنافس شديد ونالت كل منهما رعاية رسمية بل كانت تابعتين مباشرة لوزارة الثقافة ، الجدير بالذكر أن الفرقة الأقدم وهى فرقة رضا كانت فرقة خاصة أنشأها الفنان محمود رضا ثم جرى تأميمها مقابل تمويلها فى حركة التأميم ! وعلى غرار هاتين الفرقتين ظهرت فرق فى كل محافظة مصرية تقريبا نشطت كل منها فى تقديم تراث شعبى غاية فى المحلية إذ كان على كل فرقة تقديم فنون منطقنها ، وهكذا وجدت ألحان ورقصات تمثل بيئات مختلفة مثل الصيادين ، الفلاحين ، النوبيين ، الصعايدة ، البحراوية ، البمبوطية وغيرها
كما جرت العادة القديمة فى مصر كانت موسيقى هذه الفرق تؤدى حية بفرق أوركسترالية كاملة قادها موسيقيون دارسون بكفاءة تامة وكان عليهم القيام بتوزيع الألحان الفولكلورية وتطويعها للأداء الأوركسترالى ومنهم على إسماعيل وشعبان أبو السعد ومنير الوسيمى وغيرهم ، ولا شك أن هذه الفرق الموسيقية كانت إضافة جيدة للعروض الشعبية وللمسرح بشكل عام
وفى لبنان قدم الرحبانية نموذجا جيدا للعروض الشعبية باقتفاء أثر الألحان الشعبية ورقصات الدبكة الشهيرة وكان مهرجان بعلبك فرصة جيدة لانتشار هذه العروض ، كذلك كان فى سورية والعراق والأردن وتونس فرقا خاصة للفنون الشعبية فنونا شعبية نالت إقبالا كبيرا
كان القاسم المشترك بين هذه الفرق العربية هو عرض برامجها خارج أقطارها فكثير منها قدم عروضه فى كثير من العواصم العربية والأوربية 
د.أسامة عفيفى - نتابع فى المقال القادم
مع شكرنا وتحياتنا لمسجل العرض نعرض هنا أحد عروض الفرقة القومية المصرية للفنون الشعبية الأكثر شهرة "البمبوطية"
الفرقة القومية للفنون الشعبية

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

العود العربي : أقانيم الثورة و الوتر ( الجزء الاول)

تمهيـــد
يعرف الفن العربي "العالِم" منذ مدة حركية كبيرة خصوصا في مجال الموسيقى، غير أن هذه الحركية تظل "خفية" وغير مرئية بالنسبة للمتلقي العربي، و السبب الأساس في ذلك عائد إلى انعدام المتابعة النقدية التي تعمل على إساخة السمع لهذه الحركية و دعمها نقدا وتحليلا، إما لغياب المتخصصين، أو لعدم رسوخ تقليد النقد الفني في ثقافتنا.
و إني إذ أقدم هذه الدراسة، فإني أسعى إلى المساهمة في خلق نقاش نظري حول تشخيص وتحليل طبيعة الحركية الفنية المذكورة. و غني عن البيان أن ما أقصده بالموسيقى هنا هو الموسيقى "العالِمة"، التي تخلق و تحول أسس و مناظير التمثل العميقة، وليس "الموسيقى" الاستهلاكية أو الفولكلورية.
من المعروف لدى العالمين بشؤون الموسيقى العربية أنها تتسم بخاصيتن اثنتين، أولهما أنها موسيقى لحنية في بنائها (mélodique) تعتمد الخط اللحني الواحد، و ليست موسيقى تناغمية harmonique)) تعتمد تعدد و تداخل الخطوط اللحنية، و ثانيهما أنها موسيقى غنائية، و معنى هذا الأمر أن النموذج و الشكل الأهم الذي تتمركز حوله هو الغناء، فلا فصل لدى الأذن العربية بين الموسيقى والغناء؛ و نحن نذكر هذا لتمييزها عن نمط الموسيقى الغربية التي لا يشكل فيها الغناء إلا جزءا ضئيلا إلى جانب أشكال أخرى كثيرة من التأليف.

يتضح هذا بشكل أكبر عندما نستقرئ تركيبة الكتابة الموسيقية، وعندما نستطلع المجال الفيزيائي والصوتي للآلات الموسيقية العربية و الغربية. فالآلة الموسيقية المركزية في الفن العربي التي هي العود، هي آلة لا تسمح للعازف إلا باستخراج صوت واحد في اللحظة الواحدة عن طريق النقر بالريشة، ونحن نذكر هذا لنقارنه بالآلة المركزية في الموسيقى الغربية (البيان) (piano) و التي تسمح، كما يعرف العازفون، باستخراج أصوات بعدد أصابع اليد (عشرة) في اللحظة الواحدة، و أحيانا أكثر كما في حالة العزف المزدوج.
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لآلة القانون التي قد يحتج البعض بها لدحض ما تقدم، إذ على الرغم من بنيتها المتعددة الصوت polyphonique، فإن تقليد العزف عليها أحادي اللحن إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن أصبعين فقط هما اللذان يتم استغلالهما، و أن أحدهما يعزف و الأخر لا يعمل إلا على تقديم "الجواب" عن النوتة الأساس أو استخراج أرباع المقام، ولا يرقى أبدا، إلا في بعض الحالات الخاصة Julien Vaisse) -) الغربي الأصل و التكوين مثلا- إلى تكوين المسافات الهارمونية في العزف (tierce, quinte….).

وقد دفع الوعي بهذه الحدود التي تطبع الموسيقى العربية و آلاتها لدى الموسيقيين والمؤلفين العرب الجدد - تمييزا لهم عن الموسقيين العرب الكلاسيكيين- رغبة في التجاوز، و بالتالي رغبة في الخروج عن بنية السلم العربي اللحنية أولا، و صيغة التعبير الموسيقي الغنائي ثانيا.

في هذا السياق يمكننا نحن أن نحصي حركتين اثنتين جديرتين بالاهتمام، أولهما تجسدت في المجهود الذي بذله بعض العازفين و المؤلفين الكبار لتثوير طرائق و تقنيات ومساحات العزف على الآلات العربية التقليدية، وعلى آلة العود تحديدا (خصوصا المدرسة العراقية)، و ثانيهما تجسدت في محاولات بعض المؤلفين الموسيقيين لاصطناع أساليب أخرى في التأليف الموسيقي إلى جانب الغناء، كما تجسد ذلك في محاولات تأليف السمفونية و الكونشيرتو و الكورال الغنائي عند بعض الموسيقيين العرب، خصوصا في لبنان و مصر، و أحيانا سوريا و المغرب.
أخصص هذه الدراسة للحديث عن مدارس العود، و سأقصرها في المدارس المعروفة من طرف القارئ تحقيقا للتواصل المنشود، في حين سنؤجل الحديث عن التأليف الموسيقي "الهارموني" العربي إلى مناسبة أخرى.

يمكننا تقسيم مراحل تطور العود العربي المعاصر إلى مرحلتين اثنتين، أولهما تمتد من أواخر القرن التاسع عشر، إلى حدود ستينيات القرن العشرين (مع التركيز على الأربعينيات و الخمسينيات)، و ثانيهما تملأ العقود التالية على هذا التاريخ.

المرحلة الأولى يمكن أن نصفها بالمرحلة الكلاسيكية، و نقصد بوصف الكلاسيكية المرحلة التي تقعدت و تحددت فيها طرق البناء و العزف و التأليف، و التي ستصبح فيما بعد مداخل و أسس ضرورية للتعاطي مع العود عزفا و تدريسا و تأليفا، من مثل تحديد أساليب التأليف و قوالبها في السماعي و التقسيم و اللونغا و البشرف، و تحديد نموذج قار في دوزنة الأوتار. وقد هيمنت على هذه المرحلة المدرسة المصرية و التركية، و كان أهم الرواد فيها، علي رفعت غاتاي (1867 – 1935) و رفيق اليمان (1894 – 1947) وجميل الطنبوري، إضافة إلى مؤلفين أكثر شهرة من مثل محمد عبد الوهاب و رياض السنباطي و فريد الأطرش و محمد القصبجي.

أما المرحلة الثانية، فيمكن أن نسميها بالمرحلة التجريبية، سمتها الأساس هي محاولة "الثورة" على تقاليد العزف و التأليف – بل و صناعة الأعواد – كما تحددت في الفترة الكلاسيكية، و قد كان العامل الحاسم فيها هو ظهور جيل جديد متفتح على الموسيقى الغربية، و هو ما خلق لديه الوعي بضرورة تحقيق هذه الثورة مع الآلات، و ذلك عبر مسارين اثنين :
1 – تحرير الآلة من تبعيتها للمغني و من اعتبارها عنصر مصاحبة و تكميل فقط، و بالتالي محاولة التأسيس لتقليد العزف المنفرد.
2 – تحرير الآلة تقنيا من النظام اللحني (mélodique) و محاولة الولوج بها إلى النظام التناغمي (harmonique).

و إذا كانت المرحلة الأولى تركية مصرية أساسا؛ فإن المرحلة الثانية عراقية بامتياز، ابتدأت مع الأمير "الشريف محي الدين حيدر" – أو "طارغان" بالتسمية التركية- (1892- 1967)، و استمرت مع تلامذته العرب من مثل جميل بشير(1921 - 1977) وسلمان شكر(1921) و منير بشير(1930-1997) – الأخ الأصغر لجميل – و عاصم شلبي وسالم عبد الكريم و نصير شمة وغيرهم، و لو أن هذه المرحلة لم تشمل فقط العراقيين بل امتد تأثيرها إلى أماكن أخرى.

لا يمكن أن نفصل بالقطع بين مرحلتين الكلاسيكية (التركية، المصرية) و التجريبية (العراقية)، إذ إن الأب الروحي للمدرسة الثانية الأمير الشريف محي الدين حيدر (أحد أبناء الشريف الحسين)، درس و تعلم و عاش بتركيا، و ما كان ليستطيع التحرر المطلق من أثار المدرسة الكلاسيكية التركية، كما هو واضح في المسحة التي تميز تآليفه، إلا أن قيمة مدرسة العود العراقية تكمن في كونها استطاعت أن تخترق الأسس التي وضعتها المدرسة الكلاسيكية، و أن ترتقي بآلة العود إلى مستويات لم يكن من الممكن تصورها في إطار نظام العزف و التأليف الكلاسيكيين. فمن ناحية العزف، عملت المدرسة العراقية على إعادة النظر في البنية الفيزيائية لآلة العود، فحاولت ابتكار أعواد جديدة أوسع وأقدر، بالتعاون مع صناع كبار كان أبرزهم الأستاذ محمد فاضل، و ذلك بالإضافة إلى إعادة النظر في تقنية العزف نفسها، حيث غامر بعض العازفين بمحاولة العزف بالأصابع بدل الريشة، كما هو الشأن مع القيثارة الكلاسيكية و العود الوسطوي، و كذلك بإعادة النظر في نظام الدوزنة، لإقدار العود على تركيب التآلفات (accords).

من ناحية التأليف عمل الموسيقيون العراقيون، و فيما بعد الموسيقيون العرب الآخرون، على الاجتهاد في تكوين "ريسيتال" خاص بآلة العود، و في تأليف ثلاثيات و رباعيات و"كونشرتو" تجمع العود بالاوركسترا، و هو الأمر الذي كان يبدو بعيدا ابتداء، بالنظر إلى تباعد مرجعيات الموسيقى العربية و الغربية.
لا يمكن أن نتحدث بشكل مفصل عن كل التجارب المذكورة ، إذ إن كلا منها يحتاج بحثا خاصا، غير أننا نود أن نمثل لما تقدم بنموذجين اثنين، نموذجان يعتبران من أهم من انكب على تجديد آلة العود و الموسيقى العربية عموما، أولهما برع في تجديد "تقنيات العزف"، و ثانيهما اشتهر بتجديد أساليب التأليف، نقصد العازف العراقي "نصير شمة" والمؤلف اللبناني المجتهد "مارسيل خليفة".

التجريبية في العزف، "نصير شمة" نموذجا
أصدر نصير شمة ثمانية ضمائم موسيقية إلى حدود هذا اليوم، كان أولها هو "صامتا أعلن حبي" ثم أتبعها بأخرى أشهرها "عود من بغداد"، "إشراق"، "رحيل القمر"،"أحلام عتيقة" "ليالي بغداد"، "مقامات زرياب".
و يمكن عموما أن نحدد المرجعية الفنية لهذه الأعمال و لصاحبها - كما يصرح هو نفسه-في إطار مشروع تكملة و تجديد المشروع الذي افتتحه جميل بشير، و يتبدى هذا الأمر بوضوح في المسحة التعبيرية التي تحضر في كل أعماله، وهي المسحة التي طبعت عزف و تأليف جميل بشير.

و إذا كان لأعمال جميل بشير أثر في الاختيارات الفنية لشمة، فإننا نزعم أن لا أثر نجده عنده لشقيقه منير بشير، رغم أن شمة درس على يد منير و اشتغل معه طويلا، قبل أن يفترقا و يتباعدا لأسباب سياسية. و هذا أمر هو على الحقيقة، في نظرنا الخاص، عنصر قوة في أعمال شمة، فإن كان عزف بشير قائما على خاصية "الامتداد العفوي"، إذ كان منير بشير- كما يصرح هو نفسه- في أحيان كثيرة يؤلف في نفس الوقت الذي يعزف فيه فوق الخشبة؛ فإن عمل نصير شمة يتأسس على "الكتابة" و البناء القبلي، و لهذا نجد أن منير بشير يعزف التقاسيم، بل إن ثلاثة أرباع أعماله تقاسيم و محاولات مقامية، في حين أن التقاسيم لا تنال من أعمال نصير شمة إلا قدرا قليلا، فجل أعماله قطع مكتوبة بأسماء محددة و مقامات محددة و تحويلات في الأبعاد مضبوطة.
تتجسد قوة نصير شمة، من منظورنا، في خاصيتين اثنتين : أولهما معرفته العميقة بالمقامات العربية، و ثانيهما قدرته على التجديد و التنويع في أساليب وإمكانيات العزف. أما عن الخاصية الأولى، فقد كان من نتائجها النمذجة الجديدة التي حاول تقديمها لنظام المقامات، و كذا إضافته لمقامين جديدين إلى الموسيقى العربية، اخترعهما من عنده وأدخلهما على الموسيقى الشرقية، و لو أنهما عمليا لم يستغلا بعد، وهما مقام "القوت" (اسم مسقط رأسه بالعراق)، و "مقام الحكمة". أما عن الخاصية الثانية، فقد برزت في إضافته لوثر ثامن، و هي الإضافة التي استندت على تراث الفارابي و نظريته في علم اللحون؛ وكذا في محاولاته الجريئة في العزف بالأصابع بدل الريشة، و هي محاولة مهمّة رغم محدودية نتائجها، إذ فتحت آلة العود على أفق التعدد الصوتي (Polyphonie)، كما تجلى ذلك في قطعة "من بغداد إلى إشبيلية".

تزكت هذه "المغامرات" الجميلة لنصير بتكوينه لفرقة "عيون" لموسيقى الصالة بمدينة القاهرة التي يدرس و يقطن بها، و هي الفرقة التي تحاول أن تؤسس لتقليد موسيقى الصالة "Musique de chambre" مع ما يستتبعه ذلك من تجديدات، غير أن هذه التجربة لا تزال في بداياتها، و لم تتضح بعد كاملة حتى يتسنى الحكم عليها.
تبدو تجربة نصير شمة غنية، خصوصا إذا علمنا أنه ما يزال شابا بالمعيار الفني؛ غير أن هذه التجربة داخلتها في نظرنا بعض الهفوات، و قد كان أكبرها تجربة العزف بيد واحدة. أثارت هذه المحاولة كلاما كثيرا بين مستحسن لها "منبهر" بهذه القدرة التقنية الهائلة التي تمكن صاحبها من العزف بيد واحدة ما اعتاد الناس عزفه بيدين، و بين "متّهم" لها واصفا صاحبها بأنه سرقها عن غيره (سالم عبد الكريم)؛ .....و أيا تكون هذه المواقف، فإن ما نبغي أن نطرحه هو سؤال بعيد عن هذا السجال :
ما نوع و قيمة الإضافة التي حققتها هذه التجربة للموسيقى العربية و لأعمال شمة ؟
لا شيء اللهم أن تكون نوعا من "استعراض" القوة التقنية و البحث عن الفرجة والإبهار، و للأسف فإن بعض العازفين الآخرين نحوا نفس المنحى، و بدؤوا في محاولة العزف بيد واحدة، ثم بأصبعين، و أصبع واحد... و هذه أشياء تبقى من المنظور الفني العميق غير مفيدة، بل مجرد نزوع استعراضي تافه.

هناك خاصية أخرى تمثل في اعتقادنا واحدة من عوائق عمل شمة، وهي مركزيته العراقية، إذ نجد في أعماله حضورا واضحا للروح العراقية في العزف المتسمة بالشجن و النواحية، هذا حتى ولو أنه لا يستعمل المقامات العراقية الصرف كثيرا ( مقام لامي- مقام الحويزاوي- مقام حجاز كار...) و هذا أمر طبيعي و غير مستهجن بالقياس إلى المرجعيات الإنسانية و الفنية لصاحبها، غير أنه يبقى حدا و مانعا أمام شمّة كمؤلف، فالمرجعيات لا حد لها، والنموذج في ذلك يقدمه عازف آخؤ هو سعيد الشرايبي، الذي برع و امتاز بقدرته على تنويع وتجديد مشاربه و مصادره بين عربية صرف، وأندلسية و إفريقية وتركية. 

الأحد، 8 أغسطس 2010

13.الموسيقى العربية المعاصرة - الأغانى الوطنية

الموسيقى العربية المعاصرة - عصر الأغاني الوطنية
أدى تمكن ثورة يوليو ونمو حركة القومية العربية إلى موجة جديدة من الأغاني اشترك فيها تقريبا جميع الفنانين الذين تواجدوا على الساحة في فترة الخمسينات والستينات من القرن العشرين
ورغم أن فن هذه الموجة كان وسيلة لدعم تيار سياسى فإن أعماله لم تخل من جودة واضحة في موسيقاه التي تميزت بخصائص هامة

خصائص الغناء الوطني
1. عودة الأناشيد ، وهذه لم تقم لها قائمة تقريبا منذ عصر سيد درويش
2. استخدام التيمات الشعبية في الألحان
3. استخدام الأوركسترا الكامل
4. عودة الغناء الجماعي ، وهذا أيضا كان قد اندثر منذ عصر سيد درويش
5. التسجيل السينمائي والتليفزيوني
6. استخدام مفردات لغوية جديدة تتماشى مع الاتجاهات السياسية
7. تركيز النصوص على وحدة المنطقة العربية والبعد عن الإشارات المحلية والقطرية
نستمع هنا إلى نشيد الله أكبر من ألحان محمود الشريف كنموذج لعودة الأناشيد
د.أسامة عفيفى ، نتابع فى المقال القادم
نشيد الله أكبر
ألحان محمود الشريف - كلمات عبد الله شمس الدين


الله أكبر الله أكبر
الله أكبر فوق كيدِ المعتدي                       والله للمظلومِ خيرُ مُؤيِّدِ
أنا باليقين وبالسلاح سأفتديْ    بلدي ونورُ الحقِّ يَسطعُ في يديْ
قولوا معي ، قولوا معي       الله أكبر ، اللهُ فوقَ المُعتديْ
الله أكبر الله أكبر
يا هذه الدنيا أطلِّيْ واسمعيْ      جيشُ الأعاديْ جاء يبغي مَصرعيْ
بالحقِّ سوف أردُّهُ وبمِدفعيْ      وإذا فَنَيْتُ فسوف أُفْنيهِ معيْ
قولوا معي ، قولوا معي     الله أكبر ، اللهُ فوقَ المُعتديْ
الله أكبر الله أكبر
قولوا معي الويلُ للمستعمِرِ                  واللهُ فوقَ الغادرِ المتجبرِ
الله أكبر يا بلادي كَبِّريْ     وخُذي بناصيةِ المُغيرِ ودَمِّريْ
قولوا معي ، قولوا معي   الله أكبر ، اللهُ فوقَ المُعتديْ
الله أكبر الله أكبر
***