توضح هذا الاتجاهات أن سيد درويش لم يكن مجرد موسيقي أو ملحن وإنما حامل راية فكرية ورسالة قومية وإنسانية، واستطاع بموهبته نشر ألحانه بين الناس بدون إذاعة أو تليفزيون أو أي جهاز إعلامي. لم تخرج صناعة الغناء قبل سيد درويش عن العشق والهيام والهجر والغرام، ويعكس ما تناوله من أفكار في ألحانه خارج إطار أدواره العشرة العاطفية كيف كان يفكر في الوطن ويشعر بالناس وكيف كان يختار ما يلحنه ليخاطبهم بلسانهم ويبعث فيهم الأمل، حتى أن دورا منها تضمن إشارة خفية إلى المطلب الشعبي بإعادة الخديوي عباس حلمي الثاني إلى الحكم
يبدأ لحن القلل
القناوي مثلا بنداء لبيع القلل، لكنه ينتقل إلى "خسارة قرشك وحياة ولادك ع اللي
ماهواش من طين بلادك" وغير ذلك من تعبيرات كأنها وصية للشعب. كذلك يتناول لحن
العمال "ما قلتلكش ان الكترة" قضية راس المال "إمتى بقى نشوف قرش المصري
يفضل في بلده ولا يطلعشي"، وقضية الوحدة الوطنية بين عناصر الشعب، ويبدأ لحن الصنايعية
بصورة الحلوة دي والديك بيدن كوكوكوكو ثم ينقلك إلى قضية العمال والصنايعية والصناعة
وراس المال في قطعة فنية تستمر حلاوتها لأجيال بعده .. هكذا كان سيد درويش يعبر عن
قضايا المجتمع وينقلها إلى وجدان الناس في ذات الوقت
صحيح أن معظم أغاني سيد درويش كتبها شعراء لهم فضل الفكر والكتابة والصياغة، لكن لا يجب أن ننسى أن هؤلاء الشعراء أنفسهم كانوا يكتبون أعمالا مشابهة قبل ظهور سيد درويش قام بتلحينها ملحنون آخرون. أين هي الآن؟ الإجابة لم يعد يذكرها أحد. لماذا؟ لأن ألحانها لم تعبر عن مضمونها .. الذي بقى واستمر هو ما لحنه سيد درويش لأنه عبر بألحانه عن مضمون الكلمات فأصبحا نسيجا واحدا لمشهد واحد واضح المعالم فائق التعبير
روابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق