فى المقام العراقى
2. الجلسة
إن التركيب النغمي للجلسة يدخل دائماً في نطاق السلاسل النغمية الهابطة عند قراءة المقام ولكن مسافات و نطاق هذه السلاسل ليس على نسبة واحدة, فقد تكون رابعة أو خامسة أو سادسة وحتى ديوان موسيقي واحد كما في جلسة مقام الرست, والجلسة عادة ما تقرأ لتبيان ما سيأتي بعدها عند تحقيق شخصية أي مقام من المقامات المغناة, فشعور المستمع الواعي لطبيعة المقام توحي لهُ دائماُ وبعد استماعه للجلسة, إنه لا بد هنا من إظهار الركن التالي للجلسة وهو الركن الثالث (الميانة). لنستمع هنا إلى جلسة مقام البيات من قارئ المقام سليم شبث
.
.
.
.
.
كما استمعنا هنا كان نطاق جلسة مقام البيات هو الخامسة الهابطة (من درجة الحسيني إلى الدوكاه) وهنا في تقديري قد تم تبيان شخصية مقام البيات بالكامل, لنحاول أن نستمع إلى التحرير والجلسة بدون توقف أو انقطاع ، إنه تحقيق كامل لمقام البيات
.
.
.
شكرا لهذا التحليل للمقام العراقى من الفنان عاصم الجلبى ..التعبيرات الواردة مثل "قراءة المقام" و"الجلسة عادة ما تقرأ" و"قارئ المقام" توحى باصطلاح معين فهل تختلف قراءة المقام عن غناء المقام أن أنهما تسميتان لشيء واحد؟
ردحذفعزيزي الدكتور آسامة عفيفي, تسألُكم عن ماهية استخدام كلمة قارئ للمقام وقراءة المقام بدلا من غناء المقام أو مغني المقام , أقول عند دراستي في معهد الدراسات النغمية العراقي في العاصمة بغداد, كان الأستاذ المرحوم شعيب إبراهيم مسئولا عن تدريس مادة المقام العراقي, كان رحمهُ الله دائم الترديد بكلمة مقرئ للمقام أو قراءة المقام دون إعطاء سبب واضح لذلك, ولم نكن في سنوات الدراسة تلك نعي هذا الأشكال ولكن يبدو لي الآن بأن للموضوع دلالة اجتماعية ودينية أيضا.
ردحذففالدلالة الاجتماعية ربما متأتية من النظرة الدونية للغناء والمغني وكذلك الرقص في المجتمع العراقي وخصوصاَ في الحقب الزمنية الماضية (القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشريين) وارتباط هذه المهنة عادة بأناس من شرائح اجتماعية متدنية كأن يطلق على الرجال منهم صفة (الشعّار) وهو رجل يلبس ملابس النساء ويتخلق بأخلاقهن ويقوم بالرقص في المناسبات والأفراح , وفي مجتمع عشائري كالمجتمع العراقي خصوصاً في تلك الفترة كانت في مخيلة الناس كلمة غناء ومغني معنى غير ايجابي ومرتبطة دائماً بالفجور والفسق, وتمييزاً لمن يقوم بغناء المقام عن هذا الوسط تطلق كلمة مقرئ للمقام وليس مغني المقام.
أما الدلالة الدينية فهي في تقديري متأتية من ارتباط معظم قرء المقام العراقي وخصوصاً في الحقب الزمنية الماضية بغناء التواشيح والأناشيد الدينية بل كان منهم المؤذنين والممجدين من على المنابر وكذلك منشدين في مراسيم وطقوس الذكر الصوفي, فقارئ للمقام العراقي مثل أحمد الزيدان المتوفى عام 1912 كان منشداً وقارئاً في الأذكار القادرية ولهُ راتب يتقاضاه من التكية (الزاوية) القادرية الطالبانية, لذا يتم التغاضي عن استخدام كلمة مغني وتم تغييرها إلى كلمة قارئ ترافعاً عن مدلولها الذي شرحناه أعلاه, مع تقديري وشكري.
عاصم الجلبي